فى ذكرى رحيل غسان كنفانى

--------------------------------------------------------------------------------

خمسة و ثلاثون عاما مضت.. فقط بعد رحيلك اكتشفناك.. وعلمنا انك كاتب ومفكر وصحافي ورسام. منحناك الجوائز الادبية .. وطبعنا ما كتبت.. هكذا نحن.. نعرف قيمة الاشياء بعد ان نخسرها.. ونعرف قيمة الانسان بعد رحيله... نقرأ الرواية بعد رحيل الراوي..

2


كتاب .. لوحة.. آني الدانماركية .. فايز .. وليلى.. هذا ما تبقى لنا منك يا غسان .. كم هي انت هذه الليلى

3

يوم تشييعك في مقبرة الشهداء في منطقة الحرش البيروتية.. ودعنا ما تبقى لنا منك يا غسان.. قدم مزروعة في حذاء ورأس محمولا على بقايا كتف.. .. وهتفنا بأعلى اصواتنا.. بالروح بالدم نفديك ياغسان.. بالروح بالدم نفديك يا شهيد.. ما زلنا على نفس النمط.. لا نعرف كيف نفدي الرجال .. الرجال.. قبل رحيلهم.. او لا نعرف كيف نفديهم بأرواحنا... ما فائدة فداء الشهيد بعد استشهاده؟ والانكى يا غسان ان الكثير منا ما زال يهتف بالروح بالدم نفديك يا مبارك، يا بشار، يا معمر .. ويا ابومازن.. وبعض السفهاء يريدون ان يفدوا دحلان....

4

نعم دحلان يا غسان.. لا..لا انه ليس زعيم عربي جديد.. وليس من الجزيرة او العراق كما يوحي اسمه، الذي على وزن برزان.. ورطان.. وثبان.. انه ثعبان "زعيم فلسطيني" توجته العولمة ورزالة العصر.. مع دحلان اصبحنا نترحم على ايام ابو الزعيم...

5

سيطرت "حماس" على غزة.. و تم "تحريرها".. لا تفرح كثيرا.. فقد تحررت من الاخوة... اما "الاخوة" فحدث ولا حرج.. فالضفة الغربية ما زالت تحت سيطرتهم.. والبعض منا في لبنان "يطالب بحق العودة الى مخيم نهر البارد". وهذا موضوع جديد سأحدثك عنه فيما بعد...

6


اما الرفاق.. وما ادراك ما الرفاق.. فمنهم من أوصل شخصه الى اعلى المراتب "المناصب"، وتعلم العديد منهم فن النفاق.. وشعارك "الحقيقة كل الحقيقة للجماهير" فقد ارتبك وباتت الحقيقة اسيرة سياسة العصر.. وبعضهم يظهر على الفضائيات. نعم الفضائيات. وسيلة تواصل لم تكن يوم كنت.. الفضائيات علمتنا كيف نربط ربطة العنق.. اختنق الرفاق يا غسان...

7

الصورة ليست بهذا السواد يا غسان.. لم اكتب لانغص عليك استشهادك.. هنالك جيل جديد يقرأ ما كتبت.. ولديه ايمان "بالاستراتيجية السياسية والتنظيمية " التي رسمت.. ورسومات ناجي العلي تطبع على القمصان.. وحنظلة ما زال الرمز الاصيل.. كم كنتما استثنائيان انت وناجي.

8

ايام وتطل علينا الذكرى الاولى لحرب تموز وانتصار المقاومة .. والهزيمة التي جعلت اسرائيل تفكر جديا بمستقبل وجودها.. ليست مزحة .. إنه الشعب اللبناني.. والجنوب اللبناني.. انهم حزب الله.. وجيل نصرالله.. لم اقصد نصر من الله.. انه اسم قائد المقاومة .. السيد حسن نصرالله... عينك تشوف الدبابات الصهيونية... مثل دبابات الانظمة العربية في حرب الـ 67....

9


"فليسقط النظام العنصري" .. لا يا غسان .. لا اعني النظام العنصري في جنوب افريقيا.. فقد تحررت جنوب افريقيا وخرج مانديلا من سجنه وخدم كرئيس للدولة الجديدة.. وتنحى عن موقعه لجيل آخر من القادة... المقصود هنا بالنظام العنصري هو "الكيان الصهيوني" .. هذا ما تردده منظمات التضامن مع الشعب الفلسطيني في شوارع لندن برلين وتورونتو و نيويورك.. اضافة الى دعوات المقاطعة للبضائع الصهيونية.. لكن "العربان" لا يساندون هذا "التطرف" .. فخيارهم "السلام" .. نعم .. ايامك كان التعبير "الاستسلام".

10


عودة الى آني الدانماركية.. بعد رحيلك.. صارت آني زوحتك اكثر فلسطينية منا.. زوجتك الدانماركية زرعت رياض الاطفال في المخيمات.. الست القائل "من اجل مستقبل افضل لاطفالنا"؟ .. على عكس آني الدانماركية.. فإن زوجات من استشهدوا من القادة تركوا المخيمات "لاصحابها" ويعشن بعيدا عن مقابر الشهداء.. فيلل وقصور.. كأن استشهاد القائد ورقة يانصيب رابحة". لم تزرع ايا منهن حوض ورد....

11


كلمة اخيرة .. في الثامن من تموز من كل عام.. يمشي ابوماهر اليماني.. نعم ما زال حيا يرزق.. وما زال كما عهدته.. يمشي من بيته القريب من جامعة بيروت العربية الى حيث مثواك .. يقرأ الفاتحة.. يتذكر قصة تحديك للملاكم محمد على كلاي، على اعتبار ان للخاسر في المباراة حصة مالية لا تقل عن ثلث حصة الفائز... يبتسم ابوماهر.. يرافق آني و ليلى وفايز الى مقر المؤسسة في مخيم مار الياس.. اما الحكيم فيستعيد رؤياك.. يذرف دمعة.. ويبعث باقة زهور ..... غسان... الى اللقاء.