بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد :
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تجربتي في حفظ القرآن الكريم
هي كلمات من صميم القلب أقدمها لفئة مخصصة من القراء – لا جميعهم – حول تجربتي الواقعية في حفظ القرآن الكريم وبإتقان تام بإذن الله عز وجل يصل إلى نسبة 100 % اليوم إلا ما شاء الله .
قبل أن أبدأ بسرد ما لدي ، لا بد من هذه الملاحظات :
أولا : قد يطول الكلام قليلا أو كثيرا لا أدري بالضبط ، وقد فكرت في تقسيمه الى حلقات لكني موقن أن ذلك سيؤثر على حماس القارئ في معرفة ما يريد ، ويؤثر على متابعته للحلقات . والأهم من ذلك أن تبقى هذه التجربة كوحدة واحدة لكل من أرادها ، خاصة أن الفئات غير المستهدفة من هذه الكلمات لن يتابعوها سواء أكانت طويلة متصلة أو قصيرة على حلقات .. لن يقرأها الا المهتمون المستهدفون منها وهؤلاء لن يضيرهم طولها .
ثانيا : أشرت أعلاه إلى فئة مستهدفة مخصوصة من القراء وهم من أقدم خلاصة تجربتي لهم ، هذا لا يعني أنني زاهد في كافة القراء أن أقدم لهم ما لدي علهم ينتفعون ولو باليسير منها ، لكني أخصص فئة بعينها لأن هناك أخوة قد تكون لديهم طريقتهم وبرنامجهم ولا يحتاجون إلى معونة إلا من الله ، كما أن هناك آخرين لا يطمعون في الوصول إلى ما أوصلنا اليه سبحانه وتعالى ، وأخيرا هناك فئة يظن يقينا أن ما وصلنا اليه وصلنا اليه لتميز فينا : في إيماننا ، أو عقولنا ، أو حتى عزيمتنا ، أو سرعتنا في الحفظ وبالتالي هم يائسون من أن يستطيعوا تحقيق ما حققنا .. لكل هؤلاء أقول : لن تنفعكم كثيرا تجربتنا ،
لكنها بعون الله ستنفع من يقول : " أنا أريد حفظ المصحف ، وأغبط من يحفظونه كاملا دون خطأ ، وأتمنى أن أحفظه ، ولدي الرغبة والعزم الأكيد على ذلك .. لكن أريد أن أعرف ممن حفظوه كيف حفظوه ، أريد أن يضعوني على أول الطريق ، أن يعرّفوني بحقيقة هذا الطريق وما سيواجهني فيه من عقبات وكيف أتجاوزها " ... " أريد أن أجلس إلى حافظ فيخبرني كيف حفظ القران " لهؤلاء أقول : أنا رهن إشارتكم سأعطيكم ما لدي وبالله التوفيق وهو المستعان لا معين غيره .
ثالثا : لا أعدكم بمعجزات ، مع أن في خبرتي ما يشبه المعجزات في سهولة الحفظ ، كما لن أقدم لكم نصائح على غرار : أفضل وقت للحفظ هو بعد الفجر ! ، أو لا تملأ معدتك فهذا يؤثر على تركيزك ! ، أو ضع برنامجا ملزما لنفسك إلى درجة الموت ولا تخالفه بتاتا وإلا فالفشل حليفك ! لن أقول مثل هذا فكل هذه نصائح قد تصدق لكنها في رأيي ليست حكما في تحقيق مرادك من الحفظ . فبإمكانك أن تخالفها جميعا وتحفظ المصحف برغم ذلك . لذا ما أستطيع أن أعدك به أيها القارئ الكريم هو أن أقدم ما اختبرته من جزئيات حقيقية أدت مجتمعة إلى حفظي للمصحف دون مبالغة او تجميل أو تضخيم ودون زيادة او نقصان .
لعرض ما لدي ، ساقوم بعون الله بتقديم ما حصل معي ومن ثم أقدم الخلاصة والنتيجة التي هي قناعة وقيمة تشكلت في عقلي . أقول وبالله التوفيق :
- الفضل كل الفضل والمنة لله وحده لا شريك له وما سأقدمه تاليا هي أسباب والتي لا ينافي التوكل الحق الأخذ بها إن راقت لك .
- بدأ اهتمامي بالقرآن في بدايات الشباب من خلال التلاوة من المصحف وختم القرآن مع انها كانت مرة واحدة ولعل الختمة الثانية لم تتبعها الا بعد ما يقارب العام على ما اذكر ! ورافق ذلك محبتي لعلم التجويد الذي لم نأخذ منه في مقررات المدارس الا النزر اليسير .. لكن محبتي له جعلتني اتعلم الاحكام الاساسية بجهد شخصي دون معين الا الله على فترات متقطعة طويلة ومن ثم محاولة تطبيقها في قراءتي من المصحف .. وشيئا فشيئا وجدتني ملما بمعظم احكام القراءة على رواية حفص مما يسر لي الطريق لدخول دورة منتظمة على يد استاذ التجويد لصقل ما عندي من مهارة والاستعداد لامتحان الوزارة الذي حصلت فيه على العلامة الكاملة في التلاوة 100 % وقتها بفضل الله .
العبرة : تعلم احكام التجويد ولو الاساسية منها ( احكام النون الساكنة والتنوين ، الميم الساكنة ، القلقلة ، الهمس ، احكام الراء ، لام لفظ الجلالة ، الادغام عموما ( للمتقاربين والمتجانسين والمتماثلين ) واحكام التفخيم ، وفكرة جيدة عن المدود ، كل ذلك سيجعل لديك محفزا جيدا على التلاوة لممارسة ما تعرف ! الامر الذي سينفعك كثيرا في حفظك .
- كنت اقرا من المصحف - قبل الحفظ طبعا - بصوت مسموع عال يسمعني وقد يزيد ، وقد كان السبب رغبة داخلية في الاستمتاع بتلاوة آيات القرآن المجيد بالاحكام التي اعرف ، ونوع من الوسواس الذي يشككني في اني لم اقرا بشكل صحيح لذا ارفع صوتي ولا اقنع بالتمتمة ! .. وقد كان هذا الوسواس نافعا بشكل كبير ! حتى اني صرت اقرا بسرعة كبيرة جدا ( قد يمكن تسميتها حدرا مع الاعتذار للحدر ! ) ، ومن اصغر النسخ في المصحف .. مما يدل على المهارة التي هي نتيجة القراءة بصوت مسموع .
العبرة : القراءة من المصحف بصوت عال مسموع تعطيك القدرة على ان يبقى لسانك مرنا قادرا على قراءة الايات بمهارة وتقطع لك اشواطا قد تحتاج الى اضعاف الوقت والجهد لقطعها في الحفظ فيما لو كنت تقرا بالتمتمة الشفوية دون صوت فهي بذلك تؤسس لك قاعدة عريضة للحفظ مستقبلا . والسر طبعا يكمن في انك تسمع ما تقرا . وهذا يقودنا الى النقظة التي تلي .
- ايضا كانت عندي رغبة شديدة في الاستماع الى اشرطة الكاسيت لقراء المصحف المشهورين خاصة المؤثرين منهم وعلى راسهم الشيخ أحمد العجمي ، والهدف لم يكن الحفظ ابدا بل الاستمتاع بالخشوع الذي يسببه هذا الاستماع بحيث لا تشبع من الاستماع لهذا الكلام الذي لا يخلق من كثرة الترداد ، وقد كنت ابحث عن جديد القراء لاضيف هذا القارئ الى قائمة الذي احب سماعهم او لا اضيفه حتى وصل بي الامر الى تسجيل بعض القراء المحليين من الائمة والماهرين في التلاوة ذوي الاصوات الحسنة تسجيلا بدائيا للاستمتاع بسماع اصواتهم في اوقات اخرى ، وترشيح ائمة واستضافتهم للتراويح في مسجد حينا .
العبرة : الاستماع بشكل خاص ( وهو الانتباه لما تسمع ) والسماع عموما ( بغير انتباه ) من افضل واسهل وسائل الحفظ . كما ان المحفوظ بالاستماع اكثر رسوخا واسهل استذكارا في العقل من الحفوظ بالعينين .
- المواظبة والمثابرة هامتان بعكس الانتظام ! : لا اقصد بذلك نفي اهمية الانتظام ، ولكن اريد ان اوصل اليك حقيقة وهي ان خيرالعبادة ادومها وان قل ، فالمواظبة على القراءة الدورية للمصحف والختم المتواصل ( كالحال المرتحل ) . ولو طال الوقت في الختمة الواحدة افضل من تكثيف الجهد فترات ومن ثم الاهمال الابدي ! فأذكر انني وقفت مرة عند كلمة (ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) نهاية الجزء السابع وقد بقيت شهورا حتى اكملت من هذا الموضع .. ومرة ثانية وقفت في الحواميم ثم اكملت الختمة نفسها بعد قريب العام على ما اظن . كذلك الحال كنت في الاستماع متواصلا وبغير انتظام لكن النتيجة هي استماع متواصل حتى من الائمة في الصلوات والتراويح !
العبرة : عندما تبدأ بالختمة يجب ان تنهيها وان تعدت الشهر الواحد ، وعندما تنهي ختمة وتدعو بما تشاء من الماثور وغيره ، ابدأ فورا بالفاتحة واول خمس ايات من البقرة كختمة جديدة . المهم انك متواصل ولو كنت غير منتظم .. وهذا سينتج مع الوقت .
- فجأة شعرت بأنني كالبيت الخرب ، لا احفظ حتى جزء عم كاملا ! ، وقد احفظ سورة القيامة ، والملك الشافعة ، فقط . فبدأت بحفظ تتمة جزء عم ( حتى اني انهيت الثانوية ولا احفظ العاديات ! ) وجزء تبارك ولعلي بدأت ببعض سور جزء المجادلة .
- ثم فجأة ثانية اخبرني اخي الذي كنت اراه دائما يحمل نسخة صغيرة من المصحف بانه حفظ البقرة وآل عمران والتوبة . فصعقني واشعل في قلبي الغيرة فانتهزت فرصة سفره في اجازة وحفظت البقرة وثلثي آل عمران الى قوله تعالى ( ليسوا سواءً ) في وقت قياسي ثم توقفت . وهذا جعل سورة البقرة من السور الثابتة في عقلي او قلبي ان شئتم ، لانها من اوائل ما حفظت .
العبرة : احفظ ثم توقف لا تتابع لتحفظ المصحف كله دفعة واحدة فهذا سيجعل حفظك مضعضعا ركيكا في رأيي . قد تنهي حفظ المصحف في ستة شهور او عشرة او شهرين او حتى مثل من يقول في اسابيع .. لكني اراهن على ان حفظهم ضعيف الى درجة قاتلة ، وان مراجعة المصحف وتثبيته لديهم امر كأنه الجبال في نظرهم لانه يعلم علم اليقين ان حفظه كان في فترات ذروة عقلية ونفسية والان ينظر امامه ليجد الكثير من السور التي يسمي نفسه حافظا لها مع انه قد لا يأتي بثلثها .. وان استطاع التثبيت سيحتاج وقتا طويلا وقد يظل يشعر بصعوبة الكثير من السور .
- بعد ذلك بدأت أحفظ على فترات متباعدة متقطعة وبصراحة حتى بدون نية حفظ كامل المصحف .. مجرد اختيار بعض السور وحفظها لاعمار البيت الخرب الذي حدثتكم عنه . وقد وضعت برنامجا لحفظ صفحة كل يوم من ايام السبت والاحد ثم استراحة الاثنين ( تحسبا لاي طارئ قد يمنعني فجعلت الاثنين يوم تعويض ) وكذلك الثلاثاء والاربعاء والخميس واستراحة يوم الجمعة . ثم استراحة 20 يوما او شهرا بعد حفظ شهرين او ثلاث او مثل ذلك .
- والعجيب في الامر ان اجتماعي مع اصدقائي واخواني في المسجد للحفظ ( بالاتفاق معهم ) كان لا يتطلب مني سوى النظر الى الصفحة والانتباه الى تذييل الايات ( عزيز حكيم ) ( عليم حكيم ) ( حكيم عليم ) ( خبير بما تعملون ) وربط اول كل آية بالتي تليها في الصفحة لاكون قد انهيت مهمتي خلال دقيقتين فقط .. اما لب الاية فاجد نفسي حافظا له تلقائيا ( تذكرون كلامي عن القراءة غير المنتظمة المتواصلة بصوت عال ، وعن استماعي المتواصل للقراء ) فقد قطفت ثمرا لم اكن حتى اتوقعه او انتظره، عندها كنت ارفع يديّ لاقول لمن معي : ( خلّصت ) . وبعضهم لازال في منتصف الصفحة او حتى في اول آيتين يجمعها معا ليعيد قراءتهما معا غيبا ! حتى ان احد زملائي في مجموعة الحفظ فرداى هذه صار يتهمني بانني احفظ في النهار لآتي في المساء أتباهى او أمثل عليهم الحفظ بسرعة ! والسر هو ما ذكرته لكم آنفا دون مبالغة ( تعود ان تقرا من المصحف بصوت عال لتسمع نفسك ، واستمع لتلاوة غيرك ) .
- سؤال وجيه :
بما اني امتلكت بفضل الله هذه السرعة في الحفظ فلم لا احفظ عدة صفحات في دقائق بدلا من صفحة واحدة في الليلة ؟
الجواب :
هذا تفكير خاطئ . فالمقدرة على حفظ الصفحة الواحدة في دقيقتين ( او ترتيبها في الدماغ في دقيقتين ) لا تعني المقدرة على حفظ خمس صفحات اوعشر في جلسة واحدة ... وقد جربت ذلك بأن حفظت سورة النساء في ثلاث ايام ( ثلاث جلسات ) لكن كان ذلك بصعوبة ولم اخرج بنتيجة مرضية .. فقد كان حفظي لها ركيكا مختلطا بسبب زخم كمية الترتيب على عقلي .. مما اضطرني الى التفرغ لها لاحقا وإعادة مراجعتها بكثافة حتى استقرت .... إذن التجربة لم تنجح .
- هل انت حافظ لاجزاء عدة وتسير في حفظ الباقي وتشعر انك مشتت الذهن لا تستطيع ان تنظم برنامجك ؟ هل انت تائه ما بين مراجعة القديم ومراجعة حديث الحفظ وحفظ الجديد ؟
ببساطة انصحك بالتالي :
توقف عن الحفظ الجديد الان . رتب ما تحفظ في ورقة امامك وصنفه الى حفظ متين وحفظ مضعضع . اترك الحفظ المتين جانبا فهذا مع انه قد يتأثر بتفلت الابل في عقلها ، لكن بامكانك ان تعود اليه بين الحين والاخر ولن تجده ضائعا من صدرك .
الان امسك الحفظ الركيك وابدأ بتثبيته ( انت ومهارتك الان في هذه الجزئية لان هذا محفوظ اصلا ) كلما تعبت عيه اكثر استقر اكثر وانتهيت منه اسرع وشعرت انك مطمئن اليه .
بعد ان تنهيه ابدأ بالحفظ الجديد من جديد بتأن واستراحات ومراجعات واختر الوقت الذي يلائم شغلك والتزاماتك وتجليك العقلي .
حتى اذا انهيت حفظ سورة او اثنتين توقف وقم بمراجعة ما حفظته كله للتأكد من الالمام به بشكل مقبول ، لا اقول باتقان مئة بالمئة ولا بحفظ رديء .. لكن خير الامور اوسطها .
ثم احفظ سورتين اخريين . ثم ان مراجعة الجزء الواحد قد لا تأخذ منك اكثر من يومين ، ولا تنس ان مراجعة الصفحة الواحدة قد لا يحتاج اكثر من دقيقتين او ثلاث .
الان اذا ما حان وقت استراحة طويلة نسبيا : فبإمكانك مراجعة كل ما تحفظ او على الاقل الجديد منه . فإذا ما لاحظت ضعفا في احدى السور ركز عليه وأوصل نفسك الى درجة مرضية .
- ما هي اهمية التوقف بين جولات الحفظ ؟ أراها ضرورية وبأهمية الحفظ نفسه ، فالعقل بحاجة الى ترسيخ ما حفظته وترتيبه في ملفات عقلية ثابتة وهذا يحتاج الى وقت وليس للتعب او المثابرة او العزيمة والجهد المكثف دور فيه ..... يحتاج الى وقت فقط فامنحه الوقت اللازم .
- كيفية مراجعة الحفظ اليومي : الصفحة التي حفظتها اليوم قم بقراءتها كثيرا : في الشارع ، في الصلاة المفروضة وفي النافلة ، قياما وقعودا ، اثناء نزولك على الدرج لشراء بوظة ، واثناء صعودك ايضا ، فهي صفحة واحدة ومراجعتها لا تحتاج اكثر من دقيقتين ، ومن المهم ان تراجعها قبل النوم ليعمل العقل عمله خلال النوم ومن ثم بمجرد استيقاظك قم بقراءتها لتتأكد ان عقلك قام بالمطلوب وهي أثبت في قلبك من الليلة السابقة . مع ملاحظة ان اهمالها بعد ذلك سيؤدي الى نسيانها . فقم بمراجعتها خلال اليوم ولو في صلاتك حتى اذا ما حان وقت حفظ الصفحة التالية ، كنت مطمئن الى ان هذه راسخة رسوخا معقولا .
كما لا تنس مراجعة ما حفظته خلال الايام الفائتة ولو مرة واحدة في اليوم لتبقى ممسكا به ( لاحظ اننا نتحدث عن بضع صفحات او عشر او بضع عشرة وهذه ليست بالشيء الكثير ) . فلا تخش كثرة المتراكم .. فهناك استراحات لا بد منها وهذه الاستراحات ليس لك شغل فيها الا التسلي بتثبيت آخر المحفوظ .
- لا تستعجل . صحيح ان حفظ المصحف هدف سام ورغبة ملحة ولك دوافع فيها ولا احد يعرف وقت انتهاء عمره .. لكن مع ذلك ، النجاح مرهون بالتخطيط والمواظبة فاعمل في حفظك كأنك تعيش طويلا لان المنبت لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى .ولن يجني الا اليأس السريع والاحباط العاجل ، اليس كذلك ؟ فاحفظ واسترح واحفظ واسترح ثم استرح واسترح واسترح ثم احفظ ثم استرح كثيرا ثم احفظ لتجد نفسك تعد كم بقي لك لانهاء المصحف .
- بالطريقة التي ذكرتها في الحفظ والاستراحات بامكانك حفظ المصحف كاملا لمن لا يحفظ منه شيئا في ثلاث سنوات فقط . طيب يا اخي اجعلها ستا ، ما المشكلة ؟ ولاحظ ان ايام الاستراحات تفوق ايام الحفظ بثلاث مرات . وما اسرع الزمن ونحن لا نشعر فستمر هذه السنوات الثلاث او الست حفظت ام لم تحفظ لتقول انت بعدها : لو اني حفظت لكنت قد انتهيت الان . ارايت كيف انك عشت ولكنك عجزت بسبب انتظار المعجزات ؟ ( اما ان احفظ بسرعة او لا احفظ ) تمهل واصبر وصابر وستصل .
- انهيت حفظ المصحف بعد حوالي ست سنوات من بدء حفظي لسورة البقرة ( آخر ما حفظته هي سورة لقمان ) مع اني لم اكن مقررا حفظ كامل القران وكنت اتوقف كثيرا ثم احفظ واهمل بعض المراجعة ( لكن ما ذكرته لكم من نصائح هي خلاصة الطريق الذي يوصل للنتيجة المرجوة ) ، فأعلنت اني انهيت المصحف وفي نفسي غصة من ان هناك بعض الضعف في بعض السور وقد توقفت عن مراجعة المصحف سنتين كاملتين وانا أسوّف واقول غدا سأثبت ما حفظت ، وفي اول الشهر سأثبت ، وفي اول الشهر التالي ومع ذلك لم اتحرك .حتى جاء رمضان لسنة 2000 وكانت بدايات انتفاضة الاقصى وتعطل الاعمال الكثير ، فتفرغت طوال هذا الشهر لمراجعة جميع المصحف والخروج منه ملما بكل القران غيبا .
العبرة : ليس شرطا او من الضروري ان تكون حافظا بنسبة مئة بالمئة لكل سورة مررت بها . انت تحفظ وتراجع ولا زلت بحاجة الى تثبيت نهائي بعد انهاء المهمة بأسرها فلا تخف ولا تياس .
لاحظوا انني خرجت من شهر رمضان مراجعا للمصحف ومثبتا له بنسبة حوالي 70 % فقط ... ولا تنسوا اني اهملت المراجعة سنتين حتى ظننت اني نسيت الكثير منه . لكنك لن تفعل المثل بالضرورة وهذا في صالحك .
الان وبعد ان انتهيت من كامل الحفظ بفضل الله ، عليك بمراجعة دورية متواصلة ومنتظمة ( الان من الضروري الانتظام بالاضافة الى التواصل ) فانت حافظ والمراجعة لجزأين في اليوم ليست بالأمر الشاق ( وحسب الشيخ الطبيب احمد نعينع من قرأ القران في ستة ايام لا ينسى ) لكني اعتقد بالتجربة ان حتى جزأين يوميا تفي بالغرض فلابد من جزأين على الاقل خاصة في بدايات مراجعاتك الدورية ولا بأس بأن تهتم اكثر بالسورة التي تشعر أنك ضعيف فيها أعطها شيئا من التكرار المعقول لتصبح راسخة رسوخ الجبال . فاذا تيقنت من ضبط حفظك فباعتقادي ان الان يكفيك جزء لتبقى حافظا . ولكن لا تنس ان كل حرف بحسنة والحسنة بعشر . مع اني اعترف لكم بان جزأين يوميا تجعلانك على تواصل سريع مع كامل المصحف ( ختمة كل اسبوعين ) مما يجعل نسيانك أصعب وخطئك أبعد . ومع ذلك انا حاليا أراجع جزءا واحدا يوميا بختمة كل شهر ولا أجد نسيانا يذكر وهذا مع الانتباه الى النقطة التالية وقبل الاخيرة .
- هناك آيات متشابهة في اللفظ ، أو قريبة من بعضها او تختلف في احرف او كلمات او ترتيب وفي رأيي وحسب تجربتي وملاحظاتي لكثير من الحفظة ، لا بد من دراستها وحفظها وتعيينها في العقل لتجنب الخلط بينها فلا تكفي السليقة لئلا تخطئ وتخلط بينها . ( خالدين فيها /خالدين فيها أبدا ، ذلك الفوز العظيم / ذلك هو الفوز العظيم ، ولما / فلما ، وأقبل / فأقبل ، واصبر / فاصبر ، أنزلنا إليك / أنزلنا عليك ، من بعد موتها / بعد موتها ، وجاء رجل من أقصا المدينة / وجاء من أقصا المدينة رجل ، لأجل / إلى أجل ) والكثير الكثير مما يحتاج بحثا لوحده ، لكن لحظة ، فهذا بحث ممتع ، واتقان يسعد قلبك فلا تظن ان هذا جهد اضافي لن تستطيعه ، بل هو صقل لما حفظت ويشعرك بأنك مميز وممن عمل عملا فأتقنه وأنك حصلت على ما لم يحصل عليه حفظة كثر .
- لاحظت في تجربتي هذه ان السور التي حفظت آياتها ( لا حفظتها كاملة تماما بالطبع ) من اشرطة الكاسيت اكثر رسوخا في نفسي وقراءاتها ليس فيها شد ذهني - ان صح التعبير -كتلك التي حفظتها من تلاوتها من المصحف فقط . وهذا ذكرته اعلاه لكني احببت ان اؤكده لكم بمعنى : حاول ان تستمع كثيرا للسور التي لا تحفظها او التي تشعر انها صعبة الحفظ لان هذا سيجعل حفظها سهلا عليك ان شاء الله . وفي هذا المقام يسرني ان اقول ان سورة الانعام يعتبرها بعض الحفاظ الذين اعرفهم صعبة وانا اراها من اسهل السور ( حفظت آياتها من شريط احمد العجمي ) وكذا الاعراف والاسراء والكهف ومريم والفرقان والزمر وجزء 27 .. في حين هود والحج وغافر تحتاج تركيزا اكثر في قراءتها لان حفظها كان بدون استماع . لكن ليس هناك خطأ ولا نسيان مع المراجعة المستمرة في كلا الحالتين .
- ملاحظة للأمانة العلمية :
مر علي حديث وعلمت بعدها انه ضعيف عن ان سيدنا علي رضي الله عنه طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ان يدله على ما يعينه على حفظ القران فدله على صلاة ليلة الجمعة اول ركعة بسورة يس والثانية بالدخان والثالثة بالسجدة والرابعة بالملك وعلمه دعاء الخ ولم اكن اعلم بحكمه وانه غير صحيح لكني قمت بما جاء فيه ... فلعل النية والتوجه والدعاء كانت سببا في اجابة المولى ... فلا تنسوا الدعاء عموما الى الله السميع المجيب .
واليكم هذا التعليق المنقول على الحديث المذكور للفائدة
( للأسف الكتاب المذكور \"الدعاء المستجاب\" لأحمد عبدالجواد لا يقتصر على الأحاديثالصحيحة؛ بل يحوي أحاديثاً موضوعة.
الحديث المذكور ورد في السلسلة الضعيفة برقم 3374 على أنه حديث منكر. وورد في ضعيف الترغيب برقم 874 على أنه حديث موضوع؛ أي أنهحديث مكذوب مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلننتبه إلى ما نقرأ، وعمننأخذ ونتعلم، فليس كل ما نُسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حق.)
اخيرا اقول :
هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ، فإن وجدتم فيه بعضا من فائدة وحصرا للصورة امامكم فهو المبتغى وهو من فضل الله ، والا فهو تقصير مني وعجز فيكفيني شرف المحاولة ونية الافادة ولا حول ولا قوة الا بالله . وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين .
طبعا يا أخواني هذا الموضوع كتبه اخ لي في الله
فالله تعالى اسأل ان يجزيهالخير كله
وان يجعل القرآن الكريم شفيعا له يوم القيامه
وان يدخله جنات الفردوس بغير حساب
ولا تنسوني و كاتبه من الدعاء
وجزاكم الله خيرا جميعا
الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد :
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تجربتي في حفظ القرآن الكريم
هي كلمات من صميم القلب أقدمها لفئة مخصصة من القراء – لا جميعهم – حول تجربتي الواقعية في حفظ القرآن الكريم وبإتقان تام بإذن الله عز وجل يصل إلى نسبة 100 % اليوم إلا ما شاء الله .
قبل أن أبدأ بسرد ما لدي ، لا بد من هذه الملاحظات :
أولا : قد يطول الكلام قليلا أو كثيرا لا أدري بالضبط ، وقد فكرت في تقسيمه الى حلقات لكني موقن أن ذلك سيؤثر على حماس القارئ في معرفة ما يريد ، ويؤثر على متابعته للحلقات . والأهم من ذلك أن تبقى هذه التجربة كوحدة واحدة لكل من أرادها ، خاصة أن الفئات غير المستهدفة من هذه الكلمات لن يتابعوها سواء أكانت طويلة متصلة أو قصيرة على حلقات .. لن يقرأها الا المهتمون المستهدفون منها وهؤلاء لن يضيرهم طولها .
ثانيا : أشرت أعلاه إلى فئة مستهدفة مخصوصة من القراء وهم من أقدم خلاصة تجربتي لهم ، هذا لا يعني أنني زاهد في كافة القراء أن أقدم لهم ما لدي علهم ينتفعون ولو باليسير منها ، لكني أخصص فئة بعينها لأن هناك أخوة قد تكون لديهم طريقتهم وبرنامجهم ولا يحتاجون إلى معونة إلا من الله ، كما أن هناك آخرين لا يطمعون في الوصول إلى ما أوصلنا اليه سبحانه وتعالى ، وأخيرا هناك فئة يظن يقينا أن ما وصلنا اليه وصلنا اليه لتميز فينا : في إيماننا ، أو عقولنا ، أو حتى عزيمتنا ، أو سرعتنا في الحفظ وبالتالي هم يائسون من أن يستطيعوا تحقيق ما حققنا .. لكل هؤلاء أقول : لن تنفعكم كثيرا تجربتنا ،
لكنها بعون الله ستنفع من يقول : " أنا أريد حفظ المصحف ، وأغبط من يحفظونه كاملا دون خطأ ، وأتمنى أن أحفظه ، ولدي الرغبة والعزم الأكيد على ذلك .. لكن أريد أن أعرف ممن حفظوه كيف حفظوه ، أريد أن يضعوني على أول الطريق ، أن يعرّفوني بحقيقة هذا الطريق وما سيواجهني فيه من عقبات وكيف أتجاوزها " ... " أريد أن أجلس إلى حافظ فيخبرني كيف حفظ القران " لهؤلاء أقول : أنا رهن إشارتكم سأعطيكم ما لدي وبالله التوفيق وهو المستعان لا معين غيره .
ثالثا : لا أعدكم بمعجزات ، مع أن في خبرتي ما يشبه المعجزات في سهولة الحفظ ، كما لن أقدم لكم نصائح على غرار : أفضل وقت للحفظ هو بعد الفجر ! ، أو لا تملأ معدتك فهذا يؤثر على تركيزك ! ، أو ضع برنامجا ملزما لنفسك إلى درجة الموت ولا تخالفه بتاتا وإلا فالفشل حليفك ! لن أقول مثل هذا فكل هذه نصائح قد تصدق لكنها في رأيي ليست حكما في تحقيق مرادك من الحفظ . فبإمكانك أن تخالفها جميعا وتحفظ المصحف برغم ذلك . لذا ما أستطيع أن أعدك به أيها القارئ الكريم هو أن أقدم ما اختبرته من جزئيات حقيقية أدت مجتمعة إلى حفظي للمصحف دون مبالغة او تجميل أو تضخيم ودون زيادة او نقصان .
لعرض ما لدي ، ساقوم بعون الله بتقديم ما حصل معي ومن ثم أقدم الخلاصة والنتيجة التي هي قناعة وقيمة تشكلت في عقلي . أقول وبالله التوفيق :
- الفضل كل الفضل والمنة لله وحده لا شريك له وما سأقدمه تاليا هي أسباب والتي لا ينافي التوكل الحق الأخذ بها إن راقت لك .
- بدأ اهتمامي بالقرآن في بدايات الشباب من خلال التلاوة من المصحف وختم القرآن مع انها كانت مرة واحدة ولعل الختمة الثانية لم تتبعها الا بعد ما يقارب العام على ما اذكر ! ورافق ذلك محبتي لعلم التجويد الذي لم نأخذ منه في مقررات المدارس الا النزر اليسير .. لكن محبتي له جعلتني اتعلم الاحكام الاساسية بجهد شخصي دون معين الا الله على فترات متقطعة طويلة ومن ثم محاولة تطبيقها في قراءتي من المصحف .. وشيئا فشيئا وجدتني ملما بمعظم احكام القراءة على رواية حفص مما يسر لي الطريق لدخول دورة منتظمة على يد استاذ التجويد لصقل ما عندي من مهارة والاستعداد لامتحان الوزارة الذي حصلت فيه على العلامة الكاملة في التلاوة 100 % وقتها بفضل الله .
العبرة : تعلم احكام التجويد ولو الاساسية منها ( احكام النون الساكنة والتنوين ، الميم الساكنة ، القلقلة ، الهمس ، احكام الراء ، لام لفظ الجلالة ، الادغام عموما ( للمتقاربين والمتجانسين والمتماثلين ) واحكام التفخيم ، وفكرة جيدة عن المدود ، كل ذلك سيجعل لديك محفزا جيدا على التلاوة لممارسة ما تعرف ! الامر الذي سينفعك كثيرا في حفظك .
- كنت اقرا من المصحف - قبل الحفظ طبعا - بصوت مسموع عال يسمعني وقد يزيد ، وقد كان السبب رغبة داخلية في الاستمتاع بتلاوة آيات القرآن المجيد بالاحكام التي اعرف ، ونوع من الوسواس الذي يشككني في اني لم اقرا بشكل صحيح لذا ارفع صوتي ولا اقنع بالتمتمة ! .. وقد كان هذا الوسواس نافعا بشكل كبير ! حتى اني صرت اقرا بسرعة كبيرة جدا ( قد يمكن تسميتها حدرا مع الاعتذار للحدر ! ) ، ومن اصغر النسخ في المصحف .. مما يدل على المهارة التي هي نتيجة القراءة بصوت مسموع .
العبرة : القراءة من المصحف بصوت عال مسموع تعطيك القدرة على ان يبقى لسانك مرنا قادرا على قراءة الايات بمهارة وتقطع لك اشواطا قد تحتاج الى اضعاف الوقت والجهد لقطعها في الحفظ فيما لو كنت تقرا بالتمتمة الشفوية دون صوت فهي بذلك تؤسس لك قاعدة عريضة للحفظ مستقبلا . والسر طبعا يكمن في انك تسمع ما تقرا . وهذا يقودنا الى النقظة التي تلي .
- ايضا كانت عندي رغبة شديدة في الاستماع الى اشرطة الكاسيت لقراء المصحف المشهورين خاصة المؤثرين منهم وعلى راسهم الشيخ أحمد العجمي ، والهدف لم يكن الحفظ ابدا بل الاستمتاع بالخشوع الذي يسببه هذا الاستماع بحيث لا تشبع من الاستماع لهذا الكلام الذي لا يخلق من كثرة الترداد ، وقد كنت ابحث عن جديد القراء لاضيف هذا القارئ الى قائمة الذي احب سماعهم او لا اضيفه حتى وصل بي الامر الى تسجيل بعض القراء المحليين من الائمة والماهرين في التلاوة ذوي الاصوات الحسنة تسجيلا بدائيا للاستمتاع بسماع اصواتهم في اوقات اخرى ، وترشيح ائمة واستضافتهم للتراويح في مسجد حينا .
العبرة : الاستماع بشكل خاص ( وهو الانتباه لما تسمع ) والسماع عموما ( بغير انتباه ) من افضل واسهل وسائل الحفظ . كما ان المحفوظ بالاستماع اكثر رسوخا واسهل استذكارا في العقل من الحفوظ بالعينين .
- المواظبة والمثابرة هامتان بعكس الانتظام ! : لا اقصد بذلك نفي اهمية الانتظام ، ولكن اريد ان اوصل اليك حقيقة وهي ان خيرالعبادة ادومها وان قل ، فالمواظبة على القراءة الدورية للمصحف والختم المتواصل ( كالحال المرتحل ) . ولو طال الوقت في الختمة الواحدة افضل من تكثيف الجهد فترات ومن ثم الاهمال الابدي ! فأذكر انني وقفت مرة عند كلمة (ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) نهاية الجزء السابع وقد بقيت شهورا حتى اكملت من هذا الموضع .. ومرة ثانية وقفت في الحواميم ثم اكملت الختمة نفسها بعد قريب العام على ما اظن . كذلك الحال كنت في الاستماع متواصلا وبغير انتظام لكن النتيجة هي استماع متواصل حتى من الائمة في الصلوات والتراويح !
العبرة : عندما تبدأ بالختمة يجب ان تنهيها وان تعدت الشهر الواحد ، وعندما تنهي ختمة وتدعو بما تشاء من الماثور وغيره ، ابدأ فورا بالفاتحة واول خمس ايات من البقرة كختمة جديدة . المهم انك متواصل ولو كنت غير منتظم .. وهذا سينتج مع الوقت .
- فجأة شعرت بأنني كالبيت الخرب ، لا احفظ حتى جزء عم كاملا ! ، وقد احفظ سورة القيامة ، والملك الشافعة ، فقط . فبدأت بحفظ تتمة جزء عم ( حتى اني انهيت الثانوية ولا احفظ العاديات ! ) وجزء تبارك ولعلي بدأت ببعض سور جزء المجادلة .
- ثم فجأة ثانية اخبرني اخي الذي كنت اراه دائما يحمل نسخة صغيرة من المصحف بانه حفظ البقرة وآل عمران والتوبة . فصعقني واشعل في قلبي الغيرة فانتهزت فرصة سفره في اجازة وحفظت البقرة وثلثي آل عمران الى قوله تعالى ( ليسوا سواءً ) في وقت قياسي ثم توقفت . وهذا جعل سورة البقرة من السور الثابتة في عقلي او قلبي ان شئتم ، لانها من اوائل ما حفظت .
العبرة : احفظ ثم توقف لا تتابع لتحفظ المصحف كله دفعة واحدة فهذا سيجعل حفظك مضعضعا ركيكا في رأيي . قد تنهي حفظ المصحف في ستة شهور او عشرة او شهرين او حتى مثل من يقول في اسابيع .. لكني اراهن على ان حفظهم ضعيف الى درجة قاتلة ، وان مراجعة المصحف وتثبيته لديهم امر كأنه الجبال في نظرهم لانه يعلم علم اليقين ان حفظه كان في فترات ذروة عقلية ونفسية والان ينظر امامه ليجد الكثير من السور التي يسمي نفسه حافظا لها مع انه قد لا يأتي بثلثها .. وان استطاع التثبيت سيحتاج وقتا طويلا وقد يظل يشعر بصعوبة الكثير من السور .
- بعد ذلك بدأت أحفظ على فترات متباعدة متقطعة وبصراحة حتى بدون نية حفظ كامل المصحف .. مجرد اختيار بعض السور وحفظها لاعمار البيت الخرب الذي حدثتكم عنه . وقد وضعت برنامجا لحفظ صفحة كل يوم من ايام السبت والاحد ثم استراحة الاثنين ( تحسبا لاي طارئ قد يمنعني فجعلت الاثنين يوم تعويض ) وكذلك الثلاثاء والاربعاء والخميس واستراحة يوم الجمعة . ثم استراحة 20 يوما او شهرا بعد حفظ شهرين او ثلاث او مثل ذلك .
- والعجيب في الامر ان اجتماعي مع اصدقائي واخواني في المسجد للحفظ ( بالاتفاق معهم ) كان لا يتطلب مني سوى النظر الى الصفحة والانتباه الى تذييل الايات ( عزيز حكيم ) ( عليم حكيم ) ( حكيم عليم ) ( خبير بما تعملون ) وربط اول كل آية بالتي تليها في الصفحة لاكون قد انهيت مهمتي خلال دقيقتين فقط .. اما لب الاية فاجد نفسي حافظا له تلقائيا ( تذكرون كلامي عن القراءة غير المنتظمة المتواصلة بصوت عال ، وعن استماعي المتواصل للقراء ) فقد قطفت ثمرا لم اكن حتى اتوقعه او انتظره، عندها كنت ارفع يديّ لاقول لمن معي : ( خلّصت ) . وبعضهم لازال في منتصف الصفحة او حتى في اول آيتين يجمعها معا ليعيد قراءتهما معا غيبا ! حتى ان احد زملائي في مجموعة الحفظ فرداى هذه صار يتهمني بانني احفظ في النهار لآتي في المساء أتباهى او أمثل عليهم الحفظ بسرعة ! والسر هو ما ذكرته لكم آنفا دون مبالغة ( تعود ان تقرا من المصحف بصوت عال لتسمع نفسك ، واستمع لتلاوة غيرك ) .
- سؤال وجيه :
بما اني امتلكت بفضل الله هذه السرعة في الحفظ فلم لا احفظ عدة صفحات في دقائق بدلا من صفحة واحدة في الليلة ؟
الجواب :
هذا تفكير خاطئ . فالمقدرة على حفظ الصفحة الواحدة في دقيقتين ( او ترتيبها في الدماغ في دقيقتين ) لا تعني المقدرة على حفظ خمس صفحات اوعشر في جلسة واحدة ... وقد جربت ذلك بأن حفظت سورة النساء في ثلاث ايام ( ثلاث جلسات ) لكن كان ذلك بصعوبة ولم اخرج بنتيجة مرضية .. فقد كان حفظي لها ركيكا مختلطا بسبب زخم كمية الترتيب على عقلي .. مما اضطرني الى التفرغ لها لاحقا وإعادة مراجعتها بكثافة حتى استقرت .... إذن التجربة لم تنجح .
- هل انت حافظ لاجزاء عدة وتسير في حفظ الباقي وتشعر انك مشتت الذهن لا تستطيع ان تنظم برنامجك ؟ هل انت تائه ما بين مراجعة القديم ومراجعة حديث الحفظ وحفظ الجديد ؟
ببساطة انصحك بالتالي :
توقف عن الحفظ الجديد الان . رتب ما تحفظ في ورقة امامك وصنفه الى حفظ متين وحفظ مضعضع . اترك الحفظ المتين جانبا فهذا مع انه قد يتأثر بتفلت الابل في عقلها ، لكن بامكانك ان تعود اليه بين الحين والاخر ولن تجده ضائعا من صدرك .
الان امسك الحفظ الركيك وابدأ بتثبيته ( انت ومهارتك الان في هذه الجزئية لان هذا محفوظ اصلا ) كلما تعبت عيه اكثر استقر اكثر وانتهيت منه اسرع وشعرت انك مطمئن اليه .
بعد ان تنهيه ابدأ بالحفظ الجديد من جديد بتأن واستراحات ومراجعات واختر الوقت الذي يلائم شغلك والتزاماتك وتجليك العقلي .
حتى اذا انهيت حفظ سورة او اثنتين توقف وقم بمراجعة ما حفظته كله للتأكد من الالمام به بشكل مقبول ، لا اقول باتقان مئة بالمئة ولا بحفظ رديء .. لكن خير الامور اوسطها .
ثم احفظ سورتين اخريين . ثم ان مراجعة الجزء الواحد قد لا تأخذ منك اكثر من يومين ، ولا تنس ان مراجعة الصفحة الواحدة قد لا يحتاج اكثر من دقيقتين او ثلاث .
الان اذا ما حان وقت استراحة طويلة نسبيا : فبإمكانك مراجعة كل ما تحفظ او على الاقل الجديد منه . فإذا ما لاحظت ضعفا في احدى السور ركز عليه وأوصل نفسك الى درجة مرضية .
- ما هي اهمية التوقف بين جولات الحفظ ؟ أراها ضرورية وبأهمية الحفظ نفسه ، فالعقل بحاجة الى ترسيخ ما حفظته وترتيبه في ملفات عقلية ثابتة وهذا يحتاج الى وقت وليس للتعب او المثابرة او العزيمة والجهد المكثف دور فيه ..... يحتاج الى وقت فقط فامنحه الوقت اللازم .
- كيفية مراجعة الحفظ اليومي : الصفحة التي حفظتها اليوم قم بقراءتها كثيرا : في الشارع ، في الصلاة المفروضة وفي النافلة ، قياما وقعودا ، اثناء نزولك على الدرج لشراء بوظة ، واثناء صعودك ايضا ، فهي صفحة واحدة ومراجعتها لا تحتاج اكثر من دقيقتين ، ومن المهم ان تراجعها قبل النوم ليعمل العقل عمله خلال النوم ومن ثم بمجرد استيقاظك قم بقراءتها لتتأكد ان عقلك قام بالمطلوب وهي أثبت في قلبك من الليلة السابقة . مع ملاحظة ان اهمالها بعد ذلك سيؤدي الى نسيانها . فقم بمراجعتها خلال اليوم ولو في صلاتك حتى اذا ما حان وقت حفظ الصفحة التالية ، كنت مطمئن الى ان هذه راسخة رسوخا معقولا .
كما لا تنس مراجعة ما حفظته خلال الايام الفائتة ولو مرة واحدة في اليوم لتبقى ممسكا به ( لاحظ اننا نتحدث عن بضع صفحات او عشر او بضع عشرة وهذه ليست بالشيء الكثير ) . فلا تخش كثرة المتراكم .. فهناك استراحات لا بد منها وهذه الاستراحات ليس لك شغل فيها الا التسلي بتثبيت آخر المحفوظ .
- لا تستعجل . صحيح ان حفظ المصحف هدف سام ورغبة ملحة ولك دوافع فيها ولا احد يعرف وقت انتهاء عمره .. لكن مع ذلك ، النجاح مرهون بالتخطيط والمواظبة فاعمل في حفظك كأنك تعيش طويلا لان المنبت لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى .ولن يجني الا اليأس السريع والاحباط العاجل ، اليس كذلك ؟ فاحفظ واسترح واحفظ واسترح ثم استرح واسترح واسترح ثم احفظ ثم استرح كثيرا ثم احفظ لتجد نفسك تعد كم بقي لك لانهاء المصحف .
- بالطريقة التي ذكرتها في الحفظ والاستراحات بامكانك حفظ المصحف كاملا لمن لا يحفظ منه شيئا في ثلاث سنوات فقط . طيب يا اخي اجعلها ستا ، ما المشكلة ؟ ولاحظ ان ايام الاستراحات تفوق ايام الحفظ بثلاث مرات . وما اسرع الزمن ونحن لا نشعر فستمر هذه السنوات الثلاث او الست حفظت ام لم تحفظ لتقول انت بعدها : لو اني حفظت لكنت قد انتهيت الان . ارايت كيف انك عشت ولكنك عجزت بسبب انتظار المعجزات ؟ ( اما ان احفظ بسرعة او لا احفظ ) تمهل واصبر وصابر وستصل .
- انهيت حفظ المصحف بعد حوالي ست سنوات من بدء حفظي لسورة البقرة ( آخر ما حفظته هي سورة لقمان ) مع اني لم اكن مقررا حفظ كامل القران وكنت اتوقف كثيرا ثم احفظ واهمل بعض المراجعة ( لكن ما ذكرته لكم من نصائح هي خلاصة الطريق الذي يوصل للنتيجة المرجوة ) ، فأعلنت اني انهيت المصحف وفي نفسي غصة من ان هناك بعض الضعف في بعض السور وقد توقفت عن مراجعة المصحف سنتين كاملتين وانا أسوّف واقول غدا سأثبت ما حفظت ، وفي اول الشهر سأثبت ، وفي اول الشهر التالي ومع ذلك لم اتحرك .حتى جاء رمضان لسنة 2000 وكانت بدايات انتفاضة الاقصى وتعطل الاعمال الكثير ، فتفرغت طوال هذا الشهر لمراجعة جميع المصحف والخروج منه ملما بكل القران غيبا .
العبرة : ليس شرطا او من الضروري ان تكون حافظا بنسبة مئة بالمئة لكل سورة مررت بها . انت تحفظ وتراجع ولا زلت بحاجة الى تثبيت نهائي بعد انهاء المهمة بأسرها فلا تخف ولا تياس .
لاحظوا انني خرجت من شهر رمضان مراجعا للمصحف ومثبتا له بنسبة حوالي 70 % فقط ... ولا تنسوا اني اهملت المراجعة سنتين حتى ظننت اني نسيت الكثير منه . لكنك لن تفعل المثل بالضرورة وهذا في صالحك .
الان وبعد ان انتهيت من كامل الحفظ بفضل الله ، عليك بمراجعة دورية متواصلة ومنتظمة ( الان من الضروري الانتظام بالاضافة الى التواصل ) فانت حافظ والمراجعة لجزأين في اليوم ليست بالأمر الشاق ( وحسب الشيخ الطبيب احمد نعينع من قرأ القران في ستة ايام لا ينسى ) لكني اعتقد بالتجربة ان حتى جزأين يوميا تفي بالغرض فلابد من جزأين على الاقل خاصة في بدايات مراجعاتك الدورية ولا بأس بأن تهتم اكثر بالسورة التي تشعر أنك ضعيف فيها أعطها شيئا من التكرار المعقول لتصبح راسخة رسوخ الجبال . فاذا تيقنت من ضبط حفظك فباعتقادي ان الان يكفيك جزء لتبقى حافظا . ولكن لا تنس ان كل حرف بحسنة والحسنة بعشر . مع اني اعترف لكم بان جزأين يوميا تجعلانك على تواصل سريع مع كامل المصحف ( ختمة كل اسبوعين ) مما يجعل نسيانك أصعب وخطئك أبعد . ومع ذلك انا حاليا أراجع جزءا واحدا يوميا بختمة كل شهر ولا أجد نسيانا يذكر وهذا مع الانتباه الى النقطة التالية وقبل الاخيرة .
- هناك آيات متشابهة في اللفظ ، أو قريبة من بعضها او تختلف في احرف او كلمات او ترتيب وفي رأيي وحسب تجربتي وملاحظاتي لكثير من الحفظة ، لا بد من دراستها وحفظها وتعيينها في العقل لتجنب الخلط بينها فلا تكفي السليقة لئلا تخطئ وتخلط بينها . ( خالدين فيها /خالدين فيها أبدا ، ذلك الفوز العظيم / ذلك هو الفوز العظيم ، ولما / فلما ، وأقبل / فأقبل ، واصبر / فاصبر ، أنزلنا إليك / أنزلنا عليك ، من بعد موتها / بعد موتها ، وجاء رجل من أقصا المدينة / وجاء من أقصا المدينة رجل ، لأجل / إلى أجل ) والكثير الكثير مما يحتاج بحثا لوحده ، لكن لحظة ، فهذا بحث ممتع ، واتقان يسعد قلبك فلا تظن ان هذا جهد اضافي لن تستطيعه ، بل هو صقل لما حفظت ويشعرك بأنك مميز وممن عمل عملا فأتقنه وأنك حصلت على ما لم يحصل عليه حفظة كثر .
- لاحظت في تجربتي هذه ان السور التي حفظت آياتها ( لا حفظتها كاملة تماما بالطبع ) من اشرطة الكاسيت اكثر رسوخا في نفسي وقراءاتها ليس فيها شد ذهني - ان صح التعبير -كتلك التي حفظتها من تلاوتها من المصحف فقط . وهذا ذكرته اعلاه لكني احببت ان اؤكده لكم بمعنى : حاول ان تستمع كثيرا للسور التي لا تحفظها او التي تشعر انها صعبة الحفظ لان هذا سيجعل حفظها سهلا عليك ان شاء الله . وفي هذا المقام يسرني ان اقول ان سورة الانعام يعتبرها بعض الحفاظ الذين اعرفهم صعبة وانا اراها من اسهل السور ( حفظت آياتها من شريط احمد العجمي ) وكذا الاعراف والاسراء والكهف ومريم والفرقان والزمر وجزء 27 .. في حين هود والحج وغافر تحتاج تركيزا اكثر في قراءتها لان حفظها كان بدون استماع . لكن ليس هناك خطأ ولا نسيان مع المراجعة المستمرة في كلا الحالتين .
- ملاحظة للأمانة العلمية :
مر علي حديث وعلمت بعدها انه ضعيف عن ان سيدنا علي رضي الله عنه طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ان يدله على ما يعينه على حفظ القران فدله على صلاة ليلة الجمعة اول ركعة بسورة يس والثانية بالدخان والثالثة بالسجدة والرابعة بالملك وعلمه دعاء الخ ولم اكن اعلم بحكمه وانه غير صحيح لكني قمت بما جاء فيه ... فلعل النية والتوجه والدعاء كانت سببا في اجابة المولى ... فلا تنسوا الدعاء عموما الى الله السميع المجيب .
واليكم هذا التعليق المنقول على الحديث المذكور للفائدة
( للأسف الكتاب المذكور \"الدعاء المستجاب\" لأحمد عبدالجواد لا يقتصر على الأحاديثالصحيحة؛ بل يحوي أحاديثاً موضوعة.
الحديث المذكور ورد في السلسلة الضعيفة برقم 3374 على أنه حديث منكر. وورد في ضعيف الترغيب برقم 874 على أنه حديث موضوع؛ أي أنهحديث مكذوب مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلننتبه إلى ما نقرأ، وعمننأخذ ونتعلم، فليس كل ما نُسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حق.)
اخيرا اقول :
هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ، فإن وجدتم فيه بعضا من فائدة وحصرا للصورة امامكم فهو المبتغى وهو من فضل الله ، والا فهو تقصير مني وعجز فيكفيني شرف المحاولة ونية الافادة ولا حول ولا قوة الا بالله . وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين .
طبعا يا أخواني هذا الموضوع كتبه اخ لي في الله
فالله تعالى اسأل ان يجزيهالخير كله
وان يجعل القرآن الكريم شفيعا له يوم القيامه
وان يدخله جنات الفردوس بغير حساب
ولا تنسوني و كاتبه من الدعاء
وجزاكم الله خيرا جميعا
تعليق