تقرير:
جندي سري من جنود كتائب القسام .. لم يكن احد ليتوقع أن يكون هذا الفارس الوديع احد فرسان القسام في منطقة جنين .. كان مثالا للسرية والعمل المنظم ... الكل فوجئ حن سمع بنبأ استشهاده حيث نعته كتائب القسام واثنين من رفاقه الشهداء الذين قضوا في مهمة جهادية وهم يحضرون لعملية استشهادية شهد العدو بأنها كانت كبيرة لو خرجت إلى حيز النور بفعل قوة الانفجار وطبيعة المواد التي كان يستخدمها المجاهدون... رحل مالك ونال ما أراد وترك لشبان بلدته أنموذجا رائعا من التضحية والفداء والعمل السري البعيد عن الاستعراضات لقد حقت لك الشهادة يا شعب فلسطين... وحقت لك الشهادة يا مالك رغم انف الحاقدين والمتجبرين، فها أنت لحقت بدرب إخوانك من الشهداء الذين سبقوك وأضاءوا لك الطريق، فكنت علما من أعلام فلسطين ورمزا من رموزها الأطهار. التقينا والد الشهيد مالك ياسين وقد داهمت قوات الاحتلال منزلهم وفتشته وصادرت بعض محتوياته.
نبذة عن حياة الشهيد
الشهيد "مالك جبر محمد ياسين"( 21 عاما) ولد في قرية دير أبو ضعيف شرقي جنين حيث نشا وتربى في اكناف أسرة محافظة يغلب عليها طابع التدين والالتزام، درس مرحلته الابتدائية والثانوية في مدارس القرية، ثم تخرج من كلية خضوري في طولكرم وحصل على دبلوم رياضة، فلم يكد يفرح بتخرجه ولكن الشهادة الأكبر كانت باستشهاده وفوزه بالجنة مع رفاقه الشهداء.
الشهيد "مالك ياسين" هو الابن البكر لوالده بين ثلاثة ذكور آخرين وست شقيقات لذلك كان يعتمد عليه والده في إدارة المسبح الذي يمتلكه في أرضه الواقعة ما بين دير أبو ضعيف وبيت قاد المجاورة، ولكنها إرادة الله شاءت أن يكون استشهاده في نفس المكان، كما حصل الشهيد مالك كذلك على الحزام الأسود في التايكوندو فهو رياضي بالدرجة الأولى إلى جانب التدين والالتزام الذي كان يميزه منذ صغره وهو خريج كلية خصوري في طولكرم قسم التربية الرياضية.
مسيرته الجهادية:
أكد والد الشهيد مالك ياسين عندما سألناه عن حياة الشهيد ومسيرته الجهادية فقال كان ابني اكبر من سنه في أخلاقه وصفاته وتصرفاته، فكان كل من عرفه يلمس في وجهه الإصرار على مواصلة درب من سبقوه، فكان الطفل المعلق قلبه بالمساجد ثم صار الشاب اليافع الذي يزهد في الحياة الدنيا ويرى فيها الزوال، فكانت عينه الأولى نحو تحقيق ما يصبو إليه في هذه الدنيا والعين الأخرى ترى مكانها في الجنة بين والنبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ونحسبه كذلك إن شاء الله.
خلقه القران:
أضاف والده إن ما يميزه عن الآخرين خلقه القرآني فكان مثالا للشاب الخلوق المحافظ ومثالا آخر لزملائه وأصدقائه، فحب زملائه له اجبرهم على أن يأتوا من أماكن بعيدة ليشاركوا أهله ويعزوهم في فقدانه فقد كان وقع الخبر عليهم كبيرا جدا، وقد أكد ذلك احد زملائه الطلاب فقال لوالده كان الشهيد مالك مدرسة بكل ما تعنيه الكلمة، كان همه الأول القيام بواجباته نحو الله تعالى، فهو لم يعرف الإساءة مطلقا، وكان كذلك عذب الحديث في كلامة مع الآخرين، يتابع والده كان الجميع يشعر أن اهتمامات الشهيد تفوق سنه ولم تكن كاهتمامات الشباب في سنه، ودائما كانت والدته تطلب منه أن يتزوج لكنه كان يرفض ويقول لها لم يحن الأوان لذلك، ويضيف أيضا كان الشهيد دائم الدعاء في صلاته فها هي تتحقق له أمنيته في الشهادة التي طالما حلم بها واستعد لها حتى أن من عرفه كان يقول انه ليس من أهل الدنيا.
موعد مع الشهادة:
وجاء الموعد في لحظات مباركة من ليلة الجمعة 18/8/2006م وارتقت روحه الطاهرة مع أخويه الذين اجتمعوا في هذه الدنيا وارتقت أرواحهم مرفرفة معلنة للعالم اجمع صدق الأخوة التي جمعتهم فضمتهم الشهادة معا. ونعت كتائب القسام ثلاثة من مقاتليها بين اثنين من مهندسي التصنيع فيها قضوا في مهمة جهادية حيث الناس نيام وهم يسهرون ليذيقوا العدو ذات الكأس الذي أذاق منه أبناء شعبنا ...
رحل مالك .. وعزاء أسرته الوحيد انه سقط شهيدا في لحظات تأدية واجبه الجهادي فصبر الأهل رغم صعوبة الفراق، ويقول والده عندما سألناه عن شعوره في فقد ابنه عزاءنا الوحيد يقيننا بان الله عز وجل اصطفاه شهيدا عنده، ولا بد من التسليم بقضاء الله وقدره والحمد لله فقد صبرت الأسرة جميعا على قضاء الله وقدره.
مداهمة المنزل:
وفي خطوة عدوانية وبعد أن أنهى والده بين عزاء الشهيد أقدمت قوات الاحتلال في منتصف الليل على مداهمة منزل العائلة حيث اخرج جنود الاحتلال الجميع وقاموا بتفتيشه والعبث في محتوياته ومصادرة جهاز الحاسوب الذي تمتلكه الأسرة، وانسحبوا بعد اقل من ساعة.
وفي كلمة أخيرة لوالد الشهيد عبر فيها عن حزنه الشديد لفقدان ابنه وأوصى الجميع بالصبر والثبات، ودعا أبناء الشعب الفلسطيني إلى مواصلة طريقهم نحو التحرير، وقال أن الإنسان عندما يختار طريقه لا يمكن لأحد اعتراضه أو منعه من تحقيق أمنيته لذلك فان الشهيد مالك اختار طريقه إلى الجنة وخط بدمه الطاهر طريق الحرية نسال الله أن يتقبله عنده شهيدا وشفيعا لنا يوم القيامة.
تعليق