الاضحــية وشروطهــا
السؤال:
ما حكم الأضحية؟ وهل يأثم من تركها مع الاستطاعة؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فحكم الضحية أنها سنة مع اليسار وليست واجبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أملحين، وكان الصحابة يضحون في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، وهكذا المسلمون بعدهم، ولم يرد في الأدلة الشرعية ما يدل على وجوبها، والقول بالوجوب قول ضعيف
السؤال: ما حكم الأضحية وفضلها وما هي الشروط الواجب توافرها في الذبيحة؟
الأضحية شعيرة إسلامية تضافرت الأدلة علي شرعيتها يقول الحق سبحانه: "فصل لربك وانحر" وروي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ضحي بكبشين سمينين. عظيمين أملحين. أقرنين. موجوأين "مخصيين" وأضجع أحدهما وقال باسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وآل محمد ثم أضجع الآخر وقال: باسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وأمته ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ.. وقد رغب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في الأضحية فروت عنه عائشة - رضي الله عنها - أنه قال: "ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلي الله من إهراق الدم. وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظفارها وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسا".
وعن زيد بن أرقم قال: قلت أو قالوا يا رسول الله: ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم. قالوا: ما لنا منها؟ قال: بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة رواه أحمد وابن ماجة.
وصح عن أبي هريرة قوله: "من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا" رواه أحمد وابن ماجة.
وعن حكم الأضحية فقد أجمع الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء علي أنها سنة مؤكدة. ولم يقل بوجوبها إلا أبوحنيفة. وقال ابن حزم: لم يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة.
وقد استدل علي عدم الوجوب بحديث أم سلمة عند مسلم. قالت: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعر ولا بشر شيئا" قال الشافعي: إن قوله فأراد أحدكم يدل علي عدم الوجوب. والواجب لا يعلق علي إرادة المكلف بأدائه.
يتوافر في الأضحية ستة شروط:
أولها: أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالي: "ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام" وبهيمة الأنعام هي الإبل. والبقر. والغنم هذا هو المعروف عند العرب. وقاله الحسن وقتادة وغير واحد.
والشرط الثاني: أن تبلغ السن المحدودة شرعا بأن تكون جذعة من الضأن. أو ثنية من غيره لقوله - صلي الله عليه وسلم - "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن" رواه مسلم.
والمسنة: الثنية فما فوقها. والجذعة ما دون ذلك. فالثني من الإبل: ما تم له خمس سنين. والثني من البقر: ما تم له سنتان. والثني من الغنم ما تم له سنة. والجذع: ما تم له نصف سنة. فلا تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز. ولا بما دون الجذع من الضأن.
والشرط الثالث: أن تكون خالية من العيوب المانعة من الأجزاء وهي أربعة:
العور البين: وهو الذي تنخسف به العين. أو تبرز حتي تكون كالزر أو تبيض ابيضاضا يدل دلالة بينة علي عورها.. والمرض البين: وهو الذي تظهر أعراضه علي البهيمة كالحمي التي تقعدها عن المرعي وتمنع شهيتها. والجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحته. والجرح العميق المؤثر عليها في صحتها ونحوه.
والعرج البين: وهو الذي يمنع البهيمة من مسايرة السليمة في ممشاها.
والهزال المزيل للمخ: لقول النبي - صلي الله عليه وسلم - حين سئل ماذا يتقي من الضحايا فأشار بيده وقال: "أربعا: العرجاء البين ضلعها. والعوراء البين عورها. والمريضة البين مرضها. والعجفاء التي لا تنقي". رواه مالك في الموطأ من حديث البراء بن عازب. وفي رواية في السنن عنه - رضي الله عنه - قال: قام فينا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال: "أربع لا تجوز في الأضاحي" وذكر نحوه صححه الألباني من إرواء الغليل "1148".
فهذه العيوب الأربعة مانعة من إجزاء الأضحية. ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد. فلا تجزيء الأضحية:
العمياء التي لا تبصر بعينيها والمبشومة "التي أكلت فوق طاقتها حتي امتلأت" حتي يزول عنها الخطر والمتولدة إذا تعسرت ولادتها حتي يزول عنها الخطر والمصابة بما يميتها من خنق وسقوط من علو ونحوه حتي يزول عنها الخطر والزمني وهي العاجزة عن المشي لعاهة ومقطوعة إحدي اليدين أو الرجلين.
والشرط الرابع في الأضحية أن تكون ملكا للمضحي. أو مأذونا له فيها من قبل الشرع. أو من قبل المالك فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوي باطلة ونحوه. لأنه لا يصح التقرب إلي الله بمعصيته. وتصح تضحية ولي اليتيم له من ماله إذا جرت به العادة وكان ينكسر قلبه بعدم الأضحية. وتصح تضحية الوكيل من مال موكله بإذنه.
والشرط الخامس: ألا يتعلق بها حق للغير فلا تصح التضحية بالمرهون.
والشرط السادس: أن يضحي بها في الوقت المحدود شرعا وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلي غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد بعد الصلاة. وثلاثة أيام بعده. فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد. أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته. لما روي البخاري عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلي الله عليه وسلم قال "من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك في شيء".
وروي عن جندب بن سفيان البجلي - رضي الله عنه - قال: شهدت النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخري" وعن نبيشة الهذلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" رواه مسلم لكن لو حصل له عذر بالتأخير عن أيام التشريق مثل أن تهرب الأضحية بغير تفريط منه فلم يجدها إلا بعد فوات الوقت. أو يوكل من يذبحها فينسي الوكيل حتي يخرج الوقت فلا بأس أن تذبح بعد خروج الوقت للعذر. وقياسا علي من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها إذا استيقظ أو ذكرها.
ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلا ونهارا. والذبح في النهار أولي. ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل. وكل يوم أفضل مما يليه. لما فيه من المبادرة إلي فعل الخير.
ويستحب للمضحي إن لم يذبح أضحيته بنفسه أن يحضر ذبحها. لما روي عن ابن عباس أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال في الأضحية: "واحضروها إذا ذبحتم. فإنه يغفر لكم عند أول قطرة من دمها" وروي عن النبي - صلي الله عليه وسلم - أنه قال لفاطمة: "احضري أضحيتك. يغفر لك بأول قطرة من دمها" ويستحب أن يقول المضحي عند الذبح: "بسم الله والله أكبر" ويستحسن أن يزيد علي هذا فيقول: "اللهم هذا منك ولك. اللهم تقبل مني أو من فلان" لما روي أن النبي - صلي الله عليه وسلم - أتي بكبش له ليذبحه. فأضجعه ثم قال: "اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد. ثم ضحي" وروي عن جابر أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "اللهم منك ولك عن محمد وأمته. بسم الله والله أكبر. ثم ذبح".
ما العيوب التي تمنع الاجزاء في الأضاحي؟
مما لا يجزئ في الأضحية العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعجفاء الهزيلة التي لا مخ فيها والعرجاء البين عرجها وما كان أشد من هذه العيوب كالعمياء مثلاً وأيضاً لا يجزئ أعضب القرن والأذن وهو ما ذهب أكثر قرنه أو أذنه وأيضاً لا يجزئ مقطوع الذيل (الإلية) وأما سائر العيوب كالشق في الأذن أو الثقب فهي مكروهة، أما إذا كانت البهيمة في أصل خلقتها لم يخلق لها ذيل أو قرن أو أذن فإنها مجزئة.
ما حكم الأضحية عن الميت؟ وهل الأفضل ذبحها أم الصدقة بثمنها؟
الأضحية على الميت جائزة لأنها من الصدقة الجارية فإذا كان الميت قد أوصى بها فيلزم تنفيذ الوصية وإن لم يكن أوصى بها وتبرع بها الحي له فهذا جائز ونوع من الصدقة على الميت، وأما ما يتعلق بالصدقة بثمن الأضحية فإن كانت الأضحية موصى بها لم يجز العدول عن الوصية وإن كانت تطوعاً وتبرعاً فالأمر في هذا واسع إن شاء ذبح وإن شاء تبرع بقيمتها، أما الأضحية بالنسبة للحي فإن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ما كيفية توزيع لحوم الأضاحي؟
الأفضل إن تيسر أن يأكل منها ثلثاً ويتصدق بثلث ويهدي أقاربه وجيرانه ثلثاً وإن زاد على ذلك أو نقص فلا حرج، فلو أكلها كلها أو تصدق بها كلها أو أهداها كلها فلا حرج والأمر في هذا واسع ويجوز إعطاء الكافر غير الحربي منها وإذا ذبح الأضحية فلا يجوز له بيع شيء منها أو اعطاء الجزار أجرته منها لكن إن أعطاه شيئاً منها على سبيل الصدقة أو الهدية فلا بأس.
من أراد الأضحية فماذا يشرع له عند دخول شهر ذي الحجة؟
من أراد أن يضحي فيحرم عليه أن يأخذ من شعره أو أظفاره أو بشرته شيئاً متعمداً لقوله صلى الله عليه وسلم "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره" رواه الإمام مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أما الجاهل والناسي فلا حرج عليه ولو تعمد وأخذ من شعره فإنه يأثم وعليه التوبة ولا يمنعه ذلك من الأضحية وتمشيط الشعر وتسريحه لا حرج فيه ولو سقط معه بعض الشعر بدون قصد والمنع من أخذ الشعر والأظفار خاص بالمضحي الذي اشترى الأضحية من ماله أما أهل المضحي فلا حرج عليهم في أخذ شيء من الشعر أو الأظفار وهكذا الوكلاء مثلهم لأنهم ليسوا مضحين.
السؤال :
أيهما أفضل في الأضحية، الكبش أم البقرة؟
الجواب :
الأضحية من الغنم أفضل، وإذا ضحى بالبقر أو بالإبل فلا حرج، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين، وأهدى يوم حجة الوداع مائة من الإبل. والمقصود أن من ضحى بالغنم فهي أفضل، ومن ضحى بالبقر أو بالإبل - الناقة عن سبعة، والبقرة عن سبعة - فكله طيب ولا حرج.
السؤال :
الأضحية هل هي للأسرة ككل، أم لكل فرد فيها بالغ؟ ومتى يكون ذبحها؟
الجواب :
الأضحية سنة مؤكدة، تشرع للرجل والمرأة وتجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحد الله من أمته.
من أراد الحج والعمرة وأراد الأضحية فهل يجوز له الحلق أو التقصير قبل الأضحية؟
من حج أو اعتمر وهو يريد الأضحية وجب عليه الحلق أو التقصير في عمرته وحجه ولو قبل أن يضحي لأن الحلق والتقصير من واجبات الحج والعمرة ولا تعلق له بالأضحية.
السؤال :
أفيدكم بأني متزوج - ولله الحمد - ولي أولاد، وأسكن في مدينة غير المدينة التي يسكن فيها أهلي، وفي الإجازات نأتي إلى المدينة التي بها أهلي. وفي عيد الأضحى هذا، أتيت أنا وأولادي قبل العيد بخمسة أيام، ولم نضح على الرغم من أنني قادر، ولله الحمد. فهل يجوز لي أن أضحي؟ وهل تجزئ أضحية الوالد عني وعن زوجتي وأولادي؟ وما حكم الأضحية على من كان قادراً؟ وهل تجب على غير القادر؟ وهل يجوز أخذ الأضحية ديناً على الراتب؟
الجواب :
الأضحية سنة وليست بواجبة، وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين، يذبح أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحد الله من أمته صلى الله عليه وسلم.
وإذا كنت في بيت مستقل - أيها السائل - فإنه يشرع لك أن تضحي عنك وعن أهل بيتك، ولا تكفي عنك أضحية والدك عنه وعن أهل بيته؛ لأنك لست معهم في البيت، بل أنت في بيت مستقل. ولا حرج أن يستدين المسلم ليضحي، إذا كان عنده قدرة على الوفاء. وفق الله الجميع.
هذه احــكام الاضاحــي بالتفصــيل وارجوا الفائده للجمـــــيع
ونســأل الله ان يكون هذا العمــل لخالص وجهه الكــــــــريم
وكل عــام وانتم بخيـــــــــــر
تعليق