السلام عليكم اما بعد .....
في أول مؤتمر لها منذ عشرين عامًا، تسعى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ـ التي تعاني من انقسامات وتشرذم تنظيمي، والتي أضعفتها هزيمتها أمام حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في صناديق الاقتراع وفي قطاع غزة ـ إلى انطلاقه جديدة تستعيد بها بريقها المقاوِم وصدارتها في مقاتلة الكيان الصهيوني، خاصة مع تأكيد رئيسها محمود عباس في افتتاح المؤتمر اليوم أن المقاومة مازالت أحد الخيارات المشروعة.
وواجهت حركة فتح اتهامات بالفساد والفلتان الأمني قبل أن تقرر السلطة محاربتهما بحزم في السنوات الأخيرة، ولا تسيطر الحركة، التي يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سوى على الضفة الغربية، كما أن نهجها السياسي الداعي لحل تفاوضي للنزاع مع إسرائيل بعد سنوات من الكفاح المسلح يفقد مصداقيته في غياب تحقيق أي تقدم في المفاوضات.
وتأججت الخلافات خلال الآونة الأخيرة بين الحرس القديم في فتح؛ عندما اتهم أمينها العام وأحد مؤسسيها فاروق القدومي علانيةً محمود عباس بالتآمر مع إسرائيل لقتل ياسر عرفات، وهي الاتهامات التي هيمنت على مناقشات المؤتمر في يومه الأول الثلاثاء، فضلاً عن الخلاف مع حماس التي منعت كوادر فتح في القطاع من المشاركة في المؤتمر إلا بعد أن تفرج السلطة عن معتقليها في الضفة.
وتعاني فتح منذ نشأتها من معضلات تكوينية، من ضمنها غياب البنى المؤسسية والهيكلية التنظيمية، واحتكار القيادة (وبالتالي الزعيم) التقرير في شئونها وسياساتها، وتدنّي العلاقات الديمقراطية والحراك داخلها، والاستهتار بالعمل السياسي (والفكري) فيها.
وبحسب مراقبين فإنه يؤخذ على الحركة وزعيمها الحالي محمود عباس، والذي يوصف بأنه مهندس اتفاقية أوسلو، ميلها الشديد للتفاوض مع الاحتلال والبعد عن المقاومة المسلحة، رغم أن هذه المفاوضات لم تسفر عن أي تقدم على أرض الواقع، مما جعل البعض يتّهم الحركة بالتفريط في الحقوق الفلسطينية.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن بعض قيادتها تحاصرهم الاتهامات بشأن علاقاتهم بالكيان الصهيوني وتفريطهم الشديد في الحقوق الفلسطينية، وفي مقدمة هؤلاء مستشار الرئيس عباس السابق محمد دحلان الذي طالته اتهامات القدومي هو وعباس بالتآمر مع إسرائيل لاغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات.
ويشارك نحو 2300 مندوب في المؤتمر السادس الذي يُعقد لأول مرة في الأراضي المحتلة، ويستمر ثلاثة أيام في بيت لحم في الضفة الغربية، لانتخاب لجنة مركزية جديدة للحركة ومجلس ثوري، وتبني برنامج سياسي جديد.
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري أن "المؤتمر العام السادس لحركة فتح يشكل منعطفًا تاريخيًّا.. فإما أن تُجري الحركة الإصلاح والتجديد والتغيير المطلوب المبني على مراجعة التجربة السابقة واستخلاص العبر من الهزائم والإخفاقات.. أو أن تمضي في عملية الانهيار والتدهور والتشقق والتحوُّل إلى حزب سياسي للسلطة الفلسطينية قبل أن تُنجز مهمتها في التحرر الوطني".
وتوقع المصري أن "يخرج المؤتمر بصيغة غامضة لن تحسم الأمر بشكل قاطع.. فتح ستكون في حالة انتظار التطورات اللاحقة دوليًّا، حيث ستكون سياستها انتظارية وتجريبية، لكنها لن تكون قادرة على الفعل والتأثير".
بدوره توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس عبد المجيد سويلم "أن لا يخرج المؤتمر بوثيقة سياسية قادرة على توضيح معالم ومسار المرحلة المقبلة، لاسيما أن حركة فتح قادت النضال الفلسطيني عشرات السنين، ومطلوب منها ذلك، لكنها عاجزة الآن".
وقال: "هناك إشكالات داخلية عميقة، ولذلك ربما يخرج عن المؤتمر تعميم أو بيان سياسي دون برنامج واضح وعلني".
ويؤكد مشروع البرنامج السياسي لفتح الذي سيعرض على مؤتمرها العام السادس رفض الحركة الاعتراف بيهودية إسرائيل ورفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم، كما يؤكد المشروع "حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال بكل الإشكال وفق القانون الدولي، بما فيها الكفاح المسلح".
الخلاف مع حماس
ومن ضمن الملفات الساخنة التي تسيطر على مناقشات المؤتمر السادس لحركة فتح الذي ينعقد لمدة ثلاثة أيام، العلاقة مع حركة حماس في ظل رفض الأخيرة خروج كوادر الحركة في القطاع للضفة للمشاركة في المؤتمر، فقد شكَّل فوز حركة حماس عام 2006 بالانتخابات التشريعية وتشكيلها حكومة فلسطينية يرأسها إسماعيل هنية، بداية لفترة ممتدة من المواجهة بين حركتي فتح وحماس، بعد أن وجدت فتح نفسها بعيدة عن سلطة القرار الفلسطيني التي اعتادت عليها على مدى عقود.
وبدأت سلسلة الصراع حول الصلاحيات تطفو إلى السطح حتى قبل تشكيل الحكومة وتولِّي حماس مسؤوليتها، بعد أن اتخذ المجلس التشريعي في جلساته الأخيرة سلسلة من الإجراءات التي تدعم موقف الرئيس محمود عباس.
ووصل الصراع حول الصلاحيات إلى ذروته عندما قام وزير الداخلية سعيد صيام بإصدار قرار تشكيل قوة أمنية باسم القوة التنفيذية، وردًّا على ذلك أصدر عباس قرارًا اعتبر فيه القوة التنفيذية جهازًا غير قانوني.
وأسفر الوضع المتوتر بين حماس وفتح عن سقوط عدد من القتلى جراء الاشتباكات المستمرة طيلة عام 2006، وتدخلت وساطات لرأب الصدع بين الحركتين، سواء بواسطة حركات فلسطينية أو عبر تدخل الوفد الأمني المصري.
وحسب إحصائيات أعدتها الهيئة الفلسطينية لحقوق المواطن ونقلها التقرير الإستراتيجي الفلسطيني لسنة 2006 فإن عدد القتلى الذين سقطوا جراء المواجهات بلغ 322 شخصًا.
وازداد الوضع تأزُّمًا بين الحركتين عندما ألقى الرئيس عباس خطابًا يوم 16 يناير 2006 دعا فيه إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وهو ما اعتبرته حماس عملاً غير قانوني.
ويعتبر استهداف موكب رئيس الوزراء إسماعيل هنية أحد أهم محطات الاصطدام بين الحركتين، حيث اتهمت حماس علانية النائب عن فتح محمد دحلان بمحاولة اغتيال هنية خلال عملية إطلاق النار عند دخوله إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي.
وكان اتفاق مكة في فبراير 2007 إحدى المحطات التي التقت فيها الحركتان بحثًا عن نوع من الوفاق الوطني والتأكيد على حرمة الدم الفلسطيني، وضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات التي تحول دون إراقته، مع التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية.
ويقضي الاتفاق الذي وقَّعه الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق اتفاق تفصيلي معتمد بين الطرفين، والشروع في اتخاذ الإجراءات الدستورية لتشكيلها.
بيد أن محاولات التقارب بين الحركتين لم تفلح، خصوصًا بعد اتفاق مكة، لتصل العلاقة بينهما إلى ذروة التوتر بعد أن سيطرت حماس على غزة والمقرات التابعة للأمن في يونيو الماضي عقب اشتباكات دارت مع حركة فتح في القطاع حسمته حركة حماس لصالحها عسكريًّا في يونيو 2007، واعتبرته فتح انقلابًا على ما أسمته الشرعية الفلسطينية. وتستمر تداعيات الوضع في غزة في إثارة المواقف بين الطرفين.
فتح في سطور
وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، هي تنظيم فلسطيني نشأ في شهر أكتوبر عام 1957، وظل يعمل سرًّا حتى عام 1965، حين أذيع أن الراحل ياسر عرفات هو الناطق الإعلامي للحركة، وقد توافرت المعلومات عن التنظيم ومؤسسيه وقياداته وبرامجه وأفكاره وخططه وعمله من خلال نشاط التنظيم وبياناته وكتبه ووثائقه المنشورة، وكان لفتح جناح عسكري اسمه قوات العاصفة، أعلن بدء نشاطه في 1/1/1965 واعتبرت انطلاقة الرصاصة الأولى لقوات "العاصفة"، الذراع العسكري لفتح، بمثابة انطلاقة للثورة الفلسطينية المعاصرة بعد مرور سبعة عشر عامًا من النكبة الكبرى التي حلت بالفلسطينيين في مايو عام 1948.
وتعتبر حركة فتح أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتنتمي ليسار الوسط، وأول حركات المقاومة الفلسطينية، حيث لم يكن أي فصيل أو حركة فلسطينية قد وُجدت بعد (مثل حركة حماس، حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الجبهتين الشعبية والديموقراطية والصاعقة وجبهة التحرير العربية ).
وأسسها الرئيس ياسر عرفات ومجموعة من رفاقه في الكويت أمثال الشهيد القائد عضو اللجنة المركزية كمال عدوان والشهيد القائد أبو جهاد والشهيد القائد أبو إياد وغيرهم في نهاية الخمسينيات؛ من أجل تحرير فلسطين، وظل يشغل منصب القيادة فيها حتى وفاته في 2004.
بُعيد وفاة ياسر عرفات، تم تقسيم المنظمات التي كان يرأسها، حيث انتُخب محمود عباس خلفًا له في قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة طرحت فتح محمود عباس ليكون مرشحها لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية.
وتعتبر حركة فتح إحدى أبرز حركات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، لعبت حركة فتح دورًا رئيسًا في أحداث أيلول الأسود، والحرب الأهلية اللبنانية، كما أنها خاضت محادثات السلام في أوسلو وواشنطن، وتعتبر "منشئة" السلطة الوطنية الفلسطينية.
وقامت الحركة بالكثير من العمليات الاستشهادية التي رجت أركان الكيان الصهيوني، وكان أكثرها شهرةً على الإطلاق، عملية الشهيدة دلال المغربي، والتي نقلت من خلالها الحرب إلى قلب إسرائيل، كذلك اختطاف الفريق الإسرائيلي المشارك في أولمبياد ميونخ بألمانيا وقتلهم، في عملية هزت إسرائيل ودفعت جهاز استخباراتها لتتبع أعضاء منظمة "أيلول الأسود" المنفذة للعملية.
وتستند حركة فتح في مبادئها على أن فلسطين أرض للفلسطينيين جميعًا، وهي أرض عربية يجب على كل أبناء العروبة المشارَكة في تحريرها.
وتعتبر "العاصفة" الجناح العسكري الأقوى منذ 1965وحتى عام 1982، بعد ذلك برزت أجنحة متعددة لحركة فتح، منها كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح، التي بدأت نشاطاتها منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، بالإضافة إلى "جماعة الفهد الأسود" و"الجيش الشعبي" التي نشطت خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى
في أول مؤتمر لها منذ عشرين عامًا، تسعى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ـ التي تعاني من انقسامات وتشرذم تنظيمي، والتي أضعفتها هزيمتها أمام حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في صناديق الاقتراع وفي قطاع غزة ـ إلى انطلاقه جديدة تستعيد بها بريقها المقاوِم وصدارتها في مقاتلة الكيان الصهيوني، خاصة مع تأكيد رئيسها محمود عباس في افتتاح المؤتمر اليوم أن المقاومة مازالت أحد الخيارات المشروعة.
وواجهت حركة فتح اتهامات بالفساد والفلتان الأمني قبل أن تقرر السلطة محاربتهما بحزم في السنوات الأخيرة، ولا تسيطر الحركة، التي يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سوى على الضفة الغربية، كما أن نهجها السياسي الداعي لحل تفاوضي للنزاع مع إسرائيل بعد سنوات من الكفاح المسلح يفقد مصداقيته في غياب تحقيق أي تقدم في المفاوضات.
وتأججت الخلافات خلال الآونة الأخيرة بين الحرس القديم في فتح؛ عندما اتهم أمينها العام وأحد مؤسسيها فاروق القدومي علانيةً محمود عباس بالتآمر مع إسرائيل لقتل ياسر عرفات، وهي الاتهامات التي هيمنت على مناقشات المؤتمر في يومه الأول الثلاثاء، فضلاً عن الخلاف مع حماس التي منعت كوادر فتح في القطاع من المشاركة في المؤتمر إلا بعد أن تفرج السلطة عن معتقليها في الضفة.
وتعاني فتح منذ نشأتها من معضلات تكوينية، من ضمنها غياب البنى المؤسسية والهيكلية التنظيمية، واحتكار القيادة (وبالتالي الزعيم) التقرير في شئونها وسياساتها، وتدنّي العلاقات الديمقراطية والحراك داخلها، والاستهتار بالعمل السياسي (والفكري) فيها.
وبحسب مراقبين فإنه يؤخذ على الحركة وزعيمها الحالي محمود عباس، والذي يوصف بأنه مهندس اتفاقية أوسلو، ميلها الشديد للتفاوض مع الاحتلال والبعد عن المقاومة المسلحة، رغم أن هذه المفاوضات لم تسفر عن أي تقدم على أرض الواقع، مما جعل البعض يتّهم الحركة بالتفريط في الحقوق الفلسطينية.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن بعض قيادتها تحاصرهم الاتهامات بشأن علاقاتهم بالكيان الصهيوني وتفريطهم الشديد في الحقوق الفلسطينية، وفي مقدمة هؤلاء مستشار الرئيس عباس السابق محمد دحلان الذي طالته اتهامات القدومي هو وعباس بالتآمر مع إسرائيل لاغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات.
ويشارك نحو 2300 مندوب في المؤتمر السادس الذي يُعقد لأول مرة في الأراضي المحتلة، ويستمر ثلاثة أيام في بيت لحم في الضفة الغربية، لانتخاب لجنة مركزية جديدة للحركة ومجلس ثوري، وتبني برنامج سياسي جديد.
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري أن "المؤتمر العام السادس لحركة فتح يشكل منعطفًا تاريخيًّا.. فإما أن تُجري الحركة الإصلاح والتجديد والتغيير المطلوب المبني على مراجعة التجربة السابقة واستخلاص العبر من الهزائم والإخفاقات.. أو أن تمضي في عملية الانهيار والتدهور والتشقق والتحوُّل إلى حزب سياسي للسلطة الفلسطينية قبل أن تُنجز مهمتها في التحرر الوطني".
وتوقع المصري أن "يخرج المؤتمر بصيغة غامضة لن تحسم الأمر بشكل قاطع.. فتح ستكون في حالة انتظار التطورات اللاحقة دوليًّا، حيث ستكون سياستها انتظارية وتجريبية، لكنها لن تكون قادرة على الفعل والتأثير".
بدوره توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس عبد المجيد سويلم "أن لا يخرج المؤتمر بوثيقة سياسية قادرة على توضيح معالم ومسار المرحلة المقبلة، لاسيما أن حركة فتح قادت النضال الفلسطيني عشرات السنين، ومطلوب منها ذلك، لكنها عاجزة الآن".
وقال: "هناك إشكالات داخلية عميقة، ولذلك ربما يخرج عن المؤتمر تعميم أو بيان سياسي دون برنامج واضح وعلني".
ويؤكد مشروع البرنامج السياسي لفتح الذي سيعرض على مؤتمرها العام السادس رفض الحركة الاعتراف بيهودية إسرائيل ورفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم، كما يؤكد المشروع "حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال بكل الإشكال وفق القانون الدولي، بما فيها الكفاح المسلح".
الخلاف مع حماس
ومن ضمن الملفات الساخنة التي تسيطر على مناقشات المؤتمر السادس لحركة فتح الذي ينعقد لمدة ثلاثة أيام، العلاقة مع حركة حماس في ظل رفض الأخيرة خروج كوادر الحركة في القطاع للضفة للمشاركة في المؤتمر، فقد شكَّل فوز حركة حماس عام 2006 بالانتخابات التشريعية وتشكيلها حكومة فلسطينية يرأسها إسماعيل هنية، بداية لفترة ممتدة من المواجهة بين حركتي فتح وحماس، بعد أن وجدت فتح نفسها بعيدة عن سلطة القرار الفلسطيني التي اعتادت عليها على مدى عقود.
وبدأت سلسلة الصراع حول الصلاحيات تطفو إلى السطح حتى قبل تشكيل الحكومة وتولِّي حماس مسؤوليتها، بعد أن اتخذ المجلس التشريعي في جلساته الأخيرة سلسلة من الإجراءات التي تدعم موقف الرئيس محمود عباس.
ووصل الصراع حول الصلاحيات إلى ذروته عندما قام وزير الداخلية سعيد صيام بإصدار قرار تشكيل قوة أمنية باسم القوة التنفيذية، وردًّا على ذلك أصدر عباس قرارًا اعتبر فيه القوة التنفيذية جهازًا غير قانوني.
وأسفر الوضع المتوتر بين حماس وفتح عن سقوط عدد من القتلى جراء الاشتباكات المستمرة طيلة عام 2006، وتدخلت وساطات لرأب الصدع بين الحركتين، سواء بواسطة حركات فلسطينية أو عبر تدخل الوفد الأمني المصري.
وحسب إحصائيات أعدتها الهيئة الفلسطينية لحقوق المواطن ونقلها التقرير الإستراتيجي الفلسطيني لسنة 2006 فإن عدد القتلى الذين سقطوا جراء المواجهات بلغ 322 شخصًا.
وازداد الوضع تأزُّمًا بين الحركتين عندما ألقى الرئيس عباس خطابًا يوم 16 يناير 2006 دعا فيه إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وهو ما اعتبرته حماس عملاً غير قانوني.
ويعتبر استهداف موكب رئيس الوزراء إسماعيل هنية أحد أهم محطات الاصطدام بين الحركتين، حيث اتهمت حماس علانية النائب عن فتح محمد دحلان بمحاولة اغتيال هنية خلال عملية إطلاق النار عند دخوله إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي.
وكان اتفاق مكة في فبراير 2007 إحدى المحطات التي التقت فيها الحركتان بحثًا عن نوع من الوفاق الوطني والتأكيد على حرمة الدم الفلسطيني، وضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات التي تحول دون إراقته، مع التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية.
ويقضي الاتفاق الذي وقَّعه الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق اتفاق تفصيلي معتمد بين الطرفين، والشروع في اتخاذ الإجراءات الدستورية لتشكيلها.
بيد أن محاولات التقارب بين الحركتين لم تفلح، خصوصًا بعد اتفاق مكة، لتصل العلاقة بينهما إلى ذروة التوتر بعد أن سيطرت حماس على غزة والمقرات التابعة للأمن في يونيو الماضي عقب اشتباكات دارت مع حركة فتح في القطاع حسمته حركة حماس لصالحها عسكريًّا في يونيو 2007، واعتبرته فتح انقلابًا على ما أسمته الشرعية الفلسطينية. وتستمر تداعيات الوضع في غزة في إثارة المواقف بين الطرفين.
فتح في سطور
وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، هي تنظيم فلسطيني نشأ في شهر أكتوبر عام 1957، وظل يعمل سرًّا حتى عام 1965، حين أذيع أن الراحل ياسر عرفات هو الناطق الإعلامي للحركة، وقد توافرت المعلومات عن التنظيم ومؤسسيه وقياداته وبرامجه وأفكاره وخططه وعمله من خلال نشاط التنظيم وبياناته وكتبه ووثائقه المنشورة، وكان لفتح جناح عسكري اسمه قوات العاصفة، أعلن بدء نشاطه في 1/1/1965 واعتبرت انطلاقة الرصاصة الأولى لقوات "العاصفة"، الذراع العسكري لفتح، بمثابة انطلاقة للثورة الفلسطينية المعاصرة بعد مرور سبعة عشر عامًا من النكبة الكبرى التي حلت بالفلسطينيين في مايو عام 1948.
وتعتبر حركة فتح أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتنتمي ليسار الوسط، وأول حركات المقاومة الفلسطينية، حيث لم يكن أي فصيل أو حركة فلسطينية قد وُجدت بعد (مثل حركة حماس، حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الجبهتين الشعبية والديموقراطية والصاعقة وجبهة التحرير العربية ).
وأسسها الرئيس ياسر عرفات ومجموعة من رفاقه في الكويت أمثال الشهيد القائد عضو اللجنة المركزية كمال عدوان والشهيد القائد أبو جهاد والشهيد القائد أبو إياد وغيرهم في نهاية الخمسينيات؛ من أجل تحرير فلسطين، وظل يشغل منصب القيادة فيها حتى وفاته في 2004.
بُعيد وفاة ياسر عرفات، تم تقسيم المنظمات التي كان يرأسها، حيث انتُخب محمود عباس خلفًا له في قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة طرحت فتح محمود عباس ليكون مرشحها لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية.
وتعتبر حركة فتح إحدى أبرز حركات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، لعبت حركة فتح دورًا رئيسًا في أحداث أيلول الأسود، والحرب الأهلية اللبنانية، كما أنها خاضت محادثات السلام في أوسلو وواشنطن، وتعتبر "منشئة" السلطة الوطنية الفلسطينية.
وقامت الحركة بالكثير من العمليات الاستشهادية التي رجت أركان الكيان الصهيوني، وكان أكثرها شهرةً على الإطلاق، عملية الشهيدة دلال المغربي، والتي نقلت من خلالها الحرب إلى قلب إسرائيل، كذلك اختطاف الفريق الإسرائيلي المشارك في أولمبياد ميونخ بألمانيا وقتلهم، في عملية هزت إسرائيل ودفعت جهاز استخباراتها لتتبع أعضاء منظمة "أيلول الأسود" المنفذة للعملية.
وتستند حركة فتح في مبادئها على أن فلسطين أرض للفلسطينيين جميعًا، وهي أرض عربية يجب على كل أبناء العروبة المشارَكة في تحريرها.
وتعتبر "العاصفة" الجناح العسكري الأقوى منذ 1965وحتى عام 1982، بعد ذلك برزت أجنحة متعددة لحركة فتح، منها كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح، التي بدأت نشاطاتها منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، بالإضافة إلى "جماعة الفهد الأسود" و"الجيش الشعبي" التي نشطت خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى
تعليق