أوباما الخليفة الراشدي السادس
بقلم : صلاح صبحية
أوباما القادم إلينا عبر المحيط ، يلبس في يديه قفازاً من حرير، تنـّشد إليه وهو يتحدّث ،وقف في القاهرة عاصمة العرب وألقى علينا دروساً في الفضيلة والأخلاق والقيم ،كأنه الخليفة الراشدي السادس ، بل جعل من نفسه فقهياً في كل الديانات السماوية ، واعظاً لشعوب العالم عامة ولشعبنا الفلسطيني خاصة ، يعظ الشعوب مستشهداً بالقرآن والإنجيل والتوارة ، ويريد أوباما منا وانطلاقاً من أن الله جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف فيما بيننا، وبالتالي علينا أن نعترف ونقر بأن اليهود يشكلون شعباً له أصوله وثراته التاريخي ، ويستحق أن يكون لهم دولة نعترف بحق الوجود لها على أرض فلسطين ، بل راح أوباما وبشكل غير مباشر يعزف على وتر الخلاف الفلسطيني الفلسطيني عندما طلب من حركة حماس الاعتراف بحق الوجود بدولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وكأنه يقول لحماس أن حركة فتح قد اعترفت بحق الوجود بدولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، بينما لا يطلب من الكيان الصهيوني أن يعترف بحق الوجود بالدولة الفلسطينية وهو يتحدث عن حل الدولتين ، فأي حل هذا الذي يريده الرئيس أوباما ، هل هو الإقرار من الطرف الفلسطيني بحق الوجود للطرف الصهيوني على أرض فلسطين بينما لا إقرار من الطرف الصهيوني بحق الوجود للطرف الفلسطيني على أرض فلسطين ، إنه يطالب الضحية بأن تستسلم لقاتلها ، وبلغة ناعمة لينة هادئة يتكلم عن الاستيطان بأنه يعيق التوصل إلى حل الدولتين ، أنها لغة عتاب للطرف الصهيوني على بناء المستوطنات في أرض الضفة الغربية ، وليست لغة قوة وحزم تطالب بانهاء وإزالة الاستيطان من أرض الدولة الفلسطينية ، أما اللاجئين فيذكر أوباما معاناتهم دون أن يكون لهم الحق بالعودة إلى أرضهم وديارهم التي أخرجوا منها عام 1948 ، بل نسي أوباما أنه لا حلّ ولا تسوية للقضية الفلسطينية دون الإقرار بحقوق اللاجئين الفلسطينيين حتى ولو نُفذ حل الدولتين ، تناسى الرئيس الأمريكي أوباما حقيقة الصراع فوق أرض فلسطين وذلك لسبب بسيط وهو أن أوباما لايفكر إلاّ بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في منطقتنا ، ولأنه لا يفكر إلاّ بمصالحه الخاصة والتي لا يمكن تنفيذها إلاّ على حساب مصالح الآخرين اعتبر مقاومة الاحتلال عنفاً لايجدي نفعاً ، ولأن أوباما ليس من أصل أمريكي نسي حتى التاريخ الأمريكي ، ونسي حرب التحرير الأمريكية ، ونسي المقاومة الأمريكية للاحتلال البريطاني لأمريكا ، ونسي سبب تسمية عاصمته باسمها واشنطن ،إن مقاومة الاحتلال في نظر أوباما ليست شجاعة وإنما هي قتل للأطفال والنساء الصهاينة ، ونسي دماء أطفال ونساء وشيوخ شعبنا في غزة التي لم تجف بعد ، نسي الدمار الذي فعله الصهاينة في غزة ، ولم يلحظ أوباما الحصار المفروض على شعبنا في الضفة والقطاع وفي الجليل والمثلث والنقب ، لم يلحظ معاناة الشعب الفلسطيني بشكل واضح وجلي ، ولكنه طالب هذا الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال أن يعترف بحق الوجدود لقاتله ولمن يحتل أرضه ويدمر بنيته التحتية ويزج بآلاف الشباب الفلسطيني بالأسر ، أنه أوباما الذي يتكلم إلينا بلغة معسولة ، فقد صفقنا له وهللنا له وقلنا أن ما قاله أوباما لغة جديدة وجيدة ، فهل أصبح أوباما الذي تكلم عن صلاة الأنبياء في ليلة الإسراء نبي هذا العصر ، أو كحد أدنى أصبح الخليفة الراشدي السادس ، وهو يتكلم عن حقوق الشعوب والأفراد ، وهو مقابل ذلك يتكلم عن المشروع النووي الإيراني ناسياً مفاعل ديمونا النووي الصهيوني وكأن ايران تريد الحرب والكيان الصهيوني يريد السلام ، مفارقة عجيبة غريبة ، ما هو حق للولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني هو محرّم على العالم العربي والعالم الإسلامي ، أن أوباما لايريد العربي القوي ولا المسلم القوي ، يريد من العربي ومن المسلم الخنوع والذل والهوان ، لايريد أن يرى عربيا أو مسلماً قوياً ، يريد من هذا العربي ومن هذا المسلم أن يكون عبداً في بلاط السيد الأمريكي الصهيوني 0
أوباما لا يختلف عن أي رئيس أمريكي ، لأن كل رئيس أمريكي يعمل على تنفيذ السياسة الأمريكية الخارجية التي مضمونها الأول والأخير الهيمنة على شعوب العالم ومقدراتها ، أوباما لا يختلف عن بوش إلا بالأسلوب الخطابي وبالنهج الإعلامي ، بقدر ماكان بوش يريد القضاء على العراق والهيمنة عليه باستعمال أسلوب القوة والعنف ، يريد أوباما اليوم القضاء على الوطن العربي والهيمنة عليه بشكل كامل باستعمال أسلوب القفازات الحريرية ، وّإذا كان بوش قد استخدم المشرط في غرفة عملياته فأن أوباما يستخدم المنظار في نفس غرفة عمليات بوش ، أنه أشبه بالاختلاف في أسلوب التدريس بين المدّرسين الذين يدّرسون نفس المنهاج ، فهذا مدّرس يحبه طلابه وذاك مدّرس يكرهه طلابه مع أن كلاهما يريد أن يحقق أهداف الدرس 0
آما آن الأوان لنا نحن العرب عامة والفلسطينيون خاصة أن لا نُلدغ للمرة المليون من قبل الأفعى الأمريكية ، وأن ندرك جيداً أن الأمريكي لا يمكن أن يكون حليفاً لنا ، أن الأمريكي هو صاحب المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني على أرض فلسطين ، وبالتالي هو العدو الرئيس لنا 0
أما آن الآوان لنا أن نعود إلى وعينا ، إلى رشدنا ، إلى حقوقنا لنحافظ عليها ونقبض عليها كما القابض على الجمر في هذا الزمن الرديء 0
حمص في 4/6/2009 صلاح صبحية
بقلم : صلاح صبحية
أوباما القادم إلينا عبر المحيط ، يلبس في يديه قفازاً من حرير، تنـّشد إليه وهو يتحدّث ،وقف في القاهرة عاصمة العرب وألقى علينا دروساً في الفضيلة والأخلاق والقيم ،كأنه الخليفة الراشدي السادس ، بل جعل من نفسه فقهياً في كل الديانات السماوية ، واعظاً لشعوب العالم عامة ولشعبنا الفلسطيني خاصة ، يعظ الشعوب مستشهداً بالقرآن والإنجيل والتوارة ، ويريد أوباما منا وانطلاقاً من أن الله جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف فيما بيننا، وبالتالي علينا أن نعترف ونقر بأن اليهود يشكلون شعباً له أصوله وثراته التاريخي ، ويستحق أن يكون لهم دولة نعترف بحق الوجود لها على أرض فلسطين ، بل راح أوباما وبشكل غير مباشر يعزف على وتر الخلاف الفلسطيني الفلسطيني عندما طلب من حركة حماس الاعتراف بحق الوجود بدولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وكأنه يقول لحماس أن حركة فتح قد اعترفت بحق الوجود بدولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، بينما لا يطلب من الكيان الصهيوني أن يعترف بحق الوجود بالدولة الفلسطينية وهو يتحدث عن حل الدولتين ، فأي حل هذا الذي يريده الرئيس أوباما ، هل هو الإقرار من الطرف الفلسطيني بحق الوجود للطرف الصهيوني على أرض فلسطين بينما لا إقرار من الطرف الصهيوني بحق الوجود للطرف الفلسطيني على أرض فلسطين ، إنه يطالب الضحية بأن تستسلم لقاتلها ، وبلغة ناعمة لينة هادئة يتكلم عن الاستيطان بأنه يعيق التوصل إلى حل الدولتين ، أنها لغة عتاب للطرف الصهيوني على بناء المستوطنات في أرض الضفة الغربية ، وليست لغة قوة وحزم تطالب بانهاء وإزالة الاستيطان من أرض الدولة الفلسطينية ، أما اللاجئين فيذكر أوباما معاناتهم دون أن يكون لهم الحق بالعودة إلى أرضهم وديارهم التي أخرجوا منها عام 1948 ، بل نسي أوباما أنه لا حلّ ولا تسوية للقضية الفلسطينية دون الإقرار بحقوق اللاجئين الفلسطينيين حتى ولو نُفذ حل الدولتين ، تناسى الرئيس الأمريكي أوباما حقيقة الصراع فوق أرض فلسطين وذلك لسبب بسيط وهو أن أوباما لايفكر إلاّ بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في منطقتنا ، ولأنه لا يفكر إلاّ بمصالحه الخاصة والتي لا يمكن تنفيذها إلاّ على حساب مصالح الآخرين اعتبر مقاومة الاحتلال عنفاً لايجدي نفعاً ، ولأن أوباما ليس من أصل أمريكي نسي حتى التاريخ الأمريكي ، ونسي حرب التحرير الأمريكية ، ونسي المقاومة الأمريكية للاحتلال البريطاني لأمريكا ، ونسي سبب تسمية عاصمته باسمها واشنطن ،إن مقاومة الاحتلال في نظر أوباما ليست شجاعة وإنما هي قتل للأطفال والنساء الصهاينة ، ونسي دماء أطفال ونساء وشيوخ شعبنا في غزة التي لم تجف بعد ، نسي الدمار الذي فعله الصهاينة في غزة ، ولم يلحظ أوباما الحصار المفروض على شعبنا في الضفة والقطاع وفي الجليل والمثلث والنقب ، لم يلحظ معاناة الشعب الفلسطيني بشكل واضح وجلي ، ولكنه طالب هذا الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال أن يعترف بحق الوجدود لقاتله ولمن يحتل أرضه ويدمر بنيته التحتية ويزج بآلاف الشباب الفلسطيني بالأسر ، أنه أوباما الذي يتكلم إلينا بلغة معسولة ، فقد صفقنا له وهللنا له وقلنا أن ما قاله أوباما لغة جديدة وجيدة ، فهل أصبح أوباما الذي تكلم عن صلاة الأنبياء في ليلة الإسراء نبي هذا العصر ، أو كحد أدنى أصبح الخليفة الراشدي السادس ، وهو يتكلم عن حقوق الشعوب والأفراد ، وهو مقابل ذلك يتكلم عن المشروع النووي الإيراني ناسياً مفاعل ديمونا النووي الصهيوني وكأن ايران تريد الحرب والكيان الصهيوني يريد السلام ، مفارقة عجيبة غريبة ، ما هو حق للولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني هو محرّم على العالم العربي والعالم الإسلامي ، أن أوباما لايريد العربي القوي ولا المسلم القوي ، يريد من العربي ومن المسلم الخنوع والذل والهوان ، لايريد أن يرى عربيا أو مسلماً قوياً ، يريد من هذا العربي ومن هذا المسلم أن يكون عبداً في بلاط السيد الأمريكي الصهيوني 0
أوباما لا يختلف عن أي رئيس أمريكي ، لأن كل رئيس أمريكي يعمل على تنفيذ السياسة الأمريكية الخارجية التي مضمونها الأول والأخير الهيمنة على شعوب العالم ومقدراتها ، أوباما لا يختلف عن بوش إلا بالأسلوب الخطابي وبالنهج الإعلامي ، بقدر ماكان بوش يريد القضاء على العراق والهيمنة عليه باستعمال أسلوب القوة والعنف ، يريد أوباما اليوم القضاء على الوطن العربي والهيمنة عليه بشكل كامل باستعمال أسلوب القفازات الحريرية ، وّإذا كان بوش قد استخدم المشرط في غرفة عملياته فأن أوباما يستخدم المنظار في نفس غرفة عمليات بوش ، أنه أشبه بالاختلاف في أسلوب التدريس بين المدّرسين الذين يدّرسون نفس المنهاج ، فهذا مدّرس يحبه طلابه وذاك مدّرس يكرهه طلابه مع أن كلاهما يريد أن يحقق أهداف الدرس 0
آما آن الأوان لنا نحن العرب عامة والفلسطينيون خاصة أن لا نُلدغ للمرة المليون من قبل الأفعى الأمريكية ، وأن ندرك جيداً أن الأمريكي لا يمكن أن يكون حليفاً لنا ، أن الأمريكي هو صاحب المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني على أرض فلسطين ، وبالتالي هو العدو الرئيس لنا 0
أما آن الآوان لنا أن نعود إلى وعينا ، إلى رشدنا ، إلى حقوقنا لنحافظ عليها ونقبض عليها كما القابض على الجمر في هذا الزمن الرديء 0
حمص في 4/6/2009 صلاح صبحية
تعليق