رحلة عذاب لأم وبناتها... أبطالها الأب وزوجته
كتبت- فلسطين عبد الكريم.
امرأة في الخمسينات من عمرها .. من نظر إليها وجد الحنان ينطق من عينيها، ومن تأملها رأى الحب يخترق قلب من جالسها ، معظم الفتيات بغزة يتمنين أن تكون بديلاً عن أمهاتهن أو على الأقل مثلها.
الحاجة مريم تعيش في بيت لايوجد فيه أي معنى للسكن الصحي، من ألقى نظرة بداخله قال بأن أصحاب البيت يعدون أنفسهم للرحيل ، فهنا قطع من الخشب متناثرة وهناك حديد وأكياس من السكر تتشكل على هيئة ستار من أعين الجيران كون البيوت المحيطة مرتفعة عن منزلها الأرضي .
وبالرغم من أنها زوجة من ضمن ثلاث زوجات وتحملت غلاظتهن ومكرهن وتنكر زوجها لها ، وكأنها ليست زوجته أو تقطن معه بالبيت ، وعلى ذلك تقول :" صحيح أن الحياة كانت قاسية عليّ وشديدة السواد ، إلا أنني قمت بتربية بناتي الأربع خير تربية وكنت لهن بمثابة الملجأ والحماية من غدر زوجات الأب" .
وأضافت بتنهيدة المغلوب على أمره:"في بداية زواجي كان زوجي طيباً ..واذا قلت:"آه يارأسي"يبكي لرؤيتي أتوجع ، لقد كنت أسانده في السراء و الضراء وكان يحب بناته لدرجة أنه قال يوماً: بناتي لن ألبسهن الذهب في أيديهن ولكن في أرجلهن أيضاً" ولكن يبدو أن لاأحد يدرك معنى أن تكون في البيت ضرائر .." الله لايذوقها لأحد".
وتتابع بلهجة حزينة:"بنات الحرام تكالبن على زوجي وأوعزن إليه بالزواج من أخرى تنجب له ولد يحمل إسمه ، وبعد زواجه حزنت كثيراً وغادرت بيت الزوجية إلى بيت أهلي لكنني عدت بعد عدة أشهر لأنني لم أرد أن أحرم بناتي الحنان، واستطردت قائلة :" وجودي في بيت أهلي سبَب لي الكثير من المشاكل خاصة إذا ما كانت تتعلق بخناقات الأطفال".
وتعود لتكمل حديثها بعد تنهيدة أثقلت صدرها:" بعد عودتي لبيت زوجي التي قاسمتني فيه الزوجة الأخرى ..صبرت وتحملت لكن الطيب في هذا الزمن ليس له مكان ، لقد افتعلت الزوجة الثانية الكثير من المشاكل لي إلى حد سرقة بعض أغراضي واتهامي بدلاً منها وللأسف زوجي كان يسايرها، وفي كل مرة كنت أقول:"اصبري يابنت ..الله مابنسى حد..علشان البنات كله يهون".
وهنا تقاطعها ابنتها غادة لتقول:" كنت أعمل سكرتيرة لدى أحد المحامين، وذات يوم وبينما كان البيت خالياً من أهلي استفردت بي زوجة أبي عندما أوشكت على الخروج لعملي وقامت بتثبيتي إلى الشارع كمن يجر حماراً أمام أعين الجيران والمارة وشباب الحارة ، وتتوقف غادة لتتابع حديثها بعد أن تجمدت الدموع في عينيها :" لقد تبهدلت كثيراً لأن زوجة أبي " الله ينتقم منها " كشفت عن رأسي وطرحتني أرضاً والجميع يتفرج وكأنهم يشاهدون مسلسل على التليفزيون ، ولم يستطع أحد تخليصي منها ..حتى انفلتت من قبضتها بعد أن تركت على وجهي آثار أظافرها الحادة، وترفع غادة صوتها بالقول:" والله لن أسامح أبي ...لن أسامحه"، وعندما سألتها عن سبب تلفظها بذلك أجابت:" بعد ماحدث رأتني دورية شرطة وذهبت معهم للمركز وعملوا محضراً وقاموا باستدعاء زوجة أبي ولكن والدي حضر للمركز وقال بأنه سيكون" امرأة" اذا أعادها للبيت مرة أخرى فتنازلت عن المحضر، وتضيف غادة: بالرغم من أقوال والدي إلا أنه أعادها للبيت وكأن شيئا ما لم يكن ، وتتساءل :"إنها مأساة أن يكون والدك كذلك ".
وتعد غادة الابنة الأولى للحاجة مريم والتي تزوجت من رجل يكبرها بعشر سنوات ومتزوج من أخرى؛ وتضيف غادة :" مادفعني للزواج من رجل متزوج من أخرى كي أهرب من الجحيم الذي كنت أعيشه ، فوالدي لم يكن يعترف بنا وكأننا لانعيش معه في البيت ، وبالرغم من أنني رفضت العديد ممن تقدموا لخطبتي ، ولكن "هذا مقدر ومكتوب" وزوجي يعرف ماحدث معي ويريد تعويضي حنان والدي".
من جانب آخر قالت الإبنة الأخرى للحاجة مريم وتدعى سامية:" قصتي مع والدي الذي قام بتزويجي من ابن عمي دون علمي حيث تمت خطبتي وعقد قراني في ثلاثة أيام ،و بالرغم من حياة الذل والإكراه التي عشتها إلا أنني تحملت أسوة بوالدتي "،وتابعت:" عمي وزوجته ارتكبوا بحقي الفظائع ..لقد مارسوا الدجل إلى حد إثارة جنوني ، وقمت بأشياء كثيرة لم أدركها لدرجة الهروب من البيت عبر سور الجيران الذين أشفقوا عليَ ، وكنت أتخيل عمي يحمل سكيناً بيده ويريد قتلي بمساعدة زوجته".
وعن دور زوجها بهذا كله ردت بابتسامة ساخرة:"ياحسرة على زوجي..كان يسمع كلام أمه ويضربني بدون وجه حق كي يرضيها بالرغم من كوني في الشهر الأخير من الحمل، ورغم ذلك كنت أنا من أتحمل عناء البيت في وجود أكثر من عشر بنات لعمي ؛ لم تكن واحدة منهن لتكلف نفسها وتساعدني "، وكانت سامية قد تركت طفلها وأعطته لوالده الذي لم يكلف نفسه لزيارتها بعد أن أنجبته في بيت أهلها.
وعلى ذلك تقول:" لقد أنجبت طفلي وأعطيته لوالده حتى لا أصاب بالجنون مرة أخرى عندما يأخذونه مستقبلاً "، لقد طلبت الطلاق من زوجي الذي لم يعطيني حريتي إلا بعد أن وضع في جيبه 800دينار أردني .
وتنظر سامية إلى زوجها الحالي وكان يجلس بقربها منصتاً لحديثها ثم تقول:"الحمد لله ..الله مابنسى عبيده ..لقد رزقت برجل طيب وحنون؛ وأعيش حياتي معه وأبنائي بكل رضا رغم ضيق الحال أحياناً ".
ويأتي دور الأخت الثالثة عبير لتروي معاناتها قائلة:"عندما كنت صغيرة لم يكن أحد يميز بيني وبين الولد ، حيث عملت مع والدي في معمل للحجارة ، وكنت أقوم بنقلها من الطابق الأرضي حتى الطابق الرابع دون أن يراعي والدي صغر سني ، أو تواجدي بين عدد من الرجال ممن هم في مثل سنه، وأضافت: " لقد كبرت الآن وتزوجت من رجل لم أرده أبداً ورفضته بالرغم من عقد قراني عليه لأنه يعاني من مرض نفسي مزمن أخفاه عني، ولكن والدي أجبرني على الزواج به خوفاً من حديث الناس ، وتقول عبير بأن زوجها لم يعمل منذ ارتباطها به من حوالي 12سنة، وعندما تطالبه بالبحث عن عمل أياً كان يفتعل لها المشاكل دون أن يتدخل والدها الذي زجَ بها إلى هذا السجن المظلم حسب تعبيرها.
وتصمت برهة ثم تتساءل وعلامات الأسى ترتسم على وجهها:"لدي سبعة أطفال فمن لهم ..ماذنبي ياربي ليحدث معي هكذا؟؟ " الله لايسامح اللي كان السبب في هالزواج" وتقصد والدها.
وتتدخل والدتها وكأنها تريد تخفيف اللوم عن زوجها بالقول:" أنا اللي شفته ماحد شافه ..والواحد لازم يتحمل..هكذا االدنيا"، وتوجه حديثهالابنتها الجالسة بالقرب منها:"أبوك طيب، لكن زوجته الثانية هي الثعبان كونها تفتعل المشاكل حتى للزوجة الثالثة التي وصفتها الحاجة مريم بأنها طيبة ومسكينة مقارنة بالزوجة الثانية ، حيث أن الأخيرة كثيرة المشاكل كونها لاتنجب أطفالاً منذ زواجها ، ولكن الذي يحرم من الأطفال يجب أن يحبهم لا أن يؤذيهم ".
وتضحك مريم لتخفف من علامات الدهشة والحزن بقولها:" زوجة الأب نقمة من الرب ...لابتحب ولابتنحب"
وتضيف : "لما أكون مهمومة لا أقول يارب عندي هم كبير ولكن ياهم عندي رب كبير".
كتبت- فلسطين عبد الكريم.
امرأة في الخمسينات من عمرها .. من نظر إليها وجد الحنان ينطق من عينيها، ومن تأملها رأى الحب يخترق قلب من جالسها ، معظم الفتيات بغزة يتمنين أن تكون بديلاً عن أمهاتهن أو على الأقل مثلها.
الحاجة مريم تعيش في بيت لايوجد فيه أي معنى للسكن الصحي، من ألقى نظرة بداخله قال بأن أصحاب البيت يعدون أنفسهم للرحيل ، فهنا قطع من الخشب متناثرة وهناك حديد وأكياس من السكر تتشكل على هيئة ستار من أعين الجيران كون البيوت المحيطة مرتفعة عن منزلها الأرضي .
وبالرغم من أنها زوجة من ضمن ثلاث زوجات وتحملت غلاظتهن ومكرهن وتنكر زوجها لها ، وكأنها ليست زوجته أو تقطن معه بالبيت ، وعلى ذلك تقول :" صحيح أن الحياة كانت قاسية عليّ وشديدة السواد ، إلا أنني قمت بتربية بناتي الأربع خير تربية وكنت لهن بمثابة الملجأ والحماية من غدر زوجات الأب" .
وأضافت بتنهيدة المغلوب على أمره:"في بداية زواجي كان زوجي طيباً ..واذا قلت:"آه يارأسي"يبكي لرؤيتي أتوجع ، لقد كنت أسانده في السراء و الضراء وكان يحب بناته لدرجة أنه قال يوماً: بناتي لن ألبسهن الذهب في أيديهن ولكن في أرجلهن أيضاً" ولكن يبدو أن لاأحد يدرك معنى أن تكون في البيت ضرائر .." الله لايذوقها لأحد".
وتتابع بلهجة حزينة:"بنات الحرام تكالبن على زوجي وأوعزن إليه بالزواج من أخرى تنجب له ولد يحمل إسمه ، وبعد زواجه حزنت كثيراً وغادرت بيت الزوجية إلى بيت أهلي لكنني عدت بعد عدة أشهر لأنني لم أرد أن أحرم بناتي الحنان، واستطردت قائلة :" وجودي في بيت أهلي سبَب لي الكثير من المشاكل خاصة إذا ما كانت تتعلق بخناقات الأطفال".
وتعود لتكمل حديثها بعد تنهيدة أثقلت صدرها:" بعد عودتي لبيت زوجي التي قاسمتني فيه الزوجة الأخرى ..صبرت وتحملت لكن الطيب في هذا الزمن ليس له مكان ، لقد افتعلت الزوجة الثانية الكثير من المشاكل لي إلى حد سرقة بعض أغراضي واتهامي بدلاً منها وللأسف زوجي كان يسايرها، وفي كل مرة كنت أقول:"اصبري يابنت ..الله مابنسى حد..علشان البنات كله يهون".
وهنا تقاطعها ابنتها غادة لتقول:" كنت أعمل سكرتيرة لدى أحد المحامين، وذات يوم وبينما كان البيت خالياً من أهلي استفردت بي زوجة أبي عندما أوشكت على الخروج لعملي وقامت بتثبيتي إلى الشارع كمن يجر حماراً أمام أعين الجيران والمارة وشباب الحارة ، وتتوقف غادة لتتابع حديثها بعد أن تجمدت الدموع في عينيها :" لقد تبهدلت كثيراً لأن زوجة أبي " الله ينتقم منها " كشفت عن رأسي وطرحتني أرضاً والجميع يتفرج وكأنهم يشاهدون مسلسل على التليفزيون ، ولم يستطع أحد تخليصي منها ..حتى انفلتت من قبضتها بعد أن تركت على وجهي آثار أظافرها الحادة، وترفع غادة صوتها بالقول:" والله لن أسامح أبي ...لن أسامحه"، وعندما سألتها عن سبب تلفظها بذلك أجابت:" بعد ماحدث رأتني دورية شرطة وذهبت معهم للمركز وعملوا محضراً وقاموا باستدعاء زوجة أبي ولكن والدي حضر للمركز وقال بأنه سيكون" امرأة" اذا أعادها للبيت مرة أخرى فتنازلت عن المحضر، وتضيف غادة: بالرغم من أقوال والدي إلا أنه أعادها للبيت وكأن شيئا ما لم يكن ، وتتساءل :"إنها مأساة أن يكون والدك كذلك ".
وتعد غادة الابنة الأولى للحاجة مريم والتي تزوجت من رجل يكبرها بعشر سنوات ومتزوج من أخرى؛ وتضيف غادة :" مادفعني للزواج من رجل متزوج من أخرى كي أهرب من الجحيم الذي كنت أعيشه ، فوالدي لم يكن يعترف بنا وكأننا لانعيش معه في البيت ، وبالرغم من أنني رفضت العديد ممن تقدموا لخطبتي ، ولكن "هذا مقدر ومكتوب" وزوجي يعرف ماحدث معي ويريد تعويضي حنان والدي".
من جانب آخر قالت الإبنة الأخرى للحاجة مريم وتدعى سامية:" قصتي مع والدي الذي قام بتزويجي من ابن عمي دون علمي حيث تمت خطبتي وعقد قراني في ثلاثة أيام ،و بالرغم من حياة الذل والإكراه التي عشتها إلا أنني تحملت أسوة بوالدتي "،وتابعت:" عمي وزوجته ارتكبوا بحقي الفظائع ..لقد مارسوا الدجل إلى حد إثارة جنوني ، وقمت بأشياء كثيرة لم أدركها لدرجة الهروب من البيت عبر سور الجيران الذين أشفقوا عليَ ، وكنت أتخيل عمي يحمل سكيناً بيده ويريد قتلي بمساعدة زوجته".
وعن دور زوجها بهذا كله ردت بابتسامة ساخرة:"ياحسرة على زوجي..كان يسمع كلام أمه ويضربني بدون وجه حق كي يرضيها بالرغم من كوني في الشهر الأخير من الحمل، ورغم ذلك كنت أنا من أتحمل عناء البيت في وجود أكثر من عشر بنات لعمي ؛ لم تكن واحدة منهن لتكلف نفسها وتساعدني "، وكانت سامية قد تركت طفلها وأعطته لوالده الذي لم يكلف نفسه لزيارتها بعد أن أنجبته في بيت أهلها.
وعلى ذلك تقول:" لقد أنجبت طفلي وأعطيته لوالده حتى لا أصاب بالجنون مرة أخرى عندما يأخذونه مستقبلاً "، لقد طلبت الطلاق من زوجي الذي لم يعطيني حريتي إلا بعد أن وضع في جيبه 800دينار أردني .
وتنظر سامية إلى زوجها الحالي وكان يجلس بقربها منصتاً لحديثها ثم تقول:"الحمد لله ..الله مابنسى عبيده ..لقد رزقت برجل طيب وحنون؛ وأعيش حياتي معه وأبنائي بكل رضا رغم ضيق الحال أحياناً ".
ويأتي دور الأخت الثالثة عبير لتروي معاناتها قائلة:"عندما كنت صغيرة لم يكن أحد يميز بيني وبين الولد ، حيث عملت مع والدي في معمل للحجارة ، وكنت أقوم بنقلها من الطابق الأرضي حتى الطابق الرابع دون أن يراعي والدي صغر سني ، أو تواجدي بين عدد من الرجال ممن هم في مثل سنه، وأضافت: " لقد كبرت الآن وتزوجت من رجل لم أرده أبداً ورفضته بالرغم من عقد قراني عليه لأنه يعاني من مرض نفسي مزمن أخفاه عني، ولكن والدي أجبرني على الزواج به خوفاً من حديث الناس ، وتقول عبير بأن زوجها لم يعمل منذ ارتباطها به من حوالي 12سنة، وعندما تطالبه بالبحث عن عمل أياً كان يفتعل لها المشاكل دون أن يتدخل والدها الذي زجَ بها إلى هذا السجن المظلم حسب تعبيرها.
وتصمت برهة ثم تتساءل وعلامات الأسى ترتسم على وجهها:"لدي سبعة أطفال فمن لهم ..ماذنبي ياربي ليحدث معي هكذا؟؟ " الله لايسامح اللي كان السبب في هالزواج" وتقصد والدها.
وتتدخل والدتها وكأنها تريد تخفيف اللوم عن زوجها بالقول:" أنا اللي شفته ماحد شافه ..والواحد لازم يتحمل..هكذا االدنيا"، وتوجه حديثهالابنتها الجالسة بالقرب منها:"أبوك طيب، لكن زوجته الثانية هي الثعبان كونها تفتعل المشاكل حتى للزوجة الثالثة التي وصفتها الحاجة مريم بأنها طيبة ومسكينة مقارنة بالزوجة الثانية ، حيث أن الأخيرة كثيرة المشاكل كونها لاتنجب أطفالاً منذ زواجها ، ولكن الذي يحرم من الأطفال يجب أن يحبهم لا أن يؤذيهم ".
وتضحك مريم لتخفف من علامات الدهشة والحزن بقولها:" زوجة الأب نقمة من الرب ...لابتحب ولابتنحب"
وتضيف : "لما أكون مهمومة لا أقول يارب عندي هم كبير ولكن ياهم عندي رب كبير".
تعليق