إعـــــــلان

تقليص

قوانين منتديات أحلى قلب

قوانين خاصة بالتسجيل
  • [ يمنع ] التسجيل بأسماء مخلة للآداب أو مخالفة للدين الإسلامي أو مكررة أو لشخصيات معروفة.
  • [ يمنع ] وضع صور النساء والصور الشخصية وإن كانت في تصاميم أو عروض فلاش.
  • [ يمنع ] وضع روابط لايميلات الأعضاء.
  • [ يمنع ] وضع أرقام الهواتف والجوالات.
  • [ يمنع ] وضع روابط الأغاني أو الموسيقى في المنتدى .
  • [ يمنع ] التجريح في المواضيع أو الردود لأي عضو ولو كان لغرض المزح.
  • [ يمنع ] كتابة إي كلمات غير لائقة ومخلة للآداب.
  • [ يمنع ] نشر عناوين أو وصلات وروابط لمواقع فاضحة أو صور أو رسائل خاصة لا تتناسب مــع الآداب العامة.
  • [ يمنع ] الإعــلان في المنتدى عن أي منتج أو موقع دون الرجوع للإدارة.

شروط المشاركة
  • [ تنويه ]الإلتزام بتعاليم الشريعة الاسلامية ومنهج "اهل السنة والجماعة" في جميع مواضيع المنتدى وعلى جميع الإخوة أن يتقوا الله فيما يكتبون متذكرين قول المولى عز وجل ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
    وأن يكون هدف الجميع هو قول الله سبحانه وتعالى (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت).
  • [ يمنع ] الكتابة عما حرم الله عز وجل وسنة النبي محمد صلي الله عليه وسلم .
  • [ يمنع ] التعرض لكل ما يسىء للديانات السماوية أي كانت أو ما يسيء لسياسات الدول .
  • [ يمنع ] عرض الإيميلات في المواضيع والردود .
  • [ يمنع ] التدخل في شؤون إدارة الموقع سواء في قراراتها أو صلاحيتها أو طريقة سياستها .
  • [ يمنع ] الإستهزاء بالمشرفين أو الإدارة بمجملها .
  • [ يمنع ] التعرض لأي شخص بالإهانة أو الإيذاء أو التشهير أو كتابة ما يتعارض مع القوانين المتعارف عليها .
  • [ يمنع ] التسجيل في المنتديات لهدف طرح إعلانات لمواقع أو منتديات أخرى .
  • [ يمنع ] طرح أي شكوى ضد أي مشرف أو عضو علناً ، و في حال كان لا بد من الشكوى .. راسل المدير العام من خلال رسالة خاصة .
  • [ يمنع ] استخدام الرسائل الخاصة لتبادل الكلام المخل للآداب مثل طلب التعارف بين الشباب و الفتيات أو الغزل وإن إكتشفت الإدارة مثل هذه الرسائل سوف يتم إيقاف عضوية كل من المُرسِل والمُرسَل إليه ما لم يتم إبلاغ المدير العام من قبل المُرسَل إليه والرسائل الخاصة وضعت للفائدة فقط .
  • [ يجب ] احترام الرأي الآخر وعدم التهجم على الأعضاء بأسلوب غير لائق.
  • عند كتابة موضوع جديد يرجى الابتعاد عن الرموز والمد الغير ضروري مثل اأآإزيــــآء هنـــديـــه كـــيـــوووت ~ يجب أن تكون أزياء هندية كيوت
  • يرجى عند نقل موضوع من منتدى آخر تغيير صيغة العنوان وتغيير محتوى الأسطر الأولى من الموضوع

ضوابط استخدام التواقيع
  • [ يمنع ] وضع الموسيقى والأغاني أو أي ملفات صوتية مثل ملفات الفلاش أو أي صور لا تتناسب مع الذوق العام.
  • [ يجب ] أن تراعي حجم التوقيع , العرض لا يتجاوز 550 بكسل والارتفاع لا يتجاوز 500 بكسل .
  • [ يمنع ] أن لا يحتوي التوقيع على صورة شخصية أو رقم جوال أو تلفون أو عناوين بريدية أو عناوين مواقع ومنتديات.
  • [ يمنع ] منعاً باتاً إستخدام الصور السياسية بالتواقيع , ومن يقوم بإضافة توقيع لشخصية سياسية سيتم حذف التوقيع من قبل الإدارة للمرة الأولى وإذا تمت إعادته مرة أخرى سيتم طرد العضو من المنتدى .

الصورة الرمزية للأعضاء
  • [ يمنع ] صور النساء المخلة بالأدب .
  • [ يمنع ] الصور الشخصية .

مراقبة المشاركات
  • [ يحق ] للمشرف التعديل على أي موضوع مخالف .
  • [ يحق ] للمشرف نقل أي موضوع إلى قسم أخر يُعنى به الموضوع .
  • [ يحق ] للإداريين نقل أي موضوع من منتدى ليس من إشرافه لأي منتدى أخر إن كان المشرف المختص متغيب .
  • [ يحق ] للمشرف حذف أي موضوع ( بنقلة للأرشيف ) دون الرجوع لصاحب الموضوع إن كان الموضوع مخالف كلياً لقوانين المنتدى .
  • [ يحق ] للمشرف إنـذار أي عضو مخالف وإن تكررت الإنذارات يخاطب المدير العام لعمل اللازم .

ملاحظات عامة
  • [ يمنع ] كتابة مواضيع تختص بالوداع أو ترك المنتدى وعلى من يرغب في ذلك مخاطبة الإدارة وإبداء الأسباب.
  • [ تنويه ] يحق للمدير العام التعديل على كل القوانين في أي وقت.
  • [ تنويه ] يحق للمدير العام إستثناء بعض الحالات الواجب طردها من المنتدى .

تم التحديث بتاريخ 19\09\2010
شاهد أكثر
شاهد أقل

نهج الشعراء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نهج الشعراء

    دائما ما نسمع بمقتطفات من قصص حياة جرير والفرزدق..وكثيرا ما نتعجب لطريقة تطاول أحدهما على الآخر باسلوب ساخر جميل..

    أتناول في هذه الصفحة نبذه عن حياتهما..ومختارات من قصائدهما..أتمنى أن تنال إعجابكم..


    نبدأ أولا بالشاعر العظيم


    الفرزدق





    حياته:

    هو همام بن غالب، كنيته أبو فراس ولقبه الفرزدق، ولقب به، لغلظة في وجهه. ولد الشاعر الفرزدق في بيت يكتنفه الشرف والسيادة من كل جانب، فأبوه غالب أحد أجواد العرب.. ولد بالبصرة، ونشا في باديتها.. كان الفرزدق متقلبا في مزاجه وعلاقاته الاجتماعية، فقد يمدح الرجل اليوم ليهجوه في يوم آخر.

    قيل إنه نظم الشعر صغيرًا.. دارت بين الفرزدق وجرير الشاعر الأموي أيضًا، حرب هجائية دامت نحو خمسين سنة، وكان لتلك الحرب الشعرية صدى واسع في البلاد، وضج بها"المربد" سوق البصرة، وانقسم الناس قسمين، كل قسم يؤيد هذا الشاعر أو ذاك.

    توفي الفرزدق بالبصرة سنة 114ه وقد شارف على التسعين.

    كان التكسب مرماه في أكثر الأحوال، فمدح ورثى وهجا، فها نحن نتوقف قليلا عند مديحه.




    شعره في المديح






    مدح الفرزدق خلفاء بني أمية على أنهم أولى الناس بتراث الخلافة، وأحق الناس بالملك، وهم كالقمر يهتدي به، وسيوفهم هي سيوف الله التي يضرب بها الأعداء، وإذا النصر حليفهم، لأن الله معهم، وإذا الهدى مشرق من وجوههم، منهم الهادون والمهديون.. وتذكر الكتب والمراجع، أن الخليفة "هشام بن عبد الملك" حج على عهد أبيه وطاف بالبيت، وحاول أن يصل إلى الحجر الأسود فلم يستطع لشدة الزحام، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس، وحوله جماعة من أهل الشام. وفيما هو كذلك أقبل"زين العابدين" فطاف بالبيت، ولما انتهى إلى الحجر انشقت له الصفوف ومكنته من استلامه، فقال رجل من الشام لهشام:

    من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟

    فقال هشام"

    لا أعرفه، وخاف أن يذكر اسمه فيرغبهم فيه.

    وكان الفرزدق حاضرًا فقال: أنا أعرفه.

    فقال الشامي: ومن هو يا أبا فراس؟، فقال قصيدته الشهيرة في مدح زين العابدين، فغضب هشام وحبسه، فهجاه الفرزدق.

    أنشد الشاعر الفرزدق قصيدة يمدح فيها"زين العابدين":



    هذا الذي تعرف البطحاء وطأته **** والبيت يعرفه والحل والحرم

    هذا ابن خير عباد الله كلهم **** هذا التقي النقي الطاهر العلم

    هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله **** بجده أنبياء الله قد ختموا

    ما قال لا قط إلا في تشهده **** لولا التشهد كانت لاءه نعم

    إذا رأته قريش قال قائلها **** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم






    فخر الفرزدق






    الشاعر يمزج بين الفخر والهجاء، فالهجاء عنده موضوع في جو فسيح من الفخر والتبجح... أما موضوع فخره فهو في قومه ونفسه، وفخره بقومه اشد منه بنفسه، إنه أعز الناس بيتًا وأرفعهم شرفًا وأوسعهم خيرًا وكرمًا، وهم ذوو العقول التي توازي الجبال، والثبات الذي لا يزعزع..

    ولقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:



    أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع

    فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع



    كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..

    وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:



    ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم **** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم



    وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:

    إن الذي سمك السماء بنى لنا **** بيتًا دعائمه أعز وأطول

    أحلامنا تزن الجبال رزانة **** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل

    وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا**** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول



    فالفرزدق يقول:

    إن الله أعطى قومه عزًا وشرفًا، أكثر من جرير وقومه.. فعقولنا تساوي بوزنها وتفكيرها وزن الجبال، كما أنها توازنها ثباتًا ورسوخًا، على أننا في الحروب والدفاع عن كياننا نصبح محاربين أشداء قساة فيما إذا ما حملنا أحد على الغضب.



    فكرة عن النقائض الشعرية






    ذكرنا أن المعركة الشعرية نشبت بين الفرزدق وجرير ودامت أكثر من خمسين عامًا، فالنقائض قصائد امتزج فيها الهجاء والفخر، وكثرت فيها الإشارة إلى ماضي القبائل في الجاهلية وحاضرها في عهد بني أمية، يقول الشاعر قصيدته، فيرد عليه خصمه بقصيدة من وزنها وقافيتها ويتعقب أفكاره ومعانيه، فيردها عليه..

    على أن فن النقائض نشأ أول ما نشأ في العصر الجاهلي وامتد حتى ازدهر في العصر الأموي الذي استيقظت فيه العصبية بعد أن أضعفها الإسلام، وانضمت إلى العوامل القبلية عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وشخصية.. فكانت نقائض هذا العصر تختلف عن نقائض العصر الجاهلي بطولها وإفحاشها واتساع الخيال فيها..

    هذا ومن المعروف أن النقائض تقوم على الهجاء، وفن الهجاء بدوره قائم على أمور ثلاثة: الأول أن يذكر الشاعر معايب خصمه ومثالب قبيلته بنفسه وبقبيلته.. والثاني تناول الأغراض وقذف المحصنات والشتائم.. والثالث تصوير الخصم بصورة ساخرة تحمل القارىء أو السامع على الضحك..








    <span style='color:red'>الفرزدق شاعر الوصف






    كان الفرزدق واسع الخيال، دقيق الملاحظة، جيد القصص، مما ساعده على أن يكون من ابرع الوصافين في العهد الأموي، أما موصوفاته فكثيرة، منها ما هو منتزع من البادية كالذئب، ومنها ما هو من حياة الحضر كالسفينة والجيش.. ويصطبغ وصف الفرزدق أحيانًا بصبغة القصص الذي يحسن الشاعر سرده، كما يمتاز بالتقرب من الحيوان المفترس والعطف عليه، ففي وصفه للذئب يظهر استعدادًا لأن يلبس ذلك الوحش من ثيابه وأن يقاسمه زاده.




    فلما دنا قلت ادن دونك إنني **** وإياك في زادي لمشتر كان

    فبت أسوي الزاد بيني وبينه **** على ضوء نار مرة ودخان




    فهذان البيتان من قصيدة يصف فيها ذئبًا أتاه ليلا وهو يشتوي شاة، فدعاه أن يشاركه الطعام المشوي اللذيذ، فهو وحيد وقد عانى من عقوق الأصدقاء وبعد الأحباب، فكأن الشاعر استأنس بمجيء الضيف الذئب، او أرجح أن الفرزدق قد تخيل هذا الضيف. وهو في قلب الصحراء يشعل ناره للطعام ففضل في قصيدته هذه القصصية أن يكون ضيفه حيوانًا، عسى أن يكون وفيًا أنيسًا مخلصًا أكثر من الإنسان الغادر.. فوصف الشاعر يتناول المحسوسات أكثر من المعنويات، كما يمتاز بالدقة وحسن التصوير، فضلا عن طابع شخصي مبتكر أو جده من خلال قصصه.</span>






    الهجاء في شعر الفرزدق



    <span style='color:royalblue'>
    ]إن ميزة الهجاء عند الفرزدق هي الفخر أولا، فالشاعر في الهجاء يعتمد على الفخر والاستناد عليه، فبالهجاء ينقض الشاعر على خصمه فيوسعه شتمًا وذلا فيصوره حقيرًا، كما يصور قومه وأهله بأنهم يتصفون بأرذل الصفات وأقبح الطباع، فهم مثلا ضعفاء متخاذلون، بخلاء لا أصل لهم ولا فرع..

    وبالمقابل فالشاعر هذا يفخر بقومه وبنفسه، كما رأينا في هجاء جرير، والذي هو فخر للفرزدق بآن واحد.

    وقال الفرزدق في الضيافة:




    ومستنبح والليل بيني وبينه **** يراعي بعينيه النجوم التواليا

    سرى إذ تفشى الليل تحمل صوته**** إلي الصبا قد ظل بالأمس طاويا

    حلفت لهم إن لم تجبه كلابنا **** لأستوقدن نارًا تجيب المناديا


    وقال يهجو" إبليس" وقد تاب في أواخر حياته:



    أطعتك يا إبليس سبعين حجة **** فلما انتهى شيي وتم تمامي

    فررت إلى ربي وأيقنت أنني **** ملاق لأيام المنون حمامي



    لاشك في أننا نلمس من هذه الأبيات للفرزدق، توبته عن ماضيه البعيد وعن مساوئه وطيشه، فهنا هو قد بلغ السبعين من عمره، حيث النهاية في الدنيا أصبحت قريبة، ولا بد من لقاء الموت الذي هو غاية كل إنسان... فهذه الأبيات تدلنا على أن الشاعر قد صقلته الأيام وهذبته الحياة، فبدا شعره صادقًا عن نفسه الزاهدة، وتقواه العميقة..

    وهكذا رأينا الفرزدق في شعره يلتزم بالديباجة المعروفة لديه، فشعره الغزلي أحيانا يخلو من هذه الديباجة، فيتجاوز قوانين النحو والبيان في كثير من الأحيان...

    ولكن شعر الفرزدق فضلا عن قيمته الأدبية، ذو قيمة تاريخية كبرى، لأنه يطلعنا على نواح كثيرة من حياته وحياة خصومه، وعلى أخبار العرب وأيامهم وعاداتهم، وأوضاع الدولة الأموية وتصرف عمالها وولاتها، وعلى الفتوحات والجيوش وغيرها.[/color]</span>



    من مجالس الشاعر








    أخبر أبو عبيدة قال:

    قدم الفرزدق المدينة في إمارة"أبان بن عثمان" قال: فإني والفرزدق وكثير عزة لجلوس في المسجد نتناشد الأشعار، إذ طلع علينا غلام، فقصد نحونا فلم يسلم وقال: أيكم الفرزدق؟ فقلت مخافة أن يكون من قريش: أهكذا تقول لسيد العرب وشاعرها؟ فقال: لو كان كذلك لم أقل هذا له. فقال له: من أنت؟ قال: رجل من الأنصار ثم من بني النجار، ثم أنا ابن أبي بكر بن حزم، بلغني أنك نزعم أنك أشعر العرب، وقد قال شاعرنا" حسان بن ثابت" شعرًا فأردت أن أعرضه عليك، وأؤجلك سنة، فإن قلت مثله فأنت أشعر العرب كما قيل، وإلا فأنت منتحل كذاب، ثم أنشده:

    ألم تسال الربع الجديد التكلما.....

    حتى بلغ إلى قوله:



    وأبقى لنا مر الحروب ورزؤها **** سيوفًا وأدراعًا وجمعًا عرمرما



    حتى آخر القصيدة، وقال له : قد أجلتك في جوابها حولا، ثم انصرف وانصرف الفرزدق مغضبًا يسحب رداءه، وما يدري أي طريق يسلك، حتى خرج من المسجد، فأقبل على " كثير" فقال: قاتل الله الأنصاري ما أفصح لهجته وأوضح حجته وأجود شعره، قال: فلم نزل في حديث الأنصاري بقية يومنا، ثم توجهت إلى منزلي، فأخذت أصعد وأصوب في كل فن من الشعر، فأرتج علي، فكأني لم اقل شعرًا قط!؟ حتى إذا نادى المنادي بالفجر وامتطيت ناقتي أقصد جبل المدينة وبغتة صحت صيحة مدوية، فجاش صدري كما يجيش المرجل، فما قمت حتى قلت /113/بيتًا من الشعر.

    فبينما هو ينشد إذ طلع الأنصاري وسلم علينا وقال له الفرزدق:



    عزفت بأعشاش وما كنت تعزف **** وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف

    ولج بك الهجران حتى كأنما **** ترى الموت في البيت الذي كنت تألف



    حتى بلغ إلى القول:

    ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا **** وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا



    وانشدها الفرزدق حتى بلغ آخرها. فقام الأنصاري كئيبًا...

    قال محمد بن إبراهيم: فأقبلت عليه أكلمه أنا وكثير، فلما أكثرنا عليه.

    قال: اذهبوا! فقد وهبتكم لهذا القرشي.

    ومرة دخل الفرزدق المدينة هاربًا من زياد، وعليها" سعيد بن العاص" أمير فقال:




    إليك فررت منك ومن زياد **** ولم أحسب دمي لكما ضلالا

    أرقت فلم أنم ليلا طويلا **** أراقب هل أرى النسرين زالا

    ترى الغر الجحاجح من قريش**** إذا ما الأمر في الحدثان غالا

    قيامًا ينظرون إلى سعيد **** كأنهم يرون به هلالا



    فلما قال هذا البيت قال الحطيئة لسعيد: هذا والله الشعر. ثم قال: يا غلام، أدركت من قبلك، وسبقت من بعدك، ولئن طال عمرك لتبرزن.





    أسلوب الفرزدق







    لم يكن للإسلام والقرآن الكريم أثرهما العميق لا في حياة الفرزدق العملية ولا في شعره، كان في حياته ماجنًا لاهيًا، لاهم له إلا السعي وراء لذائذه، وكانت طبيعته بدوية خشنة جافية، ولم تكن له نفس جرير ولا عاطفته ولا رقة حسه، فكأنما خلصت نفسه لأثر البادية وحدها، فكان أسلوبه في شعره صدى لطبيعته، وانعكاسًا لها، فاستأثرت به الجزالة والقوة وغرابة الألفاظ، وخشونتها وبداوة الصور، وغلبت هذه الطوابع على شعره عامة حتى على الغزل الذي تلائمه الرقة والعذوبة.

    وحسبنا أن نقرأ أبيات الفرزدق التي أوردناها لنقف على خشونة ألفاظه وجزالة أسلوبه ومتانة شعره وبداوة صوره...

    على أن أسلوب الفرزدق اتصف بأنه كان صورة لأساليب الفصحاء من شعراء الجاهلية في فصاحته وجزالته وغرابة ألفاظه وسعة مفرداته حتى قالوا:

    لو لا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب.

    ورووا عن أبي عمرو بن العلاء قوله:

    لم أر بدويًا أقام في الحضر إلا فسد لسانه غير الفرزدق ورؤبة.

    ولم تكن سليقة الفرزدق الشعرية مطواعًا له، سريعة الاستجابة والانقياد كسليقتة جرير، بل كان يلقى عناء شديدًا في نظم شعره حتى رووا عنه قوله:

    أنا عند الناس أشعر الناس، وربما مرت علي ساعة ونزع ضرس أهون علي من أن أقول بيتًا واحدًا.

    وكان للفرزدق ميل إلى إطالة النظر في شعره، كما هو الأمر لدى الشاعر زهير بن أبي سلمى، إلا أن عنايته بشعره لم تحل دون الوقوع في التعقيد والخروج على قواعد النجاة في كثير من أشعاره، فإذا انتقده أرباب اللغة والنحو أجابهم:

    علي أن أقول وعليكم أن تحتجوا.

    على أنه من الإنصاف القول: إن الفرزدق لم يكن يعرف بسعة مادته اللغوية فحسب، بل عرف بسعة اطلاعه على أيام العرب وأخبارهم ووقائعها، حتى قالوا:

    لولا الفرزدق لضاع نصف أخبار الناس.

    وحسبنا أن نقرأ بعض نقائضه لنقف على معرفته الواسعة بأيام العرب ووقائعهم، حتى يكاد يكون شعره سجلا تاريخيًا لها.

    والفرزدق لئن فاتته رقة جرير وسلامة طبعه وعذوبة شعره، فقد بذ صاحبه بخصب مخيلته وقدرته على الابتكار والتوليد، ويظهر خصب خياله في افتنانه في هجاء جرير وإتيانه بالمعاني المبتكرة في ذلك، في حين نجد معاني جرير محدودة مكرورة، ولكن سهولة أسلوب جرير جعلت شعره أكثر سيرورة من شعر الفرزدق المعقد ، وظهر خصب مخيلة الفرزدق في أمر آخر، هو القصص الغزلي الذي جارى فيه قصص امرىء القيس وعمر بن أبي ربيعة.




    القيمة الفنية لشعر الفرزدق







    الفرزدق شاعر بدوي النزعة، ميال إلى الفخر والتبجح، ومن ثم كان أسلوبه بدويًا في نحت ألفاظه نحتًا، وكان شعره وقفًا على الخاصة، وإن لم يخل من الأبيات المأثورة..

    وهو يشعر أنه لا يحن النسيب الرقيق، ولهذا نراه لا يلتزم الديباجة الغزلية في كثير من قصائده، بل يهجم على موضوعه باندفاع، وهو إلى ذلك يتجاوز قوانين النحو المشهورة، كما يتجاوز قوانين البيان..

    وهذا وقد اتسم الشاعر بنفسية متناقضة نراها في نزعاته السياسية والمعنوية والأخلاقية، فهو متقلب في عاطفته وإخلاصه ومتلون في رغباته ومنافعه، لذلك لا نكاد نلمس صدق العاطفة إلا في مدح آل البيت، أما في سواهم فيعمد الشاعر إلى الغلو والمداهنة ليغطي ضعف العاطفة.

    وهنا نتوقف للحظات..





    قبل أن نرى الخصم الآخـر...
    التعديل الأخير تم بواسطة نزار قباني; 19 - 05 - 2009, 01:02 PM.
    لان وقفت فوقفت رجل ..وعندما استرحت
    فهي استراحه محارب

  • #2
    رد: نهج الشعراء

    وقال الفرزدق في رائعه من روائع قصائدح في المدح
    هذا الذي تعرف البطحاء وطئتهُ......والبت يعرفه والحل والحرمُ
    هذا ابن خير عباد الله كلهم........هذا التقي النقي الطاهر العلمُ
    هذا ابن فاطمه ان كنت جاهله.....بجده انبياء الله قد ختمو
    وليس قولك من هذا بضائره ......العرب تعرف من انكرت والعجم
    اذا راته قريش قال قائلها....الى مكارم هذا ينتهي الكرم
    يغضي حياء ويغضي من مهبته...فلا يكلم الا حين يبتسم
    حتى بلغ..
    من جده دان فضل الانبياء له...........وفضل امته دانت له الامم
    متقه من رسول الله نبعته................طاب مغارسه والخيم والشيم
    ينشق ثوب الدجى عن نور غرته.....كالشمس تنجاب عن اشراقها الظلمُ
    من معشر حبهم دينٌ وبغضهم..........كقر وقربهم منجى ومعتصم
    مقدم بعد ذكر الله ذكرهم......في كل بدءٍ ومختوم به الكَلمُ
    ان عُد اهل التقى كانو ائمتهم.....او قيل من خير اهل الارض قيل همُ
    .....

    وكان من عادته اذا هجا فبقومه استعلى وسما


    َقَدْ هَتَكَ العَبْدُ الطِّرِمّـاحُ سِتـرَهُ، ******* وَأصْلـى بِنَـارٍ قَوْمَـهُ فَتَصَلَّـتِ
    سَعيراً شَوَتْ مِنُهُمْ وُجوهاً كأنّهَا ******* وُجُوهُ خَنَازِيرٍ عَلـى النّـارِ مُلّـتِ
    فَما أنْجَبَتْ أُمَّ العِلافيّ طَـيّءٌ، ******** ولَكِـنْ عَجُـوزٌ أخْبَثَـتْ وَأقَلّـتِ
    وَجَدْنَا قِلادَ اللّؤمِ حِلْفاً لِطَيّءٍ ******** مُقارِنَها فـي حَيْـثُ بَاتَـتْ وَظَلّـتِ
    وَمَا مَنَعَتْنَا دارَهَا مِنْ قَبيلَةٍ، ******** إذا مَـا تَمِيـمٌ بِالسّيُـوفِ اسْتَظَلّـتِ
    بَني مُحْصَنَاتٍ مِنْ تَمِيم نَجيبَةٍ ********* لأكْـرَمِ آبَـاء مِـنَ النـاس أدّت
    وَلَوْلا حِذَارٌ أنْ تُقَتَّلَ طَـيّءٌ ********* لَمَـا سَجَـدَتْ لله يَوْمـاً وَصَلّـتِ
    نَصَارَى وَأنْبَاطٌ يُؤدّونَ جِزْيَةً ******** سِرَاعاً بهَا جَمْـزاً إذا هـي أُهِلّـتِ
    سَقَتْهُمْ زُعافَ السّمّ حَتى تذَبْذبوا، ******** وَلاقَوْا قَنَاتي صُلْبَـةً فَاستَمـرّتِ
    تُعَالِنُ بالسّوْءاتِ نِسْوَانُ طَيّءٍ، ******** وَأخْبَثُ أسْـرَارٍ إذا هـي أسَـرّتِ
    لهَا جَبْهَةٌ كالفِهْرِ يُندي إطَارُهَا، ******** إذا وَرِمَتْ ألغادُهـا وَاشْمَخَـرّتِ
    أتَذكُرُ شَأنَ الأزْدِ؟ ما أنتَ مِنهُمُ، ******** وَما لَقِيَـتْ مِنّـا عُمَـانُ وَذَلّـتِ
    قَتَلْناهُمُ حَتى أبَرْنَا شَرِيدَهُمْ، ******** وَقَـدْ سُبِيَـتْ نِسَوانُهـمْ وَاستُحِلّـتِ
    نَسِيتُمْ بِقَنْدابيلَ يَوْماً مُذَكَّراً ******** شَهِيراً، وَقتلـى الأزْدِ بالقـاعِ جُـرّتِ
    حَمَلّنا على جُرْدِ البِغالِ رُؤوسَهُمْ ******** إلى الشّامِ مِنْ أقصَى العِراقِ تدَلّتِ
    وَكَمْ مِنْ رَئيسٍ قَد قَتلناهُ رَاغِماً ******** إذا الحَرْبُ عن رُوقٍ قَوَارحَ فُرّتِ
    بمُعترَكٍ ضَنْكٍ بِهِ قِصَدُ القَنَـا، ******** وَضَعْنَـا بِـهِ أقْدَامَنَـا فَاسْتَقَـرّتِ
    تَرَكْنَا بِهِ عِنْدَ اللّقَاءِ مَلاحِماً، ******** عَلَيْهِـمْ رَحَانَـا بِالمَنَايَـا اسْتَحَـرّتِ
    فَلَمْ يَبْقَ إلاّ مَنْ يؤدّي زَكَاتَهُ ******** إلَيْنَـا وَمُعْـطٍ جِزْيَـةً حِيـنَ حَلّـتِ
    ولو أن عصفوراً يمُدُّ جناحه ******** على طيءٍ فـي دارهـا لاستظلـت
    سألت حجيج المسلمين فلم أجد ******** ذبيحة طائـيٍّ لمـن حـج حلـت
    وَمَا بَرِئَتْ طَائِيّةٌ مِنْ خِتانِها، ******** وَلا وُجدَتْ في مسجد الدّينِ صَلّـتِ
    لان وقفت فوقفت رجل ..وعندما استرحت
    فهي استراحه محارب

    تعليق


    • #3
      رد: نهج الشعراء

      عندما نذكر الفرزدق لابد ان يطر على البال الخصم والصاحب والشاعر

      انه جرير
      جرير هو أبو حرزة جرير بن عطية اليربوعي التميمي (ت.110هـ) شاعر ينتمي إلى قبيلة كليب من بني تميم وهي قبيله متحضره في نجد . ولد في أثيثية (بلده تقع شمال غرب الرياض بالعربيه السعوديه بـ 180 كم تقريباً) في خلافة عثمان بن عفان، اشتهر في المدح والهجاء توفي بعد موت الفرزدق بشهور سنة 110هـ. و قد بقي لبنيه أملاك في بلدة أثيثية (منطقة الوشم شمال غرب الرياض حالياً) إلى زمن ياقوت الحموي في القرن السابع الهجري. كان من فحول شعراء الإسلام، وكانت بينه وبين الشاعر الفرزدق صولات وجولات، ولكنه رثاه بعد مماته

      حياته
      كانت اسرته ليست على شئ من الجاه والشرف والثروة،وعلى ذلك فاخر بها وبأبيه الشعراء الكثيرين الذين تعرضوا له بالهجاء، فأخزاهم جميعا ولم يثبت له الا الفرزدق والأخطل، والتحم معهم في الهجاء زهاء اربعين سنة مملوء بالفحش والشتائم والبذاءة ،وهو أحد فحول الشعراء الإسلاميين، وبلغاء المداحين الهجائين، ولد باليمامة سنة 42هـ ونشأ بالبادية، وفيها قال الشعر ونبغ، وكان يذهب إلى البصرة لطلب الميرة ومدح الكبراء ، ورأى الفرزدق فيها ونظر إلى ماأكسبه الشعر من منزلة عند الأمراء والولاة وهو تميمي مثله،وود لو سبقه إلى ماناله، وأغراه قومه به للتنويه بشأنهم، فوقعت بينهم المهاجاة عشر سنين لعوامل سياسية واجتماعية،وكان أكثر اقامة جرير في البادية وكان الفرزدق في البصرةيملأ عليه الدنيا هجاء وسبا، فما زال به بنو يربوع حتى أقدموه البصرة، واتصل بالحجاج ومدحه فأكرمه ورفع منزلته عنده،فعظُم أمره، وشرّق شعره وغرّب حتى بلغ الخليفة عبد الملك فحسد الحجاج عليه،فأوفده الحجاج مع ابنه محمد إلى الخليفة (يزيد بن معاوية) بدمشق ليصل بذلك إلى مدحه، ومن وقتئذٍ عُدّ من مدّاح خلفاء بني أمية، ومات باليمامة سنة 222هـ
      وقد اجتمع الناس الى ان ليس في عصرهم من هو اشعر من فرزدق وجرير والاخطل
      ولكل منهم ما يمزه فاختلفو ا بتفضيل احدهم على الاخر

      من جميل ما قال جرير
      في عبد اللملك بن مروان
      إذا غَضِبَتْ عليكَ بنو تميم .... حَسِبْت الناس كلَّهُم غِضابا
      وقوله في هجاء الراعي النميري:
      فَغُضَّ الطَّرْفَ إنك من نُميرٍ ...... فلا كعْبا بلغتَ ولا كِلابا
      وهو من برع في الغزل فقال
      إن العيون التي في طرفها حَـوَرٌ .....قَتَلْننـا ثـم لـم يحييـن قتلانـا

      يصرعنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حراكَ بهِ .....وَهُنَّ أضعـفُ خلـقِ الله أركانـا

      وقد حزن على الفرزدق فرثاه مادحا
      لعمري لقد أشجى تميمـاً وهدها ......... على نكبات الدهر موت الفرزدق

      عشيـة راحـوا للفـراق بنعشه ......... إلى جدثٍ في هوة الأرض معمـقِ

      لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي ....... إلى كل نجم فـي السمـاء محلـقِ

      ثوى حامل الأثقال عن كل مُغـرمٍ ...... ودامغ شيطان الغشـوم السملـقِ

      عمـاد تميـم كلهـا ولسانـهـا ............ وناطقها البذاخ فـي كـل منطـقِ

      فمن لذوي الأرحام بعد ابن غالبٍ .......... لجارٍ وعانٍ في السلاسـل موثـقِ

      ومن ليتيم بعد موت ابـن غالـب ............. وأم عـيـال ساغبـيـن ودردقِ

      ومن يطلق الأسرى ومن يحقن الدما ........... يداه ويشفي صدر حـران مُحنَـقِ

      وكم من دمٍ غـالٍ تحمـل ثقلـه ........ وكان حمولاً في وفـاءٍ ومصـدقِ

      وكم حصن جبار هُمـامٍ وسوقـةٍ ....... إذا مـا أتـى أبوابـه لـم تغلـق

      تفتـح أبـواب الملـوك لوجهـه ...... بغيـر حجـاب دونـه أو تملُـقِ

      لتبكِ عليه الأنس والجن إذ ثـوى ........ فتى مُضرٍ في كل غـربٍ ومشـرقِ

      فتىً عاش يبني المجد تسعيـن حجـةً ....... وكان إلى الخيرات والمجـد يرتقـي

      فما مات حتى لـم يُخلـف وراءه ....... بحيـة وادٍ صولـةً غيـر مصعـقِ
      لان وقفت فوقفت رجل ..وعندما استرحت
      فهي استراحه محارب

      تعليق


      • #4
        رد: نهج الشعراء

        الأخطل

        (نحو 20-92هـ/640-710م)



        أبو مالك غياث بن غوث بن الصلت، شاعر أموي فحل، وأحد شعراء النقائض البارزين، ينتمي إلى قبيلة تغلب، وهي قبيلة كثيرة العدد، منيعة الجانب كانت تنزل أراضي الجزيرة بين دجلة والفرات، ويدين أكثر أبنائها، ومنهم الأخطل، بالمسيحية. وقد غلب على الشاعر لقب «الأخطل» لسفاهته وسلاطة لسانه. ويقال إن أمه لقبته في صغره بدوبل، وهو الخنزير الصغير، وقد عيره جرير بهذا اللقب.

        ولد الأخطل في ديار قومه بالجزيرة ، ونشأ فيها نشأة بدوية خالصة، وظهر ميله إلى قول الشعر، ولاسيما الهجاء. ثم اتصل ببعض أشراف قبيلة ربيعة في العراق ومدحهم. غير أن صيته لم يذع إلا بعد اتصاله بالبيت الأموي في دمشق. وقد استعان به يزيد بن معاوية في هجاء الأنصار، ليرد على تشبيب عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري برملة بنت معاوية أخت يزيد، فهجاهم بأبيات هجاء موجعاً ومنها قوله:

        ذهبــــت قريش بالمكـــــارم والعلا
        واللـــؤم تحت عمائـــم الأنصـــــار



        وثار الأنصار لهجاء الأخطل إياهم وشكاه سيدهم النعمان بن بشير إلى معاوية، فوعدهم بقطع لسانه، ولكن يزيد حال دون ذلك، وأصبح الأخطل بعدئذ نديماً ليزيد، يحضر مجالس لهوه وشرابه وينشده أماديحه. ولما مات يزيد رثاه الأخطل بقصيدة هي المرثية الوحيدة في ديوانه. وبعد وفاة يزيد واعتزال ابنه معاوية الثاني الحكم اضطرب أمر الأمويين، ونازعهم عبد الله بن الزبير الأمر، ووقفت قبيلة قيس إلى جانبه، في حين ناصرت اليمانية وأهل الشام بني أمية وبايعوا مروان بن الحكم. ونشبت بين الفريقين موقعة «مرج راهط» التي انتصر فيها بنو أمية واليمانية، فلجأت قيس مع زعيمها زفر بن الحارث إلى الشمال واستقرت قرب الخابور مجاورة لبني تغلب. وقد استقبل التغالبة القيسيين استقبالاً حسناً في بادئ الأمر، ولكن لما تحرش القيسية ببني تغلب، وكثرت غاراتهم عليهم ناصبتهم تغلب العداوة ووقعت بين القبيلتين وقائع كثيرة، تركت صداها في شعر شعراء القبيلتين.
        وقد اشترك الأخطل في إحدى هذه الوقائع، وقتل أبوه، أو ابنه فيها، كما أسر الأخطل نفسه، ثم أطلق سراحه لأنهم ظنوه عبداً. وقد استطاع عبد الملك، آخر الأمر، أن يصلح ما بينهما، واحتمل ديات القتلى. وقد وقف جرير في جانب القيسية بعد أن وقعت العداوة بينه وبين الأخطل.

        قرّب عبد الملك الأخطل، وأفاض عليه عطاياه لجودة مدائحه فيه وفي بني أمية. وانقطع الأخطل إلى بني أمية، وقال فيهم أجود مدائحه، وهجا أعداءهم، فمدح من خلفائهم، غير يزيد ابن معاوية، عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك، ومدح من ولاتهم وأشرافهم بشر بن مروان وعبد الله بن أسيد، وكان مديحه لبني أمية من أجود ما قيل من الشعر السياسي في العصر الأموي. ومن أجود مدائحه فيهم رائيته «خف القطين» التي يقول فيها:

        حُشْدٌ على الحق عيّافو الخنى أُنُفٌ

        إذا ألمــت بهم مكروهــة صبــروا

        شُمْــس العداوة حتى يســـتقاد لهـــم

        وأعظــم الناس أحلامــاً إذا قــدروا



        ولم يكتف الأخطل بمدح بني أمية، بل هجا أعداءهم حتى قويت دالته على الخليفة، وكان يستغل مدائحه في نصرة قومه بني تغلب، وتحريض بني أمية على القيسية أعداء قومه، وقال في ذلك شعراً كثيراً، منه قوله:

        بـــني أميــــة إنــي نــــاصح لكـــم

        فــــلا يبتــــنّ فيكـــــم آمنـــاً زفــــرُ



        وفي عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك بقي الأخطل مناصراً للأمويين مادحاً للخليفة، ولكن خصوم الشاعر استطاعوا أن ينالوا منه لدى الخليفة الذي كان أكثر تديناً من أبيه واتصافاً بالتقوى وأقل رغبة في الشعر والأدب، وغدا نفوذ الأخطل ضئيلاً وكلامه غير مسموع مما اضطره إلى الابتعاد عن البلاط خوفاً من دسائس الوشاة.

        توفي الأخطل في السنة الخامسة من خلافة الوليد بن عبد الملك، وقد بلغ السبعين، ولا تتوافر معلومات موثقة عن مكان وفاته، والأرجح أنه مات بين قومه في الجزيرة. وقد مات على دينه، ويظهر أن عبد الملك حاول ترغيب الشاعر في اعتناق الإسلام، إلا أن الأخطل كان يعتذر ويتخلص بلباقة. وظلَّ وفياً لدينه، وتحمّل في آخر حياته - من خشية الموت - رياضات الزهد والتوبة والندم، ولا يوجد لعقيدته الدينية في ديوانه إلا أثر ضئيل.

        كان الأخطل مسرفاً في الشراب، وكان مرحاً، بارعاً في التهكم والهجاء، ولكنه كان عفيفاً يبتعد عن التبذل في القول،ويحافظ على عفة اللسان مع سلاطته.

        وكان يتخلق بأخلاق البدو ويلبس أزياءهم، حتى في البلاط الأموي، وينفر من المدينة ويحن إلى الصحراء. وكان متعلقاً بأسرته، والراجح أنه تزوج في الجزيرة بامرأة من قومه هي أم مالك رزق منها أبناء كثيرين، ثم طلقها بعد أن اختلف معها وتزوج أخرى، ثم حن إليها، وكانت بعض الاجتهادات المسيحية تجيز الطلاق.

        جمع الأخطل في شخصه صفات متفاوتة، فقد قرن الإقدام والجرأة إلى الدهاء والاطلاع الواسع، وكان قومه يأخذون برأيه، وكثيراً ما شفع لأفراد منهم لدى الخليفة، وكان إلى هذا يخضع للرؤساء الروحيين لدينه خضوع الطفل، كما خضع للأمويين، ولم يكن يعبأ بما يلقاه من سخط الناقمين عليه.

        تناول الأخطل جميع الأغراض الشعرية المعروفة، وكان ينظم شعره في الإطار التقليدي للشعر العربي الخالص المتوارث عن الجاهليين، وقد تفوق في المديح، وارتقى به من المديح الفردي الذي عرف في الجاهلية، إلى الشعر السياسي الذي سخره لخدمة الخلافة الأموية وتأييدها والتنديد بخصومها.

        وقد ساقه موقفه من بني أمية إلى هجاء خصومهم، وكان هجاؤه مزدوج الغاية يرمي به إلى الدفاع عن بني أمية، كما يرمي به إلى الدفاع عن نفسه وقومه.

        وكان الأخطل قد دخل معركة النقائض بعد أن بلغ قمة شهرته، وانحاز إلى الفرزدق، فاتصل الهجاء بينه وبين جرير، ونكاية بالأخطل أخذ جرير يمدح قيس عيلان، فيرد عليه الأخطل بهجائه وهجاء قيس. وكان هجاء الأخطل هجومياً وموجعاً من غير فحش، يطعن بالقبيلة أكثر مما يطعن بالفرد المهجو.

        وقد تفوق الأخطل بالموضوعات الخمرية، كما برع في وصف الطبيعة التي أحبها فوصف الفرات والفلوات والحمر الوحشية والأراقم، أما الفن الذي قصر فيه فهو الرثاء.

        امتاز شعر الأخطل بالجزالة وطول النفس وسلامة التعبير وحسن السبك، وكان يحرص على تهذيب شعره وتنقيحه، ويروى أنه أقام سنة في نظم قصيدته «خفّ القطين»، وقد أجمع القدامى على أنه أحد الثلاثة المتفوقين في فنون الشعر في العصر الأموي، أما الآخرين فهما جرير والفرزدق، وكان يجري في شعره على سنن الشعراء الجاهليين.

        للأخطل منزلة تاريخية إضافة إلى منزلته الأدبية، فقد كان، بسبب اتصاله بالبلاط الأموي وانقطاعه إلى الأمراء والخلفاء واشتراكه الفعلي في الأيام والمعارك التي خاضتها قبيلته، يمثل الواقع السياسي للحكم الأموي وتناحر الأحزاب واشتداد العصبية القبلية، حتى عُدّ شعره سجلاً حياً للعصر الأموي. ترك الأخطل كثيراً من القصائد، جمعها قديماً أبو سعيد السكري وضبطها ودونها في ديوان. وطبع الديوان في العصر الحديث عدة طبعات.
        لان وقفت فوقفت رجل ..وعندما استرحت
        فهي استراحه محارب

        تعليق


        • #5
          رد: نهج الشعراء

          يسلمو نزار على الكلمات الرائعة


          شي حلو كتير

          ننتظر جديدك


          دلّووّووّعــهّـ ,,, وّكلـ ,,ـمتـيّ ...مسمّـــــوعّة,,.



          تعليق


          • #6
            رد: نهج الشعراء




            شكرا


            وأنـ//ــاً
            انتظر[]نــًٍزف قٍِْلمــًٍِكـًّ[]

            وابداع ×مـوِّاضــيـًٍ ع ــًٍِّكــ×
            تـًٍ ح ـًٍياتيًٍ
            яổ๓ẩหŧịč






            just saloo :D

            تعليق


            • #7
              رد: نهج الشعراء

              مشكور مشكور مشكور مشكور مشكور
              مشكور مشكور مشكور مشكور
              مشكور مشكور مشكور
              مشكور مشكور
              مشكور
              One night the Moon asked Me
              IF She makes Me cry
              Why You Don't leave her?? I
              Looked at the Moon and said
              Moon Would You ever Leave the Sky
              ^___*




              تعليق


              • #8
                رد: نهج الشعراء

                اخي الكريم نزار قباني
                كل الشكر كل التقدير كل الاحترام لك على ما طرحت وقدمت مجهود تشكر عليه بحق لك تحياتي

                تعليق


                • #9
                  رد: نهج الشعراء

                  يعطيك العافية



                  على هذا المقال



                  و ما يحمل من رائع



                  شكراً لك ,.

                  .,

                  سـ أكْتفي بـ الصّمْت و حسبْ !

                  ,.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: نهج الشعراء



                    ممششككوور
                    كتير خيو علي المجهود الطيب
                    والرائع والجميل



                    معشوق عمو
                    تامر حسني

                    تعليق

                    يعمل...
                    X