السلام عليكم
أمرنا الله تعالى بالطاعة وبين ثوابها، وحذرنا من المعاصي وبين عقابها، فقال سبحانه
(تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )
وآثار المعاصي كثيرة.. عددها ابن القيم رحمه الله في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي". وقد لخص أحد الحكماء أثر المعاصي في قوله:
رأيت المعاصي تميت القلوب,,وقد يورث الذل إدمانها
وتقوى الإله حياة القلوب,,وخير لنفسك عصيانها
وإذا كان الله عز وجل واسع المغفرة، فإنه أيضاً شديد العقاب: قال تعالى:
(نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم الحجر).
وقد جاء في الأثر: "لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظم من عصيت". وقال أنس رضي الله عنه لجلسائه من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله من الكبائر.
وقال أحدهم:
لا تحقرن صغيرة
إن الجبال من الحصى
وللمعاصي آثار كثيرة منها:
حرمان الطاعة: فالمعصية تصد عن طاعة تكون بدلها وتقطع طريق طاعة أخرى فينقطع على العاصي بالذنب طريق ثالثة ثم رابعة.. وهلم جرا، فيُقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة، كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها.
ومنها: أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد، فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر.
ومنها: أن المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضاً، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.
ولا يزال العبد يؤدي الطاعة ويألفها ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه وتعالى برحمته عليه الملائكة تؤزه أزَّاً، وتحرضه عليها وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها، ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها، حتى يرسل الله عليه الشياطين فتؤزه إليها أزَّاً، فالأول قوى جند الطاعة بالمدد، فصاروا من أكبر أعوانه، وهذا قوى جند المعصية بالمدد، فكانوا أعواناً عليه.
ومنها: وهو من أخوفها على العبد أنها تضعف القلب عن إرادته، فتقوي إرادة المعصية، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً، إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية، فلو مات نصفه لما تاب إلى الله، فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير، وقلبه معقود بالمعصية مصر عليها، عازم على مواقعتها متى أمكنه، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك.
ومنها: أنه ينسلخ من القلب استقباحها، فتصير له عادة فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له، ولا كلامهم فيه، وهذا عند أرباب الفسوق غاية التهتك وتمام اللذة، حتى يفتخر بعضهم بالمعصية، ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها فيقول: يا فلان، عملت كذا وكذا.
وهذا الضرب من الناس لا يعافيهم الله بل ويُسد عليهم طريق التوبة وتغلق عنهم أبوابها في الغالب، كما قال النبي(كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الإجهار، أن يستر الله العبد ثم يصبح يفضح نفسه ويقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، كذا وكذا، فيهتك نفسه وقد بات يستره ربه)
ومنها: أن كل معصية من المعاصي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل، فاللوطية ميراث عن قوم لوط، وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث عن قوم شعيب، والعلو في الأرض بالفساد ميراث عن قوم فرعون، والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود، فالعاصي لابس ثياب بعض هذه الأمم، وهم أعداء الله، (ومن تشبه بقوم فهو منهم) كما قال عليه الصلاة والسلام.
ومنها: أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه، كما قال تعالى:
(ومن يهن الله فما له من مكرم)
وإن عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفاً من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه.
ومنها: أن العبد لا يزال يرتكب الذنب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه، وذلك علامة الهلاك، فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عظم عند الله.
ومنها: أن غيره من الناس والدواب يعود عليه شؤم ذنبه، فيحترق هو وغيره بشؤم الذنوب والظلم.
قال مجاهد: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة، وأمسك المطر، وتقول: "هذا بشؤم معصية ابن آدم"، فلا يكفيه عقاب ذنبه، حتى يلعنه من لا ذنب له.
ومنها: أن المعصية تورث الذل ولابد: فإن العز كل العز في طاعة الله تعالى. وكان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك، ولاتذلني بمعصيتك.
حفظنا الله من المعاصي والذنوب وجزاكم الله خير على قراءة الموضوع وجزا الله خير من كتب هذه السطور
أمرنا الله تعالى بالطاعة وبين ثوابها، وحذرنا من المعاصي وبين عقابها، فقال سبحانه
(تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )
وآثار المعاصي كثيرة.. عددها ابن القيم رحمه الله في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي". وقد لخص أحد الحكماء أثر المعاصي في قوله:
رأيت المعاصي تميت القلوب,,وقد يورث الذل إدمانها
وتقوى الإله حياة القلوب,,وخير لنفسك عصيانها
وإذا كان الله عز وجل واسع المغفرة، فإنه أيضاً شديد العقاب: قال تعالى:
(نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم الحجر).
وقد جاء في الأثر: "لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظم من عصيت". وقال أنس رضي الله عنه لجلسائه من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله من الكبائر.
وقال أحدهم:
لا تحقرن صغيرة
إن الجبال من الحصى
وللمعاصي آثار كثيرة منها:
حرمان الطاعة: فالمعصية تصد عن طاعة تكون بدلها وتقطع طريق طاعة أخرى فينقطع على العاصي بالذنب طريق ثالثة ثم رابعة.. وهلم جرا، فيُقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة، كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها.
ومنها: أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد، فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر.
ومنها: أن المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضاً، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.
ولا يزال العبد يؤدي الطاعة ويألفها ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه وتعالى برحمته عليه الملائكة تؤزه أزَّاً، وتحرضه عليها وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها، ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها، حتى يرسل الله عليه الشياطين فتؤزه إليها أزَّاً، فالأول قوى جند الطاعة بالمدد، فصاروا من أكبر أعوانه، وهذا قوى جند المعصية بالمدد، فكانوا أعواناً عليه.
ومنها: وهو من أخوفها على العبد أنها تضعف القلب عن إرادته، فتقوي إرادة المعصية، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً، إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية، فلو مات نصفه لما تاب إلى الله، فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير، وقلبه معقود بالمعصية مصر عليها، عازم على مواقعتها متى أمكنه، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك.
ومنها: أنه ينسلخ من القلب استقباحها، فتصير له عادة فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له، ولا كلامهم فيه، وهذا عند أرباب الفسوق غاية التهتك وتمام اللذة، حتى يفتخر بعضهم بالمعصية، ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها فيقول: يا فلان، عملت كذا وكذا.
وهذا الضرب من الناس لا يعافيهم الله بل ويُسد عليهم طريق التوبة وتغلق عنهم أبوابها في الغالب، كما قال النبي(كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الإجهار، أن يستر الله العبد ثم يصبح يفضح نفسه ويقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، كذا وكذا، فيهتك نفسه وقد بات يستره ربه)
ومنها: أن كل معصية من المعاصي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل، فاللوطية ميراث عن قوم لوط، وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث عن قوم شعيب، والعلو في الأرض بالفساد ميراث عن قوم فرعون، والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود، فالعاصي لابس ثياب بعض هذه الأمم، وهم أعداء الله، (ومن تشبه بقوم فهو منهم) كما قال عليه الصلاة والسلام.
ومنها: أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه، كما قال تعالى:
(ومن يهن الله فما له من مكرم)
وإن عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفاً من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه.
ومنها: أن العبد لا يزال يرتكب الذنب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه، وذلك علامة الهلاك، فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عظم عند الله.
ومنها: أن غيره من الناس والدواب يعود عليه شؤم ذنبه، فيحترق هو وغيره بشؤم الذنوب والظلم.
قال مجاهد: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة، وأمسك المطر، وتقول: "هذا بشؤم معصية ابن آدم"، فلا يكفيه عقاب ذنبه، حتى يلعنه من لا ذنب له.
ومنها: أن المعصية تورث الذل ولابد: فإن العز كل العز في طاعة الله تعالى. وكان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك، ولاتذلني بمعصيتك.
حفظنا الله من المعاصي والذنوب وجزاكم الله خير على قراءة الموضوع وجزا الله خير من كتب هذه السطور
تعليق