كأنك بالعمر قد انقرض ، وهَجم عليك المرض ،
وفات كلُّ مراد وغرض ، وإذا بالتلف قد عَرض أخَّاذا
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا
شخَص البصرُ وسكن الصَّوْت ، ولم يمكن التداركُ للفوْت ،
ونزل بك مَلك الموت فسامَت الروَّح وحاذى :
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذا
عالجت أشدَّ الشدائد ، فيا عجباً مما تُكابد ،
كأنك قد سُقيت سُمَّ الأساود فقطَّع أفْلاذا
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا
بلغت الروحُ إلى التراقى ، ولم تعرف من الساقى ،
ولم تدر عند الرحيل ما تلاقى ، عِياذا بالله عياذا
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا
ثم درجوك إلى الكفن وحملوك إلى بيت العفَن ، على العيب القبيح والأفَن ،
وإذا الحبيب من التراب قد حَفَن ، وصرت فى القبر جُذاذا
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا
وتسربت عنك الأقارب تسرى ، تقدُّ فى مالك وتُقْرِى ،
وغايةُ أمرهم أن تجرى دموعهم رذاذا
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا
قفلوا الأقفال وبضَّعوا البضاعة ، ونَسوا ذكرك يا حبيبهم بعد ساعة
وبقيت هناك إلى أن تقوم الساعة ، لا تجد وزراً ولا معاذا
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا
ثم قمت من قبرك فقيراً ، لا تملك من المال نَقِيراً ،
أصبحت بالذنوب عَقِيراً ، فلو قدَّمت من الخير صار ملجأ وملاذاً
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا
كم يومٍ غابت شمسه وقلبك غائب ، وكم ظلام أُسبل ستْرهَ وأنت فى عجائب ،
وكم أُسبغت عليك نعمة وأنت للمعاصى تُواثِبْ ،
وكم من صحيفة قد ملأها بالذنوب الكاتب ،
وكم يُنذرك سَلب رفيقك وأنت لاعبْ ،
يا من يأمن من الإقامةَ قد زُمَّت الركائب ،
أفق من سَكرتك قبل حسرتك على المعايب ،
وتذكَّر نزولَ حُفرتك وهجران الأقارب ، واَنهض عن بساط الرقاد
وقل : أنا تائب ، وبادر تحصيل الفضائل قبل فوت المطالب ،
فالسائق حثيث والحادى مُجدٌّ والموت طالب .
اللهم هون علينا سكرات الموت وارنا منازلنا من الفردوس الاعلى
وأجعل قبورنا خير منازلنا
يا غفور ياودود
الجرح الصامت
تعليق