يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون
[يا أيها الناس] أي أهل مكة [اعبدوا] وحدوا [ربكم الذي خلقكم] أنشأكم ولم تكونوا شيئا [و] خلق [الذين من قبلكم لعلكم تتقون] بعبادته عقابا ، ولعل في الأصل للترجي ، وفي كلامه تعالى للتحقيق
الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون
[الذي جعل] خلق [لكم الأرض فراشا] حال بساطا يفترش لا غاية في الصلابة أو الليونة فلا يمكن الاستقرار عليها [والسماء بناء] سقفا [وأنزل من السماء ماء فأخرج به من] أنواع [الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أنداداً] شركاء في العبادة [وأنتم تعلمون] أنه الخالق ولا تخلقون ، ولا يكون إلها إلا من يخلق
وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين
[وإن كنتم في ريب] شك [مما نزَّلنا على عبدنا] محمد من القرآن أنه من عند الله [فأتوا بسورة من مثله] أي المنزل ومن للبيان أي هي مثله في البلاغة وحسن النظم والإخبار عن الغيب . والسورة قطعة لها أول وآخر أقلها ثلاث آيات [وادعوا شهداءكم] آلهتكم التي تعبدونها [من دون الله] أي غيره لتعينكم [إن كنتم صادقين] في أن محمدا قاله من عند نفسه فافعلوا ذلك فإنكم عربيون فصحاءَ مثله
فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين
ولما عجزوا عن ذلك قال تعالى [فإن لم تفعلوا] ما ذُكر لعجزكم [ولن تفعلوا] ذلك أبداً لظهور إعجازه اعتراض [فاتقوا] بالإيمان بالله وأنه ليس من كلام البشر [النار التي وقودها الناس] الكفار [والحجارة] كأصنامهم منها ، يعني مفرطة الحرارة تتقد بما ذكر ، لا كنار الدنيا تتقد بالحطب ونحوه [أعدت] هُيِّئت [للكافرين] يعذبون بها ، جملة مستأنفة أو حال لازمة
وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هـذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون
"وبشر " أخبر "الذين آمنوا " صدقوا بالله "وعملوا الصالحات " من الفروض والنوافل "أن " أي بأن "لهم جنات " حدائق ذات شجر ومساكن "تجري من تحتها " أي تحت أشجارها وقصورها "الأنهار " أي المياه فيها ، والنهر هو الموضع الذي يجري فيه الماء ينهره أي يحفره وإسناد الجري إليه مَجاز "كلما رزقوا منها " أطعموا من تلك الجنات "من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي " أي مثل ما "رزقنا من قبل " أي قبله في الجنة لتشابه ثمارها بقرينه "وأتوا به " أي جيئوا بالرزق "متشابهاً " يشبه بعضه بعضاً لوناً ويختلف طعماً "ولهم فيها أزواج " من الحور وغيرها "مطهَّرة " من الحيض وكل قذر "وهم فيها خالدون " ماكثون أبداً لا يفنون ولا يخرجون . ونزل ردَّاً لقول اليهود لمَّا ضرب الله المثل بالذباب في قوله: [وإن يسلبهم الذباب شيئا] والعنكبوت في قوله : [كمثل العنكبوت] ما أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة فأنزل الله :
إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهـذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين
[إن الله لا يستحيي أن يضرب] يجعل [مثلاً] مفعول أول [ما] نكرة موصوفة بما بعدها مفعول ثان أي مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني [بعوضةً] مفرد البعوض وهو صغار البق [فما فوقها] أي أكبر منها أي لا يترك بيانه لما فيه من الحكم [فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه] أي المثل [الحق] الثابت الواقع موقعه [من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا] تمييز أي بهذا المثل ، وما استفهام إنكار مبتدأ ، وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي: أي فائدة فيه قال تعالى في جوابهم [يضل به] أي بهذا المثل [كثيرا] عن الحق لكفرهم به [ويهدي به كثيرا] من المؤمنين لتصديقهم به [وما يضل به إلا الفاسقين] الخارجين عن طاعته
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولـئك هم الخاسرون
[الذين] نعت [ينقضون عهد الله] ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم [من بعد ميثاقه] توكيده عليهم [ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل] من الإيمان بالنبي والرحم وغير ذلك وأن بدل من ضمير به [ويفسدون في الأرض] بالمعاصي والتعويق عن الإيمان [أولئك] الموصوفون بما ذكر [هم الخاسرون] لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم
كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون
[كيف تكفرون] يا أهل مكة [بالله و] قد [كنتم أمواتا] نطفا في الأصلاب [فأحياكم] في الأرحام والدنيا بنفخ الروح فيكم ، والاستفهام للتعجب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيخ [ثم يميتكم] عند انتهاء آجالكم [ثم يحييكم] بالبعث [ثم إليه ترجعون] تردون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم . وقال دليلا على البعث لما أنكروه:
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم
"هو الذي خلق لكم ما في الأرض " أي الأرض وما فيها "جميعا " لتنتفعوا به وتعتبروا "ثم استوى " بعد خلق الأرض أي قصد "إلى السماء فسوَّاهن " الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجملة الآيلة إليه : أي صيرها كما في آية أخرى "فقضاهن " [سبع سماوات وهو بكل شيء عليم] مجملاً ومفصلاً ، أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك ابتداء وهو أعظم منكم قادرٌ على إعادتكم
وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون
[و] اذكر يا محمد [إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة] يخلفني في تنفيذ أحكامي فيها وهو آدم [قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها] بالمعاصي [ويسفك الدماء] يريقها بالقتل كما فعل بنو الجان وكانوا فيها فلما أفسدوا أرسل الله عليهم الملائكة فطردوهم إلى الجزائر والجبال [ونحن نسبح] متلبسين [بحمدك] أي نقول سبحان الله وبحمده [ونقدس لك] ننزهك عما لا يليق بك فاللام زائدة والجملة حال أي فنحن أحق بالاستحلاف [قال] تعالى [إني أعلم ما لا تعلمون] من المصلحة في استخلاف آدم وأن ذريته فيهم المطيع والعاصي فيظهر العدل بينهم ، فقالوا لن يخلق ربنا خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم لسبقنا له ورؤيتنا ما لم يره فخلق الله تعالى آدم من أديم الأرض أي وجهها بأن قبض منها قبضة من جميع ألوانها وعجنت بالمياه المختلفة وسواه ونفخ فيه الروح فصار حيواناً حساساً بعد أن كان جماداً
[يا أيها الناس] أي أهل مكة [اعبدوا] وحدوا [ربكم الذي خلقكم] أنشأكم ولم تكونوا شيئا [و] خلق [الذين من قبلكم لعلكم تتقون] بعبادته عقابا ، ولعل في الأصل للترجي ، وفي كلامه تعالى للتحقيق
الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون
[الذي جعل] خلق [لكم الأرض فراشا] حال بساطا يفترش لا غاية في الصلابة أو الليونة فلا يمكن الاستقرار عليها [والسماء بناء] سقفا [وأنزل من السماء ماء فأخرج به من] أنواع [الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أنداداً] شركاء في العبادة [وأنتم تعلمون] أنه الخالق ولا تخلقون ، ولا يكون إلها إلا من يخلق
وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين
[وإن كنتم في ريب] شك [مما نزَّلنا على عبدنا] محمد من القرآن أنه من عند الله [فأتوا بسورة من مثله] أي المنزل ومن للبيان أي هي مثله في البلاغة وحسن النظم والإخبار عن الغيب . والسورة قطعة لها أول وآخر أقلها ثلاث آيات [وادعوا شهداءكم] آلهتكم التي تعبدونها [من دون الله] أي غيره لتعينكم [إن كنتم صادقين] في أن محمدا قاله من عند نفسه فافعلوا ذلك فإنكم عربيون فصحاءَ مثله
فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين
ولما عجزوا عن ذلك قال تعالى [فإن لم تفعلوا] ما ذُكر لعجزكم [ولن تفعلوا] ذلك أبداً لظهور إعجازه اعتراض [فاتقوا] بالإيمان بالله وأنه ليس من كلام البشر [النار التي وقودها الناس] الكفار [والحجارة] كأصنامهم منها ، يعني مفرطة الحرارة تتقد بما ذكر ، لا كنار الدنيا تتقد بالحطب ونحوه [أعدت] هُيِّئت [للكافرين] يعذبون بها ، جملة مستأنفة أو حال لازمة
وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هـذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون
"وبشر " أخبر "الذين آمنوا " صدقوا بالله "وعملوا الصالحات " من الفروض والنوافل "أن " أي بأن "لهم جنات " حدائق ذات شجر ومساكن "تجري من تحتها " أي تحت أشجارها وقصورها "الأنهار " أي المياه فيها ، والنهر هو الموضع الذي يجري فيه الماء ينهره أي يحفره وإسناد الجري إليه مَجاز "كلما رزقوا منها " أطعموا من تلك الجنات "من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي " أي مثل ما "رزقنا من قبل " أي قبله في الجنة لتشابه ثمارها بقرينه "وأتوا به " أي جيئوا بالرزق "متشابهاً " يشبه بعضه بعضاً لوناً ويختلف طعماً "ولهم فيها أزواج " من الحور وغيرها "مطهَّرة " من الحيض وكل قذر "وهم فيها خالدون " ماكثون أبداً لا يفنون ولا يخرجون . ونزل ردَّاً لقول اليهود لمَّا ضرب الله المثل بالذباب في قوله: [وإن يسلبهم الذباب شيئا] والعنكبوت في قوله : [كمثل العنكبوت] ما أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة فأنزل الله :
إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهـذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين
[إن الله لا يستحيي أن يضرب] يجعل [مثلاً] مفعول أول [ما] نكرة موصوفة بما بعدها مفعول ثان أي مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني [بعوضةً] مفرد البعوض وهو صغار البق [فما فوقها] أي أكبر منها أي لا يترك بيانه لما فيه من الحكم [فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه] أي المثل [الحق] الثابت الواقع موقعه [من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا] تمييز أي بهذا المثل ، وما استفهام إنكار مبتدأ ، وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي: أي فائدة فيه قال تعالى في جوابهم [يضل به] أي بهذا المثل [كثيرا] عن الحق لكفرهم به [ويهدي به كثيرا] من المؤمنين لتصديقهم به [وما يضل به إلا الفاسقين] الخارجين عن طاعته
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولـئك هم الخاسرون
[الذين] نعت [ينقضون عهد الله] ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم [من بعد ميثاقه] توكيده عليهم [ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل] من الإيمان بالنبي والرحم وغير ذلك وأن بدل من ضمير به [ويفسدون في الأرض] بالمعاصي والتعويق عن الإيمان [أولئك] الموصوفون بما ذكر [هم الخاسرون] لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم
كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون
[كيف تكفرون] يا أهل مكة [بالله و] قد [كنتم أمواتا] نطفا في الأصلاب [فأحياكم] في الأرحام والدنيا بنفخ الروح فيكم ، والاستفهام للتعجب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيخ [ثم يميتكم] عند انتهاء آجالكم [ثم يحييكم] بالبعث [ثم إليه ترجعون] تردون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم . وقال دليلا على البعث لما أنكروه:
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم
"هو الذي خلق لكم ما في الأرض " أي الأرض وما فيها "جميعا " لتنتفعوا به وتعتبروا "ثم استوى " بعد خلق الأرض أي قصد "إلى السماء فسوَّاهن " الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجملة الآيلة إليه : أي صيرها كما في آية أخرى "فقضاهن " [سبع سماوات وهو بكل شيء عليم] مجملاً ومفصلاً ، أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك ابتداء وهو أعظم منكم قادرٌ على إعادتكم
وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون
[و] اذكر يا محمد [إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة] يخلفني في تنفيذ أحكامي فيها وهو آدم [قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها] بالمعاصي [ويسفك الدماء] يريقها بالقتل كما فعل بنو الجان وكانوا فيها فلما أفسدوا أرسل الله عليهم الملائكة فطردوهم إلى الجزائر والجبال [ونحن نسبح] متلبسين [بحمدك] أي نقول سبحان الله وبحمده [ونقدس لك] ننزهك عما لا يليق بك فاللام زائدة والجملة حال أي فنحن أحق بالاستحلاف [قال] تعالى [إني أعلم ما لا تعلمون] من المصلحة في استخلاف آدم وأن ذريته فيهم المطيع والعاصي فيظهر العدل بينهم ، فقالوا لن يخلق ربنا خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم لسبقنا له ورؤيتنا ما لم يره فخلق الله تعالى آدم من أديم الأرض أي وجهها بأن قبض منها قبضة من جميع ألوانها وعجنت بالمياه المختلفة وسواه ونفخ فيه الروح فصار حيواناً حساساً بعد أن كان جماداً
تعليق