الانتماء إلى الإسلام فريضة محكمة، لا يجوزأن يرجحه شيء مما تواضع الناس على تقديمه قديما أو حديثا..
والعرب عندما ينظرون إلى جنسهم أو أرضهم ويدحرجون ما وراء ذلك الى الضياع أو إلى مرتبة أدنى فهم يخونون الله ورسوله، وينسلخون عن مقومات شخصيتهم ومواد حضارتهم وأسباب بقائهم ""ومن يكفربالإيمان فقد حبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين"".
وعندما يرفع العرب راية التوحيد ويدعون إلى الإسلام بحماس وذكاء فإن أقل ما يظفرون به مكانة مرموقة في الأرض عدا ما يدخره الله لهم يوم اللقاء.. وليست الدعوة المطلوبة عبئا يثقل الكواهل، أو لغزا يتطلب النبوغ.
لا شيء يطلب أكثرمن الإخلاص لله، والتنازل عن شهوات النفس... ثم الانطلاق في الطريق بعين مفتوحة وعقل مكتشف..
وهنا تكمن المشكلة فيما أرى! فالإسلام دين قوفي تكمن قوته فيما يشتمل عليه من حقائق، معقول لا يأباه فكرسليم، جميل لا يصد عنه ذوق لطيف.. هنا تظهر المأساة! فإن نفرا كبيرا من الداعين إليه جهال به، ومعادنهم النفسية والعقلية بالغة الرداءة، فهم بدءا لا يجوز أن يقفوا في هذا الميدان، كما لا يجوز أن يدخل الأعرج سباقا في سرعة الجري..!!
وقد تأملت في الطريقة التي يخدم اليهود بها قضاياهم فوجدت الفروق شاسعة.. هنا باطل يحتال الأذكياء المخلصون على انجاحه. وهنا حق يخفق القاصرون الهابطون في الصمود به والدفع عنه!
خذ هذا المثل في قضية فسلطين التي خاض اليهود معاركها مسلحين بدينهم، وخاضها العرب مبتعدين عن الإسلام كارهين الانتماء اليه!
وانظر كيف بدأ اليهود الكفاح لاستعادة أرض الأجداد، أو أرض الميعاد كما يقولون:
كتب الأستاذ درويش مصطفى الفارتحت عنوان الكيمياء والسياسة يقول:
في الثاني من نوفمبر، يطل علينا العام السابع والستون منذ أن صاغ أرثر جيمس بلفور (1838-1930) وزير خارجية بريطانيا العظمى، وعده الغني عن التعريف، وقدمه هديه باسم السياسة، الى علم الكيمياء، في شخص اليهودي الروسي الصهيوني حاييم بن عيزر وايزمان 1874-1952. الذي كان يعمل أستاذا للكيمياء العضوية في جامعة مانشستر بانجلترا، وذلك مكافأة وتقديرا لعبقريته في اختراع طريقة، سنة 1916، لصناعة سائل الأسيتون من دقيق الذرة "بضم الذال المعجمة وفتح الراء"، فانقذ المجهود الحربي للحلفاء الذين كانوا حينذاك في حاجة ماسة لكميات كبيرة من ذلك السائل العجيب الذي يستخدمونه في إذابة النتروجلسرين وقطن البارود لصناعة مادة الكوردايت، المفرقعة الدافعة، التي يحشون بها الرصاص وقنابل المدافع...
أبى وايزمان أن يقبل مكافأة مادية ليشتري له ضيعة أويبني فيلا، ينقرشها بأنواع الفسيفساء و الديكور، لأن إيمانه بباطل قومه، كان عنده بمثابة العقيدة التي يلتزم العالم الحق بالتضحية بكل الماديات في سبيل العمل لها، وأصرعلى أن تكون مكافأته " مجرد " وعد، من حكومة بريطانيا العظمى:
لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، دون مساس " بحقوق " السكان الأصليين من غير اليهود... مجرد وعد...
لأنه كان يعرف من إلمامه بأصول علم الكيمياء، أن التفاعل بين المجموعات البشرية خلال التاريخ، تحكمه قوانين ومعادلات وضوابط دقيقة كتلك : التي تحكم تفاعلات الذرات والجزيئات في علم الكيمياء..
وكان يدرك أن قوانين التفاعلات الكيماوية لا مجال فيها " للفهلوة " والارتجال والعنتريات والكذب وخداع النفس، وأن الزمان الذي كان الكيماويون فيه يضيعون الوقت والمال والجد والسياسة للحصول على الاكسير، الذي يحول الفلزات الحقيرة الى ذهب، زمن قد ولى وانقضى الى غير رجعه...
فكان مجرد الحصول على "وعد" بمثابة تفاعل كيماوي مدروس يمكن البدء منه وارتياده كافة المظان والسبل والأساليب والحيل والدسائس للوصول به إلى النتيجة المطلوبة والمخطط لها أصلا، بعلم واصرار...
ولم تكن الحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارها بعد، عندما طلب وايزمان ذلك الوعد من بريطانيا العظمى في شخص وزير خارجيتها بلفور، ولم يك انتصار الحلفاء مقطوعا به مائة بالمائة، ولذلك كان أمثال آخرون لوايزمان، يسعون نفس المسعى لدى الألمان وحلفائهم، دون أن يصطرع الفريقان من اليهود أو يقتتلا...
وكان علم السياسة في دماغ الداهية بلفورقد ارتقى أيضا إلى مستوى قدرة الكيماوي العالم بأسرار التفاعلات، فوافق شن طبقا، كما يقول المثل عندنا، " وما أكثر الأمثال عندنا والحكم " فوجد في الموافقة خيرا كثيرا لصناعة السياسة البريطانية، فأصدر ذلك الوعد وهو متأكد من كيفيات مسيرة الأحداث به لقرن من الزمان...
فهذا الوعد، وعد بلفور، الذي يعيش الوطن العربي والاسلامي، اليوم أثاره وذيوله وشجونه، من نسج عالم كيماوي خبير عرف معنى السياسة وكيف تؤكل الكتف، وداهية سياسي شيطان إرتقى تفكيره إلى مستوى فهم المعادلات والقوانين البالغة التعقيد والعمق... الخ
هذا العالم اليهودي خدم ملته وعشيرته بما رأيت! لقد ذكر قومه ولم يذكرنفسه، وخدم عقيدته ولم يخدم شهوته، وتوسل بعبقريته العلمية ليجمع شتات أمته..
فماذا كان يحدث في الطرف الآخر؟ هناك عبيد جاه ينشدون الحكم على أنقاض دولة الخلافة! هناك طلاب علم لا دين لهم يريدون به جمع المال لأنفسهم وأولادهم وحسب! هناك طلاب دين تتصبب عرقا لتقنعهم أن الكيمياء علم جليل، وأن الإمامة فيه من أخصر الطرق لخدمة الإسلام، فإذا هم يهربون منك كي يتقعروا في بحث عن حرمة الذهب للنساء أو عن ضرورة قراءة الفاتحة وراء الإمام أو عن وجوب الوضوء على من لمس امرأة!!
فإذا عدت به إلى الميدان الذي هرب منه اكتفى بأخذ إجازة علمية صحيحة أو مزورة ولم يعشق البحث والكشف والاستنتاج والاختراع! ثم تراه بعد ذلك في جلباب أبيض كأنما يستعد لحفل من أحفال " الزار" ثم يزعم بتبجح أن هذه هي السنة!
إن العقل الأوربي من أقرب العقول إلى الإسلام، وقد فقد ثقته فيما لديه من مواريث روحية أو مدنية، بيد أنه ليس مغفلا حتى يفتح أقطار نفسه لأناس يعرضون عليه باسم الاسلام قضايا اجتماعية أو سياسية منكرة!
إن الأوربيين بذلوا دماء غزيرة حتى ظفروا بالحريات التي ظفروا بها، فهل يقبل أحدهم أن تعرض عليه عقيدة التوحيد مقرونة بنظام الحزب الواحد، ورفض المعارضات السياسية، ووضع قيود ثقيلة على مبدأ الشورى وسلطة الأمة؟؟ والمسلم الذي يعرض دينه بهذا اللون من الفكر، أهو داعية لدينه حقا؟ أم جاهل كبير يريد أن ينقل للناس أمراضا عافاهم الله منها؟
إن هذا المتحدث الأحمق فتان عن الإسلام! ويشبه في الغباء من يعرض عقيدة التوحيد مقرونة بضرب النقاب على وجوه النساء! من يسمع منه؟ وكيف يريد فرض رأي من الاراء أو تقليد من التقاليد الشرقية باسم الإسلام؟
ما أكثر القمامات الفكرية بين شبابنا! لقيت جامعيا متدينا يقول: إن فلانا جمع نحوسبعين دليلا على أن النقاب من الإسلام! فقلت له: وأنا انتهيت الآن من قراءة كتاب جمع نيفا وأربعين دليلأ على أن الأرض ثابتة والشمس تدور حولها..
إنها فوضى مقصودة في ميدان العلم الديني، ولابد من تطهير هذا الميدان على عجل حتى ينقذ المسلمون أنفسهم من هلاك محقق!!
وتوجد الآن طوائف غفيرة تذهب إلى عواصم الغرب لتعرض الإسلام، وأنا أشعر بغضاضة شديدة من الأسلوب الذي تحيا به، هذه الجماعات، والآثار التي تعقبها، والكلمات التي تقولها! ولا أنتظر ثمرة حلوة لهذا النشاط القاصر المرتجل!
وقد نكون كسبنا- مائة ألف فرنسي، أومائة ألف انكليزي! فهل هذه الأرباح تغنى عن الملايين التي خسرناها في البلقان وشرق أوربا وجزر البحر المتوسط وجنوب آسيا وشرقها أو الأقطار والأجيال التي خسرها الإسلام بين الفلبين شرقا والأندلس غربا...؟
إن الغيبوبة التي احتوت الأمة الإسلامية منذ قرون لا تزال مستولية على أعصابها وأجهزتها العليا والدنيا! ولا تزال تلوث ينابيعها الثقافية وتدوخ حركاتها السياسية، وتخدر كل ما يتصل بالدعوة والدعاة فلا دراسة ولا رصد ولا متابعة وكأن أمتنا نسيت أنها تحمل رسالة للناس أو كانت كذلك قديما..
التعاليم التي ندعوإليها هي الأركان المتفق عليها والنصوص المقطوع بها أما ما يحتمل عدة أفهام فلا دخل له في ميدان الدعوة! وإذا كان المسلمون أنفسهم في سعة أمام هذه الأفهام العديدة، وإذا قالوا: لا يعترض بمجتهد على مجتهد آخر، فكيف نلزم الأجانب بفقه خاص؟
إننا نضع العواثق عمدا أمام الإسلام حين نفرض على الراغبين فيه تقاليدنا في الحكم والاقتصاد والمجتمع والأسرة وأغلب هذه التقاليد ليس له سناد قائم، بل أغلبه وليد عصور الانحراف والتخلف..
و من الممكن بعد اقتناع الراغبين في الإسلام من اعتناقه، أن تترك لهم حرية الاختيار من الفروع التي لا حصر للخلاف فيها، ولا ميزة لرأي على آخر..
إننا ندعوإلى الإسلام، لا إلى الاقتداء بالمسلمين! ندعوإلى الكتاب والسنة، لا إلى سيرة أمة ظلمت نفسها ولم تنصف تراثها.
ذلك أن دين الله جدير بالاتباع أما مسالكنا نحن فجديرة بالنقد، والبعد...!
قام بلتجميع
م/ ادهم صبرى
والعرب عندما ينظرون إلى جنسهم أو أرضهم ويدحرجون ما وراء ذلك الى الضياع أو إلى مرتبة أدنى فهم يخونون الله ورسوله، وينسلخون عن مقومات شخصيتهم ومواد حضارتهم وأسباب بقائهم ""ومن يكفربالإيمان فقد حبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين"".
وعندما يرفع العرب راية التوحيد ويدعون إلى الإسلام بحماس وذكاء فإن أقل ما يظفرون به مكانة مرموقة في الأرض عدا ما يدخره الله لهم يوم اللقاء.. وليست الدعوة المطلوبة عبئا يثقل الكواهل، أو لغزا يتطلب النبوغ.
لا شيء يطلب أكثرمن الإخلاص لله، والتنازل عن شهوات النفس... ثم الانطلاق في الطريق بعين مفتوحة وعقل مكتشف..
وهنا تكمن المشكلة فيما أرى! فالإسلام دين قوفي تكمن قوته فيما يشتمل عليه من حقائق، معقول لا يأباه فكرسليم، جميل لا يصد عنه ذوق لطيف.. هنا تظهر المأساة! فإن نفرا كبيرا من الداعين إليه جهال به، ومعادنهم النفسية والعقلية بالغة الرداءة، فهم بدءا لا يجوز أن يقفوا في هذا الميدان، كما لا يجوز أن يدخل الأعرج سباقا في سرعة الجري..!!
وقد تأملت في الطريقة التي يخدم اليهود بها قضاياهم فوجدت الفروق شاسعة.. هنا باطل يحتال الأذكياء المخلصون على انجاحه. وهنا حق يخفق القاصرون الهابطون في الصمود به والدفع عنه!
خذ هذا المثل في قضية فسلطين التي خاض اليهود معاركها مسلحين بدينهم، وخاضها العرب مبتعدين عن الإسلام كارهين الانتماء اليه!
وانظر كيف بدأ اليهود الكفاح لاستعادة أرض الأجداد، أو أرض الميعاد كما يقولون:
كتب الأستاذ درويش مصطفى الفارتحت عنوان الكيمياء والسياسة يقول:
في الثاني من نوفمبر، يطل علينا العام السابع والستون منذ أن صاغ أرثر جيمس بلفور (1838-1930) وزير خارجية بريطانيا العظمى، وعده الغني عن التعريف، وقدمه هديه باسم السياسة، الى علم الكيمياء، في شخص اليهودي الروسي الصهيوني حاييم بن عيزر وايزمان 1874-1952. الذي كان يعمل أستاذا للكيمياء العضوية في جامعة مانشستر بانجلترا، وذلك مكافأة وتقديرا لعبقريته في اختراع طريقة، سنة 1916، لصناعة سائل الأسيتون من دقيق الذرة "بضم الذال المعجمة وفتح الراء"، فانقذ المجهود الحربي للحلفاء الذين كانوا حينذاك في حاجة ماسة لكميات كبيرة من ذلك السائل العجيب الذي يستخدمونه في إذابة النتروجلسرين وقطن البارود لصناعة مادة الكوردايت، المفرقعة الدافعة، التي يحشون بها الرصاص وقنابل المدافع...
أبى وايزمان أن يقبل مكافأة مادية ليشتري له ضيعة أويبني فيلا، ينقرشها بأنواع الفسيفساء و الديكور، لأن إيمانه بباطل قومه، كان عنده بمثابة العقيدة التي يلتزم العالم الحق بالتضحية بكل الماديات في سبيل العمل لها، وأصرعلى أن تكون مكافأته " مجرد " وعد، من حكومة بريطانيا العظمى:
لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، دون مساس " بحقوق " السكان الأصليين من غير اليهود... مجرد وعد...
لأنه كان يعرف من إلمامه بأصول علم الكيمياء، أن التفاعل بين المجموعات البشرية خلال التاريخ، تحكمه قوانين ومعادلات وضوابط دقيقة كتلك : التي تحكم تفاعلات الذرات والجزيئات في علم الكيمياء..
وكان يدرك أن قوانين التفاعلات الكيماوية لا مجال فيها " للفهلوة " والارتجال والعنتريات والكذب وخداع النفس، وأن الزمان الذي كان الكيماويون فيه يضيعون الوقت والمال والجد والسياسة للحصول على الاكسير، الذي يحول الفلزات الحقيرة الى ذهب، زمن قد ولى وانقضى الى غير رجعه...
فكان مجرد الحصول على "وعد" بمثابة تفاعل كيماوي مدروس يمكن البدء منه وارتياده كافة المظان والسبل والأساليب والحيل والدسائس للوصول به إلى النتيجة المطلوبة والمخطط لها أصلا، بعلم واصرار...
ولم تكن الحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارها بعد، عندما طلب وايزمان ذلك الوعد من بريطانيا العظمى في شخص وزير خارجيتها بلفور، ولم يك انتصار الحلفاء مقطوعا به مائة بالمائة، ولذلك كان أمثال آخرون لوايزمان، يسعون نفس المسعى لدى الألمان وحلفائهم، دون أن يصطرع الفريقان من اليهود أو يقتتلا...
وكان علم السياسة في دماغ الداهية بلفورقد ارتقى أيضا إلى مستوى قدرة الكيماوي العالم بأسرار التفاعلات، فوافق شن طبقا، كما يقول المثل عندنا، " وما أكثر الأمثال عندنا والحكم " فوجد في الموافقة خيرا كثيرا لصناعة السياسة البريطانية، فأصدر ذلك الوعد وهو متأكد من كيفيات مسيرة الأحداث به لقرن من الزمان...
فهذا الوعد، وعد بلفور، الذي يعيش الوطن العربي والاسلامي، اليوم أثاره وذيوله وشجونه، من نسج عالم كيماوي خبير عرف معنى السياسة وكيف تؤكل الكتف، وداهية سياسي شيطان إرتقى تفكيره إلى مستوى فهم المعادلات والقوانين البالغة التعقيد والعمق... الخ
هذا العالم اليهودي خدم ملته وعشيرته بما رأيت! لقد ذكر قومه ولم يذكرنفسه، وخدم عقيدته ولم يخدم شهوته، وتوسل بعبقريته العلمية ليجمع شتات أمته..
فماذا كان يحدث في الطرف الآخر؟ هناك عبيد جاه ينشدون الحكم على أنقاض دولة الخلافة! هناك طلاب علم لا دين لهم يريدون به جمع المال لأنفسهم وأولادهم وحسب! هناك طلاب دين تتصبب عرقا لتقنعهم أن الكيمياء علم جليل، وأن الإمامة فيه من أخصر الطرق لخدمة الإسلام، فإذا هم يهربون منك كي يتقعروا في بحث عن حرمة الذهب للنساء أو عن ضرورة قراءة الفاتحة وراء الإمام أو عن وجوب الوضوء على من لمس امرأة!!
فإذا عدت به إلى الميدان الذي هرب منه اكتفى بأخذ إجازة علمية صحيحة أو مزورة ولم يعشق البحث والكشف والاستنتاج والاختراع! ثم تراه بعد ذلك في جلباب أبيض كأنما يستعد لحفل من أحفال " الزار" ثم يزعم بتبجح أن هذه هي السنة!
إن العقل الأوربي من أقرب العقول إلى الإسلام، وقد فقد ثقته فيما لديه من مواريث روحية أو مدنية، بيد أنه ليس مغفلا حتى يفتح أقطار نفسه لأناس يعرضون عليه باسم الاسلام قضايا اجتماعية أو سياسية منكرة!
إن الأوربيين بذلوا دماء غزيرة حتى ظفروا بالحريات التي ظفروا بها، فهل يقبل أحدهم أن تعرض عليه عقيدة التوحيد مقرونة بنظام الحزب الواحد، ورفض المعارضات السياسية، ووضع قيود ثقيلة على مبدأ الشورى وسلطة الأمة؟؟ والمسلم الذي يعرض دينه بهذا اللون من الفكر، أهو داعية لدينه حقا؟ أم جاهل كبير يريد أن ينقل للناس أمراضا عافاهم الله منها؟
إن هذا المتحدث الأحمق فتان عن الإسلام! ويشبه في الغباء من يعرض عقيدة التوحيد مقرونة بضرب النقاب على وجوه النساء! من يسمع منه؟ وكيف يريد فرض رأي من الاراء أو تقليد من التقاليد الشرقية باسم الإسلام؟
ما أكثر القمامات الفكرية بين شبابنا! لقيت جامعيا متدينا يقول: إن فلانا جمع نحوسبعين دليلا على أن النقاب من الإسلام! فقلت له: وأنا انتهيت الآن من قراءة كتاب جمع نيفا وأربعين دليلأ على أن الأرض ثابتة والشمس تدور حولها..
إنها فوضى مقصودة في ميدان العلم الديني، ولابد من تطهير هذا الميدان على عجل حتى ينقذ المسلمون أنفسهم من هلاك محقق!!
وتوجد الآن طوائف غفيرة تذهب إلى عواصم الغرب لتعرض الإسلام، وأنا أشعر بغضاضة شديدة من الأسلوب الذي تحيا به، هذه الجماعات، والآثار التي تعقبها، والكلمات التي تقولها! ولا أنتظر ثمرة حلوة لهذا النشاط القاصر المرتجل!
وقد نكون كسبنا- مائة ألف فرنسي، أومائة ألف انكليزي! فهل هذه الأرباح تغنى عن الملايين التي خسرناها في البلقان وشرق أوربا وجزر البحر المتوسط وجنوب آسيا وشرقها أو الأقطار والأجيال التي خسرها الإسلام بين الفلبين شرقا والأندلس غربا...؟
إن الغيبوبة التي احتوت الأمة الإسلامية منذ قرون لا تزال مستولية على أعصابها وأجهزتها العليا والدنيا! ولا تزال تلوث ينابيعها الثقافية وتدوخ حركاتها السياسية، وتخدر كل ما يتصل بالدعوة والدعاة فلا دراسة ولا رصد ولا متابعة وكأن أمتنا نسيت أنها تحمل رسالة للناس أو كانت كذلك قديما..
التعاليم التي ندعوإليها هي الأركان المتفق عليها والنصوص المقطوع بها أما ما يحتمل عدة أفهام فلا دخل له في ميدان الدعوة! وإذا كان المسلمون أنفسهم في سعة أمام هذه الأفهام العديدة، وإذا قالوا: لا يعترض بمجتهد على مجتهد آخر، فكيف نلزم الأجانب بفقه خاص؟
إننا نضع العواثق عمدا أمام الإسلام حين نفرض على الراغبين فيه تقاليدنا في الحكم والاقتصاد والمجتمع والأسرة وأغلب هذه التقاليد ليس له سناد قائم، بل أغلبه وليد عصور الانحراف والتخلف..
و من الممكن بعد اقتناع الراغبين في الإسلام من اعتناقه، أن تترك لهم حرية الاختيار من الفروع التي لا حصر للخلاف فيها، ولا ميزة لرأي على آخر..
إننا ندعوإلى الإسلام، لا إلى الاقتداء بالمسلمين! ندعوإلى الكتاب والسنة، لا إلى سيرة أمة ظلمت نفسها ولم تنصف تراثها.
ذلك أن دين الله جدير بالاتباع أما مسالكنا نحن فجديرة بالنقد، والبعد...!
قام بلتجميع
م/ ادهم صبرى
تعليق