بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني واخواتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، اما بعد ..

الحقيقة يا اخواني اردت اليوم ان اتحدث معكم بعبادة من الذ انواع العبادات
يعني ما شاء الله علينا
نقيم الصلاة
ونؤتي الزكاه
ونتصدق
ونصوم
ونحج ونعتمر
ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر
ونصل ارحامنا
ونبر بوالدينا واقاربنا

وهذا يا اخواني شيء جميل ورائع ولا غبار عليه بل فروض ويجب تأديتها والا نخسر لا قدر الله ونكون من الهالكين والعياذ بالله ...

لكـــــــــــــن !!!
لكن هناك عبادة من الذ انواع العبادات وأعمقها اثرا في قلب المؤمن تكاد تختفي وتنقرض
وقليل وما ندر من يقوم بها في ايامنا هذه ، رغم انها لا تكلف شيءا ولا تعبا ولا مجهودا جسديا
لأنها عبادة قلبية بصرية بحتة ..

وبإمكانكم ان تقومون بها في اي لحظة وفي اي مكان قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم
في البيت .. في السيارة .. على رأس جبل .. على شاطيء بحر .. امام السماء ...
وأمام أي منظر خلاب ...

(اعرف انه ذبحكم الفضول ، اصبروا )

إنها


إنها


إنها عبادة التفكـــــــــــــــر

نعم اخواني في الله عبادة التفكر التي تكاد تنعدم في قلوب الناس
هيا بنا لنحييها ...

لنتذكر مليا اخواني الغاليين
الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كان ينعزل عن الناس ويلتجأ الى غار حراء
مكان بسيط مقفر موحش مظلم لا يوجد فيه الا الخلوة وامامه السماء ..
كان يختلي عليه الصلاة والسلام بربه يخاطبه يناجيه يتعرف الية يأنس بقربه يتفكر في خلقه
فكان جلاء كاملا لقلبه وعقله وفكره
مما هيء له استقبال امر الله عزوجل بالنبوة والرساله على اكمل وجه
فقد عرف نبينا محمد ربه من خلال هذا الكتاب المنظور ومن قبله الانبياء قبل معرفة الله عزوجل عن طريق الكتب السماوية وكلام الله المقروء ...

فلم يكن عليه الصلاة والسلام يقرأ او يكتب بل كان أميا بأبي هو وامي وروحي وولدي وكل ما املك ، كان يحب الخلوة
( حُبب إليه الخلاء )
كان يختلي ايام وأيام في الغار يتفكر ويناجي ربه عزوجل ويتأمل ويتعبد بالساعات الطوال والايام الكثيرة ، مما هيأه للرسالة .. سبحان الله ...

نعم اخواني انها عبادة التفــــكر
ومن قبل محمد صلى الله عليه وسلم كانت الانبياء
انظر لقول الله عزوجل لأبراهيم عليه السلام :

(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأي كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين.. )

وعندما كان صلى الله عليه وسلم يقيم الليل يبلل ملابسه من شدة البكاء والخشية عندما سمع قول الله جل في علاه

"إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار".

بلل لحيته وبلل الارض ساجدا وكان من اغرب ما رأته امنا عائشة رضي الله عنها
وقالت انه قال صلى الله عليه وسلم في هذه الاية :

((ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها))

والله ليقشعر البدن وتبكي العيون ، إنه رسول الله الحبيب صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أيها الأحبة لقد ابكته وأقضت مضجعه ولم تجعله يهنأ بالنوم في ليلته تلك فكان يقرأها في صلاته ويبكى قائماً وساجداً وبكى وهو مضطجعاً.

نعم إنها لآيات عظيمة تقشعر منها الأبدان وتهتز لها القلوب ، قلوب أولى الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض وليست كل القلوب كذلك !
فهلا تفكرنا في ملكوت الله ؟
وهلا أكثرنا من ذكر الله ؟
واستشعرنا عظمته سبحانه وتعالى ؟

لو فعلنا ذلك لبكينا من خشية الله عند سماع أو قراءة هذه الآيات ولكن لله المشتكى من قسوة في قلوبنا وغفلة في أذهاننا.

اللهم أنر قلوبنا بنور القرآن ، اللهم إنا نسألك قلباً خاشعا ولساناً ذاكرا وعلماً نافعاً صالحاً.

نعم أخي في الله هذا رسول الله وقد غفر له ، وانت ؟؟!!
هل تتفكر ؟ هل تتأمل ؟ هل ترى عظمة ربك عزوجل ؟؟

تفكر اخي تفكر في خلق الله حتى يرق قلبك ويتصل بخالقك ، فتعرفه وتقر بوجوده ، فتحبه وتتصل به
تفكر اخي ففي التفكر حياة ، شوق ، أنس ، رغبة ، رهبة ، خشية ، اقبال ....
فيفتح الله تعالى على قلبك ، وعلى بصيرتك اجمل الفتوحات واعلى الدرجات ..

اخي في الله يا من احبك واخاف عليك من سخطه وعذابه
اياك انت تعرف أمك أو ابيك او حبيبتك او ابنك اكثر من معرفتك لخالقك !! اياك اياك
هذا الخالق العظيم هو ربك وصانعك ..

اياك أن تعرف الفنانين ، والاصدقاء ، والمخترعين
اياك ان تعرف بيتك وعملك والتلفاز والمسلسلات والاغاني الاباحية اكثر من معرفتك لله خالقك !!

اياك اخي وحبيبي في الله أن تُسأل خالقك ومولاك فتطغى عليك علامات الحيرة والتعجب والاستفهام ، فتتعثر ولا تعرف ألإجابة ...
( وحسرتاه ما اكثرهم هم كغثاء السيل ، من يعرفون المغنيين والفنانين اكثر من ربهم )

اخي الغالي اختي الحبيبة
كُن أعرف الناس بربك بالتفكر في خلقه واكتشاف اسرار مخلوقاته فتكون اقرب الناس اليه
لهذا اعطاك الله العقل !!
ليس للتفكير في الاكل والشراب والغرائز والشهوات بل القيمة الاعظم هي
حتى تعرفه ، وتتفكر في خلقه فكلما عرفته كلما خشيته وهبته ، فيقربك منه جل في علاه ..

ومن رحمته عزوجل ان خلق هذه العبادة لأنه يا اخواني هناك الكثير من الاميين الذين يعرفون ربهم ويخشونه ولا يقدرون على عبادته من خلال قراءة كتابه الكريم فماذا يفعلون ؟؟
يعبدونه من خلال قراءة كتابه المنظور من خلال التفكر في ملكوت الله الواسع العجيب
يتفكرون بما حولهم من بديع صنع الله الخالق ..

فليس هناك حجة ابدا لأي مخلوق ان لا يعبد الله ربه ...
سبحان الله الخالق ..

اجعل اليمان يشرق في قلبك اذن بمعرفة الله عزوجل بالتفكر في خلقه

قال الحسن :
تفكر ساعة خيرٌ من قيام ليلة

وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:
التأمل في نعم الله من افضل العبادات

وقال الله العظيم المصور البديع :

" أفلا ينظرون إلى الأبل كيف خُلقت "

"إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب "

(وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون)

(الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار* وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار* وأتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار)

(والله أنزل من السماء ماءاً فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون* وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين* ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً إن في ذلك لآية لقوم يعقلون* وأوحي ربك إلي النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون* ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون )

ايآت كثيرة جدا تحث المؤمن على التفكر في خلق الله تعالى والتقرب اليه .

كل شيء في الوجود يستدعي التفكر
اقرأ وتفكر أخي في الله ، لا تكن بليداً قاسي القلب ، لا تهزك عظمة خالقك
واياك ان تألف نعم الله فتصبح روتين تمر عليها دون ان تشكر نعمه وتحمده عليها .

استغفر الله العلي العظيم لي ولكم واشهد ان لا اله الا الله محمدا عبده ورسوله
صلى الله عليه وسلم


اختكم الفقيرة الى عفو الله
وردة الاسلام
دعواتكم