حوار مع صحفى
*لماذا تمارس الصحافة؟
*تقول: أمارسها لأظهرَ الحقيقة.
*هل معنى ذلك: أن تنشر أخبارًا لاأخلاقية، أو صور العاريات! أو أخبارا تمس أعراض الناس دون التثبت من صحة الخبر! أو تثير الشائعات بزعم السبق الصحفى! أو تركب صورا وأخبارا ملفقة! أو تدعى كذبا قرابتك من مسئول، أو أنه أعطاك ميعادا لتقابله! أو تضع عنوانا براقا خادعا يطعن فى صحة من أجريت معه اللقاء الصحفى! أو تقص من كلامه ما تشاء! أو تغير السؤال الذى سألته، وتبقى إجابته؛ بزعم الحبكة الصحفية! أو تدعى الغيب، فتكتب حظك اليوم! أو ترسم كاريكاتيرًا لامرأةٍ غير محجبةٍ، أو رجلاً يقبل امرأة! أو تسخر من القرآن والسنة، والملائكة والصحابة والحجاب والنقاب واللحية وثوابت الدين؛ بزعم التشويق الصحفى! قال عز وجل (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) التوبة(65-66).
*تقول: الصحافة تقتضى أن يعرفَ الصحفى كيف يجذب قراءه!
*ألا يوجد مواثيق فى الصحافة؟
*تقول: لقد علمتنى الصحافة أنه ليس خبرًا أن تقولَ: كلب عض رجلاً، إنما الخبر أن تقولَ: رجلٌ عض كلبًا!!
*إذا كان لا يوجد قوانين صحفية، فأين الرقيب من ضميرك؟
*تقول: مهنة الصحافة تقتضى أن أكون أسدا؛ حتى لا أؤكل! هل هذا يغنى عنك من الله شيئا: حين يسألك عما جنته يداك؟
*الرزق الذى يأتيك من الفرقعات الصحفية الخادعة (وإن كان كثيرا): سيكون معدودا وبلا بركة! أما إن اتقيت الله: فسترزق بلا حساب رزقا كله بركة؛ قال عز وجل (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ) الطلاق(2-3). بل وسيأتيك رزقك(بإذن الله) من السماء والأرض؛ قال عز وجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأعراف(96).
*تقول: كيف أكون صحفيا بدون فرقعات صحفية؟! إن الفرقعات الصحفية الكاذبة: تجعلك من الفاسقين! قال عز وجل (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات(6). أتحب أن تندم فى الآخرة: يوم لا ينفع الندم؟!
*تقول: لا ذنب علىَّ؛ فمعظم الصحفيين كذلك! ابدأ بنفسك؛ قال عز وجل (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ) الزخرف(39).
*تقول: قد يضطرنى رئيس التحرير للفرقعات الصحفية؛ لزيادة التوزيع! ذكره بأدب: بقوله صلى الله عليه وسلم ((لا طاعةَ فى معصية الله؛ إنما الطاعةُ فى المَعْرُوفِ)) البخارى(7257)، مسلم(1840). ذكره بقول الله عز وجل (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) النحل(97). أى: حياة سعيدة؛ فطاعة الله عز، ومعصيته ذل!
*تقول: سأحس بغربة بين الصحفيين. قال صلى الله عليه وسلم ((إن الإسلامَ بدأ غريبا وسيعودُ غريبا كما بدأ، فَطُوبَى للغُرَباءِ. قيل: من هم يا رسولَ الله؟ قال: الذين يَصْلُحُون إذا فَسَدَ الناسُ)) الصحيحة(1273). قال المُناوى (فطوبَى: فرحة وقــُرَّة عين، أو سرور وغِبْطَة، أو الجنة أو شجرة فيها).
*تسأل: كيف تكون رسالة الصحافة بلا فرقعات صحفية؟!
*إن رسالة الصحافة: فى الدفاع عن الله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكل الأنبياء، والملائكة، والصحابة وأمهات المؤمنين، والدفاع عن مقدسات المسلمين، وعدم تقديم أى خبر: على الأخبار التى تتعلق بالله وكتابه ورسوله وصحابته صلى الله عليه وسلم ومقدسات المسلمين. والرسالة: ألا تمدحَ مسئولاً بما ليس فيه؛ لتحَصِّلَ مالاً أو منصبًا، فتصبحَ من المنافقين المذمومين عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم! عن هَمَّام بن الحارث: أن رجلا جعل يمدحُ عثمانَ، فعَمِدَ المقدادُ فجثا على ركبتيه - وكان رجلاً ضخمًا- فجعل يَحْثو فى وجههِ الحَصْبَاءَ! فقال له عثمانُ: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم المَدََّاحِينَ: فاحْثُوا فى وُجُوهِهِمُ الترابَ! )) مسلم(3002). والرسالة: أن تدفعَ الظلم عن المظلومين، وتردَّ الحق لأصحابه، وتمسحَ دموع الأرامل واليتامى والمعاقين والمساكين (كمشروع ليلة القدر). والرسالة: ألا تمَجِّدَ اللاعبين واللاعبات، والممثلين والممثلات، والمطربين والمطربات، والراقصين والراقصات. والرسالة: ألا تنشرَ الروايات الهابطة علميًا وخلقيًا، وألا تشغلَ الرأى العام بتوافه الأمور؛ فتصبح مكروهًا من الله!! قال صلى الله عليه وسلم ((إن اللهَ يُحِبُّ مَعَالِىَ الأمور ِ وأشْرَافَهَا، ويَكْرَهُ سَفْسَافَهَا)) الصحيحة(1627). والرسالة: ألا تنشرَ إعلانات لنساءٍ غير محجباتٍ، أو رجال بمايوهات أو ملابس داخلية! والرسالة: أن تعودَ للحق، وتكتب فى نفس المكان الذى أخطأت فيه وتصحح الخطأ، وتكثر التوبة؛ ليحبَّك الله. قال عز وجل (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة(222). والرسالة: ألا تنشرَ فكرًا يطعن فى القرآن والسنة، وثوابت الدين، وألا تترجم فكرًا شاذا؛ بزعم أن صاحب هذا الفكر أستاذ دكتور، أو أنه حصل على جائزة نوبل! فالكمال لله، والعصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ومجرد حصول فلان على جائزة نوبل: لا يجعله معصوما، بل سيخطئ مرات ومرات! قال صلى الله عليه وسلم ((كل بنى آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)) صحيح الجامع(4515). والرسالة: ألا تفتىَ فى الدين برأيك، بل ترجع لكلام العلماء الربانيين والدعاة المخلصين، وتنسب القول إليهم. والرسالة: ألا تنشرَ فتاوى المشايخ الذين يفتون بأهوائهم، غير مستندين لآية أو حديث صحيح! أو المشايخ الذين يفتون لينافقوا المسئولين! فضلاً عن عدم نشر الآراء الشاذة: لمن يُقال له مفكر إسلامى، وهو لا يعرف الفرق بين الفقه وأصول الفقه! والرسالة: أن تحاربَ الاحتكار، والكليبات العارية، وعقوق الوالدين، ونظرة المجتمع السيئة للمطلقة والأرملة! وتحاربَ التدخين والإدمان، والعادات والأخلاق السيئة. والرسالة: أن تنسبَ الكلام الذى نقلته عن صحفى أو غيره لقائله، ولا تنسبه لنفسك! والرسالة: أن تبحثَ عن النوابغ العلمية والأدبية فى الأمة، وتعَرِّفَ أصحاب المصانع والشركات بالمخترعين الصغار، والحرفيين المَهَرَة. والرسالة: أن نثبتَ للعالم: أن محمدا صلى الله عليه وسلم ما مات وما خلف بنات، بل خلف رجالا يحملون قبس القرآن ونور النبوة؛ ليبدد ظلام وتخبط البشرية.
*تسأل: لماذا تحاربون حرية الإبداع باسم الدين؟! هل امتهان الله، والقرآن، والسنة، والرسل، والصحابة، وأمهات المؤمنين، ومقدسات المسلمين، ومحاربة الأخلاق بالروايات المنحرفة، ووصف حوادث الشرف بشكل مستفز، والصور والكاريكاتيرات الهابطة، والكليبات والأفلام الساقطة: إبداع؟ كيف تجرؤ على هذا، وأنت لا تجرؤ على التشكيك فى عدد اليهود ضحايا المحرقة النازية(الهولوكست)! أتخاف وتوقر اليهود، ولا تخاف الله؟! قال عز وجل (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ) نوح(13). قال عز وجل (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ) آل عمران(28)،(30). فلتحذر ولتنته، وإلا فستعيش فى ضنكٍ! وتحشر يوم القيامة أعمى!! قال عز وجل (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه(124). وستجد يوم القيامة: كل ما كتبته وقلته ورسمته وصورته فى كتاب، وتندم يوم لا ينفع الندم!! قال عز وجل (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) الكهف(49).
اللهم اهد كل صحفى لما تحب وترضى
تعليق