النص حرفيا كما ورد نقلاَ شبكة فلسطين للحوار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على المبعوث رحمه للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
أبناء شعبنا وأبناء أمتنا العربية والإسلامية..
اليوم الخامس من حزيران تمر بنا ذكرى أليمة وهي هزيمة عام 67، بما خلفته من نتائج مباشرة على قضيتنا وأرضنا وشعبنا، وعانى شعبنا وما يزال من أثار هذه الهزيمة وما ترتب عليها من احتلال لبقية الأرض الفلسطينية ونزوح الآلاف وتشريدهم لكنها لم تحطم إرادتنا ولم تقعد أمتنا عن القيام بواجبها والنهوض مجدداً لملئ الفراغ الاستراتيجي سياسياً وأمنياً، كما أنها شكلت مدخلاً للوقوف مع الذات ومعالجة أسباب النكسة وإعادة ترتيب الأولويات والتصالح مع الذات على امتداد الوطن العربي لاستعادة زمام الأمور، وتجلى ذلك بالثورة والمقاومة الفلسطينية، ولاءات الخرطوم التي حددت الموقف العربي من الصراع مع الاحتلال الصهيوني، ثم الانتصار في حرب أكتوبر عام (73)، وانطلاق الانتفاضة الأولى التي استمرت سبع سنوات ثم تفجير انتفاضة الأقصى المباركة التي ما زالت متواصلة حتى وقتنا الراهن والانتصار في الحرب الاخيرة في لبنان، وخلال واحد وأربعين سنة رفضنا أن نتجرع كأس الهزيمة وارتقى عشرات آلاف الشهداء من أبناء شعبنا وأمتنا العربية، وقدمنا آلاف الأسرى والجرحى والنازحين والمبعدين، ولكنا أصبحنا للعودة والتحرير أقرب فقد شهد الاحتلال انكفاءات كبرى بالانسحاب من أراض عربية ومن قطاع غزة.
واليوم نرى أن الذكرى يمكن أن تشكل مدخلاً لاستعادة الوحدة الداخلية وحماية الثوابت الوطنية، وإعادة الاعتبار لمشروع الصمود والمقاومة، ولإحياء العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، وهذا ما يجب العمل لانجازه.
أبناء شعبنا الصابر..
عامان ونيف من الحصار الظالم المفروض على شعبنا، وعام كامل من الحصار المحكم الخانق على قطاع غزة، قطاع العزة، طالت تداعياته كافة مناحي الحياة، وقد سعى الاحتلال من وراء الحصار وإغلاق المعابر وتفجير الأزمات بما فيها أزمة الوقود والكهرباء إلى أن يضع شعبنا في القطاع أمام خيارين أحلاهما مر:
الأول: الركوع والانهيار أمام الحصار وضربات الاحتلال.
والثاني: الاستسلام والقبول بالشروط السياسية الظالمة.
لكن شعبنا اعتمد خياراً ثالثاً في التعامل مع هذا الحصار أنه خيار الصمود والثبات والتماسك ورباطة الجأش وعدم الاستسلام، وتحمل من أجل ذلك العذابات والتضحيات وفقدان مقومات الحياة ولكنه ظل شامخاً ثابتاً ثبوت الجبال الراسيات، وتقدم نحو مواطن الشرف والعزة بنفوس راضية، وعزائم قوية، وإرادة لا تلين، حتى بتنا اليوم ورغم وعورة الطريق أمام مقدمات انهيار إستراتيجية الحصار، وزوال الغمة، وتفريج الكربة، وانفراج العسرة بإذن الله تعالى وصدق الله القائل (وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ).
يا أبناء شعبنا العظيم..
تحركت الإدارة الأمريكية في كل الاتجاهات وعلى كل المسارات لاستغلال الحالة الاستثنائية التي مرت بساحتنا الفلسطينية، وهدفها من هذا التحرك تكريس الانقسام وتمرير حلول سياسية على حساب شعبنا وحقوقه ومستقبل أجياله، فتمت الدعوة إلى مؤتمر أنا بلوس، وتوالت بعد ذلك اللقاءات التفاوضية، والزيارات المكوكية لوزيرة الخارجية الأمريكية، وحتى للرئيس الأمريكي نفسه، وكنا قد حذرنا من مغبة التعاطي مع هذا النهج، ونصحنا إخواننا سراً وعلانية بشأن المخاطر المترتبة على هذه التحركات.
واليوم علينا كشعب أن نواجه الحقائق الجلية والمتمثلة في أن الإدارة الأمريكية توظف الملف الفلسطيني لتمرير سياستها في المنطقة، ولخدمة الأجندة الانتخابية ليس إلاَّ، وأن خطوط سياستها اتضحت جلية عبر الخطاب الخطير الذي ألقاه الرئيس بوش في الكنيست الإسرائيلي، وفي تصريحات المرشحين للرئاسة الانتخابية خاصة ما يتعلق بالقدس المباركة.
ومن الحقائق أن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم – وبلغة المفاوضات – أي عروض تستحق البحث والتفكير حتى من أكثر المؤيدين لعملية التسوية، بل استمرت في رسم الوقائع على الأرض بالمستوطنات والجدار والحواجز واتضح أن الإستراتيجية الإسرائيلية في حقيقتها تهدف إلى منع قيام أي دولة فلسطينية على حدود عام 1967، والاحتفاظ بالقدس موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية، والاحتفاظ بالمستوطنات في الضفة وتسريع وتيرة الاستيطان في القدس وحولها، وعدم الاعتراف بحق العودة.
وتحت ستار دعاوى إنجاح العملية السلمية سعى الاحتلال إلى إلقاء التبعة على الجانب الفلسطيني في كبح جماح الفصائل الفلسطينية وتجريدها من سلاحها، ووضع حد للمقاومة على أمل أن يوفر ذلك الأمن للاحتلال ويعفيه من تكلفة احتلاله للأرض والإنسان وكل ذلك على حساب الأمن المفقود للشعب الفلسطيني في كل من الضفة والقطاع.
وأمام هذه الحقائق سقطت العديد من الرهانات: رهان الاستناد فقط على خيار المفاوضات المجردة من عناصر القوة والدعم والرهان على الإدارة الأمريكية، ورهان الاعتماد على مفهوم أن تنظيم العلاقة مع الاحتلال أولى من تنظيم العلاقة مع الداخل الفلسطيني، ورهان انكسار شعبنا وسقوط خياره الديمقراطي أمام الحصار والعدوان وأن سقوط هذه الرهانات تعنى أننا أمام حقبة استثنائية تستوجب عملاً فلسطينياً استثنائياً ونود التأكيد بأن الاحتلال باطل وما نتج عنه فهو باطل سواء ما يتعلق بالأرض أو القدس أو الإنسان، ونحن متمسكون بحقوقنا وماضون نحو استرجاعها مهما كلفنا ذلك من ثمن، فالحقوق لا تضييع بالتقادم، ولا بلغة الهيمنة وبلطجة القوة وجلبة السلاح.
ومن أجل مواجهة المخاطر والتحديات وبهدف حماية ثوابت شعبنا وحقوقه الراسخة وحفاظاً على المصالح العليا، ووفاءً للشهداء والأسرى والجرحى، وتحملاً للمسئولية الوطنية وحتى نواجه أمورنا بصف موحد فإننا نؤكد بأن إنهاء الخلاف الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، وحماية عناصر القوة التي يتمتع بها شعبنا تشكل نقطة الانطلاق ، وكنا قد تابعنا باهتمام خطاب الرئيس أبو مازن الذي ألقاه أمس ووجه فيه الدعوة لحوار وطني شامل ونوضح ما يلي:
أولاً: لقد دعونا للحوار منذ اللحظات الأولى للأزمة، وعبرنا في أكثر من مناسبة عن رغبتنا وقناعتنا بهذا الخيار، ورأينا أنه لا سبيل لمعالجة الأوضاع التي طرأت على ساحتنا إلاَّ بهذه الطريقة.
ثانياً: لقد تجاوبنا مع كافة الوساطات الفلسطينية والعربية، وأبدينا مرونة كافية مع كافة الأطراف التي أجرت معنا اتصالات سرية أو علنية، وشجعنا العديد من الأطراف على سرعة التحرك من أجل الخروج من واقع الأزمة لقطع الطريق على التدخلات الخارجية والمخططات الإسرائيلية، ومن هنا جاء توقيعنا على إعلان صنعاء الذي ارتكز على أن مبادرة اليمن إطار للحوار.
ثالثاً: مما لا شك فيه أن الإدارة الأمريكية لا ولم ترغب في أية مصالحة فلسطينية، ووضعت عوائق كثيفة أمام انطلاق مشروع الحوار الفلسطيني، ونشرت أوهاماً أثقلت الحالة الفلسطينية ليس أقلها أن الحوار والمصالحة الداخلية سوف يضر بمسار المفاوضات وعملية التسوية وآفاق الحل المنشود، والذي اتضح أنه سراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
رابعاً: إننا نرى أن الأزمة الداخلية على صعوبتها، يمكن معالجتها جذرياً والخروج منها إلى فضاء أفضل إذا ما توفرت النوايا الصادقة، والإرادة الحقيقية، واستحضرنا المصالح العليا، وأزحنا من طريقنا المؤثرات والضغوط الخارجية، وتسلحنا بالقرار الجرئ بل نحن قادرون على إحداث نقلة ملموسة على هذا الصعيد وعلى إدخال الفرحة لكل بيت فلسطيني وتكفيف الدموع ووضع حد للآلام وإنهاء القطيعة وبداية عهد جديد واستئناف مسيرة العمل المشترك من أجلنا وأجل شعبنا وأجل قضيتنا ومستقبل أجيالنا.
وبناءً على كل ما سبق فإننا نعلن ما يلي:
أولاً: نرحب بدعوة الرئيس أبو مازن الداعية لإجراء حوار وطني شامل، وننظر بايجابية إلى الروح الجديدة التي ظهرت في الخطاب..
ثانياً: ندعو إلى البدء فوراً في حوار وطني شامل على قاعدة إعلان صنعاء والذي حدد طبيعية التعامل مع المبادرة اليمنية والتي اشتملت على العديد من القضايا وملفات الحوار الداخلي بهدف العودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه تأكيداً لوحدة الوطن الفلسطيني أرضاً وشعباً وسلطة واحدة ومستندين كذلك الى الاتفاقات الموقعة والتمثلة باتفاق القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني واتفاقية مكة.
ثالثاً: ندعو الجامعة العربية إلى رعاية الحوار الوطني الفلسطيني وخطوات المصالحة، على غرار ما تم التعامل به مع أزمة الأشقاء في لبنان ونعلن استعدادنا لتلبية أية دعوة من أي قطر عربي شقيق في هذا الإطار، على أساس لا غالب ولا مغلوب وبهدف الوصول إلى اتفاق ينتصر فيه كل الفلسطينيين.
رابعاً: من أجل تهيئة الأجواء للحوار المنشود فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبذل الجهد المطلوب من أجل رفع الحصار وفتح المعابر والإفراج عن النواب الأسرى، ونعلن من جانبنا أننا سنتخذ خطوات ملموسة في الأيام القادمة على الصعيد الإعلامي والمصالحات الداخلية.
خامسا : وإني أضع تصورا لالية التعامل مع الحوار تبدأ بتكثيف اجراءات بناء الثقة ثم وضع الاجندة الرئيسية للحوار وتصنيف هذه الملفات بحيث يتم البدء بالملفات التي يمكن احراز تقدم فيها وبعد ذلك مناقشة الملفات الأكثر صعوبة والخروج باتفاق بمظلة عربية واسعة على أن يتم كل ذلك في أسرع وقت ممكن مما يتطلب اظهار المزيد من الايجابية.
تحية للشهداء والأبرار والأسرى الأبطال والجرحى الميامين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخميس 1 جمادي الثانية 1429 هجرية
الموافق 5 يونيو 2008 ميلادية
ودمتم بصحة وعافية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على المبعوث رحمه للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
أبناء شعبنا وأبناء أمتنا العربية والإسلامية..
اليوم الخامس من حزيران تمر بنا ذكرى أليمة وهي هزيمة عام 67، بما خلفته من نتائج مباشرة على قضيتنا وأرضنا وشعبنا، وعانى شعبنا وما يزال من أثار هذه الهزيمة وما ترتب عليها من احتلال لبقية الأرض الفلسطينية ونزوح الآلاف وتشريدهم لكنها لم تحطم إرادتنا ولم تقعد أمتنا عن القيام بواجبها والنهوض مجدداً لملئ الفراغ الاستراتيجي سياسياً وأمنياً، كما أنها شكلت مدخلاً للوقوف مع الذات ومعالجة أسباب النكسة وإعادة ترتيب الأولويات والتصالح مع الذات على امتداد الوطن العربي لاستعادة زمام الأمور، وتجلى ذلك بالثورة والمقاومة الفلسطينية، ولاءات الخرطوم التي حددت الموقف العربي من الصراع مع الاحتلال الصهيوني، ثم الانتصار في حرب أكتوبر عام (73)، وانطلاق الانتفاضة الأولى التي استمرت سبع سنوات ثم تفجير انتفاضة الأقصى المباركة التي ما زالت متواصلة حتى وقتنا الراهن والانتصار في الحرب الاخيرة في لبنان، وخلال واحد وأربعين سنة رفضنا أن نتجرع كأس الهزيمة وارتقى عشرات آلاف الشهداء من أبناء شعبنا وأمتنا العربية، وقدمنا آلاف الأسرى والجرحى والنازحين والمبعدين، ولكنا أصبحنا للعودة والتحرير أقرب فقد شهد الاحتلال انكفاءات كبرى بالانسحاب من أراض عربية ومن قطاع غزة.
واليوم نرى أن الذكرى يمكن أن تشكل مدخلاً لاستعادة الوحدة الداخلية وحماية الثوابت الوطنية، وإعادة الاعتبار لمشروع الصمود والمقاومة، ولإحياء العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، وهذا ما يجب العمل لانجازه.
أبناء شعبنا الصابر..
عامان ونيف من الحصار الظالم المفروض على شعبنا، وعام كامل من الحصار المحكم الخانق على قطاع غزة، قطاع العزة، طالت تداعياته كافة مناحي الحياة، وقد سعى الاحتلال من وراء الحصار وإغلاق المعابر وتفجير الأزمات بما فيها أزمة الوقود والكهرباء إلى أن يضع شعبنا في القطاع أمام خيارين أحلاهما مر:
الأول: الركوع والانهيار أمام الحصار وضربات الاحتلال.
والثاني: الاستسلام والقبول بالشروط السياسية الظالمة.
لكن شعبنا اعتمد خياراً ثالثاً في التعامل مع هذا الحصار أنه خيار الصمود والثبات والتماسك ورباطة الجأش وعدم الاستسلام، وتحمل من أجل ذلك العذابات والتضحيات وفقدان مقومات الحياة ولكنه ظل شامخاً ثابتاً ثبوت الجبال الراسيات، وتقدم نحو مواطن الشرف والعزة بنفوس راضية، وعزائم قوية، وإرادة لا تلين، حتى بتنا اليوم ورغم وعورة الطريق أمام مقدمات انهيار إستراتيجية الحصار، وزوال الغمة، وتفريج الكربة، وانفراج العسرة بإذن الله تعالى وصدق الله القائل (وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ).
يا أبناء شعبنا العظيم..
تحركت الإدارة الأمريكية في كل الاتجاهات وعلى كل المسارات لاستغلال الحالة الاستثنائية التي مرت بساحتنا الفلسطينية، وهدفها من هذا التحرك تكريس الانقسام وتمرير حلول سياسية على حساب شعبنا وحقوقه ومستقبل أجياله، فتمت الدعوة إلى مؤتمر أنا بلوس، وتوالت بعد ذلك اللقاءات التفاوضية، والزيارات المكوكية لوزيرة الخارجية الأمريكية، وحتى للرئيس الأمريكي نفسه، وكنا قد حذرنا من مغبة التعاطي مع هذا النهج، ونصحنا إخواننا سراً وعلانية بشأن المخاطر المترتبة على هذه التحركات.
واليوم علينا كشعب أن نواجه الحقائق الجلية والمتمثلة في أن الإدارة الأمريكية توظف الملف الفلسطيني لتمرير سياستها في المنطقة، ولخدمة الأجندة الانتخابية ليس إلاَّ، وأن خطوط سياستها اتضحت جلية عبر الخطاب الخطير الذي ألقاه الرئيس بوش في الكنيست الإسرائيلي، وفي تصريحات المرشحين للرئاسة الانتخابية خاصة ما يتعلق بالقدس المباركة.
ومن الحقائق أن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم – وبلغة المفاوضات – أي عروض تستحق البحث والتفكير حتى من أكثر المؤيدين لعملية التسوية، بل استمرت في رسم الوقائع على الأرض بالمستوطنات والجدار والحواجز واتضح أن الإستراتيجية الإسرائيلية في حقيقتها تهدف إلى منع قيام أي دولة فلسطينية على حدود عام 1967، والاحتفاظ بالقدس موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية، والاحتفاظ بالمستوطنات في الضفة وتسريع وتيرة الاستيطان في القدس وحولها، وعدم الاعتراف بحق العودة.
وتحت ستار دعاوى إنجاح العملية السلمية سعى الاحتلال إلى إلقاء التبعة على الجانب الفلسطيني في كبح جماح الفصائل الفلسطينية وتجريدها من سلاحها، ووضع حد للمقاومة على أمل أن يوفر ذلك الأمن للاحتلال ويعفيه من تكلفة احتلاله للأرض والإنسان وكل ذلك على حساب الأمن المفقود للشعب الفلسطيني في كل من الضفة والقطاع.
وأمام هذه الحقائق سقطت العديد من الرهانات: رهان الاستناد فقط على خيار المفاوضات المجردة من عناصر القوة والدعم والرهان على الإدارة الأمريكية، ورهان الاعتماد على مفهوم أن تنظيم العلاقة مع الاحتلال أولى من تنظيم العلاقة مع الداخل الفلسطيني، ورهان انكسار شعبنا وسقوط خياره الديمقراطي أمام الحصار والعدوان وأن سقوط هذه الرهانات تعنى أننا أمام حقبة استثنائية تستوجب عملاً فلسطينياً استثنائياً ونود التأكيد بأن الاحتلال باطل وما نتج عنه فهو باطل سواء ما يتعلق بالأرض أو القدس أو الإنسان، ونحن متمسكون بحقوقنا وماضون نحو استرجاعها مهما كلفنا ذلك من ثمن، فالحقوق لا تضييع بالتقادم، ولا بلغة الهيمنة وبلطجة القوة وجلبة السلاح.
ومن أجل مواجهة المخاطر والتحديات وبهدف حماية ثوابت شعبنا وحقوقه الراسخة وحفاظاً على المصالح العليا، ووفاءً للشهداء والأسرى والجرحى، وتحملاً للمسئولية الوطنية وحتى نواجه أمورنا بصف موحد فإننا نؤكد بأن إنهاء الخلاف الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، وحماية عناصر القوة التي يتمتع بها شعبنا تشكل نقطة الانطلاق ، وكنا قد تابعنا باهتمام خطاب الرئيس أبو مازن الذي ألقاه أمس ووجه فيه الدعوة لحوار وطني شامل ونوضح ما يلي:
أولاً: لقد دعونا للحوار منذ اللحظات الأولى للأزمة، وعبرنا في أكثر من مناسبة عن رغبتنا وقناعتنا بهذا الخيار، ورأينا أنه لا سبيل لمعالجة الأوضاع التي طرأت على ساحتنا إلاَّ بهذه الطريقة.
ثانياً: لقد تجاوبنا مع كافة الوساطات الفلسطينية والعربية، وأبدينا مرونة كافية مع كافة الأطراف التي أجرت معنا اتصالات سرية أو علنية، وشجعنا العديد من الأطراف على سرعة التحرك من أجل الخروج من واقع الأزمة لقطع الطريق على التدخلات الخارجية والمخططات الإسرائيلية، ومن هنا جاء توقيعنا على إعلان صنعاء الذي ارتكز على أن مبادرة اليمن إطار للحوار.
ثالثاً: مما لا شك فيه أن الإدارة الأمريكية لا ولم ترغب في أية مصالحة فلسطينية، ووضعت عوائق كثيفة أمام انطلاق مشروع الحوار الفلسطيني، ونشرت أوهاماً أثقلت الحالة الفلسطينية ليس أقلها أن الحوار والمصالحة الداخلية سوف يضر بمسار المفاوضات وعملية التسوية وآفاق الحل المنشود، والذي اتضح أنه سراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
رابعاً: إننا نرى أن الأزمة الداخلية على صعوبتها، يمكن معالجتها جذرياً والخروج منها إلى فضاء أفضل إذا ما توفرت النوايا الصادقة، والإرادة الحقيقية، واستحضرنا المصالح العليا، وأزحنا من طريقنا المؤثرات والضغوط الخارجية، وتسلحنا بالقرار الجرئ بل نحن قادرون على إحداث نقلة ملموسة على هذا الصعيد وعلى إدخال الفرحة لكل بيت فلسطيني وتكفيف الدموع ووضع حد للآلام وإنهاء القطيعة وبداية عهد جديد واستئناف مسيرة العمل المشترك من أجلنا وأجل شعبنا وأجل قضيتنا ومستقبل أجيالنا.
وبناءً على كل ما سبق فإننا نعلن ما يلي:
أولاً: نرحب بدعوة الرئيس أبو مازن الداعية لإجراء حوار وطني شامل، وننظر بايجابية إلى الروح الجديدة التي ظهرت في الخطاب..
ثانياً: ندعو إلى البدء فوراً في حوار وطني شامل على قاعدة إعلان صنعاء والذي حدد طبيعية التعامل مع المبادرة اليمنية والتي اشتملت على العديد من القضايا وملفات الحوار الداخلي بهدف العودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه تأكيداً لوحدة الوطن الفلسطيني أرضاً وشعباً وسلطة واحدة ومستندين كذلك الى الاتفاقات الموقعة والتمثلة باتفاق القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني واتفاقية مكة.
ثالثاً: ندعو الجامعة العربية إلى رعاية الحوار الوطني الفلسطيني وخطوات المصالحة، على غرار ما تم التعامل به مع أزمة الأشقاء في لبنان ونعلن استعدادنا لتلبية أية دعوة من أي قطر عربي شقيق في هذا الإطار، على أساس لا غالب ولا مغلوب وبهدف الوصول إلى اتفاق ينتصر فيه كل الفلسطينيين.
رابعاً: من أجل تهيئة الأجواء للحوار المنشود فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبذل الجهد المطلوب من أجل رفع الحصار وفتح المعابر والإفراج عن النواب الأسرى، ونعلن من جانبنا أننا سنتخذ خطوات ملموسة في الأيام القادمة على الصعيد الإعلامي والمصالحات الداخلية.
خامسا : وإني أضع تصورا لالية التعامل مع الحوار تبدأ بتكثيف اجراءات بناء الثقة ثم وضع الاجندة الرئيسية للحوار وتصنيف هذه الملفات بحيث يتم البدء بالملفات التي يمكن احراز تقدم فيها وبعد ذلك مناقشة الملفات الأكثر صعوبة والخروج باتفاق بمظلة عربية واسعة على أن يتم كل ذلك في أسرع وقت ممكن مما يتطلب اظهار المزيد من الايجابية.
تحية للشهداء والأبرار والأسرى الأبطال والجرحى الميامين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخميس 1 جمادي الثانية 1429 هجرية
الموافق 5 يونيو 2008 ميلادية
ودمتم بصحة وعافية
تعليق