(يا ابنَ آدم إنما أنت أيام، فكلما ذهب يَوْمٌ: ذهب بَعْضُك). هكذا يُصوِّر الحسنُ البصري رحمه الله حياةَ الإنسان في مَثَل حكيم يستأهل أن يُكتب بماء الذهب.
أيها الإنسان: إن الوقت بِحَقّ هو رأس مالك.كيف لا وكل ما سواه لا قيمة له بدونه؟ ما فائدةُ المالِ والجمال، والمَسْكَنِ والمَرْكَب، والمَأْكَلِ والمَشْرب ساعةَ مفارقةِ الدنيا أو بَعْدَها؟
إن فلسفة استغلال الوقت واستثمار الفراغ تكاد لا تختلف بين الناس من حيث المبدأ؛ وهي: "تحقيق أكبر قدر ممكن من المتعة المستمرة في أطول وقت ممكن". فمنهم من يفضّل متعةَ لذيذِ الأطعمة, ومنهم من يفضّل متعة المنصب والشهرة, ومنهم من يقدّم الراحة الجسدية "كالتِّنْبَل"، ومنهم من يختار السياحة والتفسُّح أو المال والجنس... وتجد آخرين لا يقدِّمون شيئًا على المنافحة عن المبادئ والقيم التي يحملونها والتضحية في سبيل نشرها، أو يمسحون دموع المحزونين ويواسون مآسيهم.
ومن "المنظور الإسلامي" فالوقت يعتبر أحد المحاور الأساسية التي يُسأل عنها كل إنسان يوم القيامة, فهو أحد النِّعم الكبرى التي تُبنَى عليها الحضارة الإنسانية؛ كما في الحديث النبوي الشريف:
"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن:
1. عمره فيما أفناه 2. وعن عِلْمه فيما فَعل
3. وعن مالِه مِن أين اكتسبه وفيمَ أنفقه 4. وعن جسمه فيم أَبْلاه"
رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
فالمطلوب من المسلم قضاء وقته بين: طلب للعلم النافع على أنواعه والعمل به وتطبيقه, واكتساب المال الحلال وترشيد إنفاقه, ورعاية الجسد إلا حين تدعو العقيدةُ إلى بذلِ شيء من جهده أو إلى إبلائه تمامًا في سبيل الله...
وكل ما سبق له حَدٌّ أدنى واجب على كل إنسان في الشريعة الإسلامية, وأما ما زاد عليه فهو متروك للإنسان لِيَتَخَيَّر منه ما دام مرغوبًا مطلوبًا شرعًا أو حتى مباحًا غيرَ محرَّم بعيدًا عن العبث واللهوِ غيرِ الهادف أو الزائد عن مقدار الاعتدال.
وأما الحدُّ المقبول من الراحة، والاستجمامُ لتنشيط النفس على العمل الصالح الجادّ فهو ينقلب بِنِيَّة "التقوِّي والاستعداد" عبادة جديدة؛ فالنفس البشرية يعتريها الملال و﴿يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً﴾ [النساء: 28]. فالتكليف الرباني يستدعي الجد والاجتهاد لا حصولَ الإتلافِ والإجهادِ، وليس في شريعة الإسلام تكليف بما لا يُطاق. والقصة الآتية مَشْهد من حياة الصحابة ذوي النفوس التوَّاقة دائمًا إلى الترقي الأعلى:
لَقِيَ أبو بكر حنطلةَ الأسيدِيَّ -أحد كُتَّاب رسول الله - رضي الله عنهما.
فقال: كيف أنت يا حنظلة؟
- قال: نافق حنظلة!
قال: سبحان الله! ما تقول؟
- قال: نكون عند رسول الله يذكِّرُنا بالنار والجنة حتى كأنّا رَأْي عين. فإذا خرجنا من عند رسول الله عافَسْنا الأزواج والأولاد [انشغلنا بشؤونهم] والضَّيْعات [الأراضي الزراعية] فنسينا كثيرًا!
قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا.
[يقول حنظلة:] فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله
- قلت: نافق حنظلة يا رسول الله!
• فقال رسول الله : وما ذاك؟!
- قلت: يا رسول الله نكون عندك تُذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا!
• فقال رسول الله : والذي نفسي بيده إنْ لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فُرُشكم وفي طُرُقِكم. ولكن يا حنظلة ساعة وساعة -ثلاث مرات-. رواه مسلم.
فهذه قصة "ساعة وساعة" الترفيه بالحلال لا الفرق في الحرام باسم الدين!
ومن التوجيهات النبوية لاعتماد الترفيه الهادف الذي يساهم في تحقيق الأهداف الحيوية للفرد والأمة؛ كالصحة النفسية، والسعادة الأسرية، واللياقة البدنية، والمهارة العسكرية – قوله : "ليس اللَّهْو إلا في ثلاثة: 1. تأديبِ الرجلِ فَرَسَه 2. وملاعبتِه امرأتَه 3. ورَمْيِه بقوسِه ونَبْلِه" رواه النَّسائي.
أما أن يَغْلِب على أوقاتنا اللهوُ والعبث، ويَغيبَ عنا أيُّ هدف أو طموح، ونُهملَ واجباتنا الفردية والاجتماعيةِ العامّة، فَيَقتلَ البعض أوقاتَه على حافَة الطرقات، وفي مقاهي النراجيل أو الإنترنت، وعلى طاولة الزهر "النَّرْد" أو ورق الشدَّة وغير ذلك مما يعتمد على الحظ ولا يفيد الجسد ولا العقل ولا المجتمع... فهذا يدل على اليأس والإحباط والعبثية وعدم الوعي للهدف من الحياة والرسالة الموكولة إلى الإنسان فيها، كما أنه ينتهي بالإنسان عادة إلى فحش الكلام والمقامرة وغيرها من المنكرات. ولذلك شدَّد رسول الله التحذير بقوله: "مَنْ لَعِب بالنَّرْدَشِير [الزهر] فكأنما صَبَغ يَدَه بدم خنـزير" رواه مسلم، "مَنْ لَعِب بِنَرْد فقد عصى اللهَ ورسولَه" رواه أبو داود.
أيها القارئ المهتم: لا شك أنك تلاحظُ البَوْن الواسع بين هذه التعاليم النبوية وبين واقعنا وهذا من أسباب ضعفنا وتخلفنا، فأضِفْ جهدَك إلى الجهود، واجعل شعارك في شأنك الخاص وفي الإصلاح العام: (الوقت هو الحياة).
أيها الإنسان: إن الوقت بِحَقّ هو رأس مالك.كيف لا وكل ما سواه لا قيمة له بدونه؟ ما فائدةُ المالِ والجمال، والمَسْكَنِ والمَرْكَب، والمَأْكَلِ والمَشْرب ساعةَ مفارقةِ الدنيا أو بَعْدَها؟
إن فلسفة استغلال الوقت واستثمار الفراغ تكاد لا تختلف بين الناس من حيث المبدأ؛ وهي: "تحقيق أكبر قدر ممكن من المتعة المستمرة في أطول وقت ممكن". فمنهم من يفضّل متعةَ لذيذِ الأطعمة, ومنهم من يفضّل متعة المنصب والشهرة, ومنهم من يقدّم الراحة الجسدية "كالتِّنْبَل"، ومنهم من يختار السياحة والتفسُّح أو المال والجنس... وتجد آخرين لا يقدِّمون شيئًا على المنافحة عن المبادئ والقيم التي يحملونها والتضحية في سبيل نشرها، أو يمسحون دموع المحزونين ويواسون مآسيهم.
ومن "المنظور الإسلامي" فالوقت يعتبر أحد المحاور الأساسية التي يُسأل عنها كل إنسان يوم القيامة, فهو أحد النِّعم الكبرى التي تُبنَى عليها الحضارة الإنسانية؛ كما في الحديث النبوي الشريف:
"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن:
1. عمره فيما أفناه 2. وعن عِلْمه فيما فَعل
3. وعن مالِه مِن أين اكتسبه وفيمَ أنفقه 4. وعن جسمه فيم أَبْلاه"
رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
فالمطلوب من المسلم قضاء وقته بين: طلب للعلم النافع على أنواعه والعمل به وتطبيقه, واكتساب المال الحلال وترشيد إنفاقه, ورعاية الجسد إلا حين تدعو العقيدةُ إلى بذلِ شيء من جهده أو إلى إبلائه تمامًا في سبيل الله...
وكل ما سبق له حَدٌّ أدنى واجب على كل إنسان في الشريعة الإسلامية, وأما ما زاد عليه فهو متروك للإنسان لِيَتَخَيَّر منه ما دام مرغوبًا مطلوبًا شرعًا أو حتى مباحًا غيرَ محرَّم بعيدًا عن العبث واللهوِ غيرِ الهادف أو الزائد عن مقدار الاعتدال.
وأما الحدُّ المقبول من الراحة، والاستجمامُ لتنشيط النفس على العمل الصالح الجادّ فهو ينقلب بِنِيَّة "التقوِّي والاستعداد" عبادة جديدة؛ فالنفس البشرية يعتريها الملال و﴿يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً﴾ [النساء: 28]. فالتكليف الرباني يستدعي الجد والاجتهاد لا حصولَ الإتلافِ والإجهادِ، وليس في شريعة الإسلام تكليف بما لا يُطاق. والقصة الآتية مَشْهد من حياة الصحابة ذوي النفوس التوَّاقة دائمًا إلى الترقي الأعلى:
لَقِيَ أبو بكر حنطلةَ الأسيدِيَّ -أحد كُتَّاب رسول الله - رضي الله عنهما.
فقال: كيف أنت يا حنظلة؟
- قال: نافق حنظلة!
قال: سبحان الله! ما تقول؟
- قال: نكون عند رسول الله يذكِّرُنا بالنار والجنة حتى كأنّا رَأْي عين. فإذا خرجنا من عند رسول الله عافَسْنا الأزواج والأولاد [انشغلنا بشؤونهم] والضَّيْعات [الأراضي الزراعية] فنسينا كثيرًا!
قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا.
[يقول حنظلة:] فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله
- قلت: نافق حنظلة يا رسول الله!
• فقال رسول الله : وما ذاك؟!
- قلت: يا رسول الله نكون عندك تُذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا!
• فقال رسول الله : والذي نفسي بيده إنْ لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فُرُشكم وفي طُرُقِكم. ولكن يا حنظلة ساعة وساعة -ثلاث مرات-. رواه مسلم.
فهذه قصة "ساعة وساعة" الترفيه بالحلال لا الفرق في الحرام باسم الدين!
ومن التوجيهات النبوية لاعتماد الترفيه الهادف الذي يساهم في تحقيق الأهداف الحيوية للفرد والأمة؛ كالصحة النفسية، والسعادة الأسرية، واللياقة البدنية، والمهارة العسكرية – قوله : "ليس اللَّهْو إلا في ثلاثة: 1. تأديبِ الرجلِ فَرَسَه 2. وملاعبتِه امرأتَه 3. ورَمْيِه بقوسِه ونَبْلِه" رواه النَّسائي.
أما أن يَغْلِب على أوقاتنا اللهوُ والعبث، ويَغيبَ عنا أيُّ هدف أو طموح، ونُهملَ واجباتنا الفردية والاجتماعيةِ العامّة، فَيَقتلَ البعض أوقاتَه على حافَة الطرقات، وفي مقاهي النراجيل أو الإنترنت، وعلى طاولة الزهر "النَّرْد" أو ورق الشدَّة وغير ذلك مما يعتمد على الحظ ولا يفيد الجسد ولا العقل ولا المجتمع... فهذا يدل على اليأس والإحباط والعبثية وعدم الوعي للهدف من الحياة والرسالة الموكولة إلى الإنسان فيها، كما أنه ينتهي بالإنسان عادة إلى فحش الكلام والمقامرة وغيرها من المنكرات. ولذلك شدَّد رسول الله التحذير بقوله: "مَنْ لَعِب بالنَّرْدَشِير [الزهر] فكأنما صَبَغ يَدَه بدم خنـزير" رواه مسلم، "مَنْ لَعِب بِنَرْد فقد عصى اللهَ ورسولَه" رواه أبو داود.
أيها القارئ المهتم: لا شك أنك تلاحظُ البَوْن الواسع بين هذه التعاليم النبوية وبين واقعنا وهذا من أسباب ضعفنا وتخلفنا، فأضِفْ جهدَك إلى الجهود، واجعل شعارك في شأنك الخاص وفي الإصلاح العام: (الوقت هو الحياة).
تعليق