قد يبدو هذا العنوان صادماً، ولكنى أعود وأكرر، أن الحصار القاتل الذي يعيش قطاع غزة تحت سقفه الرهيب منذ عشرة شهور، هذا الحصار أقسى وأخطر وأفدح من كل ما قيل عنه حتى الآن!!! والمطلوب من السياسيين الفلسطينيين مهما كانت انتماءاتهم الفصائلية والفئوية أن ينظروا بإمعان، ويدققوا النظر بشجاعة وشرف، ليس فقط في النتائج المباشرة لهذا الحصار القاتل، وهي النتائج التي يمكن ان تزول بزوال الحصار!!! وإنما بالنتائج غير المباشرة، بعيدة المدى، التي وإن زال الحصار فإنها لا تزول، بل قد يلزمنا عشرات السنوات للتخلص من آثارها السلبية المأساوية.
نعم، الحصار الذي يتعرض له مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، أخطر بكثير من كل ما قيل عنه، وبطبيعة الحال، فإن ردة الفعل التي تتكون بالتدريج ضد هذا الحصار لن تكون عادية، ولن تكون سوية أيضا، فحين يختنق شعب بأكلمه، ويصل الاختناق حد الموت، موت يعامل من قبل الإسرائيليين ومن قبل الآخرين بهذا القدر من الاستهانة، فإن المحاولات اليائسة للافلات من الاختناق ستكون حتماً خارج كل التوقعات، وحتى لو افترضنا جدلاً أن هناك من يعمل على إحداث ردة الفعل هذه، ومهما كانت الادعاءات، فإن المحاولات اليائسة للإفلات من الاختناق ستكون مختلفة، أكثر قسوة، وأكثر انفجاراً، وأكثر مأساوية!!!.
- الخطير جداً في هذه الحالة الشاذة: إننا كفلسطينيين نهرب إلى الأصعب، إلى المستحيل، إلى حافة الجنون، ولا نحاول الذهاب إلى الأسهل، والممكن، والمضمون!!! بمعنى إننا لا نفعل شيئاً سوى التفرج على أنفسنا ونحن ندخل إلى أتون الكارثة!!! بدل أن يكون لنا دور، ولو من قبيل رفع اللوم عن أنفسنا في النجاة من هذه الكارثة.
وهذا الدور الأسهل والممكن والمضمون هو إنهاء حالة الانقسام، التي يثبت على مدار اليوم والساعة والدقيقة أن جميع مبرراتها ودوافعها وحوافزها ساقطة وزائفة وعدمية، وإنها صناعة إسرائيلية مئة بالمئة، خطط لها بعناية كبرى منذ لحظة قرار الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، وأننا ذهبنا إلى حالة الانقسام بعيون مفتوحة ووعي غائب بالمطلق، وان دورنا في حالة الانقسام كان دور الكومبارس، أي أدنى ألف مرة من دور الممثل، لان الممثل حين يلعب دوره بإتقان، فلا بد أن يطلع على السيناريو سلفاً، ويعرف موقعه في المشهد العام، بينما الكومبارس لا يشترط ان يعرف شيئاً، لأننا لو كنا نعرف السيناريو مسبقاً، لما قبلنا أن نصل إلى هذه النتيجة المتوقعة، ولما قبلنا ان نرسم هذه النهاية المأساوية!!!
بل لو كنا نعرف السيناريو فإن تهمتنا ستكون أكبر وأقسى، تهمة من يدمرون مشروعهم الوطني لصالح عدوهم بالمجان!!!.
اعتقد انه يوجد نوع من الاتفاق بدرجة أو أخرى لهذا التوصيف لحالتنا، وردة الفعل الطبيعية ان نبذل الجهد الخارق للخروج من حالة الانقسام، ما هي الموانع؟؟؟، تعالوا تحدوا الموانع، وتعالوا نتحاور للخروج من هذه الحالة والقفز عن هذه الموانع!!!.
تعالوا نبدأ بالخطوة الأولى بان هذا الانقسام الذي له أسماء عديدة ذات مضمون واحد، مثل الانقلاب والحسم والانفصال، هو ضار بنا جميعاً، ضار بسمعتنا التي هبطت إلى الحضيض!!!، وضار بهدفنا الوطني الذي حلت بدلاً منه أصغر تفاصيل الحياة!!! وضار بواقعنا الذي يتفكك والذي هو برسم الأخطار الكبرى!!! وضار بمستقبلنا الذي تتقاذفه الرياح!!!.
الحصار القاتل، يخلق شحنة هائلة، شحنة تحتوى على ألم المليون ونصف المليون، وعلى غضبهم ويأسهم، وشعورهم بالمهانة والذل والقهر، فأين نذهب بهذه الشحنة؟؟؟ وأين نوجه هذه الشحنة؟؟؟ وأين نفرغ هذه الشحنة؟؟؟.
هذه أسئلة ملحة، وليس أمامها وقت طويل، لان الحصار القاتل يضغط بتداعياته بشكل متسارع، تخيلوا قطاع غزة، أضيق مكان في الأرض وأشد اكتظاظاً، غارق في الظلام، بلا تيار كهربائي، يعنى لا ماء يصل، ولا صرف صحي يتحرك، ولا مواصلات تنقل الموتى إلى المقابر، ولا أفران ولا خبز، وحتى الجهات التي تعتبر نفسها مسئولة ستكون عاجزة عن تسيير دورية الأمن، أو سيارة المطافئ، أو عربة الإسعاف، أو غرفة العمليات، في مشهد من هذا النوع وأقسى ألف مرة، سيكون الأسهل هو الارتداد إلى الذات الجريحة!!!
تذكروا ان المذلين والمهانين والمحبطين يمزقون بعضهم!!! وهذه الذات الجريحة ستكون الأسهل للارتداد ضدها، وإفراغ كل الشحنات السالبة فيها، فلماذا لا تقوم بمحاولة إنقاذية، لماذا لا نبدأ في إنهاء الانقسام الذي صنعه عدونا بعبقرية، وأوقعنا في حفرته البائسة، وجعلنا نتفاخر على بعضنا بمفرداته الموبوءة.
- بدل التشبت بالادعاءات الزائفة: دعونا نبادر بخطوة إلى الأمام!!! وتذكروا مشاهد الحرب الأهلية في لبنان، ومشاهد اليأس بعد سقوط بغداد، ومشاهد العبث والجنون والفوضى في الصومال، وانفجارات الخبز والجوع والجنون في كثير من العواصم، لقد كانت الذات الوطنية هي الأضعف، وكان الارتداد ضد الذات هو الأسهل لدى المحبطين.
دعونا نبادر بخطوة، ابعثوا فينا الأمل، افتحوا في جدران اليأس نافذة واحدة، دعونا على الأقل نقول لمن يظلموننا إننا قمنا بما يتوجب علينا القيام به، دعونا نبادر بخطوة ولا نغرق من جديد في وحل الصراخ المجنون.
نعم، الحصار الذي يتعرض له مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، أخطر بكثير من كل ما قيل عنه، وبطبيعة الحال، فإن ردة الفعل التي تتكون بالتدريج ضد هذا الحصار لن تكون عادية، ولن تكون سوية أيضا، فحين يختنق شعب بأكلمه، ويصل الاختناق حد الموت، موت يعامل من قبل الإسرائيليين ومن قبل الآخرين بهذا القدر من الاستهانة، فإن المحاولات اليائسة للافلات من الاختناق ستكون حتماً خارج كل التوقعات، وحتى لو افترضنا جدلاً أن هناك من يعمل على إحداث ردة الفعل هذه، ومهما كانت الادعاءات، فإن المحاولات اليائسة للإفلات من الاختناق ستكون مختلفة، أكثر قسوة، وأكثر انفجاراً، وأكثر مأساوية!!!.
- الخطير جداً في هذه الحالة الشاذة: إننا كفلسطينيين نهرب إلى الأصعب، إلى المستحيل، إلى حافة الجنون، ولا نحاول الذهاب إلى الأسهل، والممكن، والمضمون!!! بمعنى إننا لا نفعل شيئاً سوى التفرج على أنفسنا ونحن ندخل إلى أتون الكارثة!!! بدل أن يكون لنا دور، ولو من قبيل رفع اللوم عن أنفسنا في النجاة من هذه الكارثة.
وهذا الدور الأسهل والممكن والمضمون هو إنهاء حالة الانقسام، التي يثبت على مدار اليوم والساعة والدقيقة أن جميع مبرراتها ودوافعها وحوافزها ساقطة وزائفة وعدمية، وإنها صناعة إسرائيلية مئة بالمئة، خطط لها بعناية كبرى منذ لحظة قرار الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، وأننا ذهبنا إلى حالة الانقسام بعيون مفتوحة ووعي غائب بالمطلق، وان دورنا في حالة الانقسام كان دور الكومبارس، أي أدنى ألف مرة من دور الممثل، لان الممثل حين يلعب دوره بإتقان، فلا بد أن يطلع على السيناريو سلفاً، ويعرف موقعه في المشهد العام، بينما الكومبارس لا يشترط ان يعرف شيئاً، لأننا لو كنا نعرف السيناريو مسبقاً، لما قبلنا أن نصل إلى هذه النتيجة المتوقعة، ولما قبلنا ان نرسم هذه النهاية المأساوية!!!
بل لو كنا نعرف السيناريو فإن تهمتنا ستكون أكبر وأقسى، تهمة من يدمرون مشروعهم الوطني لصالح عدوهم بالمجان!!!.
اعتقد انه يوجد نوع من الاتفاق بدرجة أو أخرى لهذا التوصيف لحالتنا، وردة الفعل الطبيعية ان نبذل الجهد الخارق للخروج من حالة الانقسام، ما هي الموانع؟؟؟، تعالوا تحدوا الموانع، وتعالوا نتحاور للخروج من هذه الحالة والقفز عن هذه الموانع!!!.
تعالوا نبدأ بالخطوة الأولى بان هذا الانقسام الذي له أسماء عديدة ذات مضمون واحد، مثل الانقلاب والحسم والانفصال، هو ضار بنا جميعاً، ضار بسمعتنا التي هبطت إلى الحضيض!!!، وضار بهدفنا الوطني الذي حلت بدلاً منه أصغر تفاصيل الحياة!!! وضار بواقعنا الذي يتفكك والذي هو برسم الأخطار الكبرى!!! وضار بمستقبلنا الذي تتقاذفه الرياح!!!.
الحصار القاتل، يخلق شحنة هائلة، شحنة تحتوى على ألم المليون ونصف المليون، وعلى غضبهم ويأسهم، وشعورهم بالمهانة والذل والقهر، فأين نذهب بهذه الشحنة؟؟؟ وأين نوجه هذه الشحنة؟؟؟ وأين نفرغ هذه الشحنة؟؟؟.
هذه أسئلة ملحة، وليس أمامها وقت طويل، لان الحصار القاتل يضغط بتداعياته بشكل متسارع، تخيلوا قطاع غزة، أضيق مكان في الأرض وأشد اكتظاظاً، غارق في الظلام، بلا تيار كهربائي، يعنى لا ماء يصل، ولا صرف صحي يتحرك، ولا مواصلات تنقل الموتى إلى المقابر، ولا أفران ولا خبز، وحتى الجهات التي تعتبر نفسها مسئولة ستكون عاجزة عن تسيير دورية الأمن، أو سيارة المطافئ، أو عربة الإسعاف، أو غرفة العمليات، في مشهد من هذا النوع وأقسى ألف مرة، سيكون الأسهل هو الارتداد إلى الذات الجريحة!!!
تذكروا ان المذلين والمهانين والمحبطين يمزقون بعضهم!!! وهذه الذات الجريحة ستكون الأسهل للارتداد ضدها، وإفراغ كل الشحنات السالبة فيها، فلماذا لا تقوم بمحاولة إنقاذية، لماذا لا نبدأ في إنهاء الانقسام الذي صنعه عدونا بعبقرية، وأوقعنا في حفرته البائسة، وجعلنا نتفاخر على بعضنا بمفرداته الموبوءة.
- بدل التشبت بالادعاءات الزائفة: دعونا نبادر بخطوة إلى الأمام!!! وتذكروا مشاهد الحرب الأهلية في لبنان، ومشاهد اليأس بعد سقوط بغداد، ومشاهد العبث والجنون والفوضى في الصومال، وانفجارات الخبز والجوع والجنون في كثير من العواصم، لقد كانت الذات الوطنية هي الأضعف، وكان الارتداد ضد الذات هو الأسهل لدى المحبطين.
دعونا نبادر بخطوة، ابعثوا فينا الأمل، افتحوا في جدران اليأس نافذة واحدة، دعونا على الأقل نقول لمن يظلموننا إننا قمنا بما يتوجب علينا القيام به، دعونا نبادر بخطوة ولا نغرق من جديد في وحل الصراخ المجنون.
بقلم/ يحيى رباح
تعليق