بقلم/ يحيى رباح
لقد نحج انابوليس، لان أحدا لم يقل أن انابوليس سينجز اتفاقية سلام فلسطينية إسرائيلية، أو عربية إسرائيلية، بل الذين شكلوا مؤتمر انابوليس، وذهبوا إليه وشاركوا فيه وهم القوة المؤثرة في العالم، مع أطراف الصراع أنفسهم فلسطينيين وإسرائيليين وعرب ومسلمين، قالوا أن هدف انابولس هو إطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية حول جميع القضايا والعناوين المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ابتدءا من قضية اللاجئين إلى قضية الحدود، وابتداءً من قضية القدس وحتى قضية المياه، مفاوضات تؤسس لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وان هذه المفاوضات حول إقامة الدولة الفلسطينية ستبذل خلالها جهودا كبيرة لكي تنتهي وتصل إلى غايتها قبل نهاية العام الحالي وهو العام 2008.
ضمن تحديد الهدف على هذا النحو فإن أنابوليس قد نجح، لان المفاوضات قد انطلقت فعلاً، انطلقت في أمريكا، وتستأنف في فلسطين وإسرائيل، وتتوسع امتداداتها إلى باريس وموسكو، ويتواجد على أجندتها الأراضي العربية السورية المحتلة في الجولان، وما بقي من ارض عربية لبنانية محتلة في مزارع شبعا في القاطع الشرقي من جنوب لبنان، وصولا إلى تأهيل المنطقة بناء علي نجاح هذه المفاوضات بمستوياتها المتعددة لمعادلة امن واستقرار جديدة يكون فيها العرب على علاقات طبيعية مع إسرائيل.
المؤيدون لانابوليس ليسوا كلهم من منابع واحدة، وليسوا جميعا بدوافع واحدة، ولكن المؤيدون يشتركون جميعا في نقطة التقاء واحدة، وهي أن لكل طرف منهم مصلحة، وإلا فلماذا جاؤوا وتجشموا عناء الحضور؟ فهناك من له مصلحة حيوية خارقة مثل الفلسطينيين بأن ينشأ كيانهم وتقام دولتهم المستقلة التي دونها سيظلون موضوعا للصراع وأداة له ودافعين لثمنه الباهظ دون أن يحصدوا شيئا غير الألم .وهناك من له ارض يريد أن يستعيدها أو من له امن مفقود يريد أن يتحقق، أو إستراتيجية متعثرة يريد أن تنجح، والانطلاق إلى مرحلة جديدة من تخفيف الأعباء حتى يتفرغ لقضايا ضاغطة ملحة!!! وهكذا فكل طرف له قرص في هذا العرس.
أما المعارضون فهم أشتات جمعتهم مصالح وإلا فلماذا خرجوا عن السرب، ولماذا تحملوا مخاطر المعارضة، ولماذا زجوا بأنفسهم في أتون التحريض الذي قد يدفعون ثمنه فادحا جدا.
وكما يعلم الجميع أن معارضة انابوليس يقوم فيها بدور القيادة الرئيسية إيران، فهي قطب المعارضة الأول والأساسي والمؤثر، والآخرون يدورون حول القطب الإيراني حتى لو أنكروا ذلك وأعلنوا ادعاءات أخرى.
وإيران أو جمهورية إيران الإسلامية، لها مصلحة كبيرة جدا في المعارضة لان لها نفوذها ومجالها الحيوي في المنطقة التي تعتبر المنتج الأول للنفط، ولديها طموحات تعتقد أنها مشروعة في تعزيز هذا النفوذ والمجال الحيوي عبر قوس شيعي يمتد من البحرين إلى جنوب لبنان ولها مصالح متبادلة مع الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، ومصالح متناقضة ربما معها في بحر قزوين ولبنان وفلسطين، ولها برنامج نووي مهما كانت حدوده سلمية أو عسكرية فإنه بالنسبة لها قصة حياة أو موت، وهي في كل هذه المصالح المتوافقة والمتعارضة والمتناقضة تملك في يدها أوراقا للصراع، أوراقا للمقايضة، أوراقا للاحتراق، ولا احد يلومها علي ذلك، وهي تري أن وجود معادلة امن واستقرار جديدة في الشرق الأوسط يضعف من أحلامها الكبيرة وربما يؤدي إلى انهيار هذه الأحلام ولذلك فهي تعارض انابوليس، ومن حقها أن تعارض انابوليس، ومن حقها أن تعارض أي سلام لا يحقق لها أحلامها الكبيرة!
فماذا يملك الآخرون لكي يعارضوا؟ وما هي المرتكزات التي يستندون إليها في المعارضة؟؟؟ وهل سيظلون يدورون حول القطب الإيراني الأقوى أم ينفلتون في مراحل قادمة؟.
فلسطينيا فإن القطب الرئيسي في المعارضة الذي يدور حوله الآخرون حتى لو رفضوا الاعتراف بذلك هو حركة حماس فكيف تنظر حماس إلى الأمور بحيث نراها تندفع في المعارضة إلى أقصى مدى؟ وهل يمكن لحماس تحت قانون المصلحة أن تؤهل نفسها لدور متغير غير الدور الذي تقوم به الآن، وهو دور يسبب لنا فلسطينيا المزيد من الضعف والخسائر ويسبب لها المزيد من العزلة والملاحقة؟.
ربما تعتقد حماس أن الانتقال الفلسطيني من مرحلة القضية إلى مرحلة الكيان والدولة يجعلها بلا دور، ولذلك فهي تعارض حتى فكرة الكيان الفلسطيني والدولة المستقلة، وهي تريد أن يظل الصراع مفتوحا والجرح نازفاً، لأنها تتوهج تحت سقف الصراع المفتوح، وتتغذي ايدولوجيا وسياسيا من الجرح النازف، وربما أن حركة حماس الآن تعاني من تلك المسافة بين العقائدي والسياسي، وبين المطلق والممكن، وان التأهيل لذلك يحتاج إلى وقت كما يحتاج إلى قيادة جديدة، وربما تكون حماس محكومة بنسق لا تستطيع مغادرته بسهولة، ولكني شخصيا من الذين يعتقدون أن حركة حماس هي جزء عضوي من شعبنا، يجب أن تعطي لنفسها مساحة رؤية أوسع، وان تستفيد من خصوصية الوضع الفلسطيني، وان لا تفقد الصلة نهائيا مع التيار الرئيسي في فلسطين وفي العالم العربي والإسلامي الذي يريد أن يري نهاية للصراع، بحيث تتحول فلسطين من قضية مفتوحة إلى حل وكيان ودولة، حيث إن الفلسطينيين كجزء من هذه الأمة لديهم أجندة واسعة تلح عليهم لتنفيذها ليكونوا في مركز المشاركة مع بقية العالم، والعالم العربي يواجه أسئلة جديدة كل يوم، أسئلة على مستوى التطور والمساهمة في صنع الحضارة الإنسانية، أسئلة تبحث عن امتلاك مقدرات تمكننا من العيش بندية مع الآخرين، فهل تخوض حركة حماس هذه المعركة من اجل تأهيل نفسها أم ترتد إلى الأسهل وهو الدوران في فضاء الآخرين؟.
تحياتي
لقد نحج انابوليس، لان أحدا لم يقل أن انابوليس سينجز اتفاقية سلام فلسطينية إسرائيلية، أو عربية إسرائيلية، بل الذين شكلوا مؤتمر انابوليس، وذهبوا إليه وشاركوا فيه وهم القوة المؤثرة في العالم، مع أطراف الصراع أنفسهم فلسطينيين وإسرائيليين وعرب ومسلمين، قالوا أن هدف انابولس هو إطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية حول جميع القضايا والعناوين المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ابتدءا من قضية اللاجئين إلى قضية الحدود، وابتداءً من قضية القدس وحتى قضية المياه، مفاوضات تؤسس لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وان هذه المفاوضات حول إقامة الدولة الفلسطينية ستبذل خلالها جهودا كبيرة لكي تنتهي وتصل إلى غايتها قبل نهاية العام الحالي وهو العام 2008.
ضمن تحديد الهدف على هذا النحو فإن أنابوليس قد نجح، لان المفاوضات قد انطلقت فعلاً، انطلقت في أمريكا، وتستأنف في فلسطين وإسرائيل، وتتوسع امتداداتها إلى باريس وموسكو، ويتواجد على أجندتها الأراضي العربية السورية المحتلة في الجولان، وما بقي من ارض عربية لبنانية محتلة في مزارع شبعا في القاطع الشرقي من جنوب لبنان، وصولا إلى تأهيل المنطقة بناء علي نجاح هذه المفاوضات بمستوياتها المتعددة لمعادلة امن واستقرار جديدة يكون فيها العرب على علاقات طبيعية مع إسرائيل.
المؤيدون لانابوليس ليسوا كلهم من منابع واحدة، وليسوا جميعا بدوافع واحدة، ولكن المؤيدون يشتركون جميعا في نقطة التقاء واحدة، وهي أن لكل طرف منهم مصلحة، وإلا فلماذا جاؤوا وتجشموا عناء الحضور؟ فهناك من له مصلحة حيوية خارقة مثل الفلسطينيين بأن ينشأ كيانهم وتقام دولتهم المستقلة التي دونها سيظلون موضوعا للصراع وأداة له ودافعين لثمنه الباهظ دون أن يحصدوا شيئا غير الألم .وهناك من له ارض يريد أن يستعيدها أو من له امن مفقود يريد أن يتحقق، أو إستراتيجية متعثرة يريد أن تنجح، والانطلاق إلى مرحلة جديدة من تخفيف الأعباء حتى يتفرغ لقضايا ضاغطة ملحة!!! وهكذا فكل طرف له قرص في هذا العرس.
أما المعارضون فهم أشتات جمعتهم مصالح وإلا فلماذا خرجوا عن السرب، ولماذا تحملوا مخاطر المعارضة، ولماذا زجوا بأنفسهم في أتون التحريض الذي قد يدفعون ثمنه فادحا جدا.
وكما يعلم الجميع أن معارضة انابوليس يقوم فيها بدور القيادة الرئيسية إيران، فهي قطب المعارضة الأول والأساسي والمؤثر، والآخرون يدورون حول القطب الإيراني حتى لو أنكروا ذلك وأعلنوا ادعاءات أخرى.
وإيران أو جمهورية إيران الإسلامية، لها مصلحة كبيرة جدا في المعارضة لان لها نفوذها ومجالها الحيوي في المنطقة التي تعتبر المنتج الأول للنفط، ولديها طموحات تعتقد أنها مشروعة في تعزيز هذا النفوذ والمجال الحيوي عبر قوس شيعي يمتد من البحرين إلى جنوب لبنان ولها مصالح متبادلة مع الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، ومصالح متناقضة ربما معها في بحر قزوين ولبنان وفلسطين، ولها برنامج نووي مهما كانت حدوده سلمية أو عسكرية فإنه بالنسبة لها قصة حياة أو موت، وهي في كل هذه المصالح المتوافقة والمتعارضة والمتناقضة تملك في يدها أوراقا للصراع، أوراقا للمقايضة، أوراقا للاحتراق، ولا احد يلومها علي ذلك، وهي تري أن وجود معادلة امن واستقرار جديدة في الشرق الأوسط يضعف من أحلامها الكبيرة وربما يؤدي إلى انهيار هذه الأحلام ولذلك فهي تعارض انابوليس، ومن حقها أن تعارض انابوليس، ومن حقها أن تعارض أي سلام لا يحقق لها أحلامها الكبيرة!
فماذا يملك الآخرون لكي يعارضوا؟ وما هي المرتكزات التي يستندون إليها في المعارضة؟؟؟ وهل سيظلون يدورون حول القطب الإيراني الأقوى أم ينفلتون في مراحل قادمة؟.
فلسطينيا فإن القطب الرئيسي في المعارضة الذي يدور حوله الآخرون حتى لو رفضوا الاعتراف بذلك هو حركة حماس فكيف تنظر حماس إلى الأمور بحيث نراها تندفع في المعارضة إلى أقصى مدى؟ وهل يمكن لحماس تحت قانون المصلحة أن تؤهل نفسها لدور متغير غير الدور الذي تقوم به الآن، وهو دور يسبب لنا فلسطينيا المزيد من الضعف والخسائر ويسبب لها المزيد من العزلة والملاحقة؟.
ربما تعتقد حماس أن الانتقال الفلسطيني من مرحلة القضية إلى مرحلة الكيان والدولة يجعلها بلا دور، ولذلك فهي تعارض حتى فكرة الكيان الفلسطيني والدولة المستقلة، وهي تريد أن يظل الصراع مفتوحا والجرح نازفاً، لأنها تتوهج تحت سقف الصراع المفتوح، وتتغذي ايدولوجيا وسياسيا من الجرح النازف، وربما أن حركة حماس الآن تعاني من تلك المسافة بين العقائدي والسياسي، وبين المطلق والممكن، وان التأهيل لذلك يحتاج إلى وقت كما يحتاج إلى قيادة جديدة، وربما تكون حماس محكومة بنسق لا تستطيع مغادرته بسهولة، ولكني شخصيا من الذين يعتقدون أن حركة حماس هي جزء عضوي من شعبنا، يجب أن تعطي لنفسها مساحة رؤية أوسع، وان تستفيد من خصوصية الوضع الفلسطيني، وان لا تفقد الصلة نهائيا مع التيار الرئيسي في فلسطين وفي العالم العربي والإسلامي الذي يريد أن يري نهاية للصراع، بحيث تتحول فلسطين من قضية مفتوحة إلى حل وكيان ودولة، حيث إن الفلسطينيين كجزء من هذه الأمة لديهم أجندة واسعة تلح عليهم لتنفيذها ليكونوا في مركز المشاركة مع بقية العالم، والعالم العربي يواجه أسئلة جديدة كل يوم، أسئلة على مستوى التطور والمساهمة في صنع الحضارة الإنسانية، أسئلة تبحث عن امتلاك مقدرات تمكننا من العيش بندية مع الآخرين، فهل تخوض حركة حماس هذه المعركة من اجل تأهيل نفسها أم ترتد إلى الأسهل وهو الدوران في فضاء الآخرين؟.
تحياتي
تعليق