إعـــــــلان

تقليص

قوانين منتديات أحلى قلب

قوانين خاصة بالتسجيل
  • [ يمنع ] التسجيل بأسماء مخلة للآداب أو مخالفة للدين الإسلامي أو مكررة أو لشخصيات معروفة.
  • [ يمنع ] وضع صور النساء والصور الشخصية وإن كانت في تصاميم أو عروض فلاش.
  • [ يمنع ] وضع روابط لايميلات الأعضاء.
  • [ يمنع ] وضع أرقام الهواتف والجوالات.
  • [ يمنع ] وضع روابط الأغاني أو الموسيقى في المنتدى .
  • [ يمنع ] التجريح في المواضيع أو الردود لأي عضو ولو كان لغرض المزح.
  • [ يمنع ] كتابة إي كلمات غير لائقة ومخلة للآداب.
  • [ يمنع ] نشر عناوين أو وصلات وروابط لمواقع فاضحة أو صور أو رسائل خاصة لا تتناسب مــع الآداب العامة.
  • [ يمنع ] الإعــلان في المنتدى عن أي منتج أو موقع دون الرجوع للإدارة.

شروط المشاركة
  • [ تنويه ]الإلتزام بتعاليم الشريعة الاسلامية ومنهج "اهل السنة والجماعة" في جميع مواضيع المنتدى وعلى جميع الإخوة أن يتقوا الله فيما يكتبون متذكرين قول المولى عز وجل ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
    وأن يكون هدف الجميع هو قول الله سبحانه وتعالى (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت).
  • [ يمنع ] الكتابة عما حرم الله عز وجل وسنة النبي محمد صلي الله عليه وسلم .
  • [ يمنع ] التعرض لكل ما يسىء للديانات السماوية أي كانت أو ما يسيء لسياسات الدول .
  • [ يمنع ] عرض الإيميلات في المواضيع والردود .
  • [ يمنع ] التدخل في شؤون إدارة الموقع سواء في قراراتها أو صلاحيتها أو طريقة سياستها .
  • [ يمنع ] الإستهزاء بالمشرفين أو الإدارة بمجملها .
  • [ يمنع ] التعرض لأي شخص بالإهانة أو الإيذاء أو التشهير أو كتابة ما يتعارض مع القوانين المتعارف عليها .
  • [ يمنع ] التسجيل في المنتديات لهدف طرح إعلانات لمواقع أو منتديات أخرى .
  • [ يمنع ] طرح أي شكوى ضد أي مشرف أو عضو علناً ، و في حال كان لا بد من الشكوى .. راسل المدير العام من خلال رسالة خاصة .
  • [ يمنع ] استخدام الرسائل الخاصة لتبادل الكلام المخل للآداب مثل طلب التعارف بين الشباب و الفتيات أو الغزل وإن إكتشفت الإدارة مثل هذه الرسائل سوف يتم إيقاف عضوية كل من المُرسِل والمُرسَل إليه ما لم يتم إبلاغ المدير العام من قبل المُرسَل إليه والرسائل الخاصة وضعت للفائدة فقط .
  • [ يجب ] احترام الرأي الآخر وعدم التهجم على الأعضاء بأسلوب غير لائق.
  • عند كتابة موضوع جديد يرجى الابتعاد عن الرموز والمد الغير ضروري مثل اأآإزيــــآء هنـــديـــه كـــيـــوووت ~ يجب أن تكون أزياء هندية كيوت
  • يرجى عند نقل موضوع من منتدى آخر تغيير صيغة العنوان وتغيير محتوى الأسطر الأولى من الموضوع

ضوابط استخدام التواقيع
  • [ يمنع ] وضع الموسيقى والأغاني أو أي ملفات صوتية مثل ملفات الفلاش أو أي صور لا تتناسب مع الذوق العام.
  • [ يجب ] أن تراعي حجم التوقيع , العرض لا يتجاوز 550 بكسل والارتفاع لا يتجاوز 500 بكسل .
  • [ يمنع ] أن لا يحتوي التوقيع على صورة شخصية أو رقم جوال أو تلفون أو عناوين بريدية أو عناوين مواقع ومنتديات.
  • [ يمنع ] منعاً باتاً إستخدام الصور السياسية بالتواقيع , ومن يقوم بإضافة توقيع لشخصية سياسية سيتم حذف التوقيع من قبل الإدارة للمرة الأولى وإذا تمت إعادته مرة أخرى سيتم طرد العضو من المنتدى .

الصورة الرمزية للأعضاء
  • [ يمنع ] صور النساء المخلة بالأدب .
  • [ يمنع ] الصور الشخصية .

مراقبة المشاركات
  • [ يحق ] للمشرف التعديل على أي موضوع مخالف .
  • [ يحق ] للمشرف نقل أي موضوع إلى قسم أخر يُعنى به الموضوع .
  • [ يحق ] للإداريين نقل أي موضوع من منتدى ليس من إشرافه لأي منتدى أخر إن كان المشرف المختص متغيب .
  • [ يحق ] للمشرف حذف أي موضوع ( بنقلة للأرشيف ) دون الرجوع لصاحب الموضوع إن كان الموضوع مخالف كلياً لقوانين المنتدى .
  • [ يحق ] للمشرف إنـذار أي عضو مخالف وإن تكررت الإنذارات يخاطب المدير العام لعمل اللازم .

ملاحظات عامة
  • [ يمنع ] كتابة مواضيع تختص بالوداع أو ترك المنتدى وعلى من يرغب في ذلك مخاطبة الإدارة وإبداء الأسباب.
  • [ تنويه ] يحق للمدير العام التعديل على كل القوانين في أي وقت.
  • [ تنويه ] يحق للمدير العام إستثناء بعض الحالات الواجب طردها من المنتدى .

تم التحديث بتاريخ 19\09\2010
شاهد أكثر
شاهد أقل

لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

    لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍!

    مقدمــة
    على اثر الدراسات التي نشرتها في الصحافة العربية ، ومنها في صحيفة (الحياة الجديدة) ، الأولى بعنوان حركة فتح في الوطن بين واقع الأزمة وضرورة الاستنهاض والثانية بعنوان حركة فتح بين تيارات السلطة وعصابات الزعران والثالثة بعنوان : ما العمل في الخروج من الأزمة التنظيمية؟ اتصل بي العديد من الاخوة والأخوات ما بين موافق أو معارض لما طرحت ،ولكن سؤال أحد الأصدقاء من مدينة خان يونس كان حافزا لي كبيرا لكتابة هذه الورقة حيث قال: بعد كل هذا النقد لمآل أو مسيرة حركة (فتح) لماذا ما زلت تنتمي لها؟! وكان الحافز الثاني مستمدا من تساؤل إحدى الأخوات من جامعة النجاح التي كانت قد طرحت عليَ نفس السؤال تحت عنوان (لماذا أنا فتح؟) وقالت حينها أنها تتمنى صدور كتيب بهذا الشأن في اقصر فترة ممكنة. ورغم أن لحركة (فتح) في أدبياتها وضمن جلساتها الحركية دراسة ثرية بالعنوان السابق إلا أنني آثرت أن اكتب بالموضوع بشكل جديد لا سيما وان ما كتب في بداية الانطلاقة على أهميته وضرورة الاطلاع عليه قد داهمته عديد المتغيرات لان ماء النهر لا يستكين.

    فلكل منتم أو من يفكر بالانتماء لفتح أن يطلع بأفق مفتوح لهذه الحركة من زاوية تحمل المصاعب وركوب المخاطر والتضحية بالكثير، وخدمة الجماهير وتعظيم شأن الفكر الوطني والممارسة الجادة والدءوبة المرتبطة بمنظومة القيم والأخلاق لان في الإيمان انتماء وفي الانتماء تحفيز للإرادة محرك العطاء والعمل.

    لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍!

    مقدمــة
    على اثر الدراسات التي نشرتها في الصحافة العربية ، ومنها في صحيفة (الحياة الجديدة) ، الأولى بعنوان حركة فتح في الوطن بين واقع الأزمة وضرورة الاستنهاض والثانية بعنوان حركة فتح بين تيارات السلطة وعصابات الزعران والثالثة بعنوان : ما العمل في الخروج من الأزمة التنظيمية؟ اتصل بي العديد من الاخوة والأخوات ما بين موافق أو معارض لما طرحت ،ولكن سؤال أحد الأصدقاء من مدينة خان يونس كان حافزا لي كبيرا لكتابة هذه الورقة حيث قال: بعد كل هذا النقد لمآل أو مسيرة حركة (فتح) لماذا ما زلت تنتمي لها؟! وكان الحافز الثاني مستمدا من تساؤل إحدى الأخوات من جامعة النجاح التي كانت قد طرحت عليَ نفس السؤال تحت عنوان (لماذا أنا فتح؟) وقالت حينها أنها تتمنى صدور كتيب بهذا الشأن في اقصر فترة ممكنة. ورغم أن لحركة (فتح) في أدبياتها وضمن جلساتها الحركية دراسة ثرية بالعنوان السابق إلا أنني آثرت أن اكتب بالموضوع بشكل جديد لا سيما وان ما كتب في بداية الانطلاقة على أهميته وضرورة الاطلاع عليه قد داهمته عديد المتغيرات لان ماء النهر لا يستكين.

    فلكل منتم أو من يفكر بالانتماء لفتح أن يطلع بأفق مفتوح لهذه الحركة من زاوية تحمل المصاعب وركوب المخاطر والتضحية بالكثير، وخدمة الجماهير وتعظيم شأن الفكر الوطني والممارسة الجادة والدءوبة المرتبطة بمنظومة القيم والأخلاق لان في الإيمان انتماء وفي الانتماء تحفيز للإرادة محرك العطاء والعمل.

    لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟!

    من قوة الاندفاع الجبارة المستمدة من إرادة الفعل الكامن في النفس المناضلة كان التراث المتواصل الذي ولَد الثورة الفلسطينية المعاصرة، وحركة (فتح)، ولم تكن الرصاصات القليلة التي أطلقها بضعة فتيان مؤمنين من أبناء فلسطين في سكون العتمة التي غشيت الأمة، وذلك في الفاتح من يناير 1965 إلا ومضة الأمل للفجر القادم، وإيذانا بدخول المنطقة العربية مرحلة جديدة أسقطت من على كتفيها ثياب الترهل والبكاء، وأردية الحزن والذلة، وملبوس الشعارات الرنانة والمناظرات الخاوية، لتتدثر بالحرية والكرامة، وبالإرادة والتضحية، والإيمان بالنصر من خلال حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).

    1 - من السكون إلى الحركة

    لقد شكلت حركة (فتح) نقطة الانعطاف في المناخ العربي السياسي والفكري والمجتمعي الذي كان سائدا في عقد الخمسينات والستينات في القرن العشرين من حالات الخوف إلى الإقدام ومن التوجس إلى الانطلاق ومن السكون إلى التمرد والحركة امتدادا لتمرد وحركية الثورات القومية العربية: الثورة المصرية والثورة الجزائرية العظيمتان، فحولت حلم ملايين الأمة و أملهم في التمرد والقضاء على الواقع الفاسد، والثورة والجهاد إلى أهداف قابلة للتجسيد على ارض الواقع، فكسرت القيود ورفضت منطق اليأس أو التيئيس، وقضت على عقلية التشرد والترقب، وانتظار فزعة الآخرين أو هبات السماء، وقاومت جميع محاولات طمس الهوية وإنكار طموحات التغيير فكانت كالحجر الذي انقض على الماء الساكن فاحدث موجات متعاقبة متحركة طالت القريب والبعيد.

    استمرت (فتح) متحركة متواصلة تراكم التجارب، وتعظم الخبرات وتعلي من شأن الممارسة لأنها دليل الحركة والتجدد والتغيير، فكانت السلاسة النسبية التي ارتبطت بالانتقال الآمن لحركة (فتح) من مرحلة إلى مرحلة، تجدد وتغير في الوسائل والأفكار في سياق حفاظها على الغايات الكبرى وأحلام المستقبل الو ضاء والحر والديمقراطي (فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده: سورة المائدة 52)

    2- من الأكف المفتوحة إلى القبضات

    حولت حركة (فتح) الأكف الضعيفة الممدودة، المستسلمة، الخاضعة، اللينة العاجزة، المرفوعة، المفتوحة للتسول أو للدعاء فقط، إلى أياد صلبة، متينة، خشنة، قوية، مشدودة والى راحات تقبض على الزناد، ومصوبة للبندقية في الاتجاه الصحيح، على صدور الأعداء المحتلين الغاصبين. ولقد جعلت من العيون الذابلة، المنكسرة، الدامعة، الباكية، عيونا يقظة حادة متنبهة تسهر على حماية الوطن والشعب. فهزمت (فتح) بذلك عوامل الخنوع واليأس والاستسلام وانتصرت لعوامل الاجتهاد والجد والصلابة والخشونة والقوة قال تعالى :" يا يحيى خذ الكتـاب بقـوة". سورة مريم (12).

    3- من قطيع حملان إلى نسور العاصفة

    وجعلت من طوابير الحملان الوادعة، العاجزة، فاترة العزيمة، المليئة بالإحباط والسكون والحزن واليأس العميق، وهي طوابير مئات الآلاف من اللاجئين الصامتين المتكدرين الذين يصطفون لتلقي فتات هبات العالم الغربي، حولتهم إلى فدائيين مخلصين صارخين (لا) في وجه الظلم والعدوان والاحتلال.

    لقد توجهت الحركة إلى كميات الحقد الكامنة في النفوس المتوترة، وفجرتها بركانا في مواجهة العدو الصهيوني، أطلقتها من عقالها، ونظمتها، واستخدمتها في إعادة صياغة هذه النفوس الهالكة المهانة لتحولها إلى نفوس أبية محلقة في سماء الأمل والتصميم الذي تميزت فيه نسور (فتح)، نسور العاصفة منذ الانطلاقة، وحتى الانتفاضة، مرورا بكافة مواقع النضال إلى أن هبطت على ارض الوطن، ارض فلسطين تحت اسم السلطة الوطنية الفلسطينية المقدر لها تحمل عبء استكمال المرحلة العسيرة الجديدة، بقوة دفع الشعب والثورة وحركة (فتح). قال تعالى:"وان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح، وان تنتهوا فهو خير لكم". سورة الأنفال (19).

    4- كوفية الختيار رمز الثورة

    لقد جعلت حركة (فتح) من الرداء المرقط للفدائي الفلسطيني، ثم الأخضر لاحقا للجندي الفلسطيني، والكوفية العربية الأصيلة رمزا للثورة، رمزا للتمرد، رمزا للأصالة، ودليلا على التواصل ، ومفخرة للعروبة، وأمنية كل طفل وفتى وشاب فلسطيني وعربي.

    لم يكن من السهل أن ينفض المهزومون مشاعر الخزي والعار والمنعكسة على مختلف جوانب حياتهم ومنها في احتقار أرديتهم، والتي طورتها الثورة وحركة (فتح) لتصنع فيهم الاحترام الكبير والفخر المشوب بالمحبة والاعتزاز للكوفية العربية، لقد كانت الكوفية رمزا مجيدا لثورات شعبنا الفلسطيني المتعاقبة وخاصة في ثورة عام 1936، وعادت لتصبح لصيقة بالثورة الفلسطينية المعاصرة من خلال كوفية رجل كل المراحل (الختيار).

    أن الأهمية التي كرست فيها الثورة الفلسطينية وحركة (فتح) عددا من الرموز المادية للثورة من مثل الرداء الأخضر، والكوفية، وقلادة خريطة فلسطين، ووسام شعار العاصفة، وقسم الإخلاص لفلسطين، ودقيقة الصمت وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، وشارة النصر، ومصطلح (أخ ، أخت) هي بأهمية التوجه الكلي الذي يحسّه كافة المؤمنين تجاه التجسيدات والرموز المادية لمعتقداتهم، وفي ذلك ما لا ينكر من أهمية رسوخ وجود المسجد الأقصى في مدينة القدس عاصمة فلسطين كرمز مادي حي متواصل يعبر عن الانتماء الفلسطيني له، وانتمائه لأرض فلسطين، وكذلك الشأن فيما يتعلق بكنيسة القيامة، وكل رموز الديانات المادية الأخرى.

    إذن لقد صنعت الثورة، وصنعت فتح رموز الانتماء لها، لفلسطين، رمزها الوطني المادي الثابت وأكثرها وضوحا هو شخص الختيار، وكوفيته العربية الفلسطينية.

    5- حركة التاريخ والفكر النهضوي

    لم تكن حركة (فتح) بحركة الرفض للتراث والتاريخ والأصالة كما هو شأن بعض المنظمات التي وجدت في فترة سابقة أو لاحقة على نشوء (فتح)، وما كانت (فتح) حركة الحداثة أو المستقبل المنقطع عن التاريخ، وأيضا لم تقبل لنفسها أن تكون تلك الحركة المنقطعة للتاريخ كما هو شأن المنظمات المحافظة والسلفية غير المتجددة، بل كانت امتدادا للفكر النهضوي والعقلاني في الحضارة العربية الإسلامية، ومددا للفكر الديمقراطي الذي وصل إليه العقل الإنساني آنذاك.

    إن حركة (فتح) هي حركة الاستنهاض لكل القوى الفكرية والنفسية والذاتية لأفراد الشعب، وللشعب بمجمله، وللامة العربية لأنها آمنت بالخصائص النهضوية للفكر العربي، وللامة العربية، والتي يبعث فيها في كل قرن وكل زمن بفلسفة جديدة، ونظرة جديدة، ورؤية جديدة، وفكر وبناء ثقافي متجدد، تجر معها حركة التاريخ بما ينطلق بهذا الفكر نحو التقدم للأمام. لقد أخذت فتح كل عناصر النهضة في الفكر العربي واستنبطت آليات ومبادئ (ما يبتدئ به الفكر) ومسلمات استخدمتها في حركة تجدد وتواصل صاخبة.

    6- ثورة وامتداد لثورات

    وكانت امتدادا لكل الثورات والانتفاضات والهبات العربية والفلسطينية منذ بداية القرن العشرين، ضد التسلط والطغيان، وضد دول الاستغلال الأوروبي التي اجتاحت المنطقة العربية، ثم ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين فكانت حركة (فتح) امتدادا طبيعيا وتواصلا حقيقيا لجميع الثورات التي أغنت الذاكرة الفلسطينية والفتحوية بأصالة الإقدام والتصميم والتنظيم التي صاحبت أعمال ونضالات وكفاح المجاهدين الكبار.

    إن التمرد على الواقع الفاسد هو سمة الثورة وهو سمة (فتح) في كافة المراحل، وفي مرحلة المواجهة العسكرية فللتمرد أصوله كما هو في مرحلة بناء الدولة فللتمرد قوانينه وفتح في الحالتين امتداد ثورة تبدع قوانين القضاء على الفساد في ظل ثبات العقيدة.

    7- فتح بؤرة الإبداع والتميز

    وقدمت (فتح) خلال مسيرتها الطويلة خبرة صنع الحدث، والتفوق في التعامل مع الأحداث، والتميز في الاستجابة لمتطلبات المراحل، ولها في تجربة التصدي للاجتياح الصهيوني للجنوب عام 1978، ثم في التصدي للعدوان الصهيوني على لبنان والثورة وعلى بيروت عام 1982، والصمود الأسطوري المقترن بالتفاوضِ، للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، لنا في هذه الأمثلة، ومثلها من قبل ومن بعدها الكثير ما يعبر عن تجلي قدرة الإبداع الفتحوية وتميزها في فهم وصنع وتعاطي الحدث. كما قدمت (فتح) الفكر والرأي المستنير، والشعار الواقعي مترابطا مع الفعل والعزيمة التي لا تلين في مواجهة الخصوم، والأعداء. إن الواقعية أو (البراجماتية) والتعامل المرن مع المتغيرات مما نسب طويلا (لفتح) ليس فيه ما يعيب ما دامت الجذرية لدى الآخرين قادتهم للجمود والتراجع.



    ...............................
    إن القدرة الفائقة على التجديد في إطار الحفاظ على المسلمات الوطنية، هي القدرة على الإبداع الوطني التي ميزت رؤية (فتح)، وقيادة حركة (فتح) التاريخية، وجماهير (فتح). فكان في إبداعها وخبرتها وصنعها للحدث وإيمانها بالفعل وتفوقها ميزة عرفت فيها (فتح) وما زالت، رغم اختلاف الآخرين معها في ذلك.

    8- الفكر الواقعي مقابل الفذلكات الأيديولوجية

    لقد منحت حركة (فتح) الثورة الفلسطينية بعد النظر، والرؤية السياسية الواضحة، والفهم المتطور للمرحلة، والفكر الواقعي، ففي حين رفضت رفع العصا في وجه هذا أو ذاك متهمة إياه بالخيانة أو المروق أو اللاوطنية المعبر عنه بمنهج التفكير القضائي، رفضت أيضا منهج التفكير التاريخي الذي لا يرى المستقبل في ظل حصار الواقع إلا عجزا عن اللحاق بالماضي التليد، ورفضت أيضا منهج التفكير الفلسفي الذي لا يقبل إلا القوالب المصبوبة والرؤى الجامدة الثابتة والنظرات المسبقة. لذلك لم تتبن حركة (فتح) أيديولوجية لأنها مرتبطة بالحزبية التي يكون نشوئها في ظل الدول والحكومات المستقرة، وفي المجتمعات الآمنة غير المهددة، وتهدف للسيطرة على الحكم من خلال برنامج الحزب السياسي.

    لقد آمنت (فتح) بفكر التطور والحركة والتغيير، وحافظت في خلفيتها السياسية والثقافية والتعبوية على فلسفتها وتاريخها وتحديداتها القضائية كمرشد ومرجعية في استخدامها المتطور للفكر من خلال المرحلة في واقعية سياسية تفقه السبل المثلى للتعاطي مع متغيرات العوامل الذاتية والعوامل الموضوعية (الخارجية).

    9- قواعد المسلكية في المجال التنظيمي

    لقد اهتمت الحركة ببناء الكوادر عبر التربية والتثقيف المستمر الذي مارسته من خلال أطر تنظيم (فتح) في مختلف الأقاليم، وعبر القدوة المستمدة من سلوكيات القيادة التاريخية، وعبر الجلسات الحركية واللقاءات والندوات والزيارات والدورات العسكرية والسياسية والتنظيمية، وعبر المؤتمرات ومدرسة الكوادر والحث على البحث والدرس والقراءة واستخلاص العبر، بما يغني الفكر ويقوِم السلوك، ويهذب النفس، ويمتن العلاقة الروحية للعضو مع خالقه كما لم تهمل (فتح) بناء الجسد الذي بتكامله مع العناصر الأخرى تمتن بناء الذات وتجعل من السلوك التنظيمي (ممثلا لمجمل تصرفات العضو) يتجه نحو الالتزام والانضباط والولاء، وتطبيق المركزية الديمقراطية، وممارسة النقد ونقد الذات.

    10- دع ألف زهرة تتفتح في بستان (فتح)

    آمنت حركة (فتح) بالطليعة الثورية، الطليعة المقاتلة، الطليعة المنظمة، الطليعة المسيسة، وآمنت بقدرات الشعب، وحضت على العمل، وفي المقابل لم تسمح للقواعد والإجراءات البيروقراطية القاسية أن تتحول لمعيق وسد مانع أو أن تحد من العطاء والنماء والعمل، وانما حددت أن العمل هو المقياس، والعطاء هو التصديق الفعلي لكل من الفلسفة والنظرية والفكر والأهداف والمبادئ، وعليه فلقد كان للمبادأة أو المبادرة قيمة عالية في الفهم الفتحوي للإبداع وفي الفهم الفتحوي لانطلاق الأفكار، فحثت في ادبياتها على أهمية المبادرة الفردية في موقعها، والمبادرات الجماعية في مواقف الدعم للأهداف والمصالح.

    لقد أساء البعض فهم هذا الشعار فاستغلوا حركة (فتح) لاهوائهم وأهدافهم الخاصة والشخصية، وهم وان قاومتهم الحركة، إلا أن وجود بعضهم حتى الآن لمدعاة لتواصل الصراع اصل الوجود، ومبرر التغيير والتطور. ورغم ذلك استمرت (فتح) ورعت تفتح مختلف المبادرات وهي تزهر في بستان حركة (فتح). لقد كانت الآية الكريمة (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون). سورة الصف (3). مرشدا وهاديا للحركة في اقتران القول بالفعل عندها، بل وبتعدد الفعل من خلال المبادرات.

    11- فتح تصنع الحدث.

    انهمكت معظم المنظمات الفلسطينية في حمأة التنظير الحزبي، والمراوحة النظرية بين مرحلة الثورة الشعبية والثورة الديمقراطية والثورة الاشتراكية، والإسفاف الأيديولوجي المنقسم على مساحة الخلاف الماركسي – اللينيني أو الستاليني أو الماوي أو التروتسكي، وعشرات التيارات والأحزاب والتكتلات التي نشأت وعاشت على هذه الخلفية، وعلى خلفية التقسيم الطبقي للمجتمع العربي أو الفلسطيني ما بين كومبرادور وإمبريالية وبرجوازية كبرى أو وطنية أو صغيرة، وبروليتاريا وغيرها، كما انشغلت أيضا بالدعوة لرفع راية اليسار والعلم الأحمر الممزق بين عديد المنظمات غير الموحدة، أو الدعوة لصحوة اليمين الديني من أصوات خافتة في الفترة التي كان يعيش فيها هؤلاء في غيبوبة السكون والكمون، أو الفرجة على الأحداث دون الإقدام على أي محاولة جادة للإسهام فيها إلا بعد مخاض طويل ومنذ العام 1982 ثم العام 1987.

    وفي ظل هذه الانشغالات النظرية للمنظمات الفلسطينية الظاهرة أو الكامنة خاضت حركة (فتح) معارك الدفاع الباسلة عن شعبنا العربي الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات ولتنهك الفكر الصهيوني التوسعي بسيل متتابع من الضربات ، والعمليات الاستشهادية الجريئة التي وضعت فلسطين على الخارطة الدولية، وصنعت الثورة الفلسطينية كرقم صعب في معادلة منطقة (الشرق الأوسط) الدائرة الحضارية العربية الإسلامية لا يمكن تجاوزه.

    لقد صنعت حركة (فتح) الحدث، أعادت بناء الشخصية الوطنية الفلسطينية، وجعلت من (م.ت.ف) الوطن المعنوي للفلسطينيين إلى أن عادت للخريطة الجغرافية، وان ببقع صغيرة ابتدأت في غزة وأريحا سرعان ما كبرت وستكبر في ظل بسط السيادة للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وبذلك فنحن ننتمي لحركة صانعة للحدث تاركة للآخرين التعليق.



    12- الأرض للسواعد الثورية التي تحررها

    لقد كانت رؤية حركة (فتح) منذ البدايات وحدوية، فدعت كافة المناضلين من كافة شرائح المجتمع، وكافة التيارات لنزع الأردية الحزبية والانصهار في بوتقة حركة الشعب الفلسطيني، حركة (فتح)، فكانت (م.ت.ف) الإطار الفلسطيني الجامع لكافة القوى والتنظيمات الفلسطينية والتي حافظت كل منها بذلك على استقلاليتها التنظيمية والأيديولوجية والتقت معا ضمن برنامج موحد جامع عبر (م. ت. ف) اسمي برنامج الوفاق الوطني أو القواسم أو الجوامع المشتركة وبالتالي كان شعار أن الأرض للسواعد الثورية التي تحررها (وليس الفتحوية) فقط، إشارة لكل تنظيم (ثوري) للمشاركة في الوحدة الوطنية من خلال الإطار الجامع (م. ت.ف)، ومن خلال مسيرة السواعد الثورية نفسها والتي أصبحت فلسطين عنوانها كطريق للوحدة مع عدم رفض شعار أن الوحدة طريق فلسطين، ولكن بتواز يقبل تحقق أيهما ما دام الغرض تحقيق مصلحة الثورة والشعب. ولقد أثبتت فتح في ذلك أن الشعار يصنع لتحقيق مصالح الشعب وتحرير الأرض، وليس ليخدم الشعب شعارا مستوردا أو لا يعبر عنه. ولم تقبل (فتح) السواعد الأسيرة في قوالب الشعارات التي كانت بالنسبة لها تعبيرا متطورا عن فهم كل مرحلة ومصلحة الجماهير.

    13- فتح ديمومة الثورة.

    قادت حركة (فتح) مسيرة الثورة فحققت بذلك الديمومة والتواصل، ورفضت بذلك الانقطاع أو التوقف أو الجمود لان الديمومة فعل الثورة الرئيس، بينما الجمود أو التكلس أو السكون هي من أفعال الانهزام والتقهقر والتراجع والتخاذل والتي كانت انطلاقة الحركة موجهة لنقضها والتمرد عليها ولتحقق منطوق النشيد الفتحوي القائل:

    أنا قد كسرت القيد قيد مذلتي وسحقت جلادي وصانع نكبتي

    ونسفت سجني وانطلقت عواصفا لهبا يدمدم تحت راية ثورتي

    أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها ولجيشها الجبار صانع ثورتي

    أصبحت فتح ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح، وما زجت في ديمومة مسيرتها بين العمل العسكري والعمل السياسي (فالعمل العسكري يزرع والعمل السياسي يحصد، ومجنون من يزرع ولا يحصد) لذلك فان تواصل الفعل، واستمرار العطاء، على كافة الصعد السياسية والإعلامية والاجتماعية العسكرية والتنظيمية هي الزرع المطلوب لتحقيق الديمومة التي مثلتها (فتح) العمود الفقري للثورة الفلسطينية المعاصرة.

    14- بوصلة فتح تتجه نحو فلسطين

    و لأنها جعلت من فلسطين، ومن القضية الفلسطينية المادة اللاصقة، المادة الرابطة، المادة الجاذبة لكافة الأفكار والأيديولوجيات والفلسفات الاجتماعية السياسية فإنها رفضت التنازع الأيديولوجي والتشريح الطبقي، والتفرقة الدينية والاختلاف العشائري والفرز الطائفي أو الجهوي. وآمنت في نفس الوقت بالله وبالوطن، وبقدرتها على تحقيق النصر فكان التمحور لأعضاء الحركة مركزا حول الهدف الأكبر والغاية الأساس وهي تحرير فلسطين.

    ولان التمحور كان حول فلسطين، واتجاه بوصله (فتح) هو فلسطين، فلم تستتبع الحركة وحتى الآن لا ليمين ولا ليسار، ولا لدولة تقدمية أو رجعية، لا لهذا النظام ولا ذاك، وبقيت تحتفظ باستقلاليتها (القطرية) ضمن خط الرفض للإقليمية والتثبيت المستمر للعمل القومي العروبي للقضية الفلسطينية.

    ولأن الثورة الفلسطينية، والقضية الفلسطينية انطلقت في الزمن المستحيل فلقد كانت لها خصوصيتها التي معها غدت الاستقلالية مطلبا يتكامل مع العمل القومي ولا يتنافر معه، أنها رؤية خاصة ضمن الرؤيا العامة … فلم يكن هناك من (فتح) لا سؤ توقيت ولا توريط ولا تخبط في التخطيط فيما أطلقت عليه الأنظمة العربية التي كانت قائمة في الستينات (التاءات الثلاثة) لتتحلل من التزاماتها القومية تجاه فلسطين. إن إيمان فتح لم يتزعزع حتى الآن بأن قاطرة (فتح) والقضية تحتاج للقطار العربي لذلك كان العمق القومي لها مما لا مناص منه.

    لقد حاولت عديد التيارات والطحالب والنباتات المتسلقة على جسد الحركة أن تحرف البوصلة، وان تطوع الفكر، أو الاتجاه بعيدا عن فلسطين وكادت أن تنجح في الخداع لبعض أبناء الثورة، لولا الوعي والصبر، والثقة التي يتحلى بها غالبية الكوادر الفتحويين الذين سرعان ما كانوا يطردون بمجموع وعيهم مثل هذه الظواهر، ويثبتون البوصلة باتجاهها الصحيح.

    إن معنى أن تتجه البوصلة نحو فلسطين، هو أن ننحي جانبا كل الخلافات الداخلية، والخلافات الإقليمية، والخلافات العربية، ونضع فلسطين على رأس قائمة الأولويات، ولا نقبل بأن نجر لهذا المحور العربي أو الإقليمي أو ذاك، ولتبقى فتح (ثورة على الأعادي)، لان قضية فلسطين ليست قضية شعب فقط، و إنما قضية أمة وقضية أجيال. قضية الفلسطينيين وقضية العرب المركزية، وقضية جميع الأحرار في العالم.

    15- معا وسويا ويدا بيد حتى النصر

    لان (فتح) تؤمن بمدى قدرة العضو على العطاء، وبأن القدرة في حدها الأقصى لا تنطلق إلا عبر العمل الجماعي، وهو الممثل لمجموع قدرات الأعضاء، ليس بشكل حسابي تراكمي بسيط، وإنما بشكل يعترف بتنوع وتعدد ونسبية القدرات، التي على ذلك فإن تكاملها يعني أن (فتح) وليس عضو من (فتح) مرت من هنا، حيث تركت الأثر الإيجابي لمجموع جهود أعضائها بنسبة جهد كل منهم وتنوعه وتعدده، وكما حصل في عديد مواقع الثورة من الأردن فلبنان وسوريا إلى تونس وفي فلسطين، ولنفس السبب طالما ردد الأخ الرئيس القائد العام ياسر عرفات (معا وسويا ويدا بيد حتى النصر ونحو فلسطين) وهو الذي جعل من الشبل والزهرة العربيان الفلسطينيان رمزا للنصر لأنهما سيرفعان علم فلسطين فوق أسوار ومآذن وكنائس القدس الشريف.

    إن العمل الجماعي هو ناتج الإرادة الجماعية وناتج عمل الطاقات أو القدرات المتنوعة التي تعمل معا بروح معنوية عالية، بتناغم، بتعاون، بتناسق يحقق الهدف ضمن خطة آمنت (فتح) بضرورة توفرها، ولم يكن حث وتحفيز الحركة لأعضائها على العمل الجماعي بنقيض أو إلغاء للشخوص أو للمبادرات، وإنما دفع لاحتضانها ضمن عمل الفريق ومن خلال العمل الجماعي (فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما) سورة النساء 175.


    .................................
    هي رمز إلى حركة التحرير الفلسطينية. تكوّن حروفها الأولى مادة "حتف"، فإذا ما قُلِبَت، أصبحت تكون كلمة "فتح". تأسست الحركة في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، بعد اندماج شبكات عاملة في مخيمات اللاجئين، وتجمعات الطلبة الفلسطينيين في المهجر، والجاليات الفلسطينية النامية في دول الخليج العربي الغنية؛ وهي التي كانت تؤمن بالوطنية الفلسطينية، مناقضةً بذلك الأحزاب المؤمنة بالقومية العربية، التي لا تلبي الطموح الفلسطيني الحقيقي؛ لأنها كانت تطرح صراعات بعيدة كل البعد عن القضية الأساسية، قضية فلسطين.

    ويرجع أحد قادة فتح أساس فكرة إنشاء الحركة، إلى تجربة "جبهة المقاومة الشعبية"، ذلك التحالف القصير الأجل، بين الإخوان المسلمين والبعثيين، أثناء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، عام 1956. ويشير سليم الزعنون، العضو المؤسس في "حركة فتح"، إلى أن تلك التجربة القصيرة، كانت مسؤولة عن وضع جنين الحركة؛ إذ إن نحو 12 شخصاً، من أعضاء "جبهة المقاومة الشعبية"، قد اجتمعوا، في حي الزيتون، في مدينة غزة، حيث وضعوا خطة لتنظيم جبهة في فلسطين، كانت فتح هي صورته النهائية.

    وتجمع المصادر على أهمية الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، عام 1956، في تأسيس "حركة فتح"؛ وتَعدّه نقطة التحول في مسيرة النضال الشعبي الفلسطيني؛ إذ وجد الشباب الفلسطيني نفسه، للمرة الأولي، وجهاً لوجه، أمام العدو المحتل؛ فضلاً عن أهمية حرب السويس بعامة، التي كانت هزة عنيفة للفلسطينيين، ومصدر إلهام لما يمكن عمله من أجل فلسطين. لم يكن، إذاً، تأسيس الخلية الأولى، في تنظيم فتح السري، عام 1958، أي بعد عام واحد من نهاية الاحتلال، محض مصادفة؛ وإنما نتيجة لفترة سبقتها.

    بعد نشوء دولة إسرائيل، وتشريد الفلسطينيين، أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات؛ وفشل الحكومة العربية لعموم فلسطين؛ وعجز اللجنة العربية العليا، التي يقودها المفتي؛ وغياب تنظيم، يجسد الشرعية الفلسطينية تجسيداً حقاً وفاعلاً؛ والمعاناة التي تسببت بها الأنظمة العربية، وضم الضفة الغربية إلى الأردن؛ كل أولئك، دفع جماعة من الشباب الفلسطيني، في القاهرة، ومعظمهم طلاب، يلتفون حول ياسر عرفات؛ ومنهم أبو يوسف النجار، وأبو إياد (صلاح خلف)، وعبد الفتاح حمود، إلى تشكيل الخلايا السرية. وعن ذلك يقول أحمد محمد حلس: "ولقد رأوا أن ينطلق هذا التنظيم من المصلحة الفلسطينية، والخصوصية الفلسطينية، دون تجاهل البعد العربي للقضية الفلسطينية؛ وأن يكون هذا التنظيم مستقلاً عن الأحزاب السياسية العربية، وأن يكون جميع أعضائه من الفلسطينيين؛ ما دفعهم إلى القول بأهمية أن نأخذ نحن الأمور بأيدينا ".

    ويذكر خليل الوزير، وهو أحد القادة المؤسسين لـ"حركة فتح"، أن اللقاء الأول للحركة، كان في النصف الأخير من عام 1957، في الكويت، حيث التقي خمسة فلسطينيين، جاءوا من مناطق مختلفة، وشكلوا القاعدة التنظيمية الأولي، التي كانت على ارتباط مع امتدادات تنظيمية، في كلٍّ من مصر وغزة والأردن وسورية ولبنان والمملكة العربية السعودية وقطَر والعراق.

    ويذكر صلاح خلف، أن انطلاقة فتح أو تشكيلها النهائي، قد كان عام 1961، نتيجة لتوحيد معظم الخمس والثلاثين أو الأربعين منظمة فلسطينية، التي كانت قد نشأت في الكويت نشوءاً عفوياً؛ واندماجها في منظمة، كانت قائمة، في كلٍّ من قطَر والمملكة العربية السعودية، ويقودها محمود عباس (أبو مازن)، ومحمد يوسف النجار، وكمال عدوان، الذين أصبحوا أعضاء اللجنة المركزية لـ"حركة فتح"؛ وقد استشهد الأخيران، على يد قوة إسرائيلية، في بيروت، في أبريل 1973.

    أما أحد أعضاء اللجنة المركزية، ويدعى خالد الحسن، فيذكر أن تاريخ التوحيد النهائي لقوات فتح الأساسية، قد كان عام 1962؛ وما نشأ قبل هذا التاريخ، لا يعدو كونه جماعات محلية، مستقلة.

    إن بدايات "حركة فتح"، قد كانت في الخمسينيات، حينما أغارت الطائرات الإسرائيلية على قطاع غزة، عام 1955، فتظاهر الطلبة في جامعة القاهرة؛ فاستدعاهم الرئيس جمال عبدالناصر، وطلب منهم أن يشكلوا وفداً لزيارة غزة. كوِّن الوفد من ياسر عرفات، وصلاح خلف، وسليم الزعنون، الذين ذهبوا إلى غزة، حيث اجتمع ياسر عرفات، رئيس اتحاد الطلبة، في ذلك الوقت، مع خليل الوزير، الذي كان رئيس تحرير مجلة "فلسطيننا"، التي تكتب في مدرسة خالد بن الوليد. فأجرى رئيس التحرير مقابلة مع ياسر عرفات، وقدم إليه صورة عن الوضع في القطاع؛ وكانت هذه أول مرة، يلتقي فيها الرجلان. ومنذ تلك الفترة، بدأ التخطيط لتنظيم مسلح؛ إذ التقيا، مرة ثانية، في القاهرة، عام 1956؛ ومرة ثالثة، في الكويت، حيث راحا يفكران ويناقشان قضايا شعبهما، وتعاهدا على أن يعملا شيئاً لقضيتهم. وفي اليوم التالي، اجتمعا في منزل عادل عبدالكريم، ومعهم يوسف عميرة، ومحمد شديد، وتعاهدوا على تأسيس حركة. ولم تكن أفكار ياسر عرفات وخليل الوزير وعادل عبدالكريم، بدعاً في المنطقة؛ بل كان هناك جماعات كثيرة، تنادي بالعمل من أجل التوحيد، وتحرير فلسطين.

    ومهما اختلف المعاصرون للأحداث، في تاريخ البداية الحقيقية لنشوء "حركة فتح"؛ إلا أن نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، كانت فترة ميلادها الحقيقي.

    ويمكن القول، إن أهم العوامل، التي ساعدت على إنشاء "حركة فتح"، هو انفصام الوحدة المصرية ـ السورية، عام 1961؛ وعدم قدرة الدول العربية على منع إسرائيل من استغلال مياه نهر الأردن في ري صحراء النقب؛ وشروع الدولة العبرية في صنع السلاح النووي. وقد أقنعت هذه العوامل مجتمعة الوطنيين الفلسطينيين، ولا سيما رجال فتح، بأن الرياح ليست في مصلحة العرب بعامة، والفلسطينيين بخاصة؛ وأن مواجهة الدول العربية إسرائيل، عسكرياً، هي ضعيفة، بل مستبعدة. ولذلك، شرعت فتح تنشئ قواعدها في الجزائر، عام 1962؛ وفي سورية، عام 1964، حتى استكملت جناحها العسكري، "العاصفة"، والذي كانت باكورة عملياته في الأول من يناير 1965، على أرض فلسطين المحتلة (إسرائيل).

    كان مؤسسو "حركة فتح"، يرون أهمية وجود تنظيم قيادي فلسطيني، يجمع الشعب الفلسطيني، ويقوده في معركة تحرير الوطن، معتمداً عليه هو نفسه، سواء في عملية التمويل أو المد الفكري. وألاّ يكون ذا طابع حزبي، ولا موالياً ولا معادياً لأيِّ دولة عربية. تنظيم يكون ارتباطه بالشعب الفلسطيني متجدداً، أساسه التكافل الاجتماعي، والوحدة الوطنية؛ والتعامل مع الدول العربية، بقدر ما تقدمه من إيجابيات للقضية الفلسطينية، سواء في المحافل الدولية أو في محافلها الداخلية.

    لقد اتسمت المرحلة الواقعة بين عامَي 1959 و1964، بتوسع "حركة فتح" العددي والتنظيمي، والتي أطلق عليها صلاح خلف مرحلة "إعداد الأطر والكوادر"؛ حيث نشأت مئات الخلايا، على أطراف دولة إسرائيل، في الضفة الغربية وغزة، وفي مخيمات اللاجئين في سورية ولبنان، وكذلك داخل التجمعات الفلسطينية في البلدان العربية الأخرى، وفي إفريقيا وأوربا، بل في الأمريكتَين: الشمالية والجنوبية.

    وفي البداية، لم تتلقَّ "حركة فتح" دعماً مالياً، من قبل أيّ حكومة عربية؛ بل كانت تعتمد على أموال ضئيلة من مؤسسيها، اشترت بها أسلحة خفيفة، وسيئة الجودة. وكان من أهم المشاكل، التي واجهت الحركة، عملية إعداد الفدائيين. ويقول صلاح خلف: "كان النظام العربي الوحيد، الذي يؤيدنا، عام 1964، هو نظام بن بيلا، الذي رخص لنا بإقامة ممثلية في الجزائر. غير أن بن بيلا، الذي كان وثيق الصلة بعبدالناصر، كان يرفض إعطاءنا أيّ دعم مادي؛ وإنما تسلمنا أول شحنة من سلاح، من الجزائر، عام 1965، عندما تسلم أبو مدين مقاليد السلطة ". ويتضح من قول أحد رجالات الثورة الفلسطينية، أن عبدالناصر، كان يمد الثورة الفلسطينية، سراً؛ ولا يريد أن يطلع بن بيلا على دعمه لها. وكذلك استفادت "حركة فتح" من دول الخليج؛ وعن ذلك يقول أحد المعاصرين: "إن الحركة كانت بحاجة ماسّة إلى المال... وكان في وسعنا أن نناضل بحُرية أعظم في دول الخليج، حيث مصالح الأمن أقلّ تطوراً، وحيث قادة هذه البلاد أكثر تهيؤاً إزاءنا؛ بخلاف الحال في البلدان المجاورة لإسرائيل


    ارتكزت "حركة فتح" على مبادئ أساسية، هي:
    1. فلسطين جزء من الوطن العربي. والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية، وكفاحه جزء من كفاحها.

    2. الشعب الفلسطيني ذو شخصية مستقلة، وصاحب الحق في تقرير مصيره، وله السيادة المطلقة على جميع أراضيه.

    3. الثورة الفلسطينية طليعة الأمة العربية، في معركة تحرير فلسطين.

    4. نضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم، في مواجهة الصهيونية والاستعمار والإمبريالية العالمية .

    5. معركة تحرير فلسطين واجب قومي، تسهم فيه الأمة العربية، بكافة إمكاناتها وطاقاتها، المادية المعنوية.

    6. المشاريع والاتفاقات والقرارات، التي صدرت أو تصدر عن هيئة الأمم المتحدة، أو مجموعة من الدول، أو أي دولة منفردة، في شأن قضية فلسطين، والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه، باطلة، ومرفوضة.

    7. الصهيونية حركة عنصرية، استعمارية، عدوانية، في الفكر والأهداف والتنظيم والأسلوب.

    8. الوجود الإسرائيلي في فلسطين غزو صهيوني، عدواني، قاعدته استعمارية توسعية؛ وهو حليف طبيعي للاستعمار والإمبريالي ة العالمية.

    9. تحرير فلسطين والدفاع عن مقدساتها، واجب عربي، وديني، وإنساني.

    10. حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حركة وطنية ثورية مستقلة. وهي تمثل الطليعة الثورية للشعب الفلسطيني.

    11. الجماهير الثائرة، والتي تضطلع بالتحرير، هي صاحبة الأرض، ومالكة فلسطين.

    قبل إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، اجتمعت "حركة فتح" في الكويت؛ لكي تقرر موقفها منه. وفي هذا الاجتماع، هناك من رأى أنه يجب التعامل السلبي مع هذا الموضوع، من منطلق أن الفكرة عملية إجهاضية، من بعض الدول العربية؛ لأنها لا تريد أن يكون هناك عمل ثوري، شعبي؛ وإنما يجب استبداله، أو سد الطريق أمامه، بإيجاد عمل شعبي رسمي، حتى يمكن السيطرة على أي عمل فدائي، ينطلق في هذه المنطقة. وهناك في قيادة "حركة فتح" من رأى أنه يجب التعامل تعاملاً إيجابياً مع منظمة التحرير الفلسطينية؛ وأنه لا بدّ من الاتصال بأحمد الشقيري، وتشجيعه على هذا الموضوع.

    وفي صيف 1964، أرسلت "حركة فتح" مندوباً عنها، وهو ياسر عرفات، إلى ليبيا؛ للاجتماع بالسيد أحمد الشقيري، وإبلاغه ما تريد أن تفعله. ووفقاً لشهادة أحد المعاصرين، "حمل ياسر عرفات معه إلى الشقيري، قبل دخوله مؤتمر القمة العربي الثاني، العرض الآتي: "نحن قررنا أن ننطلق، في بداية 1965، كحركة فتح. ولكن، نحن على استعداد، أن نقدم موعد الانطلاقة إلى ما قبل اجتماع القمة؛ لكي تدخل أنت مؤتمر القمة العربي، ممثلاً لثورة، انطلقت في داخل فلسطين، وليس فقط مكلفاً من الجامعة العربية تشكيل هذه المنظمة". الشقيري استحسن الفكرة، ولكن طلب تأجيلها. ووعد عرفات، أن يكون نصيراً ومتعاوناً مع حركة التحرير الفلسطيني، فتح، في المستقبل".

    كان إعلان الدول العربية إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، في 28 مايو1964، حافزاً لمؤسسي "حركة فتح" إلى الانتقال إلى مرحلة العمليات العسكرية؛ إذ لم تقاطع الحركة المؤتمر الفلسطيني الأول، الذي انبثقت منه منظمة التحرير الفلسطينية؛ على الرغم من وقوع المؤتمر تحت الوصاية العربية. ويقول صلاح خلف عن سبب حضور "حركة فتح" المؤتمر الفلسطيني الأول: "إن الموقف كان يحتم عدم الانقطاع عن الحياة السياسية الفلسطينية، وضرورة التسرب إلى داخل منظمة غنية، وقوية؛ للإفادة من الوسائل، التي تتمتع بها"، وعن موقف الشقيري من "حركة فتح"، قال خلف: "عرضنا عليه إقامة علاقات سرية بيننا. لكن الشقيري، بدلاً من أن يساعدنا، كما وعد، فإنه راح، بعد ذلك، يحاربنا بأقصى ما لديه من طاقة ". كذلك يقول صلاح خلف: "رغم كل تحفظاتنا، التي كانت وما زالت من منظمة التحرير، قبلنا أن نكون جزءاً منها؛ من أجل الوحدة الوطنية".


    .................................
    ظلت "حركة فتح" سرية، حتى عُقد مؤتمرها العام الموسع، في دمشق، في أكتوبر 1964؛ وحضره قياديوها في البلدان المعادية لإسرائيل، وخاصة قطاع غزة، والضفة الغربية. واتفقوا على 31 ديسمبر 1964، موعداً لأولى عملياتهم العسكرية، ضد إسرائيل، والتي اضطلعت بها "العاصفة"، الجناح العسكري لـ"حركة فتح". وأعلنت العملية في البلاغ العسكري، الرقم واحد، في الفاتح من يناير1965؛ وكذلك أعلنت بيانها السياسي الأول، الذي أذاعته القيادة العامة لقوات "العاصفة" (الملحقان الرقمان 10، و11).

    حينما أُعلن أول بلاغ عسكري، استثار ردود فعل، فلسطينية وعربية. أمّا ردود الفعل الفلسطينية، فتتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية؛ ويوضحها سليم الزعنون بقوله: "نسجل للشقيري موقفاً مشرفاً، حيث إنه عندما انطلقت حركة فتح، العاصفة، في الأول من يناير 1965، كان هناك في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من أراد أن يصدر بياناً ضد الانطلاقة، باعتبارها توريطاً لعمل منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن الشقيري منع صدور بيان كهذا، والتزم الصمت ".

    أمّا ردود الفعل العربية، فقد اتهم بعض الدول العربية "العاصفة"، بأنها تعمل في مصلحة وكالة الاستخبارات المركزية (c.i.a)، والبعض اتهم رجالها بأنهم عملاء للشيوعية الدولية. والبعض الآخر سلط عليهم القمع. لا، بل وإن "حركة القوميين العرب"، التي كتبت مقالات عديدة، في مجلة "الهدف"، نددت فيها بمبدأ الكفاح المسلح، الذي رفعته فتح شعاراً إستراتيجياً لعملها الثوري. ولكن، في عام 1966، شعرت تلك الحركة أن معظم أعضائها، قد انضموا إلى قوات "العاصفة"، فبادرت إلى تكوين فريق فلسطيني، يمارس الكفاح المسلح، مثل "حركة فتح"؛ أطلق عليه تنظيم " أبطال العودة"، الذي أصبح، فيما بعد، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

    استمرت "حركة فتح" في طريقها، بعد الانطلاقة الأولى؛ فتعددت عملياتها العسكرية، وتوسع نفوذها، وقويت اتصالاتها بالدول العربية؛ إذ بعثت بمذكرة إلى المؤتمر الثالث لملوك الدول العربية ورؤسائها؛ المنعقد في الدار البيضاء، في سبتمبر 1965، حددت فيها المنطلقات النظرية لعملها الكفاحي في سبيل تحرير فلسطين؛ وهي:

    1. الإيمان الجازم بأن الكفاح المسلح، هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين.

    2. إيمان الحركة بأن الشعب العربي بأسْره، هو مادة الكفاح المسلح.

    3. اعتقاد الحركة بأن الزمن يعمل في مصلحة العدو، وأن المعركة يجب أن تكون اليوم، وليس غداً.

    4. إن معركة تحرير فلسطين، سوف تسفر عن حلّ التناقضات القائمة في الوطن العربي؛ كما أن حرب التحرير، هي وحدها الكفيلة بتوحيد الأمة العربية، ورأب الشقوق والصدوع في بنيانها.

    5. استعداد الحركة للتنسيق والتعاون مع أيّ جهة، فلسطينية أو عربية، تعمل أو تنوي العمل من أجل التحرير واشتراكها في ذلك؛ على أن يكون اللقاء والتعاون في أرض المعركة؛ وإبقاء القيادة في يد الشعب الفلسطيني، وفي منأى عن الخصومات والقيادات السياسية، التي تتنازع في العالم العربي. كذلك، شددت فتح، في مذكرتها، على ضرورة الانطلاق والتحرك من أجل تحرير فلسطين. ورأت العمليات الفدائية تمهيداً لحرب التحرير الشعبية، التي تساعد على تعزيز الثقة لدى الفلسطينيين، ومحاربة عوامل اليأس والانهزام لديهم، وزلزلة الوجود الصهيوني، وخلق جو مشحون بالتحفز والإحساس بالخطر الصهيوني، وكشف أكذوبة قوة إسرائيل ومناعتها.


    عندما انطلقت الثورة الفلسطينية، في الأول من يناير 1965، كان أحد طموحاتها، أن تصبح عامل توحيد للعرب جميعاً، يلتقون عندها، ويحشدون إمكاناتهم لتحرير الأرض الفلسطينية المحتلة. لكن بعض الأنظمة العربية، مثل الأردن ولبنان، كان يقلقها هذا التوجه؛ لأنه كان يستهدف التغيير. فمنعت انطلاقة الثورة من أراضيها. ومن المؤسف، أن أول شهداء "حركة فتح" (الثورة الفلسطينية)، وهو الشهيد أحمد موسى، سقط برصاص النظام الأردني، بعد تنفيذه عملية ناجحة، داخل الأراضي المحتلة. على الرغم من هذه الصعوبات، التي كانت تتعرض لها قوات "العاصفة"، فإنها استمرت في تنفيذ العمليات الفدائية، وإصدار البلاغات العسكرية؛ إذ حذرت إسرائيل، في بلاغها العسكري الرقم 13، الصادر عام 1965، من الاعتداء على المواطنين العرب الأبرياء؛ وأكدت، كذلك، أنها غير تابعة، ولا خاضعة لأيّ دولة أو جهة.

    كذلك، وجهت "العاصفة" بياناً إلى الصحافيين العرب، في مناسبة انعقاد مؤتمرهم الأول، في الكويت، في الفترة بين 8 و13 فبراير1965؛ أعربت فيه عن خيبة أملها، بسبب ما لاقته من فتور الصحافة العربية، وتردد لا يلائم زخم الحدث الثوري، الذي جسدته طلائع الثورة الفلسطينية، في الأول من يناير 1965. وحذرت في بيانها العالم العربي والصحافيين، من أن إسرائيل تحتاج إلى ثلاث سنوات أخرى من التسلح، حتى تحقق أهدافها الإستراتيجية، التي تتمثل في إنتاج السلاح النووي، وتكثيف العمق البشري. وشدد البيان على ضرورة التحرك العربي، من أجل منع العدو من تحقيق هذه الأهداف. وأكدت في بيانها، أنها لن تشهر السلاح في وجْه أيّ جندي أو حاكم عربي.

    إذا كانت "حركة فتح"، فد أعلنت جهادها وكفاحها المسلح، في أوائل عام 1965؛ وتعرضت، منذ ذلك التاريخ، لمتاعب
    جسيمة وتضحيات مروعة، في سبيل توحيد عملها في مواجهة إسرائيل المغتصبة، واستمرار ثورتها على الكيان الصهيوني، الذي نصبه الاستعمار في فلسطين؛ فقد ذاق ثوارها ألواناً مختلفة من القمع والتعذيب. ففي لبنان، قتل رجال الاستخبارات اللبنانية، في يناير 1966، أحد أعضاء "العاصفة"، ويدعي جلال كعوش، كان يخطط لتنفيذ عملية عسكرية، من الأراضي اللبنانية؛ فاعتُقل، وعُذب، ثم ألقي بجثته من بناية عالية، كي يبدو موته، وكأنه انتحار. وسارع مسؤول في قيادة الجيش اللبناني، في 15 يناير 1966، إلى الإعلان "أن جلال كعوش، كان ينوي القيام بعمل إرهابي، كلف به في 29 ديسمبر، داخل حدود إسرائيل، على رأس زمرة من الفدائيين". وعلى اثر استشهاد كعوش، شهدت العاصمتان: السورية واللبنانية، مسيرات كبرى. وأرسلت "حركة فتح" بمذكرة احتجاج إلى مؤتمر رؤساء حكومات الدول العربية، في 12مارس 1966، تستنكر فيها ما يتعرض له النضال الفلسطيني، من ضغوط وقتل، من قبل بعض الدول العربية. ودعت المذكرة إلى "إطلاق حرية العمل لجميع القوى الثورية الفلسطينية، التي تؤمن بالكفاح المسلح؛ وتهيئة كل أرض عربية محيطة بفلسطين المحتلة، لتكون منطلقاً للتحرير، وليس سجناً للمناضلين".

    ولم يقتصر الأمر على قتل رجال "العاصفة" وسجنهم، ومنعهم من الدخول إلى الأرض المحتلة، لتنفيذ عملياتهم؛ بل إن الأمهات، اللواتي كان يشتبه بسفر أبنائهن، للتدريب العسكري، كُنَّ يخضعنَ، باستمرار، للتحقيق؛ فضلاً عن أن رجال الشرطة في لبنان، كانوا يقتحمون بيوت رجال "العاصفة".

    وتعرضت "حركة فتح" وقيادتها، في سورية، للسجن والتحقيق، في نهاية فبراير 1966؛ بسبب مقتل رجلَين من رجال "العاصفة"؛ كانا يعملان بتوجيه من حزب البعث السوري؛ وهما يوسف بعرابي، ومحمد حشمت. وقاد الحركة، في هذه الفترة، انتصار الوزير (أم جهاد)، التي فقدت أحد أطفالها بسبب انشغالها بالقيادة. ولم يفرج عن السجناء، إلا بعد وساطة فاروق القدومي، ومحمد يوسف النجار، وصلاح خلف، لدى حافظ الأسد، وزير الدفاع السوري، في ذلك الوقت.

    استمرت "حركة فتح" في نضالها العسكري، على الرغم من الطوق، الذي كانت تفرضه عليها الدول العربية المجاورة لإسرائيل. وكانت ترفع المذكرات إلى مؤتمرات القمة العربية، ومجالس الدفاع العربية، تشرح فيها الوضع الفلسطيني الصعب؛ إذ وجهت إحداها إلى مجلس الدفاع العربي الأعلى، المنعقد في منتصف ديسمبر 1966، طالبت فيها بتسليح الشباب، في المدن والقرى الأمامية؛ وتكوين فِرق المقاومة الشعبية، في جميع أنحاء الضفة الغربية؛ وحماية العمل الفدائي؛ وحث جيش التحرير الفلسطيني على التحرك وخوض المعركة المسلحة.

    وفي نهاية عام 1966، ومطلع عام 1967، ازدادت العمليات العسكرية، التي كانت تنفذها "العاصفة"؛ ما دفع النظام الأردني إلى اعتقال 250 شخصاً، كان يشتبه بانتمائهم أو تعاطفهم معها. ولم يفرج عنهم، إلا عشية حرب يونيه 1967. وقد اعترف رئيس الحكومة الإسرائيلية، ووزير دفاعها، ليفي أشكول، يوم الإثنين، 17نوفمبر1966، بشدة عمليات "حركة فتح" العسكرية، قائلاً: "وعلى غرار منظمة الشقيري، تكونت عصابة اسمها فتح، هدفها الأساسي عدم استقرار إسرائيل. وهذه العصابة، جمعت مجموعات من المخربين، أطلقت عليهم اسم "العاصفة... إن حكام سورية، لا يخفون تأييدهم لفتح، ويفخرون بأعمال القتل، التي تقوم بها، ويطلبون استمرارها، علانية... إن الحكم السوري، يسمح بصدور جريدة هذه العصابة في دمشق".

    لقد شاركت قوات "العاصفة" في الدفاع عن أرض الوطن، في حرب 1967، هذه الحرب التي أتاحت لـ"حركة فتح" أن يكون جهادها علنياً، وأن تتربع في صدور العرب، الذين هدتهم الهزيمة، وأحزنتهم الكارثة. ولكن، بعد الهزيمة، تأكد للشعوب العربية بعامة، والشعب الفلسطيني بخاصة، حجم الهزيمة الحقيقية، التي نزلت بالنظام العربي، وكشفت عن جوانب القصور في الحياة العربية، في مختلف المجالات، ولا سيما العسكرية. وكانت صدمة عنيفة للشعب الفلسطيني، وخاصة "حركة فتح"، التي عقدت مؤتمراً في دمشق، في 12 يونيه 1967؛ لمناقشة جدوى استئناف الكفاح المسلح. تمخّض المؤتمر بسلسلة من القرارات، كان من أهمها: تعيين عدد من الكوادر العليا وتفرغهم للحركة، ومنهم محمد يوسف النجار، وعبد الفتاح حمود، وصلاح خلف؛ وتوجيه نداء إلى كافة الشرفاء والمناضلين، لجمع السلاح، الذي تركته الجيوش العربية في ساحة المعركة، وفي مخازن السلاح، إضافة إلى شراء السلاح والذخيرة، من الأسواق المحلية، وجمع التبرعات، وتدعيم العمل الفدائي في الأراضي المحتلة، من طريق إرسال السيد ياسر عرفات إليها، سرّاً؛ ليضطلع بتدعيم جهاز فتح السري وتوسيعه، وبناء الخلايا الجديدة.

    ..............................
    دخل أبو عمار الأراضي المحتلة، في30 يونيه 1967. وأسس بعض الخلايا العسكرية الجديدة لـ"حركة فتح"، في الضفة الغربية. وعمل على رفع الروح المعنوية للجماهير الفلسطينية، بعد النكسة؛ إذ كان ينتقل من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى أخرى، متخفياً، مرة بزِيّ راعٍ، وأخرى بزِيّ شيخ، وثالثة بزِيّ امرأة.

    ويمكن القول، إن حرب يونيه 1967، منحت "حركة فتح" وقواتها، فرصة العمل، الذي حاربته الظروف، طوال العشرين عاماً الماضية؛ إذ أصبح غير ممكن، بعد تلك الحرب، أن تتولى الدول العربية المحيطة بإسرائيل حمايتها من الفدائيين أبناء الوطن السليب؛ ولا سيما بعد أن ضمت إلى كيانها أراضي جديدة، من الأقطار العربية المجاورة لها، مصر وسورية والأردن؛ فضلاً عن احتلالها باقي فلسطين.

    لقد اشتد العمل الفدائي، الذي كانت تنفذه قوات "العاصفة"، وخاصة من القواعد التي أسستها "حركة فتح" على طول غور الأردن؛ ما دفع الملك حسين إلى أن يعلن، في الرابع من سبتمبر1967، أن إرسال الفدائيين لشن عمليات ضد إسرائيل، يُعَدّ جريمة.

    وعلى أثر ازدياد العمليات الفدائية، شنت إسرائيل هجومها الواسع على مدينة الكرامة، في21 مارس 1968. وفي هذه المعركة، صمد رجال فتح لهجوم إسرائيلي شامل، كان يستهدف إبادة حركتهم بخاصة، والمقاومة الفلسطينية بعامة، في منطقة الأغوار. كان العدو يأمل أن يحتل الكرامة، في ساعات، ويصل إلى عمّان؛ ولكن خاب أمله، بل حدث العكس؛ إذ شجعت الكرامة الجماهير، الفلسطينية والعربية، بل الأجانب، كذلك، ومنهم روجر كودروي، الفرنسي، الذي قتل في أوائل يونيه 1968 على التطوع في صفوف "حركة فتح".

    حفزت حرب يونيه 1967 منظمة التحرير الفلسطينية إلى تغيير قيادتها، والتفكير جدياً في اختيار بديل من أحمد الشقيري؛ وهو ما لاقى تشجيعاً ودعماً من عبدالناصر، ساعدا على ازدياد العمل الفدائي. وعن أهمية هزيمة الأيام الستة، قال صلاح خلف: "فتحت هزيمة الأيام الستة آفاقاً جديدة أمام نموّنا وتطوّرنا؛ فالنظام الأردني، بات أضعف من أن يتصدى لمشروعنا، وأفرج الملك عن مئات الوطنيين الفلسطينيين، الذين كان قد سجنهم، في السنوات التي سبقت النزاع. كما أنه أغمض عينيه عنّا، حين عمدنا إلى إقامة قواعد على طول نهر الأردن؛ لتكون بمثابة نقاط إسناد لفدائيينا".

    لقد كان أول لقاء، بين الرئيس جمال عبدالناصر "وحركة فتح"، بعد معركة الكرامة، في أغسطس 1968؛ ومثّل الحركة فيه صلاح خلف، وفاروق القدومي. ويقول صلاح خلف عن هذا للقاء: "وأفضت هذه المباحثات إلى نتائج ملموسة، فقد عبّر لنا عبدالناصر، عن رغبته في إقامة علاقات مباشرة مع فتح، بدون المرور بالمخابرات. ووعدنا بأن يقدم لنا الأسلحة، وأن يؤمن تدريب الفدائيين". وهكذا، أصبح لـ"حركة فتح" خط مباشر للاتصال بالرئيس "جمال عبدالناصر، وبدأت تحصل على المعونة، المعنوية والمادية، منه".

    وعلى الرغم من أن فتح، فقدت نحو 95 شهيداً، خلال الهجوم الإسرائيلي على الكرامة، فإنها خرجت منتصرة، في أنظار الفلسطينيين والعرب أجمعين؛ ويعود هذا الانتصار إلى صمودها أمام الجيش الإسرائيلي، "الذي لا يقهر". وبدأت جموع الشباب، الفلسطيني والعربي، تقبِل على التطوع في صفوف الثورة، بالآلاف؛ فترسلهم للتدريب، في دورات خاصة، إلى الدول العربية، ولا سيما سورية والجزائر ومصر والعراق، وإلى بعض الدول الأجنبية والصديقة، مثل: الصين الشعبية، والاتحاد السوفيتي، ويوغسلافيا، وباكستان، وفيتنام، وكوريا الشمالية، والهند، وألمانيا الشرقية، والمجر، ورومانيا. وحصل مقاتلو فتح على دورات مختلفة، في كافة المجالات العسكرية، في شتى دول العالم؛ فضلاً عن معسكرات التدريب، التي استحدثتها الحركة، في مخيمات اللاجئين، في الأردن ولبنان، وإنشائها كلية عسكرية، عام 1975، في لبنان. وقد حصلت فتح على العديد من المساعدات، في مجال التسليح، من الجزائر، وسورية، ومصر، واليمن، وليبيا، والمملكة العربية السعودية. وكانت مصر أول بلد عربي، يرسل الصواريخ إلى الحركة، بعد حرب الكرامة مباشرة. كما حصلت على المساعدات العسكرية، من الصين الشعبية، والاتحاد السوفيتي، كوريا الشمالية، والمجر، بيد أن موسكو، لم ترسل أسلحة إلى فتح، مباشرة، إلا بعد عام 1975، عبْر الأراضي السورية والساحل اللبناني. أمّا الصين الشعبية، فتعَدّ من أهم الدول الأجنبية، التي زودتها بالأسلحة، التي دُفع ثمن بعضها وكان الباقي هبات، كذلك، بذلت فتح جهداً خاصاً في إنتاج الأسلحة بنفسها؛ وبالفعل، أنتجت أنواعاً من الأسلحة الخفيفة. وتُعَدّ "حركة فتح" أول تنظيم فلسطيني مسلح، يحصل على الأسلحة الثقيلة من الدول، العربية والأجنبية.
    قبل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الخامس، في القاهرة، في الفترة من الأول إلى الرابع من فبراير 1969، عرضت عليه فتح برنامجها، في 20 يناير 1969؛ وكان يشمل الخطوط الأساسية الآتية:

    1. رفض كافة الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن، الرقم 242 الصادر في 22 نوفمبر 1967.

    2. الالتزام التام بحق الشعب الفلسطيني في كامل وطنه، فلسطين؛ وبحقه المقدس في تقرير مصيره، على كامل أرضه.

    3. تأكيد استقلالية الشعب الفلسطيني.

    4. متابعة السير في طريق الثورة الفلسطينية، حتى التحرير الكامل.

    5. دعم جيش التحرير الفلسطيني وتطويره، ورفع مستوى قدراته القتالية.

    6. توحيد الجباية المالية الفلسطينية. وحث الدول العربية على الوفاء بالتزاماتها المالية، نحو منظمة التحرير الفلسطينية.

    7. توثيق الصلة بين منظمة التحرير والشعب الفلسطيني، في شتى أرجاء العالم.

    8. حشد كافة الطاقات والكفاءات، الفلسطينية والعربية، في كافة الميادين.

    9. التفاعل مع الجماهير العربية، اجتذابها إلى المشاركة في حركة الكفاح المسلح.

    10. يجب تطوير وسائل التصدي للعدّو، على المستويَين: الفلسطيني والعربي.

    11. صيانة منظمة التحرير وتثويرها وتدعيمها وتطويرها، إطاراً يجمع القوى الفلسطينية.


    غير أن هذه المبادئ، طرأ عليها بعض التغيير إذ إن برنامج "حركة فتح"، كان قد اعتمد، في تحرير فلسطين، على أهلها، أي أنها أكدت استقلالية القرار الفلسطيني، مع التركيز في الناحية القطْرية، على حساب القومية؛ ما أدى تغيير اسم الميثاق من القومي إلى الوطني، في الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني؛ لأن كلمة "الوطني"، لا تتجاوز الشعب العربي الفلسطيني، في حين أن كلمة "قومي"، تشمل الأمة العربية؛ والميثاق هو لذلك الشعب، وليس لتلك الأمة بأسْرها.

    كانت "حركة فتح" تشارك في المؤتمرات الدولية، لنصرة الشعوب العربية، فقد شاركت في المؤتمر الدولي لنصرة الشعوب العربية المنعقد في القاهرة يوم 26 يناير1969؛ المؤتمر الدولي الأول للجان التضامن مع الشعب الفلسطيني، المنعقد في الجزائر، في 27ديسمبر1969. وكذلك، كانت ترسل الرسائل إلى المؤتمرات الدولية، والأحزاب السياسية، وخاصة الحزب الاشتراكي الفرنسي؛ تعبّر فيها عن وجهة نظر الشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة، في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والديموقراطية، التي سيتمتع فيها كلُّ المواطنين، مهما تكن ديانتهم، بحقوق متساوية.


    ..................................
    بعد انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الخامس، في القاهرة، في أوائل فبراير 1969، وسيطرة فتح على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتخاب السيد ياسر عرفات رئيساً لها، صدر بيان عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني، في 5 فبراير1969، يَعُدّ منظمة التحرير الفلسطينية إطاراً، يجمع في داخله كافة التنظيمات الفلسطينية العاملة؛ لأن الميثاق المعدل للمنظمة، يَعُدّها جبهة وطنية، تضم المنظمات والأفراد ودعا البيان إلى عدم التدخل في الشؤون العربية، أو فرض أيّ حلول وتسويات للقضية الفلسطينية؛ وإلى وحدة المصير بين أبناء الشعب الفلسطيني وإخوانهم العرب، والحث على تحقيق الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني وتعبئتها وتنظيمها، من أجل إحراز النصر؛ وإلى استخدام السلاح والثورة في مواجهة العدوّ.

    بعد العمليات العسكرية الناجحة، لاقت "حركة فتح" التأييد، في مؤتمر القمة العربي الخامس، المنعقد في الرباط، من 21 إلى 23 ديسمبر 1969. ومع اطراد نموّها وازدياد سلطتها، عملت السلطات الأردنية، غير مرة، على تطويقها والقضاء عليها. كانت المحاولة الأولى، في 4 نوفمبر 1968، تتذرع بعملية إطلاق النار على طاهر دبلان، الذي كان يتزعم تنظيم "كتائب النصر"؛ لجرّ الثورة الفلسطينية إلى مصادمة؛ ثم أحداث الأردن، في 10 فبراير 1969، التي تكونت على أثرها القيادة الموحدة لحركة المقاومة؛ وأحداث 8 يونيه 1970 الدامية؛ وحرب الإبادة على الثورة الفلسطينية، في 17 سبتمبر1970. وقد أصدرت "حركة فتح"، في هذه الأحداث، بيانات، أكدت فيها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية؛ وأن الثورة فلسطينية عربية العمق، قومية الأهداف والنتائج. وفي الوقت نفسه، أكدت القيادة الفلسطينية عدم مسؤوليتها عن القلاقل، التي تحدث في الأردن؛ وعلَّلته بأنها تريد تحرير وطنها المغتصب، وليس تسلم زمام السلطة في أيّ بلد عربي. وأخيراً كانت أحداث جرش وعجلون، في يوليه 1971، وخروج الثورة من الأردن.

    أسهمت الحركة في الإبقاء على منظمة التحرير الفلسطينية قوية، متماسكة؛ إذ دعت إلى تشكيل لجنة مركزية للمنظمة، والوحدة بين التنظيمات الفلسطينية، التي بقيت على علاقة قوية بها، لم تنقطع طيلة سنوات الاحتلال، بل وطدها النضال المشترك، في مواجهة الاحتلال الصهيوني. وإضافة إلى عملها، العسكري والسياسي، أنشأت فتح، من خلال رئاستها لمنظمة التحرير الفلسطينية، العديد من المؤسسات الاجتماعية؛ ففي بداية عام 1961، كانت مؤسسة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسة رعاية أُسَر الشهداء، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. وأسهمت في إنشاء العديد من الجامعات الفلسطينية، في الأراضي المحتلة. وكذلك، أنشأت المزيد من المدارس والمعاهد العسكرية؛ إضافة إلى أنها تكفلت بإرسال الشباب الفلسطيني، للدراسة في دول مختلفة من العالم.

    نتيجة لظهور "حركة فتح" وتوسعها، اندمج فيها العديد من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة، مثل: منظمة طلائع الفداء لتحرير فلسطين (فرقة خالد بن الوليد)، فى7 سبتمبر 1968؛ وجبهة التحرير الوطني الفلسطيني، في 13 سبتمبر 1968؛ وجبهة ثوار فلسطين، في 25 نوفمبر 1968؛ وقوات الجهاد المقدس، في 12 يونيه 1969. وأصبحت جميع هذه المنظمات، تمثلها قوات "العاصفة".

    خرجت قوات الثورة من الأردن، واتجهت إلى لبنان، حيث بدأت تعيد بناء نفسها، متجنبة، قدر الإمكان، الأخطاء، التي ارتكبتها في الأردن. ويقول أحد مسؤولي "حركة فتح" في لبنان، في السبعينيات: "إن العصر الذهبي لحركة فتح في لبنان، من منتصف عام 1968، إلى أوائل عام 1973؛ حيث استطاعت، في هذه الفترة، أن تنظم نفسها جيداً في لبنان وأن تحمي التنظيمات الفلسطينية الأخرى من الصراعات مع السلطة اللبنانية. وكانت العلاقة مع أهل لبنان ممتازة، حتى مع الموارنة. وكانت هناك علاقات اجتماعية. وكان مفروضاً على كلِّ فلسطيني في تنظيم فتح، أن يصاحب لبنانياً، وكلِّ لبناني في التنظيم، يصاحب لبنانياً آخر. إلا أن السلطة اللبنانية، كانت دوماً ترفض العمل العسكري من جنوب لبنان؛ مما أحدث قدراً من الخلافات بين المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين ".

    وعلى الرغم من فترة الهدوء، التي سادت لبنان، من عام 1968 إلى عام 1973؛ إلا أن مواقع قوات "العاصفة"، تعرضت لهجوم واسع النطاق، من قبِل الجيش اللبناني، فى31 أكتوبر1969؛ في منطقة العرقوب، في قضاء راشيا، أسفر عن استشهاد 12 شهيداً وجرح 40 شخصاً من قوات "الصاعقة". وعلى أثر هذا الهجوم، وُقِّعت اتفاقية القاهرة، بين السلطة اللبنانية، ممثلة في قائد الجيش، إميل البستاني؛ ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة السيد ياسر عرفات، رئيس المنظمة؛ وبحضور محمود رياض، وزير الخارجية المصري؛ والفريق الأول محمد فوزي، وزير الحربية المصري، في يوم الإثنين، 3 نوفمبر 1969.

    لقد أعطت اتفاقية القاهرة، اللبنانية ـ الفلسطينية، المقاومة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، حرية العمل الفدائي، من داخل الأراضي اللبنانية، شريطة عدم التدخل في شؤون لبنان الداخلية. وهذه هي أول مرة في تاريخ المقاومة والمنظمة، يقرّ فيها إقراراً رسمياً بوجود المنظمة على أراضي دولة عربية.

    لقد حددت "حركة فتح"، منذ تكوينها، أهدافاً، تسعى إليها، وهي: تحرير فلسطين تحريراً كاملاً؛ والقضاء على الكيان الصهيوني، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وثقافياً؛ وإقامة دولة فلسطينية ديموقراطية مستقلة، ذات سيادة على كامل التراب الفلسطيني، تحفظ للمواطنين حقوقهم الشرعية، على أساس العدل والمساواة، دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة، وتكون القدس عاصمة لها؛ وبناء مجتمع تقدمي، يضمن حقوق الإنسان، ويكفل الحريات العامة لكافة المواطنين، والمشاركة الفعالة في تحقيق أهداف الأمة العربية، في تحرير أقطارها، وبناء المجتمع العربي التقدمي الموحد؛ وكذلك، مساندة الشعوب المضطهدة، على كفاحها لتحرير أوطانها وتقرير مصيرها، من أجل بناء صرح السلام العالمي على أسس عادلة.

    لقد أدركت فتح، منذ النشأة والتكوين، أنها حركة الجماهير الفلسطينية، بكافة طبقاتها وفئاتها؛ ومن هنا، فقد ضمت صفوفها الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، فلاحين، عمالاً، مدرسين، مهندسين، أطباء، تجاراً، مزارعين، صناعيين، وغيرهم، سواء كانوا منضوين إلى أحزاب عربية، أو ممن يحملون أيديولوجيات مختلفة. كما أن فشل الأحزاب العربية، التي انضوى إليها مئات الفلسطينيين، قد أسفر عن تراجع هؤلاء نحو نشاط فلسطيني مستقل، يحقق لهم ذاتهم وأهدافهم الوطنية، بعيداً عن التنظير والمزايدة، العقائدية والأيديولوجية. وقد كان معظم هؤلاء من المثقفين والمتعلمين، الذين أدركوا المعاناة والألم، على أرض العروبة والشتات.

    إن نشأة "حركة فتح" وتشكيلها، أول جماعة فلسطينية، تتبنى الكفاح المسلح، جعلتها رائدة الحركة الوطنية؛ أضف إلى ذلك برامجها، السياسية والاجتماعية، ونظرتها إلى العمل، وإستراتيجيتها. وكلُّ ذلك، جعل غالبية الشعب الفلسطيني تؤيدها وتنضم تحت لوائها انضماماً رسمياً وعفوياً، حتى أصبحت العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية؛ ما جعلها تتحمل المزيد من الصعاب، والعقبات فلسطينياً وعربياً ودولياً.

    لقد واجهت "حركة فتح" العديد من المؤامرات، منها: مؤامرات التشكيك، والحملات النفسية، والإرهاب الفكري؛ الحلول السياسية والمبادرات الأمريكية، التي كانت تستهدف تمييع قضية التحرير، ودفع بعض الأنظمة العربية إلى القضاء على الثورة أو احتوائها، وفرض الوصاية عليها. وعلى الرغم من ذلك، ظلت فتح، هي قائدة المسيرة، قائدة منظمة التحرير الفلسطينية، حتى اعترف بها العالم العربي في مؤتمر القمة العربي، السابع في الرباط، في 26-30 أكتوبر1974، ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. وفي العام نفسه، اعترفت بها، كذلك، الجمعية العامة للأمم المتحدة، بصفة عضو مراقب؛ وسمحت لها بالاشتراك في كافة دوراتها، وكلِّ دورات المؤتمرات الدولية وأعمالها، والتي تعقد برعاية الجمعية العامة؛ فضلاً عن تلك التي تعقد برعاية هيئات الأمم المتحدة.

    وهكذا صمدت "حركة فتح" أمام كلِّ الصعاب، التي تعرضت لها. واستطاعت أن تقود منظمة التحرير الفلسطينية، حتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، على الأرض الفلسطينية، عام
    ظلت "حركة فتح" سرية، حتى عُقد مؤتمرها العام الموسع، في دمشق، في أكتوبر 1964؛ وحضره قياديوها في البلدان المعادية لإسرائيل، وخاصة قطاع غزة، والضفة الغربية. واتفقوا على 31 ديسمبر 1964، موعداً لأولى عملياتهم العسكرية، ضد إسرائيل، والتي اضطلعت بها "العاصفة"، الجناح العسكري لـ"حركة فتح". وأعلنت العملية في البلاغ العسكري، الرقم واحد، في الفاتح من يناير1965؛ وكذلك أعلنت بيانها السياسي الأول، الذي أذاعته القيادة العامة لقوات "العاصفة" (الملحقان الرقمان 10، و11).

    حينما أُعلن أول بلاغ عسكري، استثار ردود فعل، فلسطينية وعربية. أمّا ردود الفعل الفلسطينية، فتتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية؛ ويوضحها سليم الزعنون بقوله: "نسجل للشقيري موقفاً مشرفاً، حيث إنه عندما انطلقت حركة فتح، العاصفة، في الأول من يناير 1965، كان هناك في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من أراد أن يصدر بياناً ضد الانطلاقة، باعتبارها توريطاً لعمل منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن الشقيري منع صدور بيان كهذا، والتزم الصمت ".

    أمّا ردود الفعل العربية، فقد اتهم بعض الدول العربية "العاصفة"، بأنها تعمل في مصلحة وكالة الاستخبارات المركزية (c.i.a)، والبعض اتهم رجالها بأنهم عملاء للشيوعية الدولية. والبعض الآخر سلط عليهم القمع. لا، بل وإن "حركة القوميين العرب"، التي كتبت مقالات عديدة، في مجلة "الهدف"، نددت فيها بمبدأ الكفاح المسلح، الذي رفعته فتح شعاراً إستراتيجياً لعملها الثوري. ولكن، في عام 1966، شعرت تلك الحركة أن معظم أعضائها، قد انضموا إلى قوات "العاصفة"، فبادرت إلى تكوين فريق فلسطيني، يمارس الكفاح المسلح، مثل "حركة فتح"؛ أطلق عليه تنظيم " أبطال العودة"، الذي أصبح، فيما بعد، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

    استمرت "حركة فتح" في طريقها، بعد الانطلاقة الأولى؛ فتعددت عملياتها العسكرية، وتوسع نفوذها، وقويت اتصالاتها بالدول العربية؛ إذ بعثت بمذكرة إلى المؤتمر الثالث لملوك الدول العربية ورؤسائها؛ المنعقد في الدار البيضاء، في سبتمبر 1965، حددت فيها المنطلقات النظرية لعملها الكفاحي في سبيل تحرير فلسطين؛ وهي:

    1. الإيمان الجازم بأن الكفاح المسلح، هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين.

    2. إيمان الحركة بأن الشعب العربي بأسْره، هو مادة الكفاح المسلح.

    3. اعتقاد الحركة بأن الزمن يعمل في مصلحة العدو، وأن المعركة يجب أن تكون اليوم، وليس غداً.

    4. إن معركة تحرير فلسطين، سوف تسفر عن حلّ التناقضات القائمة في الوطن العربي؛ كما أن حرب التحرير، هي وحدها الكفيلة بتوحيد الأمة العربية، ورأب الشقوق والصدوع في بنيانها.

    5. استعداد الحركة للتنسيق والتعاون مع أيّ جهة، فلسطينية أو عربية، تعمل أو تنوي العمل من أجل التحرير واشتراكها في ذلك؛ على أن يكون اللقاء والتعاون في أرض المعركة؛ وإبقاء القيادة في يد الشعب الفلسطيني، وفي منأى عن الخصومات والقيادات السياسية، التي تتنازع في العالم العربي. كذلك، شددت فتح، في مذكرتها، على ضرورة الانطلاق والتحرك من أجل تحرير فلسطين. ورأت العمليات الفدائية تمهيداً لحرب التحرير الشعبية، التي تساعد على تعزيز الثقة لدى الفلسطينيين، ومحاربة عوامل اليأس والانهزام لديهم، وزلزلة الوجود الصهيوني، وخلق جو مشحون بالتحفز والإحساس بالخطر الصهيوني، وكشف أكذوبة قوة إسرائيل ومناعتها

    .............................
    بعد انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الخامس، في القاهرة، في أوائل فبراير 1969، وسيطرة فتح على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتخاب السيد ياسر عرفات رئيساً لها، صدر بيان عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني، في 5 فبراير1969، يَعُدّ منظمة التحرير الفلسطينية إطاراً، يجمع في داخله كافة التنظيمات الفلسطينية العاملة؛ لأن الميثاق المعدل للمنظمة، يَعُدّها جبهة وطنية، تضم المنظمات والأفراد ودعا البيان إلى عدم التدخل في الشؤون العربية، أو فرض أيّ حلول وتسويات للقضية الفلسطينية؛ وإلى وحدة المصير بين أبناء الشعب الفلسطيني وإخوانهم العرب، والحث على تحقيق الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني وتعبئتها وتنظيمها، من أجل إحراز النصر؛ وإلى استخدام السلاح والثورة في مواجهة العدوّ.

    بعد العمليات العسكرية الناجحة، لاقت "حركة فتح" التأييد، في مؤتمر القمة العربي الخامس، المنعقد في الرباط، من 21 إلى 23 ديسمبر 1969. ومع اطراد نموّها وازدياد سلطتها، عملت السلطات الأردنية، غير مرة، على تطويقها والقضاء عليها. كانت المحاولة الأولى، في 4 نوفمبر 1968، تتذرع بعملية إطلاق النار على طاهر دبلان، الذي كان يتزعم تنظيم "كتائب النصر"؛ لجرّ الثورة الفلسطينية إلى مصادمة؛ ثم أحداث الأردن، في 10 فبراير 1969، التي تكونت على أثرها القيادة الموحدة لحركة المقاومة؛ وأحداث 8 يونيه 1970 الدامية؛ وحرب الإبادة على الثورة الفلسطينية، في 17 سبتمبر1970. وقد أصدرت "حركة فتح"، في هذه الأحداث، بيانات، أكدت فيها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية؛ وأن الثورة فلسطينية عربية العمق، قومية الأهداف والنتائج. وفي الوقت نفسه، أكدت القيادة الفلسطينية عدم مسؤوليتها عن القلاقل، التي تحدث في الأردن؛ وعلَّلته بأنها تريد تحرير وطنها المغتصب، وليس تسلم زمام السلطة في أيّ بلد عربي. وأخيراً كانت أحداث جرش وعجلون، في يوليه 1971، وخروج الثورة من الأردن.

    أسهمت الحركة في الإبقاء على منظمة التحرير الفلسطينية قوية، متماسكة؛ إذ دعت إلى تشكيل لجنة مركزية للمنظمة، والوحدة بين التنظيمات الفلسطينية، التي بقيت على علاقة قوية بها، لم تنقطع طيلة سنوات الاحتلال، بل وطدها النضال المشترك، في مواجهة الاحتلال الصهيوني. وإضافة إلى عملها، العسكري والسياسي، أنشأت فتح، من خلال رئاستها لمنظمة التحرير الفلسطينية، العديد من المؤسسات الاجتماعية؛ ففي بداية عام 1961، كانت مؤسسة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسة رعاية أُسَر الشهداء، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. وأسهمت في إنشاء العديد من الجامعات الفلسطينية، في الأراضي المحتلة. وكذلك، أنشأت المزيد من المدارس والمعاهد العسكرية؛ إضافة إلى أنها تكفلت بإرسال الشباب الفلسطيني، للدراسة في دول مختلفة من العالم.

    نتيجة لظهور "حركة فتح" وتوسعها، اندمج فيها العديد من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة، مثل: منظمة طلائع الفداء لتحرير فلسطين (فرقة خالد بن الوليد)، فى7 سبتمبر 1968؛ وجبهة التحرير الوطني الفلسطيني، في 13 سبتمبر 1968؛ وجبهة ثوار فلسطين، في 25 نوفمبر 1968؛ وقوات الجهاد المقدس، في 12 يونيه 1969. وأصبحت جميع هذه المنظمات، تمثلها قوات "العاصفة".

    خرجت قوات الثورة من الأردن، واتجهت إلى لبنان، حيث بدأت تعيد بناء نفسها، متجنبة، قدر الإمكان، الأخطاء، التي ارتكبتها في الأردن. ويقول أحد مسؤولي "حركة فتح" في لبنان، في السبعينيات: "إن العصر الذهبي لحركة فتح في لبنان، من منتصف عام 1968، إلى أوائل عام 1973؛ حيث استطاعت، في هذه الفترة، أن تنظم نفسها جيداً في لبنان وأن تحمي التنظيمات الفلسطينية الأخرى من الصراعات مع السلطة اللبنانية. وكانت العلاقة مع أهل لبنان ممتازة، حتى مع الموارنة. وكانت هناك علاقات اجتماعية. وكان مفروضاً على كلِّ فلسطيني في تنظيم فتح، أن يصاحب لبنانياً، وكلِّ لبناني في التنظيم، يصاحب لبنانياً آخر. إلا أن السلطة اللبنانية، كانت دوماً ترفض العمل العسكري من جنوب لبنان؛ مما أحدث قدراً من الخلافات بين المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين ".

    وعلى الرغم من فترة الهدوء، التي سادت لبنان، من عام 1968 إلى عام 1973؛ إلا أن مواقع قوات "العاصفة"، تعرضت لهجوم واسع النطاق، من قبِل الجيش اللبناني، فى31 أكتوبر1969؛ في منطقة العرقوب، في قضاء راشيا، أسفر عن استشهاد 12 شهيداً وجرح 40 شخصاً من قوات "الصاعقة". وعلى أثر هذا الهجوم، وُقِّعت اتفاقية القاهرة، بين السلطة اللبنانية، ممثلة في قائد الجيش، إميل البستاني؛ ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة السيد ياسر عرفات، رئيس المنظمة؛ وبحضور محمود رياض، وزير الخارجية المصري؛ والفريق الأول محمد فوزي، وزير الحربية المصري، في يوم الإثنين، 3 نوفمبر 1969.

    لقد أعطت اتفاقية القاهرة، اللبنانية ـ الفلسطينية، المقاومة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، حرية العمل الفدائي، من داخل الأراضي اللبنانية، شريطة عدم التدخل في شؤون لبنان الداخلية. وهذه هي أول مرة في تاريخ المقاومة والمنظمة، يقرّ فيها إقراراً رسمياً بوجود المنظمة على أراضي دولة عربية.

    لقد حددت "حركة فتح"، منذ تكوينها، أهدافاً، تسعى إليها، وهي: تحرير فلسطين تحريراً كاملاً؛ والقضاء على الكيان الصهيوني، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وثقافياً؛ وإقامة دولة فلسطينية ديموقراطية مستقلة، ذات سيادة على كامل التراب الفلسطيني، تحفظ للمواطنين حقوقهم الشرعية، على أساس العدل والمساواة، دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة، وتكون القدس عاصمة لها؛ وبناء مجتمع تقدمي، يضمن حقوق الإنسان، ويكفل الحريات العامة لكافة المواطنين، والمشاركة الفعالة في تحقيق أهداف الأمة العربية، في تحرير أقطارها، وبناء المجتمع العربي التقدمي الموحد؛ وكذلك، مساندة الشعوب المضطهدة، على كفاحها لتحرير أوطانها وتقرير مصيرها، من أجل بناء صرح السلام العالمي على أسس عادلة.

    لقد أدركت فتح، منذ النشأة والتكوين، أنها حركة الجماهير الفلسطينية، بكافة طبقاتها وفئاتها؛ ومن هنا، فقد ضمت صفوفها الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، فلاحين، عمالاً، مدرسين، مهندسين، أطباء، تجاراً، مزارعين، صناعيين، وغيرهم، سواء كانوا منضوين إلى أحزاب عربية، أو ممن يحملون أيديولوجيات مختلفة. كما أن فشل الأحزاب العربية، التي انضوى إليها مئات الفلسطينيين، قد أسفر عن تراجع هؤلاء نحو نشاط فلسطيني مستقل، يحقق لهم ذاتهم وأهدافهم الوطنية، بعيداً عن التنظير والمزايدة، العقائدية والأيديولوجية. وقد كان معظم هؤلاء من المثقفين والمتعلمين، الذين أدركوا المعاناة والألم، على أرض العروبة والشتات.

    إن نشأة "حركة فتح" وتشكيلها، أول جماعة فلسطينية، تتبنى الكفاح المسلح، جعلتها رائدة الحركة الوطنية؛ أضف إلى ذلك برامجها، السياسية والاجتماعية، ونظرتها إلى العمل، وإستراتيجيتها. وكلُّ ذلك، جعل غالبية الشعب الفلسطيني تؤيدها وتنضم تحت لوائها انضماماً رسمياً وعفوياً، حتى أصبحت العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية؛ ما جعلها تتحمل المزيد من الصعاب، والعقبات فلسطينياً وعربياً ودولياً.

    لقد واجهت "حركة فتح" العديد من المؤامرات، منها: مؤامرات التشكيك، والحملات النفسية، والإرهاب الفكري؛ الحلول السياسية والمبادرات الأمريكية، التي كانت تستهدف تمييع قضية التحرير، ودفع بعض الأنظمة العربية إلى القضاء على الثورة أو احتوائها، وفرض الوصاية عليها. وعلى الرغم من ذلك، ظلت فتح، هي قائدة المسيرة، قائدة منظمة التحرير الفلسطينية، حتى اعترف بها العالم العربي في مؤتمر القمة العربي، السابع في الرباط، في 26-30 أكتوبر1974، ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. وفي العام نفسه، اعترفت بها، كذلك، الجمعية العامة للأمم المتحدة، بصفة عضو مراقب؛ وسمحت لها بالاشتراك في كافة دوراتها، وكلِّ دورات المؤتمرات الدولية وأعمالها، والتي تعقد برعاية الجمعية العامة؛ فضلاً عن تلك التي تعقد برعاية هيئات الأمم المتحدة.

    وهكذا صمدت "حركة فتح" أمام كلِّ الصعاب، التي تعرضت لها. واستطاعت أن تقود منظمة التحرير الفلسطينية، حتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، على الأرض الفلسطينية، عام
    ظلت "حركة فتح" سرية، حتى عُقد مؤتمرها العام الموسع، في دمشق، في أكتوبر 1964؛ وحضره قياديوها في البلدان المعادية لإسرائيل، وخاصة قطاع غزة، والضفة الغربية. واتفقوا على 31 ديسمبر 1964، موعداً لأولى عملياتهم العسكرية، ضد إسرائيل، والتي اضطلعت بها "العاصفة"، الجناح العسكري لـ"حركة فتح". وأعلنت العملية في البلاغ العسكري، الرقم واحد، في الفاتح من يناير1965؛ وكذلك أعلنت بيانها السياسي الأول، الذي أذاعته القيادة العامة لقوات "العاصفة" (الملحقان الرقمان 10، و11).

    حينما أُعلن أول بلاغ عسكري، استثار ردود فعل، فلسطينية وعربية. أمّا ردود الفعل الفلسطينية، فتتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية؛ ويوضحها سليم الزعنون بقوله: "نسجل للشقيري موقفاً مشرفاً، حيث إنه عندما انطلقت حركة فتح، العاصفة، في الأول من يناير 1965، كان هناك في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من أراد أن يصدر بياناً ضد الانطلاقة، باعتبارها توريطاً لعمل منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن الشقيري منع صدور بيان كهذا، والتزم الصمت ".

    أمّا ردود الفعل العربية، فقد اتهم بعض الدول العربية "العاصفة"، بأنها تعمل في مصلحة وكالة الاستخبارات المركزية (c.i.a)، والبعض اتهم رجالها بأنهم عملاء للشيوعية الدولية. والبعض الآخر سلط عليهم القمع. لا، بل وإن "حركة القوميين العرب"، التي كتبت مقالات عديدة، في مجلة "الهدف"، نددت فيها بمبدأ الكفاح المسلح، الذي رفعته فتح شعاراً إستراتيجياً لعملها الثوري. ولكن، في عام 1966، شعرت تلك الحركة أن معظم أعضائها، قد انضموا إلى قوات "العاصفة"، فبادرت إلى تكوين فريق فلسطيني، يمارس الكفاح المسلح، مثل "حركة فتح"؛ أطلق عليه تنظيم " أبطال العودة"، الذي أصبح، فيما بعد، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

    استمرت "حركة فتح" في طريقها، بعد الانطلاقة الأولى؛ فتعددت عملياتها العسكرية، وتوسع نفوذها، وقويت اتصالاتها بالدول العربية؛ إذ بعثت بمذكرة إلى المؤتمر الثالث لملوك الدول العربية ورؤسائها؛ المنعقد في الدار البيضاء، في سبتمبر 1965، حددت فيها المنطلقات النظرية لعملها الكفاحي في سبيل تحرير فلسطين؛ وهي:

    1. الإيمان الجازم بأن الكفاح المسلح، هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين.

    2. إيمان الحركة بأن الشعب العربي بأسْره، هو مادة الكفاح المسلح.

    3. اعتقاد الحركة بأن الزمن يعمل في مصلحة العدو، وأن المعركة يجب أن تكون اليوم، وليس غداً.

    4. إن معركة تحرير فلسطين، سوف تسفر عن حلّ التناقضات القائمة في الوطن العربي؛ كما أن حرب التحرير، هي وحدها الكفيلة بتوحيد الأمة العربية، ورأب الشقوق والصدوع في بنيانها.

    5. استعداد الحركة للتنسيق والتعاون مع أيّ جهة، فلسطينية أو عربية، تعمل أو تنوي العمل من أجل التحرير واشتراكها في ذلك؛ على أن يكون اللقاء والتعاون في أرض المعركة؛ وإبقاء القيادة في يد الشعب الفلسطيني، وفي منأى عن الخصومات والقيادات السياسية، التي تتنازع في العالم العربي. كذلك، شددت فتح، في مذكرتها، على ضرورة الانطلاق والتحرك من أجل تحرير فلسطين. ورأت العمليات الفدائية تمهيداً لحرب التحرير الشعبية، التي تساعد على تعزيز الثقة لدى الفلسطينيين، ومحاربة عوامل اليأس والانهزام لديهم، وزلزلة الوجود الصهيوني، وخلق جو مشحون بالتحفز والإحساس بالخطر الصهيوني، وكشف أكذوبة قوة إسرائيل ومناعتها.
    صفحتي على الفيس بوك //~

    إضغط هنــآ

  • #2
    رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

    جاري النقل

    احترامي

    .,

    سـ أكْتفي بـ الصّمْت و حسبْ !

    ,.

    تعليق


    • #3
      رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

      تحيه لشرفاء فتح

      والعار لعملائها الخونه


      نحن أقسمنا بأن تحيا عزيزاً يا وطن




      كلنا فلسطين .. كلنا غزة ... كلنا حماس

      تعليق


      • #4
        رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

        مشكله هدول الدحاميس


        مش انتو اللى قلتو انه ابو عمار دمر القضيه الفلسطينيه

        وانه ابو عمار سبب اوسلو


        ايش يخو منك اله


        انتو كم وجه الكم

        انتو ما الكم مبدأ ولا ضمير

        ولا بتعرفو الله ولا بتصونو عباد الله

        وبيكفي هبل منك اله


        تعليق


        • #5
          رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

          وفتح كل اللى فيها شرفاء


          وفتح كل اللى فيها ماشي على درب الرئيس الراحل


          نصون الدم الفلسطيني هذا اهم مبدأ

          انتو وين مبادئكم


          تعليق


          • #6
            رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

            لاكن اول شى حابب ارد على عنوان الموضوع
            انتمي لفتح لاني فلسطيني ولس يهودي
            تاني شى لا تعليق على اى رد من ردود العالم الخونه اول ناس باعو فلسطين والى هما عارفين حالهم

            كلنا ابنا الفتح
            كلنا ابناء حركه التحرير الوطني فتح
            رحمك الله يا ياسر

            تعليق


            • #7
              رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

              وين ردي يا شبا ب
              ليش محذوف
              ما فيه غلط على حد

              تعليق


              • #8
                رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                انتمي الي فتح لهذا السبب عزيزي ::





                غاب القائد ,,, لا ما مات
                جرحـــــ*ــ*ـ*ـرحي ثاني

                تعليق


                • #9
                  رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                  لا تعليق

                  انا انتمي لفلسطين
                  I LoVE yOu moRe ThaN my SelF

                  تعليق


                  • #10
                    رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                    مشكوووووووور جنرال الجنوب
                    يسلموووووووووووووووو
                    تم حذف الصورة من قبل الادارة لكبر حجمها

                    تعليق


                    • #11
                      رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                      اولا احب ان اشكرك اخي للموضوع

                      ثانيا فتح هي ام الثورة
                      ثالثا حماس هي من خونت فتح الشريفة
                      وكفرت الذي ا ينتمي لحماس

                      وبكفي نقول هيك
                      ومادام في فالسما طير لسه فتح بخير
                      وفتحاوي انا ابن فتح
                      شكراً أخي أبو حميد ع التوقيع ..


                      -)( أموت وسلاحي بيدي , ولا أحيا وسلاحي بيد عدوي )(-

                      تعليق


                      • #12
                        رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                        مشكوووورين اخواني عالمرور
                        تقبلو مني خالص التحيات
                        صفحتي على الفيس بوك //~

                        إضغط هنــآ

                        تعليق


                        • #13
                          رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                          لماذا انا ابن فتح ؟
                          لإني لست صاحب شعارات رنانة و لست صاحب شعرا لكي اجذب محبوبي
                          انا صاحب ارض و دم و قضيتي هي تحرير كل شبر في ارضك .
                          مشكور

                          تعليق


                          • #14
                            رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                            مشكووور اخي خطيب
                            عالحضووور الطيب
                            تحيتي لك
                            صفحتي على الفيس بوك //~

                            إضغط هنــآ

                            تعليق


                            • #15
                              رد: لماذا ننتمي لحركة (فتح)؟‍‍‍! ...

                              أشكرك جزيل الشكر

                              إح ــسـاس ع ــاشــق

                              ع الموضوع الرائع والكلمات الأروع والتى تعبر عما فى القلب

                              انا بنت الفتح وأفتخر اننى أنتمى لهذه الحركه العملاقه

                              وأنتمى لحركة فتح

                              لأن روحي تعشق الفتح

                              ولان كلمة لايمكن الاستغناء عنها ولان كل شريان فى قلبى باسم فتح

                              ولان الماضى والحاضر والمستقبل كله فتح

                              ننتمي لفتح .. لانها الثورة التي اخرجتنا من الظلام

                              الى نور الكفاح والمقاومه .. لانها المدرسة التي انجبت اعظيم الثورينن والمقاتلين .. لانها باختصار

                              رمز الحريه

                              ولان القائدالرمز أبا عمار جعل العالم كله يقول أن منظمة التحرير الوطنى الفلسطيني هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني

                              يا أخى الرائع

                              مهما الواحد كتبب وحكى مش حيقدر يوصف اللى بالقلب

                              لان فتح هي مدرسة الثوره والحريه مدرسه الفكر والقلم مدرسه البندقيه والرصاص

                              فتح هي عبارة عن اسطورة للشهداء وستبقي رمزا للوفاء وستبقى مهمة شرف للفلسطينيين

                              وتحياتى لكل فتحاوى أصيل

                              نجمة فلسطين

                              تعليق

                              يعمل...
                              X