المرأة بين الإبداع .. ودائرة الاتهام
حول المرأة = والمرأة المبدعة بالذات = توجد دائرة غير مرئية وهذه الدائرة تتألف من سلسلة من القيود الخفية .
وقد يتسأل البعض أي قيود تلك في هذا العصر الذي حصلت فيه المرأة على أرقى الشهادات ووصلت أعلى المناصب ، ولها كل ما للرجل من حقوق(( دستوريه )) .
والسأل معذور بالطبع لانه يتعامل مع القيود المادية ويتوهم أن الأغلال والأصفاد هي ما يوضع في المعصم والساق فقط ناسيا تلك القيود الخفية التي تكبل العقل والوجدان وتحجر على الرأي والمشاعر – الحرية إذا ليست حرية الجسد خارج الأسوار فقط ولكنها حرية الرأي والفكر والشعور .
ومادام حديثي عن المرأة – فلعل المرأة المثقفة والمبدعة بالذات – اكثر إحساسا بالحرية واكثر تقديرا لقيمتها وهي اكثر الناس معاناة من تلك القيود .. ولعل من أهم تلك القيود هي النظرة القاصرة ونظرة الاحتقار وعدم الاحتشام لكل مبدعة عبرت عن رأيها وشعورها .. بل ويستنكر عليها مجتمعها الصغير أن تكتب الاما يوافق هواه ويعزز آراءه وإلا إنها ستدخل تلك الدائر لتصبح محط الأنظار ..ولتقذف بكل ما هو شنيع ..دون أن يكون لها حق الاعتراض.
والمؤسف حقا آن تقدير ما يجوز ومالا يجوز يتم جزافا بنفس الطريقة التي تقدر بها قيمة الضريبة على مجالات الأنشطة المختلفة في المجتمع . دون النظر إلى أي اعتبارات للقيمة الفنية الأدبية أو معيار الصدق ..ودور الخيال أو مراعاة الجانب الجمالي داخل العمل الإبداعي .. فسجان تلك الدائرة لا يملكون الموهبة أو الخبرة ..وليس لديهم أي حس أدبي .
وهكذا تتحرك المرأة في دائرة مرسومة لها مسبقا .
تلك الخطوط المحددة التي لا تستطيع تجاوزها مهما حاولت الفكاك ..وإلا فإنها ستدخل تلك الدائرة التى رسمها أولئك الهمجيون .. وقد تضيق الدائرة أو تتسع قليلا أو كثيرا ، ولكنها موجودة ومحكمه والخطر الذي يتهدد كيان المرأة المبدعة ويتأهب للانقضاض على خصوبة خيالها وقتل موهبتها هو أن السلطة المفروضة عليها تنتقل بمرور الوقت من مجتمعها الخارجي إلى داخل أعماقها ، فتمتص هذه السلطة ويصبح الالتزام داخليا لا خارجيا
وتنتقل تلك القيود من المجتمع .. لتصبغ بها النفس .
ولست أنكر و أكابر في أن بعض هذه القيود قد يكون مفيدا في بعض الجوانب – وبالأخص في بلد محافظ له أعرافه المستمدة من تعاليم السماء وهي واجبة الاحترام دون شك .
ولكن المبالغة في الالتزام القيدي يكون عادة على حساب الإبداع ، فإذا كانت المبدعة تميل بطبيعتها إلى الاستسلام توقفت أو توارت إلى الهامش لأن المبدع الحقيقي بداخله قدر من التمرد على المألوف .
وإذا كانت تتسم بروح التحدي والإصرار اقتناعا بموهبتها وثقة في نفسها ولديها قدر من وضوح الرؤية المستقبلية لديها كمبدعة واصلت دورها ونشرت إبداعاتها وقد تظطر لاستئصال أروع ما فيها من مشاعر ساميه وأصدق ما فيها من عواطف نبيلة لا لشيء إلا إرضاء تقاليد ذلك المجتمع .
وهكذا تضل المرأة المبدعة تتحرك داخل الدائرة تنشد الحرية (( واعني حرية الفكر والشعور )) وتحلم بالفكاك من السجن المفروض على أفكارها والقيود التي تكبل خيالها في محاولة للانطلاق إلى العالم الرحب .
ولكن حتى هذا الانطلاق محفوف بالمخاطر مالم تتسلح المبدعة بالوعي والرزانة والتمسك بأهداب قيمنا الإسلامية =لا التقاليد الباليه = وحينئذ بإمكانها أن تحلق في ثقة وتنطلق في أمان دون الخوف من السقوط .
مع تحياتي
الشــــــــــــهد
تعليق