التذكير بالآخرة
حث فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي المسلمين على تذكر الآخرة، واعداد النفس على مغادرة الدنيا إلى الحياة الآخرة، مؤكدا أن وضح يوم القيامة أمام الإنسان هو أكبر الحلول لمشاكله الدنيوية.
وقال في درس التراويح الذي قدمه بالجامع الكبير أحمد بن حنبل - رحمه الله - إن مشكلة الإنسان في نسيان الآخرة لقوله تعالى «إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون»، وألا نقلد الكفار في الرضا بالحياة الدنيا، إنما أن يعيش المسلم فيها كغريب أو عابر سبيل، وأن يبدأ بإعداد نفسه للرحيل إلى الآخرة، مستندا إلى قول أحد الصالحين «الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها»، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل».
وأضاف أن أخطر الأشياء التي يقع فيها الإنسان هو الغفلة عن إعداده للآخرة، وانهم يعيشون لدنياهم وكأنهم مخلدون، وهي مشكلة البشرية من الأمس إلى الغد، لاعتقادهم أن الدنيا هي ولا شيء بعدها، وهذا شأن الماديين الذين يقولون (ما الحياة إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر).
وبين أن هذه النوعية من البشر لا تؤمن بدين أو بآخرة، ولا جنة ولا نار، ومنهم فئة تؤمن بالآخرة ولكنها غير حاضرة في أذهانهم، ويتصرفون وكأن الموت لن يأتي، لذلك من المهم التذكير بالآخرة والموت والبعث والحساب، وأن اليوم الآخر من أنفع الأدوية للبشرية كلها حينما تضل السبيل وتنحرف الطريق عن هداها، وتغلب الأنانية والفردية والحيوانية، ونوه فضيلته بأمرين هما: التذكير ببلاء عام يشمل الجميع وينسى فيه مصلحته ومصالحه، والثـاني هو التذكير بعد و مشتـرك، مثلما يفعل القرآن الكريم عندما يذكرنا بنهــاية واحدة، ويقول ليس هناك بلاء أكبر من بلاء لآخرة.
وأشار إلى أن القرآن المكي يحاول دوما أن يضع نصب أعين الناس الآخرة، ويذكر بمشاهد يوم القيامة، مستندا بكتاب للشيخ سيد قطب حول هول القيامة، اسماه (مشاهد القيامة في القرآن) ، وصور فيه الجنة والنار، والوعيد والعذاب، والتي هي أشد خطرا وأبعد أثرا لقوله تعالى «يا أيها الناس اتقوا ربكم».
وفسر معنى كلمة «اتقوا بأنها التقوى، وتعني أن الخشية والخوف من الله هي رأس التقوى والتي تؤدي بكل مسلم إلى الامتثال بأوامره، واجتناب نواهيه، وأن أول أمر هو عبادته وحده، وليس عبادة أرباب زائفة، لقوله تعالى «إن زلزلة الساعة شيء عظيم».
وذكر أن القرآن يذكر دوما بالبعث وما قبله وبعده، وهي الزلزلة، التي تحدث للبشرية، لقوله تعالى «إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها» وقوله تعالى «يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد» وأوضح فضيلته أن النسيان من صفات الإنسان، وأنه سمي بإنسان لأنه ينسى، وسمي بالقلب لأنه متقلب، لذلك فإن المسلم بحاجة إلى تذكرة يومية، حتى يضعها نصب عينية وأن الموت بداية حياة جديدة، وقد تكون حياة أشد أو أهون مما قبلها.
واستشهد بقوله ابن عمر «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من حياتك لموتك، ومن صحتك لسقمك»، وهذا ينطبق على ما يجري في عصرنا من حوادث تحصد الأرواح، فالحوادث المرورية والسكتة القلبية والذبحة الصدرية تقضي على الإنسان من دون أن يدري، وهو أمر يشاهده المسلم كل يوم كما استدل على ذلك بالمشاهد الواقعية التي يعيشها الفلسطينيون، وهم مشردون ومشتتون ولاجئون، يأملون في العودة إلى ديارهم، وكل منهم يحمل مفتاح بيته أملا في العودة.
وتناول في درس التراويح أيضا بعض آيات من سورة الحج، وتحدث عن القرآن المكي والمدني، وكيفية التفريق بينهما، فقال: إن القرآن المكي ذو مذاق خاص لمن عايشه وتابعه ويستطيع أن يميزه من كثرة قراءته له وتعمقه فيه مبينا أن عبارة قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا جاءت في السور المدنية، وأن قوله تعالى (يا أيها الناس) جاءت في السور المكية، ولكن هذا ليس عليه إجماع، بينما المتعمق فيه يعرف الفرق بينهما بوضوح.
وأكد فضيلة الدكتور القرضاوي أن القران جاء ليضع للمسلمين دارا وكيانا وقاعدة صلبة، وهو مصدر هداية وتوجيه لهم، وتذكير وترشيد لخطاهم، وهو وثيقة سماوية تتضمن كلمات الله الأخيرة للبشرية، لقوله تعالى «إنا نحن نزلنا الذكرو إنا له لحافظون» وقوله تعالى «وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد».
وأضاف أن العلماء اختلفوا في تحديد سورة الحج إذا كانت مكية أم مدنية، مؤكدا أن النصف الثاني يعني أنها مدنية بالاجماع ولا جدال في ذلك.
وتحدثت السورة أيضا عن قدرة الله على البعث بعد الممات لقوله تعالى «من يحيي العظام وهي رميم» إذ كان المشركون يستبعدون أن يبعثوا ويدفنوا في التراب، حتى جاءت السورة لتدلل على قدرة الله على ذلك، وتذكرهم بأهوال يوم القيامة، وأن الناس اليوم أحوج من أي وقت آخر إلى التذكير بالآخرة، بعد أن أصبحوا في عالم يأكل القوي الضعيف، وتاهوا في الضلال، وتحول العالم إلى غابة لا قانون فيها إلا للأقوى وليس للأصلح، واستشهد بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (من اتقى الناس لم يشف غيظه ومن خاف الله لم يفعل كل ما يريد ولولا يوم القيامة لكان الأمر غير ما ترون) وهذا يعني أنه لولا الجزاء والحساب والعقاب في الآخرة وهو لها، لجعلت كل فرد يتصرف كما يشاء على هواه.
المصدر جريدة الوطن القطرية
جنين القسام
حث فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي المسلمين على تذكر الآخرة، واعداد النفس على مغادرة الدنيا إلى الحياة الآخرة، مؤكدا أن وضح يوم القيامة أمام الإنسان هو أكبر الحلول لمشاكله الدنيوية.
وقال في درس التراويح الذي قدمه بالجامع الكبير أحمد بن حنبل - رحمه الله - إن مشكلة الإنسان في نسيان الآخرة لقوله تعالى «إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون»، وألا نقلد الكفار في الرضا بالحياة الدنيا، إنما أن يعيش المسلم فيها كغريب أو عابر سبيل، وأن يبدأ بإعداد نفسه للرحيل إلى الآخرة، مستندا إلى قول أحد الصالحين «الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها»، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل».
وأضاف أن أخطر الأشياء التي يقع فيها الإنسان هو الغفلة عن إعداده للآخرة، وانهم يعيشون لدنياهم وكأنهم مخلدون، وهي مشكلة البشرية من الأمس إلى الغد، لاعتقادهم أن الدنيا هي ولا شيء بعدها، وهذا شأن الماديين الذين يقولون (ما الحياة إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر).
وبين أن هذه النوعية من البشر لا تؤمن بدين أو بآخرة، ولا جنة ولا نار، ومنهم فئة تؤمن بالآخرة ولكنها غير حاضرة في أذهانهم، ويتصرفون وكأن الموت لن يأتي، لذلك من المهم التذكير بالآخرة والموت والبعث والحساب، وأن اليوم الآخر من أنفع الأدوية للبشرية كلها حينما تضل السبيل وتنحرف الطريق عن هداها، وتغلب الأنانية والفردية والحيوانية، ونوه فضيلته بأمرين هما: التذكير ببلاء عام يشمل الجميع وينسى فيه مصلحته ومصالحه، والثـاني هو التذكير بعد و مشتـرك، مثلما يفعل القرآن الكريم عندما يذكرنا بنهــاية واحدة، ويقول ليس هناك بلاء أكبر من بلاء لآخرة.
وأشار إلى أن القرآن المكي يحاول دوما أن يضع نصب أعين الناس الآخرة، ويذكر بمشاهد يوم القيامة، مستندا بكتاب للشيخ سيد قطب حول هول القيامة، اسماه (مشاهد القيامة في القرآن) ، وصور فيه الجنة والنار، والوعيد والعذاب، والتي هي أشد خطرا وأبعد أثرا لقوله تعالى «يا أيها الناس اتقوا ربكم».
وفسر معنى كلمة «اتقوا بأنها التقوى، وتعني أن الخشية والخوف من الله هي رأس التقوى والتي تؤدي بكل مسلم إلى الامتثال بأوامره، واجتناب نواهيه، وأن أول أمر هو عبادته وحده، وليس عبادة أرباب زائفة، لقوله تعالى «إن زلزلة الساعة شيء عظيم».
وذكر أن القرآن يذكر دوما بالبعث وما قبله وبعده، وهي الزلزلة، التي تحدث للبشرية، لقوله تعالى «إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها» وقوله تعالى «يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد» وأوضح فضيلته أن النسيان من صفات الإنسان، وأنه سمي بإنسان لأنه ينسى، وسمي بالقلب لأنه متقلب، لذلك فإن المسلم بحاجة إلى تذكرة يومية، حتى يضعها نصب عينية وأن الموت بداية حياة جديدة، وقد تكون حياة أشد أو أهون مما قبلها.
واستشهد بقوله ابن عمر «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من حياتك لموتك، ومن صحتك لسقمك»، وهذا ينطبق على ما يجري في عصرنا من حوادث تحصد الأرواح، فالحوادث المرورية والسكتة القلبية والذبحة الصدرية تقضي على الإنسان من دون أن يدري، وهو أمر يشاهده المسلم كل يوم كما استدل على ذلك بالمشاهد الواقعية التي يعيشها الفلسطينيون، وهم مشردون ومشتتون ولاجئون، يأملون في العودة إلى ديارهم، وكل منهم يحمل مفتاح بيته أملا في العودة.
وتناول في درس التراويح أيضا بعض آيات من سورة الحج، وتحدث عن القرآن المكي والمدني، وكيفية التفريق بينهما، فقال: إن القرآن المكي ذو مذاق خاص لمن عايشه وتابعه ويستطيع أن يميزه من كثرة قراءته له وتعمقه فيه مبينا أن عبارة قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا جاءت في السور المدنية، وأن قوله تعالى (يا أيها الناس) جاءت في السور المكية، ولكن هذا ليس عليه إجماع، بينما المتعمق فيه يعرف الفرق بينهما بوضوح.
وأكد فضيلة الدكتور القرضاوي أن القران جاء ليضع للمسلمين دارا وكيانا وقاعدة صلبة، وهو مصدر هداية وتوجيه لهم، وتذكير وترشيد لخطاهم، وهو وثيقة سماوية تتضمن كلمات الله الأخيرة للبشرية، لقوله تعالى «إنا نحن نزلنا الذكرو إنا له لحافظون» وقوله تعالى «وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد».
وأضاف أن العلماء اختلفوا في تحديد سورة الحج إذا كانت مكية أم مدنية، مؤكدا أن النصف الثاني يعني أنها مدنية بالاجماع ولا جدال في ذلك.
وتحدثت السورة أيضا عن قدرة الله على البعث بعد الممات لقوله تعالى «من يحيي العظام وهي رميم» إذ كان المشركون يستبعدون أن يبعثوا ويدفنوا في التراب، حتى جاءت السورة لتدلل على قدرة الله على ذلك، وتذكرهم بأهوال يوم القيامة، وأن الناس اليوم أحوج من أي وقت آخر إلى التذكير بالآخرة، بعد أن أصبحوا في عالم يأكل القوي الضعيف، وتاهوا في الضلال، وتحول العالم إلى غابة لا قانون فيها إلا للأقوى وليس للأصلح، واستشهد بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (من اتقى الناس لم يشف غيظه ومن خاف الله لم يفعل كل ما يريد ولولا يوم القيامة لكان الأمر غير ما ترون) وهذا يعني أنه لولا الجزاء والحساب والعقاب في الآخرة وهو لها، لجعلت كل فرد يتصرف كما يشاء على هواه.
المصدر جريدة الوطن القطرية
جنين القسام
تعليق