السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الرقي الحضاري في الإسلام ينبع من تكريمه للإنسان وهذا هو سر عظمة ذلك الدين، فالرقي الحضاري هو أن يرتبط الإنسان بخالقه ومولاه، وكذلك إن الرقي الحقيقي هو أن يرتقي قلب المرء نحو الله عز وجل.
إن الله خلق الإنسان من تراب الأرض والله أعلم بما ينفعه ويفيده، معتبرا وجود سيّدنا آدم وأمّنا حواء في الجنة كان بمثابة تمهيد لنزولهما إلى الأرض، و إن عظمة الإسلام في تكريم الإنسان لم يعطها أي دين آخر.
وإن الله يعلم صفات خلقه، وقد ذكر القرآن تلك الصفات وأبان علاجها، حيث جمع كتاب الله
الأوصاف الإنسانية كاملة، فهو جهول يحيط به الجهل في كل مكان، ولذلك يجب عليه أن يعود إلى
المنبع وهو الدين، لان ما يصلحه هو الدين والمراقبة الالهية. كما أن الإنسان خلق ضعيفا وعجولا
كما وضح ربنا عز وجل، ولذلك من المهم أن يستسلم الإنسان لأمر الله.و الإنسان من
الاولى به أن يسير على منهج الله، لأن فيه كل الخير له، ويدل على ذلك أن سيّدنا يعقوب لو
صارت المقادير وفق ما يتمنى في قصة سيدنا يوسف لأعاد الله إليه ابنه فورا, ولكن الله أراد أن
يكون وجود سيدنا يوسف في البئر وغيابه عن أبيه سببين في تربية خبير اقتصادي يحل مشاكل الكون الاقتصادية عند حدوثها .
وهنا نحذر من الافتاء بغير علم، أو الكلام في كل شيء، مؤكدين أن التوقف عن الحديث فيما لا يعلم المرء أفضل بكثير من التدخل فيما لا يعنيه أو القول بغير علم .
وحول نظرة الإسلام إلى قضية الرقي الحضاري، ان الاسلام يبدأ قضية الرقي الحضاري بحقوق الانسان حتى قبل أن يولد، حيث أعطى الانسان الحق في أن يختار له أبوه أما صالحة قبل الزواج, ثم حق الجنين في الغذاء والراحة النفسيّة، ونشدد هنا على انه لا توجد حضارة على وجه الأرض تهتم بالانسان قبل أن يولد سوى الاسلام ,أما بعد الولادة فقد أعطى الاسلام المرأة حق الإفطار في الصوم في حالة الحمل، وذلك لحق الجنين في الغذاء والماء
وكذلك حقوق الطفل في المداعبة والمصاحبة، تنفيذا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، لاعبوهم سبعا وعلموهم سبعا وصاحبوهم سبعا، ثم اترك لهم الحبل على الغالب
والمرأة في الإسلام هي المرأة الوحيدة التي لديها ذمة مالية مستقلة، كما أن
الإسلام أعطاها حق اختيار الزوج وكذلك حق الخلع .
وبالنسبة لحقوق الأقليات في الإسلام، ويدل على ذلك حقوق العمالة والضعفاء في الإسلام، يدل على ذلك موقف سيدنا عمر بن الخطاب من اليهودي المسن, الذي أمر له سيدنا عمر بأموال من
بيت مال المسلمين، مستعرضا ماقام به أيضا أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان عندما أراد أن
يوسّع المسجد الأموي، حيث كان توجد بجوار المسجد أرضا عليها كنيسة للنصاري، فطلب منه أن
يمنحوه الأرض بمال فرفضوا، فعرض عليهم أن يبني لهم كنيسة في أفضل مكان يختارونه، فوافقوا،
وكان عبدالملك بن مروان يستطيع أن يأخذ تلك الأرض قصرا، لكنه لم يفعل
ونشدد هنا على أن الحضارة التي تدمر البشرية ليست حضارة وليس ذلك رقيا، مستعرضا رقي الإسلام في التعامل مع الخادم والأجير وحق الطريق، مؤكدا أن قدمه المسلمون من حضارة هو شيء كبير لم يقدمه أحد، و أن الرقي الحضاري في الإسلام هو رقي المنهج
وهنا نعرض قضية هامة جدا وهي قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونؤكد على أن كثيرا من المسلمين قساة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث نجد من ينظر للعصاة بفظاظة وغلظة، مذكرا بشروط وأصول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و أن رحمة الناس والإشفاق عليهم أجدى بكثير في وصول الرسالة وتحقيق الهدف وزهو التزام العباد بالطاعة والبعد عن المعصية،
لافتين إلى أن الارتقاء لا يكون بالمظهر ولكن بالجور والقلب، ويجب على المسلمين رفع شعار
عظمة هذا الدين ؛على انه لاحضارة إلا بالعودة إلى الله وحسن الصلة بخالق السموات والأرض
ونشير إلى أن الاسلام دين التوكل لا التواكل، حيث اهتم الاسلام بالتخطيط ولكن مع التسليم التام بارادة الله، مؤكدا أن الاثنين لا يتعارضان، مدللا على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم خطط ونفذ وكانت ذلك صفته في كل حياته، ويتجلى ذلك في قصة الهجرة إلى المدينة المنورة.
غفر الله لنا جميعا
تعليق