كن هابيل ولا تكن قابيل - للشيخ عائض القرني
من أراد أن يعيش سعيدا ويموت حميدا، فليلق سلاح العداوة وليجتث من نفسه شجرة
الشر، ارفع رايتك البيضاء معلنا العفو والصفح وسوف تجد القلوب تشيعك والأرواح
تحف بك، والحب يحوطك أينما حللت وارتحلت.
من سالم الناس يسلم من غوائلهم **** ونام وهو قرير العين جذلان
كن من فصيلة هابيل ، حينما أقدم أخيه قابيل على قتله فقال: 'لئن بسطت إلي يدك
لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقلتك إني أخاف الله رب العالمين'،
دع الظالم يلقى حتفه أو يسلط الله عليه من هو أظلم منه، واتركه للأيام
والليالي، يقول المثل الصيني: 'اترك عدوك وقف على شاطئ النهر، فسوف تشاهد جثته
تمر بك'،
لا تحاول فتح ملفات العداوات، لا تقم للناس محاكم تفتيش في صدرك، لا تذهب حياتك
الغالية في التربص بالآخرين والاقتصاص منهم، كل دقيقة تصرفها في عداوة، إنما هي
كأس من السم تتحساه، سوف تجد ان الحلم والعفو أقوى سلاحين أمام أعدائك، قال
الأحنف بن قيس: والله لقد نصرني الله بالحلم أعظم من نصر العشيرة. ويقول أبو
الطيب:
واحلم عن خلي واعلم انه *** متى أجزه حلما على الجهل يندم
إذا سل أخوك في وجهك سيفا، فمد له وردة .... إذا بات يخطط لاستئصالك فتوجه أنت
بالدعاء له ان يصلح الله قلبه، ويطهر ضميره .... وإذا نالك خصم في مجلس بكلام
بذيء سافل فاثن عليه وادع له .... إن منطق القرآن يخبرك بان العظمة هي أن تحول
العدو إلى صديق، لا أن تحول الصديق إلى عدو 'ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك
وبينه عداوة كأنه ولي حميم'.
قال رجل لحكيم: غدا نتحاسب فقال له: بل غدا نتسامح! فلا تستكثر ألف صديق ....
ولا تستقل عدوا واحدا ولو كان ضعيفا، فإن البعوضة تدمي مقلة الأسد .... وإن
فأرا صغيرا خرب سد مأرب.
إن أعمارنا أقصر من أن نصرفها في القصاص والانتقام، وإن معارك داحس والغبراء
التي يقيمها الشيطان في قلوب البعض، هي مقررات مدرسة إبليس التي من أصولها:
الظالم مهاب والمعتدي شجاع والحليم ذليل والمتسامح جبان!
ولكن مدرسة الوحي تخبرنا بأصدق من ذلك 'فمن عفا وأصلح فأجره على الله'، وفي
الحديث: 'صل من قطعك، واعط من حرمك، واعف عمن ظلمك'، إذا لقيت أحدا من الناس
فابدأ بتصرفين جميلين: ببسمة وسلام، فالبسمة عنوان لكتابك، وهي دلالة على رجاحة
العقل وسلامة الطبع وكرم المعشر، والسلام عليكم ميثاق شرف وعهد وفاء معناه
مصالحة لا حرب، ومسامحة لا عداوة.
هل سمعت أن غضوبا شرسا كسب حبا أو بنى صداقة أو حاز ثناء جميلا، إنما الحب
الصادق والحفاوة البالغة والإجلال الكبير للسمح الحليم والجواد الكريم، الذي
جلس بحبه على عرش القلوب، فحفت به الأرواح وشيعته النفوس، وطوقته العيون، من
أراد أن يكتب تاريخا لنفسه من البر والإحسان فعليه بمسالمة الناس ومسامحة
الآخرين وكظم الغيظ والتجافي عن الزلة والصفح الجميل عن الخطأ ودفن المعايب،
فعليك أيها الإنسان السوي أن تنزع الغدد السامة من نفسك، وأن تضع السلاح من
يدك، وأن تغمد سيف العدوان ونادي في الجميع:
أهلا وسهلا والسلام عليكمو**** وتحية منا نزف إليكمو
العالم سوف يكون جميلا بلا عداوة، والكون سوف يصبح أمانا بلا كراهية، والأشرار
وحدهم هم الذين عكروا صفو الحياة ودمروا بناء الإخاء، ومزقوا ثوب المحبة 'ويل
لكل همزة لمزة'، 'هماز مشاء بنميم'، ويل لكل حاقد شرير من سوء الذكر وضيق
الصدر، وظلمة القبر، وبشرى لكل كريم مفضال، ولكل لين سهل رقيق، إن الرجل الفاضل
يكتب تاريخه بنفسه لجميل سيرته وحسن تعامله، فلا ينتظر شكرا من أحد، وسوف يكون
موته قصة جميلة يتحدث بها الرواة في المجالس، وتنقل أخباره الجميلة على ألسنة
البشر، ان ألسنة الخلق أقلام الحق، فاحذر إن تذكرك هذه الألسن بسوء أو توقع
عليك هذه الأقلام بقبيح!
الشيخ عائض القرني
من أراد أن يعيش سعيدا ويموت حميدا، فليلق سلاح العداوة وليجتث من نفسه شجرة
الشر، ارفع رايتك البيضاء معلنا العفو والصفح وسوف تجد القلوب تشيعك والأرواح
تحف بك، والحب يحوطك أينما حللت وارتحلت.
من سالم الناس يسلم من غوائلهم **** ونام وهو قرير العين جذلان
كن من فصيلة هابيل ، حينما أقدم أخيه قابيل على قتله فقال: 'لئن بسطت إلي يدك
لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقلتك إني أخاف الله رب العالمين'،
دع الظالم يلقى حتفه أو يسلط الله عليه من هو أظلم منه، واتركه للأيام
والليالي، يقول المثل الصيني: 'اترك عدوك وقف على شاطئ النهر، فسوف تشاهد جثته
تمر بك'،
لا تحاول فتح ملفات العداوات، لا تقم للناس محاكم تفتيش في صدرك، لا تذهب حياتك
الغالية في التربص بالآخرين والاقتصاص منهم، كل دقيقة تصرفها في عداوة، إنما هي
كأس من السم تتحساه، سوف تجد ان الحلم والعفو أقوى سلاحين أمام أعدائك، قال
الأحنف بن قيس: والله لقد نصرني الله بالحلم أعظم من نصر العشيرة. ويقول أبو
الطيب:
واحلم عن خلي واعلم انه *** متى أجزه حلما على الجهل يندم
إذا سل أخوك في وجهك سيفا، فمد له وردة .... إذا بات يخطط لاستئصالك فتوجه أنت
بالدعاء له ان يصلح الله قلبه، ويطهر ضميره .... وإذا نالك خصم في مجلس بكلام
بذيء سافل فاثن عليه وادع له .... إن منطق القرآن يخبرك بان العظمة هي أن تحول
العدو إلى صديق، لا أن تحول الصديق إلى عدو 'ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك
وبينه عداوة كأنه ولي حميم'.
قال رجل لحكيم: غدا نتحاسب فقال له: بل غدا نتسامح! فلا تستكثر ألف صديق ....
ولا تستقل عدوا واحدا ولو كان ضعيفا، فإن البعوضة تدمي مقلة الأسد .... وإن
فأرا صغيرا خرب سد مأرب.
إن أعمارنا أقصر من أن نصرفها في القصاص والانتقام، وإن معارك داحس والغبراء
التي يقيمها الشيطان في قلوب البعض، هي مقررات مدرسة إبليس التي من أصولها:
الظالم مهاب والمعتدي شجاع والحليم ذليل والمتسامح جبان!
ولكن مدرسة الوحي تخبرنا بأصدق من ذلك 'فمن عفا وأصلح فأجره على الله'، وفي
الحديث: 'صل من قطعك، واعط من حرمك، واعف عمن ظلمك'، إذا لقيت أحدا من الناس
فابدأ بتصرفين جميلين: ببسمة وسلام، فالبسمة عنوان لكتابك، وهي دلالة على رجاحة
العقل وسلامة الطبع وكرم المعشر، والسلام عليكم ميثاق شرف وعهد وفاء معناه
مصالحة لا حرب، ومسامحة لا عداوة.
هل سمعت أن غضوبا شرسا كسب حبا أو بنى صداقة أو حاز ثناء جميلا، إنما الحب
الصادق والحفاوة البالغة والإجلال الكبير للسمح الحليم والجواد الكريم، الذي
جلس بحبه على عرش القلوب، فحفت به الأرواح وشيعته النفوس، وطوقته العيون، من
أراد أن يكتب تاريخا لنفسه من البر والإحسان فعليه بمسالمة الناس ومسامحة
الآخرين وكظم الغيظ والتجافي عن الزلة والصفح الجميل عن الخطأ ودفن المعايب،
فعليك أيها الإنسان السوي أن تنزع الغدد السامة من نفسك، وأن تضع السلاح من
يدك، وأن تغمد سيف العدوان ونادي في الجميع:
أهلا وسهلا والسلام عليكمو**** وتحية منا نزف إليكمو
العالم سوف يكون جميلا بلا عداوة، والكون سوف يصبح أمانا بلا كراهية، والأشرار
وحدهم هم الذين عكروا صفو الحياة ودمروا بناء الإخاء، ومزقوا ثوب المحبة 'ويل
لكل همزة لمزة'، 'هماز مشاء بنميم'، ويل لكل حاقد شرير من سوء الذكر وضيق
الصدر، وظلمة القبر، وبشرى لكل كريم مفضال، ولكل لين سهل رقيق، إن الرجل الفاضل
يكتب تاريخه بنفسه لجميل سيرته وحسن تعامله، فلا ينتظر شكرا من أحد، وسوف يكون
موته قصة جميلة يتحدث بها الرواة في المجالس، وتنقل أخباره الجميلة على ألسنة
البشر، ان ألسنة الخلق أقلام الحق، فاحذر إن تذكرك هذه الألسن بسوء أو توقع
عليك هذه الأقلام بقبيح!
الشيخ عائض القرني
تعليق